أليست الأحمدية جماعة مسلمة؟
كلمة الناشر:
"إذا خرج الإمام المهدي، فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة".
هذه كلمات للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رحمه الله، كتبها في تأليفه الفتوحات المكية الجزء الثالث.
وكذلك قال الإمام مجدد الألف الثاني في مكتوباته: إنه عندما يظهر عيسى (أي المسيح المنتظر)، ويبين معارف القرآن المجيد وأسراره، فإن علماء الظاهر سوف ينكرونها ويعدونها مخالفة للكتاب والسنة لعدم فهمهم لتلك الأسرار لدقتها.
لقد أسس سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي الجماعة الإسلامية الأحمدية بأمر من الله تعالى في سنة ١٣٠٦ هـ (١٨٨٩م)، ومنذ ذلك الوقت، قام مئات المشايخ والعلماء وتأمروا ضده وضد جماعته، ولكن لم يكن نصيبهم إلا الخزي والفشل. أما الأحمدية فلم تزل في تزدهر وتتقدم بفضل الله المنان. وللأسف، لم يتعلم هؤلاء المشايخ درسا ولم يزالوا يسعون لإحباط هذه الجماعة.
وفي سنة ١٩٨٤م، أخذت الحكومة الباكستانية تضع قيودا على الجماعة حتى سنة ضدها القانون الأسود حيث منعت المسلمين الأحمديين من الانتماء إلى دينهم الإسلام بأي طريق أو شكل. وانتهز المشايخ هذه الفرصة وبدءوا يتفاخرون بعدائهم ضد الجماعة زاعمين بأنهم سيقضون عليها بمحاولاتهم السخيفة. ومن بين هؤلاء المشايخ شخص اسمه محمد يوسف اللدهيانوي. لقد كتب بعض الكتب ، وألقى محاضرات ضد الأحمدية، وردت الجماعة على إعتراضاته واتهاماته ردا مفحما بفضل الله. لقد ألقى الشيخ في مسجد الشيوخ بدبي في الإمارات بتاريخ ١ تشرين الأول ١٩٨٥م بعد صلاة العشاء كلمة ضد الأحمدية، ثم نشرها في شكل كتيب باللغة الأردية تحت عنوان (الفرق بين القاديانيين وغيرهم من الكفار ، وقد ردت الجماعة على ترهاته وإليكم ترجمة هذا الرد.
كل من عنده قليل من علم القرآن وآداب السنة النبوية يتفق معنا بأن لغة هذا الكتاب منحطة وبذيئة جدا وأدلته، إذا حسبت أدلة، سخيفة للغاية، وليس الكتاب إلا مجموعة تهم باطلة على مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية. وبعد دراسة الكتاب يتذكر القارئ قول الرسول : " يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا إسمه، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى. علماؤهم شر من تحت أديم السماء .. من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود".
(مشكاة المصابيح كتاب العلم، الفصل السادس).
لقد تحقق صدق هذا النبأ بتصرفات هؤلاء المشايخ مئات المرات في الماضي، ولسنا ندري إلى متى سيستمر تحققه في المستقبل.
إن موجة الفتن والفساد وعاصفة الافتراء والكذب التي أثارها بعض علماء السوء ضد إمام هذا العصر لا يوجد لها مثيل في هذا الزمن. فحينما يقارن عامة المسلمين معاملة علمائهم هؤلاء مع غير المسلمين ثم يشاهدون معاملتهم مع الأحمديين يندهشون متسائلين: لماذا لا يغضب علمائنا ومشائخنا إلا على الأحمديين فقط، رغم وجود مئات الجماعات والمذاهب غير الإسلامية؟ فهناك النصارى واليهود والبوذيون والهندوس وغيرهم، وهؤلاء ليسوا غير مسلمين فقط، بل يفتخرون علنا بأنهم من غير المسلمين، ويبشرون بأديانهم فالنصارى يبشرون بدينهم في الدول الإسلامية نفسها، وقد تنصر الملايين من المسلمين بتبشيرهم، ولكن هؤلاء المشايخ لا يسخطون عليهم. وهذا الخطاب الذي نشر في شكل كتيب قد تناول هذا السؤال، وحاول الرد عليه، ولكن قبل أن نبدي رأينا على جواب الشيخ عن هذا السؤال، يجدر بنا أن نتعمق قليلا في ماهية هذا السؤال وحقيقته.
تفيد الإحصائيات العالمية أن عدد سكان العالم قد بلغ خمسة بلايين نسمة، وأن عدد المسلمين فيهم بليون فقط، ويحاول الجزء الأكبر من غير المسلمين محو الإسلام وأبنائه من على وجه البسيطة محوا تاما. وقد نشرت المجلة المسيحية "فوكس" اللندنية تقريرا حول خطط المسيحيين بضم نصف سكان العالم إلى عقيدتهم خلال الإحدى عشر سنة المقبلة، وهي تستخدم لذلك جميع الوسائل.
(المجلة الأسبوعية لاهور، ١٥ تموز ۱۹۸۹م ص ٤).
إن انتباه هؤلاء المشايخ متوجه للأسف إلى جهة أخرى. إنهم يتلذذون بفتاوى التكفير والقتل والإرهاب ، ولكن لا يشعرون بالخطر الحاذق بالإسلام من قبل قوى الدجالية. إنهم يخافون فقط من المسلمين الأحمديين الناطقين بشهادة: "لا إله إلا الله محمد رسول الله، والعشاق الصادقين لسيدنا محمد. إنهم يتآمرون لطردهم من الإسلام، ويبذلون أقصى جهدهم للقضاء على الأحمدية التي ضحت بنفسها ونفيسها لإعلاء كلمة الإسلام في العالم أجمع، وقد أقر بمساعيهم المشكورة ونجاحهم الباهر في هذا المجال العديد من الشرفاء. فقد كتب المؤرخ الباكستاني الشهيرن مولانا رئيس أحمد جعفري (وهو ليس من جماعتنا)، سائلا:
"من يسعى لتوحيد المسلمين على مركز واحد؟ من كان يقود مشروع تأسيس باكستان كدولة إسلامية موحدة؟ من كان يشعر بالقلق والألم من الوضع المتدهور البائس للمسلمين؟ ومن يبدل جهده لإصلاح عامة المسلمين وفلاحهم الدائم؟ من يظهر سخطه على تمزق المسلمين؟ هل الذين يسمون جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ هل جماعة حزب الله أو إمام الهند ؟ أقول كلا. هل شيخ الهند أو شيخ الجماعة الديوبندية أو شيخ فرقة أهل الحديث؟ أقول: لا. ثم من؟ إنهم فقط أولئك الناس المسلمون (الأحمديون الذين توجد ضدهم كومة من فتاوى التكفير، ويتحدث الناس عن كفرهم في المنازل والبيوت، ويشككون في إيمانهم وعقيدتهم ويجعلونهم عرضة للانتقاد اللاذع. أما غيرهم ، فينطبق عليهم قول الشاعر ما تعريبه:
لم نشهد أي امرئ كامل قام من بين أولئك الذين يحسبون من الزهاد. وإن قام منهم بعض الناس فكانوا مدمني الخمر.
تاريخ مسلم ليغ "الرابطة الإسلامية الهندية"، وسيرة محمد علي جناح ، لمولانا رئيس أحمد جعفري ص ٥١).
هكذا شهد شاهد منهم وأعترف بخدمات الأحمدية. بعد قراءة هذا الاعتراف، نطلب من القارئ الكريم التفضل معنا لكي نستعرض الاتهامات التي رمى بها الشيخ اللدهيانوي هذه الجماعة أو بالأحرى هؤلاء الخدام للإسلام والمجاهدين الحقيقيين لإعلاء دين محمد في العصر الحاضر.
مبرر هذه الحملة:
وخلاصة ما تحدث به الشيخ حول الفارق بين أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية وغيرها من الكفار على حد زعمهم، هي قولهم: إننا أصدرنا قرارا بأن الجماعة الأحمدية جماعة كافرة، ولكنها لا تقبل قرارنا".
إذا، فهذا هو المبرر الكافي لشن الحملة ضد الأحمدية! ونحن نسأل الشيخ: إذا كان هناك حوالي ۷۳ فرقة في أمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعضها أصدرت فتاوى الكفر ضد الأخرى، ولكن لم تقبل أية فرقة قرار الفرقة الأخرى بل لا تزال كل واحدة منها تعلن عن إسلامها صراحة رغما عن من يكفرها، فكيف تجوز هذه الحملة المسعورة ضد الأحمدية إذا ارتكبت نفس الجريمة ،أي لم تقبل فتاوى التكفير ضدها، ولماذا لا يشنون الهجوم ضد الفرق الأخرى ما دام الجرم نفسه؟؟
للأسف الشديد، لقد انفجرت فتنة التكفير بين العالم الإسلامي، وتفاقم الأمر لحد أنه لا توجد اليوم أية فرقة وجماعة لم تصدر ضدها فتوى الكفر من جماعة أخرى. ولقد درس مولانا عبد المجيد سالك (وهو ليس من الأحمديين) الصحفي المسلم الشهير في شبه القارة الهندية هذه المسالة بنظر عميق وقال: إن كبار رجال العالم الإسلامي وأبطال تاريخه المجيد وجميع الفرق الإسلامية كافرون أو مرتدون أو خارجون عن دين الإسلام، حسب وجهة نظر طائفة من طوائف العلماء. ولم تخلص جماعة أو فرقة من أمة محمد عن فتاوى التكفير ."
(مسألة تكفير المسلمين، لمولانا عبد المجيد سالك، مطبعة النقوش انجمن تحفظ ،باكستان، لاهور، ص ۷و۸.
لا نستطيع في هذا الكتيب الوجيز تسجيل جميع الفتاوى المؤلمة في هذا الشأن، ولكن نعرض للقارئ قسطا منها ليدرك خطورة هذه الفتاوى السخيفة.
تكفير الديوبندية للبريلوية:
المعروف أن البريلوية تؤمن بكون الرسول عالما بالغيب. وجاء في إحدى الفتاوى من الديوبندية المضادة لهم: "كل من يعتقد بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عالما للغيب فهو مشرك وكافر لدى السادة الحنفيين."
(الفتاوى الرشيدية الكاملة المبوبة، للشيخ رشيد أحمد جنجوهي، الناشر محمد سعيد و شركته، قرآن محل، كراتشي ص ٦٢).
الشيعة كفار !!
أصدر أكابر الديوبندية فتوى ضد الشيعة جاء فيها:
ليس الشيعة مرتدين وخارجين عن الإسلام فحسب، بل إنهم أعداء للإسلام والمسلمين لدرجة لا يماثلهم أحد من الفرق الأخرى في هذا العداء. ويجدر بالمسلمين أن يقطعوا معهم علاقاتهم الإسلامية وخاصة علاقة الزواج". (الفتوى من قبل العلماء المحترمين عن ارتداد الشيعة الإثنى عشرية المؤرخة صفر ١٣٤٨هـ، للمولوي محمد عبد الشكور، لكهنو، الهند).
أهل الحديث كفار!!
وقع سبعون عالما من الديوبندية على فتاوى تكفير ضد فرقة أهل الحديث، وكتبوا بأن التعاشر مع أفرادها ممنوع شرعا، والسماح لهم بالدخول في المساجد يسبب الفتنة والذعر.
(الإعلان المطبوع، الناشر مطبعة الكتريك العلائي في مدينة آغرا، الهند).
جماعة المودودي كافرة!!
أصدرت دار العلوم الديوبندية فتوى ضد جماعة المودودي جاء فيها: "إنها جماعة أخطر من أسلافهم لدين الإسلام".
(الاستفتاء الضروري، ص ۳۷، الناشر محمد وحيد الله خان، مطبعة مرتضى، رامبور، الهند، عام ١٣٧٥هـ).
تكفير البريلوية للديوبندية!!
أصدر علماء البريلوية فتوى ضد علماء الديوبندية مع ذكر أسمائهم قالوا فيها: "إن هؤلاء كفار ومرتدون على الإطلاق، ولقد وصل ارتدادهم وكفرهم إلى أقصى الحدود والذي يرتاب في ارتدادهم و كفرهم فهو كافر و مرتد مثلهم.
إعلان من قبل علماء بریلی حسب ما صدر في جريدة "أفاق" بتاريخ ۱۸،۱۱،١٩٥٢م).
