الملفوظات
١٩٦
المجلد الأول الذرات والأرواح أزلية وقائمة بذاتها، فتركيب بعضها ببعض ليس إلا عملا أدنى،
ويمكن أن تتركب بنفسها.
كذلك حين يقول لنا الآريون أن من تعاليمهم أن إلههم يأمرهم في أن إلههم يأمرهم في كتابهم "الفيدا" بأن المرأة إذا لم تقدر على الإنجاب من زوجها، فعليها أن تضاجع رجلا أجنبيا لتنجب الأولاد، فماذا عسى أن يقال عن مثل هذا الإله؟ أو لو قالوا أن من تعاليمهم بأن الإله لا يعطي النجاة الأبدية أيًا من محبيه الصالحين، بل لا بد له عند القيامة الكبرى من إلقاء الناجين في دورة التناسخ مرة أخرى أو لو قالوا أن إلههم لا يعطي أحدًا أي شيء فضلا منه وكرما ، بل ينال كل إنسان نتائج أعماله فقط، فما الحاجة إلى مثل هذا الإله أصلا؟ باختصار إن الذي يؤمن بمثل هذا الإله يتعرض لندم شديد.
تصور الإله عند المسيحيين كذلك عندما يقول المسيحيون بأن إلههم هو يسوع، ثم يقولون أنه ضُرب على أيدي اليهود، وظل يُختبر على يد الشيطان ويقاسي آلام الجوع والعطش، وفي النهاية عُلّق على الصليب فاشلا، فهل من عاقل سيرضى بمثل هذا الإله؟
ذكرهم
باختصار، إن كل الأمم تتعرض للندم والخجل على هذا النحو عند آلهتهم، ولكن المسلم لا يلقى الندم عند ذكره إلهه في أي مجلس أبدا، إذ ليست هناك ميزة أو صفة حسنة إلا وتوجد في الإله الذي يؤمن به المسلم، وما من عيب ونقيصة إلا هو منزه عنها، كما نجده تعالى قد وُصف في سورة الفاتحة بالصفات الحميدة كلها.
باختصار قد ورد الحَمْدُ لِلَّهِ، إزاء إِيَّاكَ نَعْبُدُ . ثم قال الله تعالى: رَبِّ الْعَالَمِينَ . ومهمة الربّ التربية والتكميل، كما تربي
ولدها وتنظفه وتزيل عنه كل نوع من النجاسات والشوائب، وترضعه، وبتعبير تساعده. وقد ورد إزاء صفة رَبِّ الْعَالَمِينَ َقولُ الله تعالى ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.
آخر
الملفوظات
۱۹۷
المجلد الأول
ثم وردت صفة الرَّحْمَنِ. والرحمن مَن يعطي بفضله دون طلب أو عمل. وعلى سبيل المثال، لو لم تُخلق بهذه البنية التي خُلقنا بها لما استطعنا السجود ولا الركوع، ولذلك قيل مقابل الربوبية : وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . وكما أن الحديقة لا تنمو بغير الماء، كذلك لو لم يصلنا ماءُ فيض الله ولطفه لما استطعنا النماء والترقي. تمتص الشجرة الماء لأن في جذورها مَسامَّ ،وثقوبًا، ومعلوم في العلوم الطبيعية أن فروع الشجرة تجتذب الماء لأن فيها قوة الجذب وكذلك تكون في العبودية أيضا قوةُ الجذب التي تجتذب فيض الله وتمتصه. باختصار، قد ذُكرت صفة الرَّحْمَنِ مقابل اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، ومعناه أنه لو لم تحالفنا رحمانيتك، ولو لم تعطنا هذه القوى والقدرات، فأَنّى لنا أن نستفيد من فيضك هذا.
بالرحمانية يتيسر الهدى
فقد وردت اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ مقابل صفة الرَّحْمَنِ)، لأن ، لأن نيل الهداية
ليس حقا لأحد، وإنما يُنال هذا الفيض بمحض رحمانية الله. ثم جاء قول الله تعالى صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مقابل صفة الرَّحِيم، لأن الذي يقوم بهذا الدعاء ينال الفيض من نبع الرحيمية، وكأنه يقول : يا مجيب الدعوات برحمتك الخاصة، أرنا صراط الرسل والصديقين والشهداء والصالحين الذين حازوا منك إنعام أنواع المعارف والحقائق وصنوف الكشوف والإلهامات نتيجة عكوفهم على الدعاء والمجاهدات وتوصلوا إلى المعرفة التامة بمواصلة الدعاء والتضرع والأعمال الصالحة.
