ويتابع سفر نبوءة حزقيال وصف هول الهلاك الذي سيوقعه الله على يأجوج ومأجوج فيقول:
وأنت يا ابن البشر هكذا قال السيد الرب قل لطائر كل جناح ولكل وحش الصحراء اجتمعي وهلمي احتشدي من كل جهة إلى ذبيحتي التي أنا ذابحها لك ذبيحة عظيمة على جبال إسرائيل فتأكلين لحماً وتشربين دماً إلى الشكر
من
1 - لعله المطر الملوث بالإشعاعات النووية والغازات السامة.
2
- لاحظ النار النازلة من السماء كالقذائف الممطرة.
- 167 -
ذبيحتي التي ذبحتها لك * وتشبعين على مائدتي من الخيل وركابها والجبابرة وكل رجل قتال يقول السيد الرب . * فأجعل مجدي في الأمم ويرى جميع الأمم حُكمي الذي أجريتُ ويدي التي مددتها عليهم.
ويتابع سفر حزقيال متنبئاً بهلاك دولة إسرائيل فيقول:
1
{ومن ذلك اليوم فما بعد يعلم آل إسرائيل أني أنا الرب إلههم * وتعلم الأمم أنهم إنما ذهبوا إلى الجلاء بإثمهم لأنهم تعدوا عليّ بإثمهم لأنهم تعدوا عليّ فحَجَبتُ وجهي عنهم وجعلتهم في أيدي مضايقيهم فسقطوا بالسيف جميعاً * على مقتضى نجاستهم ومعاصيهم صنعت بهم وحجبت وجهي عنهم.
من الواضح أنّ هذه النبوءات في سفر حزقيال في التوراة – الكتاب المقدس لدى اليهود والمسيحيين - إنما تصفّ الدمار الرهيب الهائل الذي سيؤدّي إلى هلاك قوى الدجال الحربية القتالية المسمّاة بيأجوج ومأجوج لاشتغالها بتأجيج نار الحرب والفتن بقيادة الدجال الذي هو في حقيقته القيادة الكهنوتية الدينية والسياسية لهذه القوى التي تشكل في مجموعها المسيح الدجال الذي رمز إليه
في الإنجيل (العهد الجديد باسم (الوحش)، إذ نقرأ في إنجيل يوحنا ما يلي: ورأيت الوحش وملوك الأرض وأجنادهم مجتمعين ليصنعوا حرباً مع الجالس
1 - أي أنهم لم يكونوا يؤمنون بالإله الحق الذي ينكشف لهم فقط في ذلك اليوم – يوم دمارهم. 2 - قارن بين الجلاء والهجرة من الصفحة السابقة!
3
4
- لاحظ النبوءة في كتابهم المقدّس بشمول هلاكهم . الله أعلم كيف سيكون! لاحظ وصف الكتاب المقدّس (التوراة) لليهود إنّ حجب الله تعالى لوجهه عن اليهود يعني هزيمتهم بسبب غضبه عليهم. راجع هذه النبوءات المتعلقة يأجوج ومأجوج في سفر حزقيال 38 و 39 وتفكر فيها جيداً وادرس الرموز التي فيها.
- 168 -
على الفرس الأبيض / لعلّها إشارة إلى الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام / ومع جنده فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه / يأجوج ومأجوج والدجال / الصانع قدامه الآيات / الفتن / التي بها أضل الذين قبلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته، وطرح الاثنان حَيّين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت، والباقون قتلوا بسيف الجالس على العرش الأبيض الخارج من وجميع الطيور شبعت من لحمه} - سفر الرؤيا 19: 19-21
فمه 1 2
ونقرأ عن فتنة المسيح الدجال في الإنجيل في سفر الرؤيا مايلي:
عن قوته وبطشه وعمله الفظيع الذي يستمد فيه القوة من إبليس.. فجميع الساكنين في مواضع نفوذه يخضعون له ويسجدون لربوبيته، وأكثر أتباعـه اليهود . سفر الرؤيا 13: 1-10 تتحدث هذه النبوءات في الكتاب المقدّس كما نرى عن حرب هائلة تحدث في الزمن الموعود يقضي بها الله على قوى المسيح الدجال الحربية (يأجوج ومأجوج بالنار والوباء والدمار والهلاك بجميع أشكاله، وينتهي بانتهاء اليهود الذين يحجب الله تعالى وجهه عنهم بسبب ظلمهم وجرائمهم التي جعلتهم نجسين في نظر الله تعالى على حد تعبير كتابهم المقدس.