فتوى علماء الحرمين ضد الديوبندية:
جميع" هؤلاء ، أي الديوبندية، مرتدون وخارجون عن الأمة الإسلامية إجماعا، وأصبحوا قادة الإلحاد الخبثاء وزعماء الكفر. إنهم شر من كل خبيث مفسد متعنت دني. لقد أصبحوا فجارا مثل أشد الناس كفرا ولؤما بسبب ضلالتهم. يلبسون لباس العلماء والزهاد والصلحاء وباطنهم مليء بالخبث".
حسام الحرمين على منحر الكفر والمين ص ٧٣ إلى ٧٦ ، للشيخ أحمد رضا خان مطبعة أهل السنة والجماعة بمدينة بريلي، الهند).
فتوى فرقة أهل السنة والجماعة
"لم يضر بالإسلام الفرق الباطلة جميعا كما أضرت به الطائفة الوهابية والديوبندية. لقد انفصلت هذه الطائفة عن الإسلام . ومع ذلك تتظاهر كجماعة سنية حنفية، وإخواننا من جماعة أهل السنة الحنفية يقعون في خداعهم وشراكهم.
إعلان صادر من محمد إبراهيم بها غلبوري، مطبعة برقي لكهنوء، الهند).
تعليق القاضي منير:
لقد درس القاضي الشهير منير هذه القضية، وعالجها من جميع النواحي بصفته رئيسا للجنة محكمة التحقيق التي عينتها الحكومة الباكستانية لتحري الأسباب لاندلاع الفتن سنة ١٩٥٣م، وبعد دراسة
عميقة أصدر القاضي قراره وقال:
"كان من المسائل الجوهرية معرفة فلان مسلم أم لا، لذلك طالبنا معظم العلماء البارزين أن يعرفوا لنا المسلم. والحكمة وراء ذلك، أنه إذا كان علماء الفرق يكفرون.. فلا بد أنهم على بصيرة ويقين بشأن فتواهم، وأن أسبابها واضحة في أذهانهم لدرجة يستطيعون معها بيسر أن يأتوا بتعريف دقيق قطعي للمسلم. ذلك أن الدعوى بخروج شخص أو جماعة عن دائرة الإسلام يستلزم أن يكون في ذهن المدعي تصور واضح عن من ذا الذي يسمى مسلما. ولكن التحقيق في هذه الجزئية من القضية للأسف لم يسفر عن نتيجة مرضية. فإذا كان علمائنا ومشائخنا يتخبطون هذا التخبط في مثل هذه القضية البسيطة، فمن السهل جدا تصور مدى اختلافاتهم في القضايا الأكثر تعقيد".
"لم يتفق العلماء على تعريف واحد للمسلم! فهل بقية هناك حاجة بعدما قدم العلماء من تعريفات متعددة متضاربة إلى تعليق من ناحيتنا؟ غير أننا نقول أنه لا يوجد بين علماء الدين حتى ولا اثنان يتفقان على هذه المسألة الجوهرية الخطيرة. ولو أننا قدمنا بدورنا أي تعريف للمسلم كما فعل كل واحد من العلماء، وكان تعريفنا هذا معارضا لتعريفاتهم المختلفة، لأفتوا بالإجماع بكوننا خارجين عن دائرة الإسلام. ولو قبلنا تعريف أحد منهم، لبقينا عنده من المسلمين، ولكن سنصبح في عداد الكافرين حسب تعريف غيره من العلماء".
(تقرير محكمة التحقيق في فتن بنجاب سنة ١٩٥٣م ، مطبعة إنصاف، الناشر اخوة حق، أنار كلى، لاهور (۲۳۱ و ۲۳۲).
مع العلم أن القضاة الأفاضل استمعوا إلى ١٢ شيخا وعالما ينتمون إلى الفرق الإسلامية المختلفة، وسئل كل واحد منهم على حدة، وكان تعريف كل واحد منهم مختلفا عن تعريف الآخرين كما سبق ذكره.
أخطر أنواع الكفر
لقد ذكر الشيخ اللدهيانوي ثلاثة أنواع للكافرين: كافر، منافق وزنديق، وحسب رأيه تدخل الجماعة الإسلامية الأحمدية في الطائفة الثالثة من سلم الكفار. (ص٥).
فنرد عليه، بأن المشايخ أصدروا نفس الفتوى ضد فرقته الديوبندية التي ينتمي إليها. لقد استعمل هذا الشيخ كلمة زنديق ضدنا نحن المسلمين الأحمديين، وما هى إلا ثرثرة وهذرًا من الكلام الفارغ، ويبدو أن هذه الفتاوى لم تكن في باله ويجب على الشيخ الرجوع إلى كتاب حسام الحرمين على منحر الكفر والمين، وربما قراءة هذه الفتوى تكفه عن إطلاق لسانه بهذه الفتوة القدرة ضد الأحمدية.
قتل الأحــمــديــــــين:
بعد أن أطلق الشيخ اللدهيانوي كلمة زنديق على الجماعة الإسلامية الأحمدية، أصدر فتوى بقتلهم، مع أن هذه الفتوى ليست جديدة بالنسبة لنا، وتاريخ الأمة الإسلامية شاهد على أن علماء الظاهر كأمثال الشيخ اللدهيانوي ما زالوا يصدرون ضد الآخرين من المسلمين فتاوى الارتداد والتكفير والقتل. ولم تكن هذه الفتاوى ضد الفرق فحسب، بل كانت ضد كبار علمائها ، وكانت تبيح دماءهم. لا يختلف اثنان بأن حادثة كربلاء كانت فجيعة مؤلمة، ولا يستطيع مسلم صادق أن ينسى آلام تلك المأساة والمجزرة. والمعلوم أن الذي أصدر فتوى بقتل الإمام الحسين عليه السلام وأباح دمه كان شيخا اسمه القاضي شريح. فلم يخلق أمثال الشيخ اللدهيانوي في هذا العصر فحسب، بل كانوا في الماضي أيضا. وإليكم قائمة بأولياء الأمة الأبرار الذين صدرت الفتاوى بقتلهم بحجة كفرهم وزندقتهم:
الإمام أبو حنيفة المتوفى سنة ١٠٠ هـ (أباطيل وهابية ص (١٧). الإمام محمد الفقيه المتوفى سنة ۱۹٣ه (معجم المؤلفين، ج ١١ ص ١٦٧.
ذو النون المصري، المتوفى سنة ٢٤٥هـ (اليواقيت والجواهر ج ١
ص ۲۰۰.
حضرة أحمد الرواندي المتوفى سنة ٢٨٩هـ (معجم المؤلفين ج ١
ص ۲۰۰).
حضرة ابن حنان المتوفى سنة ٢٩٧هـ (مجلة خورشيد الأسبوعية ٢٥
شباط ۱۹۳۸م).
* الصوفي منصور الحلاج المتوفى سنة ٣٠٩هـ (قاموس المشاهير ج ٢ ص ٢٣٤).
الإمام الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ هـ (الغزالي ص ٥٦).
الشيخ أبو الحسن الشاذلي المتوفى سنة ٦٥٤هـ (اليواقيت والجواهر
ج ۱ ص ۱۳۰).
لقد اخترنا هذه الأسماء من بين مئات العلماء والأولياء الذين ظلموا وأصدرت فتاوى الزندقة ضدهم، رحمهم الله جميعا. وبشكل عام لم نجد أي عالم أو ولي في التاريخ لم تكن ضده فتوى الكفر وضل سالما منها.
مسألة النبوة:
ذكر الشيخ اللدهيانوي سببا آخر لإصدار فتوى الزندقة ضد الأحمدية قائلا: إنها تؤمن بأنه يأتي نبي داخل أمة المصطفى . ونرد عليه بقولنا: إذا كان هذا هو السبب لإصدار هذه الفتوى، فلقد أرتكب نفس الجريمة أولياء الأمة وعلمائها أيضا، وكان موقفهم كمثل موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية. وهؤلاء هم:
العلامة حكيم الترمدي.
* السيد عبد الكريم الجيلاني.
الصوفي محي الدين ابن عربي. العلامة عبد الوهاب الشعراني.
* العلامة القمي.
حضرة عبد القادر الجيلاني.
*
الملا علي القارئ.
* العلامة توربشي.
*
حضرة عبد الرحمان الجامي.
*
حضرة مجدد الألف الثاني.
وغيرهم رحمهم الله جميعا.
وقال مؤسس الفرقة الديوبندية، الشيخ محمد قاسم النانوتوي وهو من كبار علماء فرقة هذا الشيخ أيضا: "لو نفترض أنه سوف يولد نبي ما بعد النبي ، فهذا لا يخل بخاتمية سيدنا محمد ".
(تحذير الناس، للشيخ محمد قاسم النانوتوي، الناشر مطبعة قاسمي، ديوبند، الهند، ص ۲۸.
لماذا لا يطبق الشيخ اللدهيانوي تعريف الزنديق على مؤسس هذه الفرقة التي هي فرقته مثل ما طبقه على المسلمين الأحمديين ما دام مؤسس فرقته يعتقد اعتقادا مماثلا للأحمدية.
نحن نرى أن تعريف الشيخ هذا لا ينطبق على مؤسس الديوبندية ولا علينا ، وإذا حاول تطبيقه فإنما قطع غصنا يجلس عليه.
هل يأتي نبي بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم؟؟
كتب هذا الشيخ: "لا يأتي نبي بعد محمد ، ولن يعطى أحد النبوة بعده. ولا أقصد بقولي هذا أنه لا يمكن مجيء أي نبي من الأنبياء السابقين، فلو افترضنا أن يعود جميع الأنبياء الذين بعثوا قبل عصر بعده، لكانوا خداما له". ويضل هو النبي الأخير لأن أحد منهم لم يحصل على نبوة بعده وإنما قبله. وإن قائمة الأنبياء التي كانت في علم الله سبحانه وتعالى ، كان فيها الاسم الأخير والنهائي هو اسم النبي، وبمجيئه أصبحت تلك القائمة كاملة." (ص ١٠).
أيها القراء الكرام، انظروا إلى هذا الشيخ كيف انه لا يشعر بالعار
بنسبة تفكيره الضال والمضل إلى الله تعالى، وكيف يظن انه إذا وهب شخص النبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيعتبر هذا إهانة للنبي ، ولكن إذا أتى نبي قديم في عصر (بعد) الرسول الله، فلا حرج في ذلك ولا مساس بخاتمية المصطفى !
إن تفكير الشيخ هذا ليس إلا جهلا وفكره مرفوض كليا. فلو كان سيدنا محمد نبيا أخيرا بهذا المعنى، أي بأن لا يعطى أحد النبوة بعده ولكن تبقى هناك حاجة للنبوة فأي توقير وشرف وفضل في هذا المفهوم لسيدنا المصطفى بصفته النبي الأخير، لأن معنى ذلك أن سيدنا محمد هو آخر الأنبياء وهو آخر من وهب النبوة وأغلق بعده باب أية نبوة، ولكن الناس يبقون بحاجة للنبوة، ولا يستطيع أحد سد هذا الفراغ، وكأن الله تعالى وقع في أزمة لأن النبوة انتهت والناس لا يزالون بحاجة إليها.
واخترع هذا الشيخ الحل لهذه الأزمة قائلا بأن عمر عيسى سيطول على غير السنة الإلهية ، ويرسله الله تعالى لسد هذه الحاجات الجديدة بعد النبي ، ومع ذلك ، يبقى محمد النبي الأخير.
لا ندري كيف استساغ عقل الشيخ أن ينسب إلى الله تعالى هذه الأفكار الصبيانية غير المتوازنة. هناك سؤال يفرض نفسه: هل هناك حاجة لمجيء نبي بعد محمد المصطفى أم لا؟ فإذا قيل أنه ليس هناك حاجة للنبوة التشريعية؟ فالأحمديون وغيرهم متفقون بأنه ليس هناك حاجة للنبوة التشريعية أبدا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم هناك سؤال آخر: هل هناك ضرورة للنبوة غير التشريعية أم لا؟ تجيب الأحمدية على هذا السؤال بنعم. وفرقة الشيخ اللدهيانوي أيضا مضطرة أن تقول نعم، ذلك لأن المشايخ وأئمة المساجد أصبحوا غير قادرين على إصلاح المسلمين المنحرفين ولا بد من نبي من الله تعالى للقيام بهذه المهمة العظيمة، فلا يوجد اختلاف بيننا وبين هذا الشيخ في الإجابة على هذا السؤال.