الله
والرحيمية تتضمن مفهوم تدارك النقصان حيث جاء في الحديث الشريف أنه لولا فضل الله لما نال أحد النجاة. كذلك يتبين من الحديث الشريف أن عائشة رضي عنها سألت النبي : وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فوضع يده على رأسه وقَالَ: وَلَا أَنَا.
الحكم، مجلد ٥ عدد ٣٣ يوم ۱۰-۹-۱۹۰۱ ص ۱-۲.
البخاري، كتاب الرقاق. (المترجم)
الملفوظات
۱۹۸
المجلد الأول
لقد اعترض المسيحيون الأغبياء على قول النبي الله هذا جراء جهلهم وقصور فهمهم إنهم لا يفقهون أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما عبّر بقوله هذا عن كمال كمال عبوديته الله تعالى مما جلب له ربوبية الله. لقد جربنا بأنفسنا مرارا، بل نرى ذلك دائما، أنه حين يبلغ تذللنا وتواضعنا منتهاهما وتذوب روحنا بسبب هذه العبودية والتواضع التام وتصل إلى عتبات الله واهب العطايا، ينزل نور وضياء من فوق، ويخيل لنا كأن ماء نقيا يصل عبر أنبوب إلى أنبوب آخر.
أنوار وبركات النبي صلى الله عليه وسلم
ففي سيرة النبي حيثما نجد روحه قد بلغت ذروة التواضع والانكسار في مواطن معينة، كان مؤيدا ومنوّرا بتأييد روح القدس ونوره بقدر تواضعه وانكساره. كما دلل النبي على ذلك بعمله وأسوته. إن نطاق أنواره الله وبركاته واسع جدا بحيث نرى نماذجها وأظلالها متجلية إلى أبد الآباد، فكل هذه الأفضال والفيوض الإلهية التي تنزل علينا في
هذا العصر أيضا إنما تتيسر بطاعته واتباعه الا الله فقط. وأقول صدقا وحقا إن من المحال لأحد أن ينال البرّ الحقيقي ويحظى برضا الله حقًا وينعم بتلك الإنعامات والبركات والمعارف والحقائق والكشوف التي تُنال بعد بلوغ أعلى درجة من تزكية النفس، ما لم يتفان في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا ما يؤكده كلام الله أيضا إذ قال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ (آل عمران (۳۲). وأنا الدليل العملي والحي على هذا الإعلان الرباني. فاعرفوني من خلال الآيات التي حدّدها القرآن الكريم لأحباء الله تعالى وأوليائه. باختصار، لقد بلغت أخلاق النبي الله الله الذروة حتى لو أمسكت عجوز يده وقف
معها وسمع كلامها بإنصات تام لم يسحب يده ما لم تتركها هي.
الأمر باجتناب صراط المغضوب عليهم والضالين ثم ورد قول الله تعالى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (الفاتحة: ٧) إزاء قوله تعالى مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (الفاتحة: (٤) ، ومن اتخذ هذا الدعاء وردا نال
۱۹۹
المجلد الأول
الملفوظات
الفيوض من ينبوع مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . وهذا الدعاء يعني: أَنْقِذْنا يا مالِكَ يوم أن نكون مثل اليهود الذين صاروا في الدنيا عرضة لصنوف البلايا
الدين من
كالطاعون وغيره، وهلكوا نتيجة حلول غضبك عليهم، وَاحْمِنا من سبيل النجاة كما ضل النصارى.