لاحظ الرمز المتعلّق بالسيف الخارج من فم المسيح الموعود عليه السلام، وهو الحجة والبيان. تذكر هذا، لأننا سنذكره في موضعه بعد قليل حين نتحدث عن قتل الدجال. جاء في حديث رسول الله ص في الصحيح أن المسيح الموعود يقتل المسيح الدجال الذي يخرج من فمه لأنه لا يحل لكافر يجد نفسه إلا مات. ريح
2
3
بريح
نفسه
- جاء اللفظ نفسه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه عن الدجال فقال: وأكثر أتباعه اليهود.
- 169 -
ونقرأ في إنجيل لوقا الإصحاح (21 عن الأحداث العصيبة زمن الدجال
ونهايته كما يلي:
ستنقلب أمة على أمة ومملكة على مملكة وتحدث في عدة أماكن زلازل شديدة ومجاعات وأوبئة وتظهر علامات مخيفة وآيات عظيمة من السماء... وعندما ترون أورشليم محاصرة بالجيوش، فاعلموا أنّ خرابها قد اقترب. عندئذ ليهرب الذي في منطقة اليهودية إلى الجبال وليرحل من المدينة من هم فيها ، ولا يدخلها من هم في الأرياف فإنّ هذه الأيام أيام انتقام يتم فيها كل ما قد كُتب. ولكن الويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام، لأنّ ضيقة عظيمة سوف تقع على الأرض، وغضباً شديداً سينزل بهذا الشعب فيسقطون بحد السيف ويساقون أسرى إلى جميع الأمم وتبقى أورشليم تدوسها الأمم إلى أن تكتمل أزمنة الأمم. وستظهر علامات في الشمس والقمر والنجوم وتكون على الأرض ضيقة على الأمم الواقعة في حيرة، لأنّ البحر والأمواج تعج وتجيش، ويُغمى على الناس من الرعب ومن توقع ما سوف يجتاح المسكونة، إذ تتزعزع قوات السموات.
يوحنا 21 : 8 - 27
وكذلك نقرأ في أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قوم يأجوج ومأجوج هـم أمـة حرب وقتال بحيث يتحـصـن النـاس مـنهـم بالحصون، وأنهم أهل الرمي والقذائف التي يقذفونها إلى السماء، وأنهم يسعون إلى قهر أهل الأرض بحربهم وقذائفهم، ولكن الله يُهلكهم بالوباء الذي يقضي عليهم ويجعل دواب الأرض تأكل وتسمن من لحومهم ودمائهم وتشكر
شكراً. / مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة في صحيح الجامع .
- 170 -
ويبين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن هلاك أمة يأجوج
ومأجوج يكون بدعاء المسيح الموعود عليه السلام فيقول:
فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيُرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيُصبحون فرسى كموت نفس واحدة. ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم
2
وفي هذا نبوءة إلى انتشار الأوبئة الفتّاكة التي ستقضي على أعداد كبيرة من هؤلاء القوم. وربما هي إشارة إلى الحرب الكيميائية والجرثومية أيضاً.
ويُبيّن القرآن الكريم في مثال صاحب الجنتين الذي يرمز إلى الأمم المسيحية أصحاب الحضارة المادّية الغربية، بأن حسباناً من السماء سينزل عليهم فيدمر جنتهم وتصبح الأرض بسبب انتشار الدمار صعيداً زلقاً حيث يهزم الله راية الشرك والظلم، وينصر بأسباب من عنده راية التوحيد والعدل ويعمّ الإسلام الأرض بعدله وسلامه فلا يعود للأشرار القدرة على إيذاء أحد من الناس، ولذلك فقد بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ سلام الإسلام ينشر الأمان على الناس جميعاً فوصف ذلك الزمان قائلاً:
1
.. وتُرفع الشحناء والتباغض ، وتُنزع حمة كلّ ذات حمة، حتى يُدخل الوليد يده في الحيّة، فلا تضره، وتضرّ الوليدة الأسد فلا يضرّها، ويكون الذئب في الغنم كأنّه
- يُخطئ من يعتقد أنّ هبوط عيسى يعني نزوله من السماء وذلك بدليل أن أصحابه يهبطون معه، وهم ليسوا في السماء كما هو معلوم. صحيح مسلم عن النواس بن سمعان. وجاء في رواية قول عيسى عليه السلام: (فأدعو الله عليهم يُهلكهم ويُميتهم حتى تجوي الأرض من نتن ريحهم) - مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود .
- 171 -
كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يُعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها .. إلى آخر الحديث صحيح سنن ابن ماجة
ولاشك في أنه ما من عاقل يمكن أن يأخذ هذا الكلام بحرفيته فيعتقد أن الأفاعي والحيات السامة سوف تفقد ستمها زمن سلام الإسلام بحيث يُدخل الطفل يده في فمها فلا تلدغه ولا تضره أو أن يعتقد بأن الذئب في ذلك الزمان سيحرس الغنم ككلبها أو أنّ الأطفال سيلعبون مع السباع والوحوش والأسود فلا تؤذيهم، بل لا شكّ في أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد قصد بهذا البيان الرمزي أنه حتى الأفاعي والوحوش والذئاب من الناس لن يتمكنوا، زمن انتشار عدل الإسلام من إيذاء أحـد مـن النـاس لأن سلام
الإسلام سيكون قد بسط كفَّه الرحيمة العادلة فوق الناس جميعاً.
وهكذا فقد تبين لنا بالدراسة والتحقيق العلمي الموثق أن المسيح الدجال بقيادته الدينية والسياسية قد ظهر منذ مطلع القرن السابع عشر وأنه ما زال يعيث في الأرض فساداً وخراباً واستعماراً واستعباداً منذ ذلك الوقـت مستخدماً قدراته المادية وثرواته الهائلة وأسلحته الفتّاكة وقواه العسكرية الحربية القتالية الممثلة بيأجوج ومأجوج، وأنه ما يزال يسعى إلى أن يُحكم قبضته المدمرة على العالم أجمع داعياً إلى نظامه الجديد الذي يقيم فيه نفسه حكماً وحاكماً أوحد في العالم الذي يسيطر هو عليه بقدراته المادية الهائلة فيعطي من يشاء ممن يخضع له ويمشي في ركابه، ويمنع من يشاء ممن يأبى الخضوع له ويرفض ظلمه واضطهاده واستعباده.
- 172 -
ولكن، وكما تبين معنا أيضاً، فإنّ الله يأبى أن ينتصر هذا الوحش الهائل انتصاراً نهائياً فيجعل من نفسه ربّاً أوحد ظالماً يفرض عبادتـه علـى النـاس والعباد في الأرض كلّها، لذلك فقد قدّر عزّ وجلَّ منذ الأزل أن يُرسل بطل الإسلام والعدل والسلام ليقضي على هذا الوحش الأعور الدجال وينزع فتيل حربه وفساده ودماره وظلمه وطُغيانه، وذلك بنشر التوحيد الخالص والعدل المطلق والسلام الشامل من خلال نشر دين الله الإسلام الحق في جميع أقطار وأركان الأرض وأقاصيها، فلا يبقى لمجرم ولا ظالم أية قدرة على إيذاء أحد الناس ولا حتى الأطفال الضعاف.
بقي سؤال واحد: متى يكون هذا؟
من
من المعلوم جيداً أنّ هذا سيكون عندما تعمّ دعوة الإمام المهدي المنتظر والمسيح الموعود عليه السلام العالم كله، فتنشر الإسلام في الأرض جميعاً لتمتلئ عدلاً بعدما مُلئت ظلما وجوراً، ولا يكون في الأرض إلا الدين الحق.. دين السلام ، ليس لأمة أو مجموعة، بل للعالم أجمع.
وطالما أنه لابد أن يكون ظهور المسيح الموعود والمهدي المنتظر في زمن ظهور المسيح الأعور الدجال - الذي نرجو أن يكون قد تم البرهان في كتابنا هذا على أنه قد ظهر منذ زمن طويل - فإنّ السؤال المنطقي المحتم الذي يبرز
هنا هو :
فأين الإمام الموعود إذن ؟!
- 173 -
تم بحمد الله تعالى في 30 أيلول 1996
- 174 -
تعليقات
إرسال تعليق