ويرى هذا الشيخ وزملاؤه أن احترام المصطفى يقتضي بأن لا يوهب أحد من خدامه مقام النبوة مهما وصلت طاعته لله ولرسوله محمد ، بل يبعث نبي قديم من الماضي ومن أمة أخرى لسد حاجات أمة المصطفى ولحل مشاكل العصر الحاضر. ولكن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا ترى هذا الحل حلا مناسبا ، وإنما تعتبره فكرة صبيانية لا تزيد
شيئا في شرف الرسول وفضله ، بل تنقص من قدره واحترامه. ولقد قدم لنا القرآن الكريم حلا واضحا وسديدا لهذه المسألة في قوله تعالى:
ومَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِّنَ النَّبيِّينَ والصَّدِّيقين والشُّهَدَاءِ وَالصَّالحينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.
(سورة النساء: ٧٠).
إن مقام النبوة والصديقية والشهادة والصالحية يوهب لمن أطاع الله ورسوله حق الطاعة، وكل واحد ينال من هذه المراتب حسب مواهبه. فالذي يكون أهلا لنيل مقام النبوة التابعة للرسول صلى الله عليه وسلم بسبب طاعته الكاملة يهبه الله تعالى هذا المقام لإحياء دين الإسلام وإقامة شريعة خير الأنام في العالم مرة أخرى. وبهذا الحل، لا يكون سيدنا المصطفى مدينا لنبي من أمة إسرائيلية ومبعوث إلى بني إسرائيل فقط حسب قول الله تعالى: وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل.. (سورة آل عمران: ٥٠).
والآن، هناك حلان بين يدي القارئ ،وكل لبيب يدرك بلا تردد بأن عودة أي نبي قديم من خارج أمة المصطفى ينافي مفهوم ختم النبوة مخالفة صريحة، ويمس بخاتمية الرسول الله مساسا واضحا. ولا ينتهي الأمر إلى هذا الحد ، بل يسبب إهانة لأمة المصطفى ، وكأنها أصبحت عقيمة لا تستطيع أن تنجب فردا أهلا لنيل منصب نبي من داخل الأمة ليدفع عن الإسلام هجمات الشيطان والأعداء، ويتغلب عليهم ويسد حاجات هذا العصر.
هل من المعقول أن تكون الحاجة لبعث نبي باقية بعد أن يرسل العليم سبحانه آخر الأنبياء؟؟ وواضح لكل عاقل أن مثل هذه العقيدة إهانة، والعياذ بالله، لله سبحانه وتعالى ولمحمد ، لأن إغلاق باب النبوة مع حاجة الناس إليها لا يلائم الحكمة الإلهية.
وإذا أصبح من المتفق عليه بين الجماعة الإسلامية الأحمدية وغيرها بأنه لم تبقى هناك حاجة لمجيء نبي تشريعي جديد، فنتوصل إلى نتيجة حتمية طبيعية بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان آخر نبي صاحب شريعة، ولم يعد بعده بنو نوع الإنسان بحاجة إلى شريعة غير شريعته إلى الأبد. ولا يقبل العقل قولا آخر غيره، إذ من الواضح بأنه مادامت شريعتنا شريعة متكاملة محفوظة، فإذا تصور أحد رغم ذلك بمجيء شريعة أخرى بعدها فتصوره باطل ومرفوض بالبداهة. فالأهم في الأمر أن نقرر من هو الأخير من حيث تلقي النبوة، لأن مجيء أحد أو ولادة أحد قبل غيره أو بعده لا يغير في الأمر شيئا. وعلى سبيل المثال ، إذا وهب أي نبي نبوة في الماضي، وبقيت ضرورة عودته مرة ثانية، فمن الطبيعي بأن الذي يسد حاجات العصر هو النبي الأخير بحسب الزمن. فجماعتنا لا ترى أنه لا فضيلة أو امتياز لمحمد بسبب مجيئه في الأخير، بل أفضليته تكمن في كونه النبي الأخير الذي جاء بالشريعة الأخيرة المتكاملة الدائمة حسب مقتضيات العصر، ولن يأتي بعده عصر يقتضي شريعة جديدة، وهذه هي الفضيلة العظيمة التي يمتلكها نبينا محمد ، ونتوصل من هذا البحث أيضا إلى النتيجة الثانية بأن كونه صاحب الشريعة الأخيرة يجعل عملته الروحانية هي التي ستستعمل إلى الأبد ، ولا يمكن أن يأتي نبي يخرج عن أمره ويغير حكمه، لأن العقل يتطلب بأن الذي عنده قانون أبدي هو الذي يحكم إلى الأبد. وبهذا المعنى، كان النبي صلى الله عليه وسلم النبي الأخير، وهنا تكمل أفضليته العظمى. هذه هي عقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية. ولكن الشيخ اللدهيانوي وزملاءه يعتقدون بأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل بسبب ظهوره في آخر سلسلة الأنبياء أجمعين. وهذه العقيدة سخيفة لأن ظهور المسيح عليه السلام في آخر الزمان يجعله هو النبي الأخير زمنا، وبالتالي الأفضل، معاذ الله بحسب تعريف الشيخ، لأنه وان كان ظهر قبل النبي، ولكنه سيظهر بعد الرسول أيضا لسد حاجات هذا العصر.
من هو الأفضل؟
يقول الشيخ اللدهيانوي: "إذا قلت بأن فلانا هو آخر أولاد فلان فيعني ذلك أنه ولد عند أبويه بعد أن ولد كل أخوته وأخواته الآخرين ، و لم يولد لهما بعده أحد. ولا يعني كونه آخر الأولاد أن يموت أيضا بعد جميع اخوته وأخواته بل أحيانا يولد أحد بعد اخوته وأخواته جميعا، ولكنه يموت قبلهم ، ومع ذلك يسمى آخرهم مولدا. ولطالما سمعتم الناس يقولون: كان آخر أولادي هذا الذي توفي". (ص ١٠و١١).
إن المقارنة التي قدمها الشيخ اللدهيانوي للأول والأخير بضرب مولد طفل يمكن أن تقدم بطرق متعددة ، وليس من العقل في شيء أن نأخذ وجهة نظر واحدة لمثال ونتوصل بها إلى نتيجة حتمية صحيحة. ففيما يتعلق بالمنصب والمقام لا يقال لأحد أنه هو الأخير مقاما إلا إذا عاش في هذا المنصب حتى بعد وفاة غيره، ولا يدخلون في نقاش حول مولده. مثلا إذا قيل أن الملك بهادر شاه، كان آخر الملوك المغول في الهند، والمجنون هو الذي سيقول أنني لا أقبله آخر الملوك المغول إلا بعد التحقيق في تاريخ ولادته ، هكذا الحال بالنسبة لأهل المناصب. فالطبيب الأخير أو المفكر الأخير أو المفسر الأخير يعتبر بحسب تاريخ وفاته وليس بحسب تاريخ ولادته.
والخطأ الآخر الذي يصر على ارتكابه هذا الشيخ أنه يتمسك فقط بكلمة الأخير، ولا يرى إلى السياق. إننا لا نرى من الفضل والشرف شيئا أن يكون الإنسان أخيرا فقط من حيث الزمن فيجب ألا نرى إلى هذا المثال ما إذا كان هذا المولود ولد أولا أو أخيرا أو مات أولا أو أخيرا وإنما يجب أن ننظر إلى نواحي الفضل والعظمة في ولادته وفي وفاته. فبدلا من إضاعة الوقت في تقديم أمثلة غامضة مبهمة ، على الشيخ أن يقارن نظريته ونظريتنا بالنسبة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى. وعندئذ سيدرك كل من عنده شيء من العدل بأن موقفنا هو الذي يعتبر موقف التكريم والاحترام للرسول وليس موقفه هو . يقول الشيخ أن عيسى عليه السلام ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بزمن طويل ونال النبوة قبله أيضا، وسوف يموت بعده أيضا وأن النبي الأخير الذي سوف يمارس النبوة، ويؤدي واجباتها في الدنيا هو عيسى عليه السلام.
هذه هي الصورة التي يقدمها هذا الشيخ بإصراره على كون النبي هو
الأفضل لمجيئه في آخر سلسلة الأنبياء.
ونحن نقول أن هذا الاعتقاد ليس تكريما للنبي صلى الله عليه وسلم، بل هو إهانة صارخة له، والعياذ بالله. فأولا يعتقد الشيخ بأن مجيء أحد الأنبياء في الأول أو الأخير هو السبب لتفضيله على الآخرين، ثم يعتقد أن الأنبياء الآخرين كانوا بعثوا قبله منصبا ومولدا، وبحسب موقف الشيخ هذا يكون سيدنا عيسى عليه السلام قد نال أفضلية مزدوجة حيث جاء قبله وسوف يموت بعده.
لقد بعث نبيا قبل نبينا ثم سوف يبعث نبيا في آخر الزمان بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس هذا فحسب، بل له فضيلة ثالثة، وهي أن النبي كان نبيا لأمته، وأما عيسى فلم يكن نبيا لأمة موسى، بني إسرائيل، فحسب، بل أيضا سيكون نبيا لأمة محمد . إننا نعتقد بأن المصطفى هو النبي الوحيد الذي بعث لكل العالمين ، وليس له مثيل في هذا الفضل، ولكن الشيخ يعتقد اعتقادا راسخا بأن عيسى عليه السلام شريكه في هذا الفضل، وليس هذا فحسب، بل له فضيلة أخرى، وهي كونه رسولا إلى بني إسرائيل أيضا، إلي جانب كونه رسولا إلى المسلمين والناس أجمعين . إذا، فلم يبق النبي حسب اعتقاد الشيخ، ونعوذ بالله بهذا الاعتقاد، لم يبق النبي الأخير ولا النبي الأول. فبأي وجه سيقابل الشيخ ربه يوم القيامة؟ وأما موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية التي لا ترى أي أفضلية في مجيء أحدا أولا أو أخيرا من حيث الزمان، وإنما ترى أن الأفضلية تكمن في مرتبته، فلا يمكن أن يرد اعتراض عليه . فلو بعث قبل النبي من حيث الزمن ملايين الأنبياء لم ينقص ذلك من أفضليته الله شيئا، لأنه الأول والأخير أي الأفضل بين الأنبياء عند الله. ولو أن هؤلاء الأنبياء بعثوا بعده زمنا ، كان لا بد أن يكونوا مطيعين وتابعين له،ولشريعته. فبالتالي، لم يضر مجيئهم بعده زمنا بخاتميته شيئا، بل كان خاتمهم أيضا. وأما هذا الشيخ فهو أيضا يعتقد نفس الاعتقاد، إذ يرى أن مجيء عيسى عليه السلام مرة أخرى بعد ا الرسول لا ينال من ختم نبوته شيئا، لأنه سيصبح من أمته ويكون مطيعا له ولشريعته . فتبين من ذلك لكل عاقل أن بعث نبي من حيث الزمن أولا أو آخرا لا يزيد في فضليته شيئا، وإنما الفضل يعرف من حيث مكانته ومرتبته الروحانية عند الله.
وإذا لم يستوعب الشيخ الحقيقة من هذا البحث فنقدم له مثال آخر.
لا بد أن يكون هناك إنسان يعتبر أول الناس خلقا على الكرة الأرضية. فهل يعتقد الشيخ بأن هذا الذي خلق أولا وفي البداية من ناحية الزمان كان أفضل من جميع الناس الذين خلقوا بعده. ثم إذا قامت القيامة، فلا بد أن إنسانا أو بعض الناس يموتون في آخر لحظة، فيكون هو أو هم آخر الناس مغادرة لهذه الدنيا، وبالتالي يكونون آخر الناس بقاء فيها. فهل ذلك الذي يكون آخر أهل الدنيا بقاء يكون أفضل من جميع الناس الذين غادروا الدنيا قبله مرتبة ومقاما؟ كلا. وليس الأمر هكذا، بل العكس هو الصحيح. فلقد أخبرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن القيامة تأتي على شرار الناس حيث ورد في الحديث: "ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس.
ابن ماجة كتاب الفتن باب شدة الزمان).