وس
لقد سمي
أن نَضِلَّ عن
اليهود هنا مغضوبًا عليهم، لأن العذاب حل بهم نتيجة سوء أعمالهم،
إذ كذبوا أنبياء الله الأطهار وغيرهم من الصادقين وآذوهم أذى شديدا. وجدير بالانتباه هنا أن الله تعالى قد أمر في الفاتحة باجتناب صراط اليهود وخَتَمَ هذه السورة على الضَّالِّينَ، أي أمرنا باجتناب صراط "الضَّالِّينَ". فما هو السر في ذلك يا ترى؟ إنما السر أنه كان من المقدر أن يأتي على أمة محمد زمان يتمسك فيه مَن يتبعون منها سنن اليهود بظاهر الأمور وسيحملون الاستعارات محمل الحقيقة، وينبرون لتكذيب المبعوث الإلهي الصادق، كما كذب اليهود عيسى ابن مريم. والمصيبة التي حلت باليهود إنما هي أنهم سخروا من التأويل الذي قدمه لهم المسيح وقالوا له : إذا كان الله يريد من هذه النبوءة أنه لن يأتي إلا مثيل إيليا يصرح بذلك في هذه النبوءة نفسها؟ وإن معارضينا اليوم أيضا يحذون حذوهم ويتبعون خطاهم تماما، إذ لم يألوا جهدا في تكذيبي وإيذائي حتى أفتوا بقتلي، وأرادوا بشتى الحيل والمكر إهانتي وإجاحتي، ولولا الحكومة البريطانية في هذه البلاد بفضل من الله تعالى لأثلجوا صدورهم بقتلي منذ مدة طويلة. ولكن الله تعالى أخفقهم في كل ما أرادوا ، وحقق وعده لي: "والله يعصمك من الناس". باختصار، إن فئة غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ المذكورة في هذا الدعاء تشير إلى
فلماذا
حالة تلك الفئة من المسلمين الذين سيعارضون المسيح الموعود. أما كلمة الضَّالِّينَ ) فهى إشارة إلى زمن بعثة المسيح الموعود حيث تبلغ فيه الفتنة الصليبية منتهاها والجماعة التي يقيمها الله تعالى عندها هي جماعة المسيح،
الملفوظات
المجلد الأول
ومن أجل ذلك قد سمى الله المسيح الموعود في الأحاديث على لسان نبيه "كاسر الصليب"، لأن كل مجدد إنما يأتي لإصلاح الفتن الموجودة في عصره. فبالله عليكم، ألا يكشف عليكم التدبر أنه قد استُخدم في هذه الأيام القلم واللسان لتأييد النجاة الصليبية بحماس شديد بحيث لو أنكم تصفحتم تاريخ العالم كله فلن تجدوا نظيرا لهذا الحماس الشديد في تأييد الباطل في أي زمن خلا. وما دامت عبارات حماة الفتنة الصليبية قد بلغت منتهاها، وصار التوحيد الحقيقي وعقة النبي وشرفه وصدقه وكون كتابه من عند الله تعالى هدفًا للظلم والاعتداء، أفلم يكن من مقتضى غيرة الله أن يُنزل كاسِرَ الصليب الموعود في هذا الوقت؟ هل نسي نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: ١٠)؟ اعلموا يقينا أن وعود تماما، وقد أرسل نذيرا في الدنيا وفق ،وعده فأنكروه أهلها وما قبلوه، ولكن الله يقبله حتما، ويُظهر صدقه بصول قوي شديد صول بعد صول. الحق والحق أقول لكم لقد جئتكم مسيحا موعودا بحسب وعد الله تعالى فاقبلوني إن شئتم، أو ارفضوني إن شئتم. ولكن رفضكم لن يغير شيئا، بل سيتم ما أراد الله تعالى حتما، لأنه قد سبق أن قال في "البراهين الأحمدية" : "صدق الله ورسوله وكان وعدًا مفعولاً"
١٨٩٨/١/٢١
الله
وعده : إنا
الله صادقة
الاستغفار يعمل ترساً من عذاب الله والمصائب الشديدة إن مرض الطاعون في حد ذاته عذاب شديد ثم إن القانون القاسي الخاص به عذاب ثانٍ، والمرض في ازدياد، فسواء أكان المطعون امرأة أو طفلا، فإن القانون يأمر بعزله عن الآخرين وإخلاء البيت. والتدبر في هذا المرض والقانون قد ولد في
۲
نص الوحي الوارد في البراهين الأحمدية هو : صَدَقَ اللهُ وَرسوله، وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً .
(المترجم).
الحكم، مجلد ٥ عدد ٣٤ يوم ۱۹۰۱/۹/۱۷ ص ۱-۲ .
الملفوظات
۲۰۱
المجلد الأول
قلبي مزيدا من الألم، فدعوت بشأنه في صلاة التهجد، فتلقيت وحيا: (إن الله لا
يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وقد خطر ببالي الآن لعل هذا الإلهام ذو
صلة بالإلهام القائل:
کون کہہ سکتا ہے اے بجلی آسمان سے مت گر
السماء.