فآخر من يغادر الدنيا يكون أشقى الناس ومن شرارهم. قل لنا أيها الشيخ بعد هذا التوضيح: أما زلت تعتقد بأن الفضيلة تتعلق بالزمان؟ وأن الذي جاء في الأخير يحتل مقام الأفضلية بسبب قدومه في النهاية؟
وعلاوة على هذا فحينما نبحث عن مقام الرجل أو درجته فلا يأخذ بعين الاعتبار ومتى ولد ومتى مات، فعلى سبيل المثال كان آخر خليفة لبني أمية مروان التاني بن محمد بن مروان. فهل يقول الشيخ أو أحد زملائه أن مروان الثاني كان خاتم الخلفاء الأمويين، لأنه كان آخرهم. كذلك ، هل يستطيع أحد أن يطلق كلمة "خاتم الخلفاء" العباسيين على المعتصم بالله الذي كان آخر خليفة لبني العباس؟ كلا لأن كلمة "خاتم" لا تقتضي كون المرء آخرهم ، بل أعلاهم مرتبة ومقاما، إذن فحسب تفسير الشيخ ، لا يجوز أن تقوم القيامة على أشرار الناس ، بل تقوم على أفضل الناس، لأن الشيخ يعتقد بأن الذي جاء في الأخير أو بقي في الأخير هو الأفضل. أيها الشيخ : حاول أن تفهم مثال آخر فأينما تقرأ فضائل الصحابة أو مناقب الخلفاء هل تفحص عمن كان أولهم مولدا ، ومن كان آخرهم وفاة لتقرر لهم الفضيلة حسب ذلك. وعلى سبيل المثال ، هل تعطي مقام الأفضلية لأبي بكر أو لعلي رضي عنهما حسب تاريخ ولادتهما ووفاتهما أو حسب المقام والمرتبة في الروحانية؟ إننا لم نسمع ولا مرة أن فلانا من الصحابة أو من الخلفاء كان أفضل من جميع الصحابة لأنه مات بعد غيره.
فأيها الشيخ، عليك أن تتعقل وافتح عينيك واقرأ ما كتب مؤسس
طائفتك مولانا محمد قاسم النانوتوي، وحاول لاستيعاب الحقيقة في كلامه فهو يقول:
يحسب عامة الناس بأن الرسول الله كان خاتم النبيين، لأن عصره كان بعد الأنبياء السابقين، وكان آخر نبي مبعثا. ولكن، فليكن واضحا لأصحاب الفهم، بأنه لا توجد أية أفضلية في التقدم أو التأخر الزمني في حد ذاتها. فإذا كان الأمر كما تقولون ، فكيف يصح القول بأن قوله تعالى .. وَلَكن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبيين.. (سورة الأحزاب)، ورد في مدح رسول الله . نعم، إذا كنتم لا تعتبرون هذا الوصف الرباني مدحا للرسول، ففي هذه الحالة تكون خاتميته صحيحة باعتبار التأخر الزمني. ولكنني أعرف بأنه لن يقبل هذا القول أحد من المسلمين." (تحذير الناس للشيخ محمد ،قاسم مطبعة قاسمي، ديوبند، الهند ص ٣).
فتدبر يا شيخ قول مرشدك "لن يقبل أحد من المسلمين"، وتقبل نصيحة مرشدك ومعلمك، واقبل عقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية لإصلاح أعمالك وعاقبتك، لأن في هذه العقيدة احتراما وإكراما أكثر لسيدنا محمد .
تأثير خاتم النبيين:
يقول الشيخ اللدهيانوي:
يقول القاديانيون بأن كون الرسول الله "خاتم النبيين" لا يعني أنه كان آخر بي وأن باب النبوة مغلق بعده، بل يرون أن خاتم الرسول
سوف يصنع الأنبياء" (ص ۱۱).
إن موقف الجماعة الإسلامية الإحمدية الذي أورده الشيخ المذكور
بأسلوبه الخاص قد تم تشويهه، ولو كان فيه قليل من التقوى لقال بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية تفسر "خاتم النبيين" كما فسرته أم المؤمنين في أحد أقوالها: "قولوا خاتم النبيين، ولا تقولوا لا نبي بعده:
الدر المنثور للعلامة جلال الدين السيوطي، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ،لبنان المجلد الخامس، ص ٢٠٤).
أي كان علي الشيخ أن يقر بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية تعتبر مسلك عائشة رضي الله عنها هو الصحيح.. أي لا يجوز الاستنباط من "خاتم النبيين" بأنه لا يأتي أي نبي بعد سيدنا محمد المصطفى ، وإنما المقصود منه أنه هو النبي الذي حظي بالمقام الأعلى والمرتبة العليا بين الرسل، وليس هناك فضل في كونه في آخر سلسلة الأنبياء والرسل. وإذا كان الشيخ لم يقرأ هذا القول عن عائشة ، فكان من المستحسن أن يبين موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية عن خاتم النبيين بلسان معلمه ومرشده، ويكتب بأنها تفسر "خاتم النبيين" كما أورده مولانا النانوتوي بنفسه في قوله : "يحسب عامة الناس بأن الرسول الله كان خاتم النبيين، لأن عصره كان بعد الأنبياء السابقين، وكان آخر نبي مبعثًا. ولكن فليكن واضحا لأصحاب الفهم، بأنه لا توجد أية أفضلية في التقدم أو التأخر الزمني في حد ذاتها. فإذا كان الأمر كما تقولون، فكيف يصح القول بأن قوله تعالى .. ولكن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبيين .. ورد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم، إذا كنتم لا تعتبرون هذا الوصف الرباني مدحا للرسول، ففي هذه الحالة تكون خاتميته صحيحة باعتبار التأخر الزمني. ولكنني أعرف بأنه لن يقبل هذا القول أحد من المسلمين" تحذير الناس للشيخ محمد قاسم، مطبعة قاسمي، دیوبند، الهند ص (۳).
وبعد تقديم هذا الاقتباس ، كان من المسموح له أن يتهجم على الجماعة الإسلامية الأحمدية كما يشاء. وإذا كان يستحيي أن يعرض قول معلمه ومرشده أو خاف من انتقاد زملائه ، فكان عليه على الأقل أن يعرض أمام الناس عقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية بلسان المحدث شاه ولي الله الدهلوي إمام الهند ومجدد القرن الثاني عشر حيث قال: "ختم به النبييون أي لا يوجد بعده من يأمره الله سبحانه بالتشريع على الناس. (التفهيمات الإلهية، المطبعة الحيدرية ١٣٨٧هـ، ١٩٦٧م).
خاتم لجميع الأنبياء:
لقد تحدث الشيخ بسخرية شديدة وقال بأن الأحمديين يعتقدون: "... بأن محمد يختم على عشاق الأنبياء ويجعلهم أنبياء. وقبل ذلك، كان الله تعلى يهب النبوة بنفسه . أما الآن، فقد فوض هذا الأمر إلى محمد بأن يختم هو ويصنع الأنبياء..." (ص۱۲).
فليكن واضحا للشيخ بأن محمد قال مخاطبا جابر : "يا جابر، إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك." (المواهب الدينية، أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني، المطبعة الشرقية ۱۹۰۸م، المجلد الأول ص ۹).
فنحن على يقين بأن الأنبياء السالفين نالوا النبوة ببركة محمد المصطفى ، وبعد مجيئه أيضا، توزع كل أنواع الأنوار من بيت نبوته. أيها الشيخ، يبدو من كلامك أنك أصبت بالجنون عند هجومك على الأحمدية حتى فقدت الوعي ، فتمردت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أخبرك كذبا بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية تقول بأن سيدنا محمد المصطفى كان خاتما فقط للذين جاءوا بعده؟ فاعلم أننا نؤمن إيمانا راسخا بأن نبينا محمد كان خاتم الأولين والآخرين ولن يزال كذلك. لقد أدركنا من كتابك اليوم بأنه من المستحيل أن يكون محمد خاتما للآخرين ولا للأولين، ولم يكن هناك نبي لم يصدقه النبي صلى الله عليه وسلم بختم نبوته. إنك تسخر وتجعل كلمة "خاتم" عرضة لهجومك حتى تجاهلت مضمونها الحقيقي. فليكن واضحا بأن الله سبحانه وتعالى مادام قال لسيدنا محمد أنه "خاتم النبيين"، فلم يبق إنسان يحمل اسم "النبي"لم يختمه محمد بختم نبوته، فعقيدتك بأنه لم يكن لخاتم محمد أثر على الأنبياء السالفين عقيدة باطلة ومرفوضة.
الواقع أن كلمة "خاتم" لا تدل على أن كونه أفضل الرسل فحسب، بل أيضا على كونه مصدقا للنبيين الآخرين. وإذا قيل بأن محمد كان "خاتم"، فليس معناه أنه مثل ختم البريد، كما المشايخ منكم، بل أن نقوش نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هي التي سميت "بخاتم". أي أن نقوش أي نبي، سواء كان من الأولين أو الآخرين، إذا كانت معاكسة لنقوش نبوة محمد المصطفى، فإنه لن يحصل على تصديق محمد . نعم إذا حمل أحدهم نقوش نبوته ، سواء كانت هذه النقوش ضئيلة أو جلية، فإنه ينال بحسب مستواه تصديق محمد . وطبق هذا المفهوم، فإن خاتمية محمد تفوق حدود الزمان، ولا يسمى أحد نبيا بين السابقين أيضا إلا إذا كانت عليه نقوش خاتم سيدنا محمد، أي كان مصدقا من قبله ، وإلا فلا نسميهم أنبياء. وبهذا المعنى ورد هذا الحديث للرسول حيث قال: "إن عبد الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في "طينه"
(مسند أحمد بن حنبل، ج ٤ ص ٥٨،
المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر بيروت).
فيا أيها الشيخ، إذا أردت ذكر عقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية في مسألة ما، وقد ذكر كبار علماء فرقتك نفس العقيدة بأمانة أكثر منك، فبدل أن تذكرها بلغتك الناقصة، عليك أن تذكرها كما ذكروها هم، قائلا بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية تعتقد في هذه المسألة كما كان يعتقد عالمنا فلان، أو مرشدنا فلان وعلى سبيل المثال عن "خاتم النبيين، كان بإمكانك أن تقول بلا خوف ولا تردد: تعتقد الجماعة الإسلامية الأحمدية كما كان يعتقد عالمان من طائفتنا، السيد محمود الحسن، والعلامة شبير أحمد عثماني حيث كتبا في حاشية ترجمة القرآن
المجيد:
"حسب هذا يجوز أن نقول بأنه أي" محمد " كان خاتم النبيين من ناحيتي المرتبة والزمن كلتيهما. وكل نبي حصل على النبوة بعد أن ختم عليها سيدنا محمد المصطفى محمد "
(ترجمة القرآن آية خاتم النبيين، الناشر باك قرآن لاهور ص ٥٥).
فلو كان الشيخ أمينا ، لكان بوسعه أن يكتب بأنني ذكرت عقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية حسب ما كان يعتقد بعض علمائنا الكبار وبحسب ما ورد في حاشية ترجمة القرآن الكريم. بل كان على الشيخ أن يقول بأن بعض علمائنا الكبار قد تقدموا خطوة أبعد من ذلك إذ قالوا بأنه إذا كان هناك إنسان يحمل استعدادا وصلاحية للنبوة وقابل سيدنا محمدا المصطفى ، فمن الممكن أن يصبح نبيا. فقد قال أحد علماء
طائفته، القارئ محمد طيب مدير دار العلوم بمدينة ديوبند، الهند: "لا يظهر شان نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من نبوته فحسب، بل يظهر من قدرته على أنه يهب النبوة للآخرين أيضا. فكل من كان فيه استعدادا للنبوة إذا قابل النبي محمد صلى الله عليه وسلم لجعله نبيا . آفتاب نبوت، للقارئ محمد الطيب، الناشر إدارة إسلامية، الطبعة الأولى سنة ۱۹۸۰م، مطبعة وفاق، لاهور).
نبوة المسيح الموعود:
أضاف الشيخ اللدهيانوي قائلا:
"من أعطى القاديانيين الحق بأن يحسبوا غلام أحمد القادياني نبيا ورسولا ، ويدَّعوا، مع ذلك بالإسلام." (ص ۱۳).
أيها الشيخ لم يمنح هذا الحق للقاديانيين إلا الله عز وجل، لأنه هو وحده الذي يعطي الحق لأحد أن يقال عنه "نبي". وليس من منصب المشايخ أن يمنحوا هذا الحق لأحد. لأن الله رب العالمين الذي منح الحق لجميع بني نوع الإنسان أن يؤمنوا بالأنبياء والرسل، وهو الذي أعطى الحق للأحمديين بأن يؤمنوا بالمسيح الموعود والمهدي المعهود كونه "نبيا من الأمة".
أيها الشيخ، ألا تعتقد بأن عيسى عليه السلام يأتي بعد وفاة محمد بمئات السنين بجسمه السابق وبصفته "نبي الله". ومن المدهش جدا، أنك مستعد بأن تؤمن بنبي إسرائيلي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك تحسب نفسك مسلما. ولو قرأت الاقتباسات التالية قبل أن تتفوه بالكلام المذكور، فربما لم تسأل هذا السؤال.
قال الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي (رحمه الله): "عيسى
عليه السلام ينزل فينا حكما من غير تشريع ، وهو نبي بلا شك" (الفتوحات المكية، ج ١ ص ٥٤٥ ، مطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر).
وكتب المفتي الشهير الديوبندي (وهو من فرقتك) محمد شفيع
ما تعريبه: والذي يرفض نبوة عيسى عليه السلام فهو كافر، إذ يظل حكم نبوته بعد نزوله ساري المفعول. وعقيدة كونه نبيا ورسولا تكون من الفرائض، وحينما يأتي إلى هذه الأمة إماما لها، فيكون من الواجب اتباع أحكامه. وقصارى القول إن عيسى عليه السلام يظل نبيا ورسولا بعد نزوله، ونبوته تظل سارية كما كان في الماضي." (سجل الفتاوى الف، ص ٤٩).
والآن نعيد سؤالك عليك ، ونسألك: نفترض أن عیسی نزل في حياتك وآمنت به كونه نبیا، فمن يعطيك الحق بأن تسمي نفسك مسلما بعد الإيمان بالنبي الإسرائيلي؟ فالذي يعطيك هذا الحق هو الذي يعطينا إياه أيضا. إننا نحاول توضيح هذا الموضوع بطرق شتى، عسى أن تستوعب الحقيقة، فربما لا تكون جميع أبواب فؤادك مغلقة، وقد تدخل الحقيقة في وجدانك. والآن نعرضه أمامك بأسلوب آخر.
ليكن واضحا بأنه لو يدعي أحدا كونه "المسيح الموعود" الذي تنبأ عنه سيدنا محمد المصطفى ، فادعائه كونه نبيا يكون برهانا على صدقه وليس على كذبه ، وإذا رفض كونه نبيا وجرد نفسه عن أي نوع من النبوة، فرفضه هذا يكون دليل على كذبه وافترائه. ذلك لأنه حينما يدعي بأنني هو المسيح الموعود الذي تنبأ عن ظهوره محمد المصطفى في العصر الأخير، وذلك في حديثه المذكور في صحيح مسلم الذي يأكد فيه كونه نبيا، ولم يأتي هذا التأكيد مرة واحدة فحسب، بل أربعة مرات، حيث جاء في الحديث ".. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه... فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه... ثم يهبط نبي الله
عيسى وأصحابه إلى الأرض ... فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله..." (صحيح مسلم، كتاب الفتن).
نقول: أيها الشيخن إذا ادعى الرجل كونه "المسيح الموعود"، ومع ذلك قال: ولكني لست نبيا، أيظهر افتراؤه على الملأ أم لا؟ لأن سيدنا محم قال عنه أربع مرات نبي الله، ولكنه يرفض ذلك. فما دامت الجماعة الإسلامية الأحمدية قد آمنت بمرزا غلام أحمد كونه "المسيح الموعود"، فقد آمنت أيضا بكونه نبيا تابعا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي منحنا هذا الحق أن نؤمن بالمسيح الموعود بصفته نبيا من الأمة. ولم يبق هنالك مجالا للانحراف عن هذا الحق أو الأمر، فالذي يمنحه محمد صلى الله عليه وسلم الحق في تسمية المسيح الموعود نبيا لا يمكن أن يسلب أحد منه حقه في تسمية نفسه مسلما.
فليس لك أيها الشيخ أي حق في أن تقول هذا "مسلم" وذاك "لا". يجب أن تعرف قدرك وأن تخشى االه.
نخشى أن لا تستوعب هذه الحقيقة ، ولكن علماء الأمة المحمدية و منصفيها قد استوعبوها وبينوها للناس، وقالوا: الحق أنه لا يوجد فرق بين عقيدتهم وعقيدة الجماعة الإسلامية الأحمدية عن نبوة المسيح الموعود. فلقد قال العالم الشهير المنصف المرحوم مولانا عبد الماجد الدرياآبادي جزاه الله أحسن الجزاء بسبب قوله السديد هذا: "إذا قال السيد الميرزا غلام أحمد ، مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، بكونه نبي، فحسب هذا المعنى، كل مسلم ينتظر "المسيح"، لأنه عندما ينزل يكون نبيا، ومن الواضح بأن هذه العقيدة ليست مناقضة لعقيدة ختم النبوة. وإذا كانت الأحمدية هي كما عرفناها من كتابات السيد المرزا "غلام أحمد عليه السلام، فمن الظلم اعتبارها ارتدادا عن الإسلام".
(صحيفة "الفضل" بتاريخ ٢١ آذار ١٩٢٥).
وكتب العلامة نياز الفتحبوري عن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية ما يلي: "إن أكبر تهمة تنسب إليه هي أنه لم يكن يؤمن بكونه النبي خاتم النبيين. إنني لا أرى اتهاما لغوا وباطلا وعبثا أكبر من هذا الاتهام. لقد كان يؤمن بخاتم النبيين بكل حب وقوة كما يجب أن يؤمن به كل عاشق صادق للرسول " .
ثم أضاف قائلا: "مما لا شك فيه أنه كان يدعي كونه نبيا تابعا للرسول أو مهديا موعودا ، ولكن ادعائه هذا ليس مناقضا لعقيدة "خاتم النبيين"، لأن النبوة الأخيرة التى كان يعتبرها "النبوة النهائية"، فلم يدع انه نالها ، وإنما ادعى كونه حصل على نعمة النبوة التابعة للرسول صلى الله عليه وسلم . وهذا الشيء لم يكن جديدا.
ملاحظات نياز الفتح بوري ص ١١٣ وص ۲۹، نقلا عن مجلة "نكار لكهنو، نوفمبر ١٩٥٩م، المرتب: محمد أجمل شاهد الناشر : الجماعة الإسلامية الأحمدية، كراتشي).
شيخ يعرف ما تخفي الصدور:
نسب الشيخ اللدهيانوي اتهاما آخر إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية بأنها ألغت كلمة الشهادة "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله"، وحاول أن يقنع القارئ بذلك قائلا: بأنهم عندما ينطقون بكلمة "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله"، فإنما يقصدون من "محمد"، ميرزا غلام أحمد القادياني، والعياذ بالله من ذلك.
أيها الشيخ، كنت تعترض أولا على كون مؤسس الجماعة "نبيا من الأمة"، والآن قفزت قفزة بعيدة، وادعيت بقولك هذا كونك "عالم الغيب"، ولا تخاف ربك. إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يدع كونه عالم الغيب، وتدعي أنت بأنك عالم الغيب، وتعرف ما تخفي صدور الأحمديين، بل أنت أعلم بها منهم . وليس جوابنا إلا أن نقول بكلمات القرآن: لعنة الله على الكاذبين). وإذا كان الكاذبون يستحقون اللعنة فإننا نسأل الله القدير أن ينزل أشد اللعنة على الكاذبين أمثالك الذين أصبحوا "شركاء" في علم الله العليم الخبير.
أيها الشيخ، أين أنت من صحابة محمد الذين ظن أحدهم مرة أن رجلا واحد وليس رجالا، أو جماعة، إنما رجل واحد فقط لم ينطق بالشهادة من القلب وإنما باللسان فقط. فغضب عليه سيدنا محمد غضبا شديدا لدرجة أن ذلك الصحابي لم ينس خطأه هذا طوال حياته، وكان يتندم عليه، ولكنك أيها الشيخ تتجرأ إلى هذا الحد، فلا تفتري على رجل واحد، وإنما على جماعة يبلغ عددها مئات الآلاف، بأنهم عندما ينطقون "أشهد أن محمد رسول الله" فإنما يقصدون بذلك مرزا غلام أحمد.
لقد ارتكبت بقولك هذا جريمة تزيد شناعة على جريمة ذلك الصحابي ملايين المرات، اقرأ الحديث التالي، وحاول رؤية صورة قلبك الكريهة في مرآة هذا الحديث. تدعي بأنك تعلم ما يدور في أفئدة الملايين، ولكن هل شاهدت ما في قلبك وفي باطنك. اقرأ حديث الرسول :
"يقول أسامة بن زيد : "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَريَّة. فصبحنا الحرقات من جهينة. فأدركت رجلا ، فقال: "لا إله إلا الله" فطعنته. فوقع في نفسي من ذلك. فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقال: لا إله ألا الله وقتلته؟" قال: قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح. قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا". فمازال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ . "
(مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد قوله لا إله إلا الله).
لقد ولدت في بيت أحمدي كمسلم أحمدي وترعرعت في الأحمدية وشخت فيها الآن، وإنني أقسم بالله الجبار القهار، بأنني كلما نطقت "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله"، لم يخطر في بالي قط ولا مرة واحدة بأن المقصود من "محمد" هو "مرزا غلام أحمد" مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، وإنما نطق لساني "محمد" من عمق فؤادي. وعليَّ لعنة الله في الدنيا والآخرة إن كنت كاذبا في هذا القول. دعك يا شيخ من بقية أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية، وتكلم مع صاحب هذه الكراسة، هل تستطيع أن تحلف باليمين قائلا: أنا يوسف اللدهيانوي ، أقسم بالله عالم الغيب والشهادة، بأن ا.س. موسى مؤلف كتاب "أليس الأحمديون مسلمين صادقين" حينما ينطق بكلمة الشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله". فبكلمة "محمد" إنما يقصد في قلبه مؤسس الأحمدية ، وإن كنت كاذبا في هذا البيان، فعلي لعنة الله في هذه الدنيا والآخرة.
الأدلة والبراهين لا تنتهي، ولكن بعد اليمين هذا سيصل النقاش
إلى النهاية، وتتحول قضيتنا إلى محكمة أحكم الحاكمين، فهو الذي
سيعاقب الكافر من المفتري.
إن الجماعة الإسلامية الأحمدية منتشرة ومتوطدة الآن في ١٥٠
دولة، وكل واحد من أفراد الجماعة يلعنك على ادعائك الباطل بأنهم حينما يقولون أشهد أن محمدا رسول الله، فإنما يقصدون في القلوب "أحمد" مؤسس الجماعة، ويعلنون بأنه ليس أحد منهم يرتكب هذه
الجريمة النكراء.
فلست عالم الغيب ، ولذلك لا يجوز لك أن تتهجم على الجماعة الإسلامية الأحمدية، ونخبرك بأنك لست عالم الشاهدة أيضا، فلو كنت
عالم الشهادة ، لأخذت بعين الاعتبار شهادة مرشدك حيث قال: أشرف علي، رسول الله".
مجلة "الإمداد" صفر سنة ١٣٣٦هـ ص ٣٤ و٣٥. مؤلف: مولانا أشرف علي التهانوي. مطبعة: إمداد المطابع، هون).
تفحص القول المذكور بنظر عميق. لقد اتهمت الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن أفرادها عندما ينطقون أشهد أن محمدا رسول الله"، فهم يقصدون "أحمد" . اقرأ قول مرشدك: "أشرف علي، رسول الله". فكلمة الشهادة هنا محرفة، والعبارة واضحة غير خافية. فلماذا غاب عن بالك هذا القول؟ لماذا لا تتبرأ من طائفتك الديوبندية، وتنضم إلى الطائفة البريلوية الذين سلكوا مسلكك المعوج، وأصدروا فتوى بحق جميع أفراد طائفتك الديوبندية بأنهم أصبحوا مشركين بناء على القول المذكور الذي كتبه واحد منكم بدون النظر في العواقب. أفلا يعلم البريلويون بأن الشهادة الديوبندية مختلفة تماما عن شهادة جميع المسلمين؟ فهم حينما ينطقون "أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله" ، فإنما يقصدون من "محمد" أشرف على التهانوي".
لقد أسس الشيخ اللدهيانوي عمارة الكذب والافتراء هذه على اقتباس من أحد مؤلفات مرزا بشير أحمد . والاقتباس كالآتي: "إن بعثة المسيح الموعود هي البعثة الثانية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلأجل ذلك لسنا بحاجة لكلمة شهادة جديدة. نعم، لو كان جاء غير
النبي لكانت الحاجة .." (كلمة الفصل ص ١٥٧).
أي أن المسيح الموعود جاء تابعا للنبي ، وبعثته هي بمثابة البعثة الثانية لرسول الله ، بحسب قوله تعالى في سورة الجمعة:
هو الذي بَعَثَ في الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُم يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالَ مُّبِين وَآخَرِينَ مِنهُم لَمَّا يَلْحَقُوا بهمْ. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (الجمعة: ٣،٤
فما دام النبي الحقيقي لنا هو النبي ، فلا حاجة لنا لكلمة شهادة جديدة، وإنما كلمة شهادة الرسول هي شهادتنا.