أي: من ذا الذي يستطيع أن يقول : أيتها الصاعقة، لا تسقطي من إني أريد أن أفهمكم أن الذين يدعون الله ويستغفرونه ويتصدقون قبل نزول البلاء، يرحمهم الله ويعصمهم من عذابه. فلا تسمعوا أقوالي كقصة تروى، بل أقول لكم نصحًا الله تعالى أن افحصوا أحوالكم واعكفوا على الدعاء، واطلبوا من أصدقائكم أيضًا أن يدعوا الله تعالى. إن الاستغفار يعمل عمل التُرس إزاء عذاب الله والمصائب الشديدة. قال الله تعالى في القرآن المجيد: مَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الأَنْفال: ٣٤)، فإن كنتم تريدون أن تُعصَموا من عذاب الله فاستغفروا بكثرة.
سيكون للدولة الحق في عزل مرضى الطاعون عن الآخرين ليصبح بذلك المعزولون كالعائشين في القبور، ولن يُفرّق في هذا الأمر بين ثري وفقير ورجل وامرأة، وشيخ وشاب، لذا لو تفشى الطاعون في منطقة يسكن فيها بعض منكم لا قدر الله، فإني أنصحكم أن تكونوا أول العاملين بقوانين الدولة. لقد بلغنا أن اشتباكات وقعت مع الشرطة في معظم الأماكن، ولكني أرى أن مخالفة قوانين الدولة تمرد وجريمة شنيعة. غير أن من واجب الدولة أيضا أن تختار لهذه المهمة مسؤولين طيبي الأخلاق متدينين ومطلعين على أعراف وتقاليد البلد وقيود الدين فاعملوا بهذه القوانين بأنفسكم، وأخبروا أصدقاءكم وجيرانكم بمنافعها. وأقول مرة بعد أخرى إن هذا الوقت وقت الدعاء. لقد توجه هذا الوباء ناحية البنجاب فلا بد لكل واحد من أن ويتوب وهو متنبه ويقظ إن ما يعلّمنا القرآن الكريم هو أن العذاب إذا حام حول الرؤوس فلا فلا تنجي منه التوبة.
يدعو
الملفوظات
۲۰۲
المجلد الأول
سبل النجاة من عذاب الله
فتوبوا قبل أن يأتي عذاب الله ويُغلق باب التوبة ما دام الناس يخافون قوانين الدنيا خوفا شديدا، فلماذا لا يخافون قوانين الله تعالى؟ إذا حل البلاء فلا بد أن يذوق المرء طعمه في كل حال فعلى كل واحد منكم أن يسعى ليستيقظ ويصلي التهجد ويقوم بدعاء القنوت في الصلوات الخمس أيضا. توبوا من كل ما قد يجلب عليكم غضب الله تعالى إنما التوبة أن تكفّوا عن جميع السيئات وعن كل ما يثير سخط الله تعالى، وأن تُحدِثوا تغيرًا حقيقيا في أنفسكم، وتمضوا قدما وتتحلوا بالتقوى. فهذا أيضا يجلب رحمة الله تعالى. يجب أن تهذبوا عاداتكم وتجتنبوا الغضب وليحل التواضع والحلم مكان الغضب. ومع إصلاح الأخلاق، أخرجوا الصدقات أيضا قدر المستطاع. قال الله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا الإنسان (۹) أي أنهم يُطعمون الفقراء والأيتام وذوي الحاجة الطعام ابتغاء مرضاة
الله قائلين إنما نطعمكم لوجه الله فقط، ونخاف شرّ ذلك اليوم المريع جدا. باختصار، ادعوا الله تعالى ،وتوبوا وأخرجوا الصدقات بدون انقطاع، لكي
يعاملكم الله برحمته وفضله.