أيها القارئ الكريم.. لقد كتب السيد مرزا بشير أحمد هذه العبارة ردا على أحد المعترضين الذي قال : بأن لكل نبي كلمة شهادة ، ومادامت لا توجد كلمة شهادة منفصلة لمرزا غلام أحمد، فهو ليس نبيا، وإذا وجدت، فإنه أسس أمة جديدة. وهكذا نصب المعترض فخ للاحتيال، فرد عليه حضرة مرزا بشير أحمد هذا الرد المفحم بأنه لم يأت هناك أي نبي جديد حتى تكون هناك كلمة شهادة جديدة. ولكن الشيخ اللدهيانوي جعل هذا القول عرضة لانتقاده. فجواب مرزا بشير أحمد يعتبر جوابا عن كل فرد احمدي الآن أيضا .. أي لا توجد للجماعة الإسلامية الأحمدية كلمة شهادة منفصلة أبدا ، وإنما هم يشهدون من أفئدتهم صميم أن لا أله إلا الله محمد رسول الله. ولا يعتبر واحد منهم مرزا غلام أحمد كنبي مستقل، بل نبي خادم وتابع لسيده وسيدنا محمد ومن أمته ، فلا داعي ولا حاجة لصاحب منصب كهذا أن يكون له كلمة شهادة منفصلة، لأن كلمة "لا اله إلا الله محمد رسول الله " ستبقى وتضل شهادة للأبد دون تغيير ولا تبديل.
كما اختار مصنف كتاب "كلمة الفصل" حضرة مرزا بشير أحمد أسلوب آخر ليرد على المعترضين، وكتب بأن اسم "محمد" ومقام "محمد" عظيمان جدا ، ولا يغطيان الأنبياء السالفين فحسب، بل الأزمنة المقبلة أيضا. فكما يصح القول بأن أسماء جميع الأنبياء آدم،
نوح، موسی ،عیسى وغيرهم، عليهم السلام ، تابعة لاسم محمد وتشملها شهادته، كذلك يصح القول بأن أحدا من أتباع الأمة
الإسلامية إذا نال مقام النبوة التابعة لمحمد ، وذلك بحسب نبوءته ، فإن اسم محمد وشهادته أيضا يغطيانه، وهذا الاستدلال ليس نابع من الذوق فقط، بل مبني على الحقائق الثابتة التي لم يصل إليها فهم المشايخ القصير مع الأسف الشديد. ونوضح هذه النقطة العميقة أكثر فيما يلي. إن تصديق محمد المصطفى يتطلب ويتضمن التصديق بالأنبياء الآخرين بما فيهم المسيح الموعود، ذلك لأن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي فرض على المؤمنين به أيضا الإيمان بجميع الأنبياء الآخرين، لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي فرض على المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا أيضا بجميع الأنبياء الآخرين، وهذه في الحقيقة إحسان ومنة عظيمة لسيدنا محمد على جميع الأنبياء، حيث اصبح مصدقا لهم بغض النظر عن أماكن ولادتهم وعصور بعثتهم ، وسيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الوحيد بين الأنبياء الذي نال هذا المقام والامتياز. ولقد حاول مصنف كتاب "كلمة الفصل" أن يفهم المعترض هذه النقطة ذات الأهمية، أي أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم نبي ذو شأن عظيم وأن تصديق اسمه يتضمن تصديق الأنبياء. والفرق بيننا وبينكم أنكم تقولون بأن تصديق المصطفى يتضمن تصديق جميع الأنبياء السابقين فقط، ولكننا نؤمن بأن المسيح الموعود والمهدي المعهود كونه "نبيا من "الأمة" أيضا يدخل في تصديق محمد . فالذي نطق بكلمة الشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ، أصبح في غنى عن شهادة أخرى للإيمان بالمسيح الموعود ، لأنها تتضمن شهادات التصديق للأنبياء الآخرين أيضا. وعلى سبيل المثال، يوجب الإيمان بمحمد ، علينا أن نؤمن بإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والرسل، ولكننا لسنا بحاجة لأن نقول "لا إله إلا الله إبراهيم رسول الله" أو "لا إله إلا الله موسى رسول الله" وإلخ .. كذلك تماما، ليس على الأحمديين أن يشهدوا شهادة منفصلة وعلى حدة عند الإيمان بالمسيح الموعود عليه السلام ، وكما أسلفنا كانت هذه النقطة ذات الأهمية هي التي حاول مؤلف كتاب "كلمة الفصل" أن يفهمها المعترض خاصة والناس عامة، ولكنه نسي أن هناك بعض الأغبياء المتعصبين أيضا الذين لا يقبلون هذه النقاط بحسن النية، بل دائما يظلون بالمرصاد كي يجعلوه عرضة للانتقاد، ولا يهمهم إذا كان الاعتراض صحيحا أم لا، والشيخ اللدهيانوي واحد منهم.
أيها الشيخ، عليك أن تدرك ما نحاول تفهيمك إياه، وأن تتوب إلى بارئك، فإن هذه العقيدة، كما أسلفنا، مبنية على القرآن الكريم والحديث الذين يقولان بأن سيدنا محمد مصدق لجميع الأنبياء. وهذا هو أهم تفسير من تفاسير كلمة "خاتم النبيين". فمن صدق محمد وآمن به فقد صدق جميع الأنبياء، بغض النظر إن جاءوا قبله أو بعده.
وبعد هذا الإيضاح، إذا أراد الشيخ أن يختار طريق التمرد وأسلوب العناد، فلا حاجة أن نتحدث معه. لقد أتممنا الحجة عليه.
وبعد هذا البحث والنقاش، أصبحت الصورة واضحة كالشمس، بأنه ليس للجماعة الإسلامية الأحمدية كلمة شهادة منفصلة، وأن كلمة الشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" حاوية على جميع الأنبياء، وبها يصدق الإنسان بعثهم وهذا هو إيماننا، وقد اعترف أغلب معارضي الأحمدية بإيماننا وعقيدتنا هذه.
ولكن عقيدة الشيخ اللدهيانوي عقيدة ملحدة. وربما لأجل ذلك
اختار معلمه و مرشده كلمة شهادة منفصلة، واحتاج مريدوه أن يهتفوا: أشرف علي، رسول الله" (والعياذ بالله).
إن تفسيره للاقتباس المذكور، تفسير مضل، افترى به على الجماعة الإسلامية الأحمدية وظلمها ، ومثل افترائه كمثل رجل يفتري على صلحاء الأمة المحمدية بسبب عقائدهم التالية، مستنبطا منها معنى الكفر والإلحاد !!
١: لقد كتب حضرة شاه ولي الله ، رحمة الله عليه) في كتابه "الخير الكثير" على ضوء القرآن المجيد والأحاديث عن ظهور الإمام المهدي ما نصه: "حق له أن ينعكس فيه أنوار سيد المرسلين. ويزعم العامة أنه إذا نزل في الأرض كان واحدا من الأمة كلاً، بل هو شرح للاسم الجامع المحمدي ، ونسخة منتسخة منه، فشتان بينه وبين أحد الأمة." (الخير الكثير،ص ٧٣، لحضرة شاه ولي الله.
٢: كما ورد في شرح فصوص الحكم عن الإمام المهدي ما نصه: "المهدي الذي يجيء في آخر الزمان، فإنه يكون في أحكام الشريعة تابع لمحمد وفي المعارف والعلوم الحقيقة تكون جميع الأنبياء والأولياء تابعين له كلهم، ولا يناقض ما ذكرناه لأن باطنه باطن محمد ".
(شرح فصوص الحكم للإمام عبد الرزاق القاشاني، الطبعة الثانية ١٩٦٦م مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر).
٣: وكتب المجتهد الشيعي الشهير في القرن الحادي عشر، العلامة باقر مجلسي في كتابه "بحار الأنوار" عن الإمام الباقر ما يلي: "يقول المهدي: يا معشر الخلائق، ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل . ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع فها أنا ذا موسى ويوشع. ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد وأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فها أنا ذا محمد وأمير المؤمنين.".
(بحار الأنوار مجلد ۱۳ ص ۲۰۲.
والمراد هنا من أمير المؤمنين هو سيدنا علي.
وعندما يتحدث سيدنا المسيح الموعود عن مقامه، أي المهدي المعهود والمسيح الموعود حسب النبوءات المذكورة، فإن الشيخ اللدهيانوي وأمثاله يجعلونه عرضة لاعتراضاتهم. فيا ليت هؤلاء المعترضون درسوا القول المذكور للإمام الباقر (رحمة الله عليه) قبل الاعتراض على سيدنا أحمد.
٤ : وقال العارف الرباني السيد عبد الكريم الجيلاني: "المقصود منه الإمام المهدي ذلك الرجل الذي يكون صاحب المقام المحمدي والذي يستوي في اعتدال على قمة الكمال في كل شيء." (الإنسان الكامل، "مترجم باللغة الأردية باب ٦١ في ذكر المهدي عليه السلام ص ٣٧٥، نفيس أكادمي كراتشي).
5: وقال حضرة خواجة غلام فريد رحمه الله: "سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بارز من آدم عليه السلام إلى خاتم الولاية الإمام المهدي. لقد برز في المرة الأولى في آدم عليه السلام ... ثم كان يبرز في المشايخ العظام نوبة بعد نوبة. وسيبرز في الإمام المهدي. وخلاصة القول أن جميع الأنبياء والأولياء والأقطاب الذين جاءوا منذ آدم الليل إلى الإمام المهدي كانوا مظاهر لروح محمد ." (مقابيس المجالس ص ٤١٩، إرشادات الخواجة غلام فريد المرتب: محمد ركن الدين. الناشر : إسلامك بك فاونديشن، باکستان، سنة ١٩٧٩م).
شريعة جديدة:
اتهم الشيخ اللدهيانوي الجماعة الإسلامية الأحمدية بأنها صنعت شريعة جديدة وقالت عن المسلمين أنهم "كفار".
الحق أنه لا أساس لهذا الاتهام بتاتا مثل الاتهامات الأخرى. إن أفراد الأحمدية متواجدون في ١٥٠ دولة -أما الآن في عام ٢٠٠٦م فقد توطدت الجماعة بفضل الله تعالى في ١٨٢ قطرا من أقطار العالم. (الناشر) - ، ولا يستطيع أحدا من معارضينا أن يثبت صدق هذا الاتهام في واحدة من هذه الدول. وإنما يحاول المشايخ الأشرار في باكستان فقط أن يصنعوا شريعة جديدة للأحمديين. فالاختلاف الأساسي بيننا وبينهم أنهم يضغطون هناك على أفراد الجماعة بشدة كيلا يعملوا حسب الشريعة المحمدية. ولكن الأحمديين ليسوا مستعدين للانفصال عنها قيد شعرة، ويتمسكون بها بكل قوة صابرين على المشاكل والاضطهاد. وبسبب هذا التمسك الشديد بالشريعة المحمدية، حبس مئات الأحمديين في السجون، وضربوا ضربا مبرحا، وطردوا من الوضائف وأخرجوا من المدارس والكليات، واغتيلوا وقتلوا. وبالرغم من هذا كله ، لم يزيغوا عن شريعة محمد . وهذا ما يغيظ المشايخ ويؤلمهم. فإذا كانت للجماعة الإسلامية الأحمدية شريعة أخرى غير شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم حسب زعمهم، فلماذا أرغم المشايخ الحكومة الباكستانية على سن قانون لمنع الأحمديين من العمل بشريعة محمد المصطفى ؟!!
إذا، لا يقصد الشيخ اللدهيانوي من اعتراضه هذا إلا إثارة الفتنة والفساد، لأنه يعرف جيدا بأنه ليست هناك شريعة للجماعة الإسلامية الأحمدية سوى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولقد افسد هذا الشيخ وأمثاله عاقبتهم. ونرجوا من عامة الناس أن لا يخربوا عاقبتهم بالانجرار وراءهم.
وأما عقيدة مؤسس الجماعة بهذا الشأن، فنذكرها في ما يلي لتتضح حقيقة افترائهم. قال سيدنا أحمد عليه السلام مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية ما تعريبه:
1: "إننا نعلن بأنه لكافر من يحيد قيد شعرة عن شريعة محمد المصطفى . وما دمنا نؤمن أنه كافر من خرج من تبعية سيدنا محمد المصطفى ، فما بالك بالذي يدعي بأنه جاء بشريعة جديدة، أو غير شيئا من القرآن المجيد، أو من سنة رسول الله ، أو ألغى ونسخ أمرا منها؟ وحسب عقيدتنا ليس المؤمن إلا من يتبع القرآن الكريم بصدق، ويؤمن بأن القرآن هو خاتم الكتب ، ويؤمن بأن شريعة محمد سوف تضل إلى الأبد، ولن يتغير منها مثقال ذرة ، ويفني وجوده في اتباعها ويضحي بكل ذرة من كيانه في هذا السبيل ، ولا يخالفها لا بالاعتقاد ولا بالعمل. وهذا الذي يكون مسلما صادقا.." .
(صحيفة "الحكم" ٦ مايو "أيار" ۱۹۰۱م ص ٥).
2: إني أؤكد لجميع المسلمين، بأنني لا أختلف عنهم في أي حكم من الأحكام. وكما أن جميع المسلمين يعتقدون بأن الأحكام البينة في القرآن المجيد والأحاديث الصحيحة، والقياسات المسلمة من المجتهدين ، لا بد من العمل بها ،كذلك هي عقيدتي."
(الحق لدهيانه ص ۸۰ الخزائن الروحانية ج٤ ص ٨٠).
3: الحق أقول : من نقض أصغر وصية من السبع مئات
من وصايا القرآن، فإنه بيديه يسد على نفسه باب النجاة. القرآن فاتح
لسبل النجاة الحقة الكاملة، وأما ما سواه من الصحف فما هي إلا أظلاله. لذلك ، فقرءوا القرآن بتدبر وأحبوه حبا ما أحببتم أحدا مثله ..."
(سفينة نوح ص ٣٥ الخزائن الروحانية ج ۱۹ ص (٢٦).
4: "ألا إن ينبوع فرحتكم ونجاتكم لفي القرآن. وما من حاجة من حاجات دينكم إلا وتوجد في القرآن، وسيكون القرآن مصدقا أو مكذبا لإيمانكم يوم القيامة ، ولا يوجد تحث أديم السماء من كتاب يستطيع أن يهديكم بلا واسطة القرآن. إن الله قد أحسن بكم إحسانا عظيما، إذا أعطاكم كتاب كمثل القرآن.." .
(سفينة نوح ص ٣٥ ، الخزائن الروحانية ج ١٩ ص ٢٦).
..... وأقسم بالله جل شأنه بأني لست كافرا، وعقيدتي هي "لا إله إلا الله محمد رسول الله إني أؤمن بكون سيدنا محمد المصطفى "رسول الله وخاتم النبيين". وتأكيدا لكلامي أستطيع أن أقسم بالله بقدر أسمائه تعالى وبقدر حروف القرآن، وبقدر كمالات محمد المصطفى التي هي في علم الله، ليست عندي أية عقيدة أبدا تخالف كلام الله وكلام الرسول . ومن يزعم عني غير ذلك فهو خطأ منه هو. وبعد هذا التصريح والبيان، فالذي يحسبنى "كافرا" ولا يجتنب عن تكفيري عليه أن يعرف معرفة يقينية بأنه سيسأل عند الله سبحانه وتعالى. إنني أقسم بالله جل شأنه بأنني أؤمن بالله سبحانه وتعالى وبمحمد بحيث لو وضع إيمان جميع الناس الموجودين في هذا العصر في كفة من الميزان، ووضع إيماني في الكفة الثانية ، لرجحت كفة إيماني بفضل الله تعالى " كرامات الصادقين ص ٢٥ ، الخزائن الروحانية ج ٧
ص ۲۷).
وأما تهمته القائلة بأن الأحمديين يعتبرون المسلمين الآخرين كفارا، فقد ارتكب الشيخ اللدهيانوي جريمة الخيانة في اختلاقها أيضا، وحاول أن يقنع الناس، بأن طائفة الديوبندية تعتبر جميع فرق المسلمين وجماعاتهم مسلمة، ولكن الجماعة الإسلامية الأحمدية تعتبرهم غير مسلمين، لقد اعترض على بعض المقتبسات من مؤلفات الجماعة الإسلامية الأحمدية وجعلها عرضة للانتقاد.
فأولا، نعرض بين يدي القارئ فتوى التكفير أو اقتباسات منها أصدرها هؤلاء المشايخ وأسلافهم الآخرين، وذلك بلغة قاسية ولهجة متشددة لا وزن أمامها لما في مؤلفات الجماعة الإسلامية الأحمدية من شدة. فإذا رفعت سيف الاعتراض علينا، أيها الشيخ، فعليك أن تتهجم به أولا على علماء طائفتك ومرشديها.
وثانيا، على القارئ أن يأخذ في الحسبان بأن هؤلاء المشايخ لم يتركوا في فتاواهم وآرائهم منفذا ، فلم يكتفوا بتكفير الفرق الأخرى بكلمات مثل كافر مشرك فحسب، بل قالوا إنهم أسفل من البهائم ، والأنعام، وأولاد الزنا والفحش.
أ ـ ونأخذ على سبيل المثال ما قاله علماء الطائفة الديوبندية التي ينتمي الشيخ اللدهيانوي إليها ، فقد أصدروا "حكما شرعيا" عن الطائفة البريلوية الذين يؤمنون بأن الرسول الله كان يعلم الغيب وجاء فيه: "إذا حاول شخص نسبة الغيب إلى غير الله وضن أن علمه مثل علم الله، فهو كافر بدون شك. وحرام إمامته في الصلاة، وحرام على المسلمين أن يلتقوا به، ويظهروا له محبة ومودة."
(الفتاوى الرشيدة الكاملة المبوبة من المولوي رشيد أحمد الجنجوهي ص ٢٦. الناشر: محمد سعيد وأولاده، تجار الكتب، قرآن محل، أمام مولوي مسافر خانة، کراتشي ٨٣، ١٨٨٤م).
ب: وأخبر العالم الشهير للطائفة الديوبندية الشيخ حسين
سيد أحمد مدني المدير السابق لدار العلوم في ديوبند، عن زعيم الطائفة البريلوية وأتباعه قائلا: "سوف يطرد محمد المصطفى الدجال البريلوي وأتباعه مثل الكلاب من الحوض ومن شفاعته المحمودة، قائلا: سحقا لكم سحقا، وسوف يحرمون من أجر الأمة المرحومة ومن ثوابها ومنازلها ونعيمها.".
(رجوم) المذنبين على رؤوس الشياطين المشهور بالشهاب الثاقب على المستسرق الكاذب ص ١١١. المؤلف: مولوي سيد حسين أحمد مدني، الناشر: دار الكتب العزيزة، مدينة ديوبند، سهار نبور، الهند).
ج وأصدر السيد ولي حسن تونكي، والسيد محمد يوسف البنوري فتوى مشتركة عن زعيم الطائفة البرويزية جاء فيها: "السيد غلام أحمد برويز كافر وخارج عن دين الإسلام بموجب الشريعة المحمدية. فلأجل ذلك ، لا يجوز لسيدة مسلمة أن تظل في نكاحه، كما لا يجوز أن تنكحه، ولا تصلى عليه صلاة الجنازة، ولا يدفن في مقابر المسلمين. وهذه الفتوى لا تنطبق على "برويز" فحسب، بل تجري على كل كافر وكل متبعيه الذين يعتقدون بعقائد الكفار. وما دام مرتدا ، فلا يجوز شرعا إقامة العلاقات الإسلامية معه." .
(الفتاوى الصادرة من الشيخ ولي حسن تونكي مفتي ومدرس في المدرسة العربية الإسلامية، نيو تاون كراتشي، ومحمد يوسف البنوري شيخ الحديث في المدرسة العربية الإسلامية، كراتشي).
د- ونبه المشايخ عامة المسلمين من الشيعة بهذه اللهجة المتشددة: "إن الحكم القطعي والإجماعي عن هؤلاء الرافضين الشيعة أنهم كفار ومرتدون بوجه عام، وذبيحتهم هي بمثابة جيفة. والنكاح معهم ليس حراما فحسب، بل يعتبر زنا. وإذا كان الزوج "رافضيا" وزوجته مسلمة فهذا من السخط الإلهي .الشديد وإذا كان الزوج مسلما سنيا والزوجة من هؤلاء الخبثاء ، فأيضا لا يعتبر نكاحا بل يعتبر زنا، وأولادهما يعتبرون أولاد زنا، ولن يرثوا شيئا من تركة والدهم وإن كانوا هم من السنيين، لأنه بحسب الشريعة ليس لأبن الزنا أب. كذلك الزوجة لا تتحصل على شيء من تركته ولا من المهر، لأن الزانية لا مهر لها. والرافضي لا يرث من تركة أقاربه ولو كان والده أو والدته أو أبنه أو بنته. ولا يجوز للرافضي أن يحصل على شيء من قريب له ولو كان سنيا أو كافرا ولا من أهل ملته الرافضة، وحرام أشد الحرمة على المسلم أن يتكلم أو يسلم على أحد منهم، ذكرهم أو إناثهم، عالمهم أو جاهلهم. والذي يحسبهم مسلمين بعد الإطلاع على عقيدتهم الملعونة، أو يشك في كفرهم، فهو أيضا كافر وملحد لدى جميع أئمة الدين بالإجماع، وتنطبق عليه نفس الأحكام المذكورة، وواجب على المسلمين أن يستمعوا لهذه الفتوى بأذن صاغية، ويعملوا بموجبها لكي يكونوا سنيين صادقين." .
(فتوی مولانا شاه مصطفی رضا خان مأخوذة من كتيب "رد" "الرافضة ص ٣٢. الناشر : دار الكتب نوري، البازاردتا صاحب، لاهور مطبعة جلزار عالم ١٣٢٠هـ).
ذ- وقالوا: "الرافضون عامة ينكرون ضروريات الدين في العصر الحاضر، وأصبحوا مرتدين بشكل قاطع. فلا يجوز أن ينكح أحد من المسلمين من نسائهم أو يزوج بنته مع أحدهم. ومثلهم كمثل الوهابيين والقاديانيين والديوبنديين والدهرييين والجكرالويين الذين أصبحوا مرتدين. والذي يتزوج من بناتهم أو التي تتزوج من شبابهم أين ما يكون في العالم ، فزواجه باطل ويعتبر زنا خالصا."
(الملفوظ، الجزء الثاني ص ۹۷ و ۹۸ . المرتب المفتي الأعظم للهند).
وإليكم الآن فتوى علماء العرب والعجم عن الطائفة
الديوبندية ، طائفة اللدهيانوي: "إن طائفة الوهابية الديوبندية أصبحت مرتدة وكافرة بشكل قاطع، لأنها أهانت جميع الأولياء والأنبياء ، وحتى حضرت سيد الأولين والآخرين ، بل ارتكبوا إهانة في ذات الباري سبحانه وتعالى. ولقد وصل ارتدادهم وكفرهم إلى أشد الدرجات حتى إذا شك أحد في ارتدادهم و كفرهم أدنى شك ، فقد أصبح مرتدا وكافرا مثلهم. والذي يشك في كفر هذا المتشكك ، فهو أيضا مرتد وكافر. وما على المسلمين إلا اجتنابهم والاحتراز عنهم، والصلاة طبعا حرام وراءهم ، ولا يسمح لهم أن يصلوا وراءكم. لا تسمحوا لهم بالدخول في مساجدكم، ولا تأكلوا ذبيحتهم، ولا يشارك أحد في أحزانهم ولا في جنازاتهم ، ولا تسمحوا لهم أن يدفنوا موتاهم في مقابر المسلمين. وخلاصة القول : يجب اجتنابهم كليا .
(المعلن محمد إبراهيم البهاغلفوري ص ٦٣، الناشر الشيخ شوكت حسين، مطبعة برقي، هيوت رود، لكنهة، الهند).
هذه هي خلاصة الفتاوى التي أصدرها علماء أهل السنة. وهؤلاء العلماء ليسوا فقط من الهند، بل حينما ترجمت بعض كتابات الطائفة الديوبندية وعباراتها وأرسلت إلى علماء أفغانستان، خيوا وبخارى إيران ،مصر، بلاد الروم الشام، مكة المكرمة المدينة المنورة والكوفة وبغداد.. أفتى علماء هذه الديار جميعهم نفس الفتوى. وقالوا بأن هذه العبارات تهين الله سبحانه وتعالى والأولياء والأنبياء، فلأجل ذلك فإن الطائفة الوهابية الديوبندية أشد الناس ارتدادا وكفرا.