المنهاج الخلقي للجماعة
ينبغي أن تبلغوا في حسن الأخلاق درجة بحيث لو أردتم نصح أحد وإطلاعه على خطئه بحسن نية فانصحوه على نحو وفي وقتٍ بحيث لا يستاء من ذلك. لا تنظروا إلى أحد بازدراء ولا تجرحوا مشاعر أحد يجب أن لا تكون هناك خصومات بين أبناء جماعتنا. لا تزدري أعينكم إخوانكم في الدين أبدا، ولا تحتقروا الآخرين ولا تستخفّوا بهم متفاخرين بالمال والثروة أو النسب بغير حق. إنما المكرم من هو تقي، قال الله تعالى ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: ١٤) . ينبغي معاملة الأغيار أيضا بحسن الأخلاق. لا خير في سيرة
الملفوظات
سوء
عیسی
۲۰۳
المجلد الأول الخلق. يتحين الأغيار الفرص لرفع القضايا ضد أبناء جماعتنا. للآخرين طاعون واحد والجماعتنا طاعونانِ. إذا أساء الواحد من جماعتنا فإن إساءته تشوه سمعة الجماعة كلها. فازدادوا حكمةً وحلمًا ،وعفوا، ورُدّوا بهدوء وسلام حتى على أقوال أجهل شخص. لا تردّوا على الهذر بالهذر. يبدو أن تعاليم العلم أيضا كانت تنطوي على حكمة كهذه، لأن أتباعه إذا لم يتصرفوا بهدوء لتعرضوا للضرب والإساءة كل يوم. كان الحكم بيد الرومان، وكان فقهاء اليهود وكتبتهم أصدقاء للرومان، ولو أن أتباع المسيح لم يديروا الخدّ الأيسر بعد تلقي اللطم على الخد الأيمن لضُربوا يوميًّا ولرفعت ضدهم القضايا يوميا. ورغم هذا التعليم اللين من قبل المسيح كان اليهود يضيقون عليهم الخناق. كانت أوضاعهم عندها تقتضي هذا التعليم الإنجيلي وإن وضع جماعتنا الآن مشابه لوضع أتباع المسيح تقريبا ألا ترون أن محمد حسين البطالوي أيضا قد شهد ضدي في قضية مارتن كلارك المسيحي ؟ فاعلموا أن لا أمل من القوم الآن. أما الدولة فيسعى هؤلاء لكي تسيء بنا الظن، وإنها إن أساءت الظن بنا – لا قدر الله - فهي معذورة في هذا إلى حد ما، لأنها لا تعلم الغيب. ومن أجل ذلك قد اضطررنا مرارا لإرسال مذكرات خصوصية لنطلعها على أحوالنا لكي تنكشف عليها حقيقة الأمور. فمن الأنسب في أيام الابتلاء هذه أن تتحلوا بالتقوى بكبت ثوائر النفس. ليس الغرض مما قلت لكم إلا أن تتعظوا وتعتبروا. إن الدنيا مقام فناء، ولا مناص من الموت في النهاية، وإنما المسرّة الحقيقية في أمور الدين، وإنما الهدف الحقيقي هو الدين.
حقيقة رمضان
الرَمَض يعني حرّ الشمس. وبما أن المرء يكفّ عن الأكل والشرب وغيرهما من الملذات البدنية من جهة، ومن جهة أخرى يخلق في نفسه حرارةً وحماسًا للعمل
الملفوظات
٢٠٤
المجلد الأول بأحكام الله تعالى، فباجتماع الحرارتين الروحانية والجسمانية كان "رمضان". أما قول علماء اللغة أن الصيام فرض في شهر الحر ولذلك سمي رمضان، فلا أراه قولا سليما، إذ ليس في هذا خصوصية لبلاد العرب. والرَمَض الروحاني يعني اللوعة الروحانية والحرارة الدينية. ويُطلَق الرمض أيضًا على الحر الذي تسخن به الحجارة وغيرها.
١٨٩٨/١/٢٩
تأثير معبود المرء على طاقاته الروحانية إن معبود الإنسان يترك أثرا كبيرا على قواه الروحانية فمثلاً لو جاء هندوسي فسوف تُشتمّ منه وهو بعيد رائحةُ الغفلة عن الله تعالى. لماذا؟ لأن إلهه الذي اتخذه غافل مثله، حيث لا ينتبه ما لم يُدَقِّ له الجرس كما يُدَقّ للإنجليز عند حلول موعد الطعام، ولذلك يظل الهندوس محرومين من المعرفة والشفاء الذي يتيسر بالحياة
الروحانية، رغم أنهم ينعمون بالرخاء وبحبوحة العيش من الناحية المادية.