"المعاملة اللينة" مع الأحمديين:
لقد ذكر الشيخ اللدهيانوي في كلمة بأننا نعامل الجماعة
الإسلامية الأحمدية بلطف، و لم نضع عليهم قيودا ولا موانع !! أين تعيش يا شيخ؟ في أية منطقة من باكستان أنت تسكن؟ فبسبب مساعي المشايخ أمثالك، كان الدكتاتور ضياء الحق وضع قيودا متعددة على جماعتنا، ولا تزال مستمرة إلى اليوم، وفي ما يلي قائمتها:
ممنوع على الجماعة الإسلامية الأحمدية أن تستعمل الاصطلاحات الإسلامية، وعلى سبيل المثال:
ممنوع على أفرادها أن يرفعوا الآذان وقت الصلوات في مساجدهم.
ممنوع عليهم إظهار عقائدهم.
ممنوع عليهم أن يبلغوا أو ينشروا عقائدهم.
ممنوع على الأحمدي قول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
ممنوع على الأحمدي أن يكتب في بيته أو في دكانه أية آية قرآنية.
ممنوع على الأحمدي أن يقول "بسم الله الرحمن الرحيم"، أو يقول: "السلام عليكم".
وكثير غيرها من قيود، نشرت بالتفصيل في مرسوم تشريعي ضد الأحمديين. وذلك المرسوم مطبوع ومنشور ويعرفه كل صغير وكبير في باكستان.
فثبت من كلام الشيخ هذا بأنه يكذب متعمدا، لأنه يشاهد أمامه المرسوم التشريعي بخصوص القيود على الأحمديين ويتجاهله. فالشيخ الذي ينكر وجود هذا المرسوم التشريعي المنشور في الجرائد والكتب من السهل جدا معرفة مدى اعتدائه وإيذائه ضد خصومه، وإنه وزملائه يرتكبون نفس الظلم مع كتابات مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية.
بقي أن نذكر بعض التفاصيل عن المظالم والاضطهادات التي تصب على أفراد جماعتنا في باكستان. إن الصحف الباكستانية تنشر الأخبار كل يوم تقريبا عن هذه المظالم والاضطهادات. وفي هذه العجالة، نرجو من القارئ الكريم أن يقرأ هذه الإحصائيات التي نشرتها الصحيفة اليومية "نوائ الوقت (نداء الوقت) التي تذكر أحداث وثلاث مائة أحمدي بسبب مخالفة القيود وذلك من سنة ١٩٨٤م حتى سنة ۱۹۸۸م. مع العلم أن العدد الواقع أكثر بكثير من هذا. وبعد عام ۱۹۸۸م قد تفاقم هذا العدد، وهذه ليست من صحف جماعتنا، بل ينشرها معارضونا:
۱۲۵ أحمديا سجنوا بسبب قولهم انهم مسلمون.
٥٨٨ أحمديا سجنوا لأنهم علقوا شعار كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
١٧٨ أحمديا سجنوا لأن كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"
كانت مكتوبة على مساجدهم.
٢٠٤ أحمديا سجنوا لأنهم رفعوا الآذان في مساجدهم.
٨٦ أحمديا سجنوا لأنهم استعملوا الشعار الإسلامي مثل قول "بسم الله" أو "السلام عليكم" وغيرها.
١٤٢١ أحمديا اعتقلوا بسبب مخالفة القيود المذكورة ورفعت
قضاياهم في المحاكم. -هذه بعض إحصائيات من عام ۱۹۸۸ ، أما الآن في عام ٢٠٠٦م، فقد زاد هذا العدد بكثرة كثيرة جدا.-
(صحيفة "نوائي وقت" ۱۱ سبتمبر أيلول" ۱۹۸۸م).
هذه التفاصيل يعرفها حتى عامة الناس في باكستان، ولكن الشيخ لتعوده على الكذب والافتراء يتشدق قائلا: لم نضع عليهم أي قيود. إذا كان الأمر كذلك، فنرجو من الحكومة الباكستانية أن هذه تنزع التسهيلات المزعومة من الأحمديين وتمنحها لهؤلاء المشايخ ومتبعيهم لطفا وكرما بهم.
غناء لا تغنيه السماء:
قال الشيخ اللدهيانوي ناصحا للمستمعين:
قتضي غيرتنا أن لا يبقى ولا قاديانى واحد حيا في العالم... فيجب عليكم على الأقل أن تقاطعوهم مقاطعة كاملة ، فلا نتحمل وجودهم في مجالسنا ومحافلنا أبدا." (ص ۲۱ و ۲۲).
هناك مثل باللغة الإنجليزية The cat is out of the bag).. "لقد خرجت الهرة من الحقيبة".
لقد فهمنا الآن ماذا يعني الشيخ من قوله "المعاملة اللينة" !! تقتضى غيرتك، بأن لا يبقى فرد واحد منا حيا، وتتمنى بنفسك أن تقضوا علينا، ولكنا نخبرك بأن أمانيك هذه معاكسة تماما للمشيئة الإلهية، وينطبق عليكم ما قاله سيدنا أحمد المسيح الموعود عليه السلام في بيت شعر له ومعناه:
"هؤلاء المشايخ يغنون غناء لا تغنيه السماء"،
إنهم يريدون ما لا يريده الله سبحانه وتعالى. فمن عجيب قدرة الله أنه كلما حاول المشايخ والعلماء أمثالك أن يقضوا على الجماعة الإسلامية الأحمدية قضاء نهائيا ، كلما كتب الله سبحانه وتعالى لها ازدهارا فوق تصورنا. فمثلا حينما أعلن "سيدك" الدكتاتور ضياء الحق: "أنا وحكومتي مصممون على استئصال سرطان الأحمديين من العالم كله..".. كانت جماعتنا متواجدة ومستقرة في ٩٠ دولة فقط،
وبعد إعلانكم عن نواياكم الكريهة بلغ هذا العدد إلى ١٣٠..
أيها الشيخ إذا كنت تقيا ورعا خادما للإسلام كما تدعي، وإذا كانت الجماعة الإسلامية الأحمدية كاذبة حسب قولك، فلماذا يخيبك الله سبحانه وتعالى خيبة بعد خيبة ويكتب لنا ازدهارا وتقدما وانتشارا
!!
افتراء آخر:
وافترى الشيخ اللدهيانوي بأننا نحن المسلمين الأحمديين نكفر كل
المسلمين الذين خلوا حتى الآن منذ فجر الإسلام!! إنه كذب شنيع وافتراء مبين، ولعنة الله على الكاذبين. فجماعتنا لم تقل ولن تقول كما يتهمها الشيخ ، كما أنها لا تؤيد الفرق التي تكفر بعضها بعضا، وكل ما تقوله هو أن مرزا غلام أحمد القادياني إذا كان إماما مهديا صادقا، فكل الذي لا يؤمن به هو كافر به لدى الله سبحانه وتعالى. ولقد أسس هذه الجماعة سنة (١٣٠٦هـ ۱۸۸۹م)، فكيف يجوز لجماعتنا أن تكفر المسلمين الذين كانوا قد خلوا قبل تأسيسها؟ هل يعقل هذا؟ أما المسلمون الذين خلوا من قبل فنكتب عنهم فيما يلي قسما من تعليمات سيدنا أحمد المسيح الموعود عليه السلام مؤسس الجماعة. ونبدأ ببيت شعري بخصوص سيدنا محمد المصطفى وأهل بيته. قال باللغة الفارسية ما تعريبه:
"روحي وفؤادي فداء الجمال محمد . وأتمنى أن أكون ترابا في أزقة آل محمد ".
الدرر الثمينة بالفارسية ص ۸۹، الناشر: نظارة الإصلاح والإرشاد، ربوة، باكستان).
وقال عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن جماعة محمد المصطفى لقد اتحدت وتوحدت في الروحانية لأجل نبيهم بحيث أصبحوا حقا كعضو واحد في الأخوة الإسلامية، وتسربت فيهم أنوار النبوة في معاملاتهم وحياتهم اليومية وفي ظاهرهم وباطنهم تسربا كأنهم جميعا صورة عكسية لسيدنا محمد ." (فتح إسلام ص ۳۵ الخزائن الروحانية ج ۳ ص ٢١).
وقال عن الأئمة الاثنى عشر:
"إن الأئمة الاثني عشر كانوا من الشخصيات المقدسة والصالحة،
وفتحت عليهم أبواب الكشف.
إزالة أوهام، الجزء الثاني ص ٤٥٧، الخزائن الروحانية ج ٣ ص ٣٤٤).
وقال عن الأئمة الأربعة:
إن الأئمة الأربعة كانوا بمثابة أربعة جدران للإسلام"
(صحيفة ،بدر ٣ نوفمبر ١٩٠٥ م ص ٤.
وقال عن صلحاء الأمة:
ومنذ عصر سيدنا ومولانا محمد المصطفى وإلى يومنا هذا، قد بعث الله في الإسلام أوليائه في كل قرن، ليظهر بواسطتهم الآيات والمعجزات التي يهتدي بها أصحاب الأديان الأخرى، كأمثال السيد عبد القادر الجيلاني، أبو الحسن الخرقاني، أبو يزيد البسطامي، جنيد البغدادي، محي الدين بن عربي ذو النون المصري، معين الدين جشتي الأجميري، قطب الدين بختيار كاكي فريد الدين الباك بتني، نظام الدين الدهلوي، شاه ولي الله الدهلوي، الشيخ أحمد السرهندي، رضي عنهم ورضوا عنه، ويصل عدد هؤلاء الصلحاء الآلاف. وآياتهم ومعجزاتهم مدونة في كتب العلماء الأفاضل بكثرة بحيث إذا درسها أي معاند للإسلام ، فلا بد له من الاعتراف بأن هؤلاء الأقطاب كانوا أصحاب المعجزات والخوارق. والآيات السماوية التي ظهرت ولا تزال تظهر بواسطة أولياء الأمة في الإسلام لتأييد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإظهار صدقه، لن نجد لها مثيلا في الأديان الأخرى."
(كتاب البرية ص ٧٣ و ٧٤, الخزائن الروحانية ج ۱۳ ص ۹۱ و ۹۲).
وأضاف قائلا:
صلحاء الأمة الذين كانوا في العصور الوسطى كانوا كنهر
عظيم، برغم طوفان البدعات، الذي كان في عصورهم."
(تحفة غولروية ص ۸۱، الطبعة الأولى).
مثال بشيع:
حاول الشيخ أن يثبت صدق كذبه بمثال بشيع، على حد تعبيره
هو أيضا، وقال: "كان لرجل عشرة أولاد ، ولم يزل طوال حياته يقول بأن هؤلاء أولادي، وبعد وفاته ، قام رجل مجهول مدعيا بأنه هو ابنه الحقيقي، وأن هؤلاء الأولاد العشرة هم أولاد غير شرعيين." وأضاف قائلا: "كان مسلمو ثلاثة عشر قرنا أولادا روحانيين لسيدنا محمد ، ولكن في بداية القرن الرابع عشر قام مرزا غلام أحمد القادياني وادعى أنه الابن الروحاني الوحيد لسيدنا محمد . وبقية المسلمين كفار ..."
أيها الشيخ! لقد أثبتت بنفسك بهذا المثال البشع أنك مجرد من العقل كلية. لقد وقعت في الشبكة بتقديم هذا المثال، ولا تستطيع الخروج منها. ومن أسلوبك هذا ، أظهرت بأنك لا تعرف القرآن الكريم ولا أحاديث رسول الله و السنة النبوية، ولا أقوال أولياء الله إنما تحب أن تتهجم ولكن ألا تعرف على من؟ وماذا تكون النتيجة؟ عند بحث المسائل الدينية كان عليك أن تشعر بالخجل بتقديم هذا المثال البشع، اللغو عن عشرة أولاد ! فمثالك هذا يظهر جليا ما في نفسك من خبث. ألا تعرف ما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: "ستتفرق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة.
(جامع الترمدي، أبواب الإيمان، باب افتراق هذه الأمة.
أنت تتحدث عن عشرة أولاد، ولكن سيدنا محمد يذكر أن أمته تفترق على ۷۳ فرقة، ويقول: "كلهم في النار إلا ملة واحدة وشقي جدا ذلك الذي سوف يعلق على هذا الحديث قائلا كان لدى رجل ۷۲ ابنا ، وكان يقول عنهم: هؤلاء أولادي، وبعد وفاته ، قام واحد من المجاهيل ، وقال أنا ابنه الحقيقي. هذا، وتعرف أن كل فرقة من فرق الملة المحمدية تدعي بأنها الفرقة الناجية وغيرها على الخطأ، بل كافرة أشد الكفر. ولا نقول لك إلا ما قال حبيبنا المصطفى : "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت."
(مشكوة المصابيح، باب الرفق والحياء وحسن الخلق).
تعليقات
إرسال تعليق