رزق الابتلاء ورزق الاصطفاء الرزق رزقان أحدهما ما يكون على سبيل الابتلاء، والثاني على سبيل الاصطفاء. والرزق الذي يكون على سبيل الابتلاء هو ما لا يكون له صلة بالله تعالى، بل يُبعد صاحبه عن الله الله باستمرار حتى يهلكه، وإليه أشار الله تعالى في قوله: لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ (المنافقون (۱۰)، أي ينبغي ألا تدمركم أموالكم. والرزق الذي يكون على سبيل الاصطفاء هو ما يُكسب لوجه الله تعالى ويتولى الله صاحب هذا الرزق، ويحسب صاحبه أن كل ما عنده هو الله تعالى ويؤكد ذلك بعمله. انظروا إلى الصحابة ، فعندما جاء وقت الاختبار قدّم كل واحد منهم جُلَّ ما كان يملكه. وكان أبو بكر له أول من جاء بكل ما عنده ملتفّا ببطانية فقط، وما أروع ما جزاه الله به على تلك البطانية، إذ صار أوّل خليفة.
الحكم، مجلد ٥ عدد ٢٧ يوم ٢٤ - ٧ - ۱۹۰۱ ص ۱-۲ .
الملفوظات
المجلد الأول إنما قصدي من كل هذا الكلام هو البيان أنه لا ينفع في سبيل الفوز بالكمال
الحقيقي والخير والبركة والمتعة الروحانية إلا المال الذي يُنفق في سبيل الله تعالى.
۱۸۹۸-۱-۳۰
حقيقة الدنيا والأفراح المادية
ليست الدنيا وأفراحها إلا لهوًا ولعبًا، لأنها مسرات عابرة أو فارغة، ومآلها بُعْدُ
الله
الإنسان عن الله تعالى ولكن المتعة التي تتيسر بمعرفة فهي ما لا عين رأته ولا أذن سمعته ولا حاسة أحسته. إن هذه المتعة شيء يشق طريقه شقا، ويمنح المرء راحةً متجددة كل حين لا عهد له بها من قبل.
إن للإنسان علاقة خاصة بالله تعالى. لقد خاض أهل العرفان نقاشات لطيفة جدا حول ما يسمى زوجي البشرية والربوبية. لو وضعنا فم الرضيع على صخرة فهل يتصور عاقل أن يتدفق منها الحليب ويشبع الرضيع. كلا. وبالمثل إن من المحال أن يتغذى ويتربى الإنسان بالحليب الروحاني ما لم يخرّ على أعتاب الله تعالى وما لم تُنشئ روحه من خلال فنائها التام - علاقتها بربوبية الله . ومن المستحيل أن تنشئ الروح هذه الصلة ما لم تصبح عدمًا أو شبيهةً بالعدم، لأن هذا ما تقتضيه الربوبية.
.
أما اللهو فيشمل كل لذة لها صلة بالأكل والشرب، وترون أن مآلها ليس إلا الكدورة . إن التفاخر بالزينة والمطايا والدور الجميلة والحكم وبالعائلة والقبيلة كل أولئك أشياء يعافها الإنسان في نهاية المطاف، وتسبب له الهم والحزن والقلق والاضطراب.
أما اللعب فيشمل حبّ النساء أيضا. يذهب الإنسان إلى الزوجة، ولكن بعد قليل ينقلب هذا الحب واللذة كدورةً. ولكن لو كان الحب الحقيقي الله تعالى لنال
الحكم، مجلد۳ عدد ۲۲، يوم ١٨٩٩/٦/٢٣ ص ١.
الملفوظات
٢٠٦
المجلد الأول
راحة بعد راحة ولذة بعد ،لذة حتى تنفتح عليه أبواب المعرفة الحقة، ويعيش في
سعادة أبدية غير فانية ليس فيها سوى الطهارة والقداسة. وتلك المتعة
هي في الله
تعالى، فاسعوا للفوز بها، وإياها اطلبوا، لأنها
المتعة الحقيقية.
هي
الحكم، مجلد۳ عدد ۲۲، يوم ١٨٩٩/٦/٢٣ ص ١.
الملفوظات
۲۰۷
في ۱٨/١/٢ بعد صلاة الفجر
خطاب لـــــــاب
لسيدنا المسيح الموعود الله
يتبع المرء الفضائل بطبعه
المجلد الأول
اعلموا أن الفضائل أيضا معدية كالأمراض المعدية والمؤمن مأمور بأن يسمو بأخلاقه حتى تصبح معدية؛ لأن أي قول أو فعل مهما كان جيدا لا يمكن أن يلقى إعجاب الناس ولا يدفعهم للعمل به ما لم يكن فيه بريق وجذب. إن لمعانه يلفت انتباه الآخرين وقوته الجاذبة تجذبهم إليه، ثم بعد ذلك تبعث مزايا ذلك الفعل العظيمة الآخرين على العمل به تلقائيا. انظروا كيف صار حاتم شهيرا بسبب سخائه، وإن كنتُ لا أستطيع الجزم بأن سخاءه كان نابعًا عن خلوص نية، وكيف صارت قصص بطولة رستم وشجاعة أسفنديار مضربًا للأمثال، وإن كنا لا نستطيع الجزم أن منبعها خلوص نية. إن مذهبي أن أعمال المرء الحسنة مهما كانت عظيمة لا تخلو من عنصر الرياء ما لم يكن مؤمنا صادقا، ولكن حيث إن أصل الخير موجود فيها، والخير هو العنصر الثمين الذي يُنظر إليه باحترام في كل مكان، فلذلك تلقى أعماله التقدير والإعجاب، رغم ما فيها من رياء وتلميع. كان السيد الخواجه قد ذكر قصة وكنتُ أنا أيضا قرأتها من قبل، وهي أن السير فيليب سيدني جُرح عند محاصرة قلعة "زلفن" بهولندا في عهد الملكة إليزابيث، وبينما كان يقاسي آلام العطش وسكرات النزع والموت جاءوه بكوب ماء، وكان الماء شحيحا جدا، وكان هناك آخر عطشان، فبدأ ينظر إلى السير فيليب سيدني
جريح
بحسرة وطمع، فلما رأى السير سيدني شدة طمعه في الماء لم يشربه بل آثره عليه
۲۰۸
الملفوظات المجلد الأول و ناوله الكوب قائلا: أنت أحوج إليه مني. فالناس لا يترددون في الرياء حتى وقت
الموت والمراءون الذين يريدون أن يثبتوا للناس أنهم ذوو أخلاق فاضلة أيضا يأتون بمثل هذه الأعمال.
باختصار، ليس هناك إنسان تكون جميع أفعاله في حالته السيئة حسنةً. ولكن السؤال الذي أركز عليه هو : لماذا لا يتبع الناس أحدا في أفعاله الحسنة؟ ولا أقول في الجواب إلا أن الأمر الواقع أن الإنسان بفطرته لا يتبع أحدا ما لم يجد في فعله رائحة الكمال، وهذا هو السرّ الكامن في أن الله تعالى أرسل أنبياءه عليهم السلام دومًا ، ثم بعد خاتم النبيين له أقام سلسلة المجددين. ذلك أن هؤلاء القوم يتصفون بقوة الجذب والتأثير مع أسوتهم وتُرَى فيهم الحسنات في ذروتها وكمالها، ذلك لأن الإنسان بطبعه يريد اتباع الكمال، ولولا ذلك في فطرة الإنسان لم تكن هناك حاجة للأنبياء أيضا.
سبب معارضة المأمورين الربانيين أما لماذا يخالف الناس أنبياء الله ومأموريه ولماذا يرغبون عن تعاليمهم، فإنما سببه تلك الحالة الفاسدة السائدة في زمنهم التي اقتضت بعثة هؤلاء الأطهار. يجري في زمن بعثتهم نهر الفسق والفجور، وتغشى أنواع السيئات والمنكرات والبعد عن الله والحرمانُ هذا العنصر الطيب في الإنسان. فلأن السيئات في عصرهم تكون قد بلغت ذروتها و منتهاها فتميل الطبائع الإنسانية إلى اتباع السيئات لكون فطرة الإنسان تحبّ كل ما بلغ الذروة والكمال. هذا هو السر في معارضة الناس للأنبياء عليهم السلام والمأمورين الربانيين وإعراضهم عن تعاليمهم في بداية أمرهم، ولكن يأتي في نهاية المطاف يوم يتوجهون فيه إلى اتباع المبعوث الذي تكون الحسنة بارزةً فيه وبالغةً أوجها وكمالها، لذلك يقول الله تعالى: وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (الزخرف: (٣٦).
الملفوظات
۲۰۹
المجلد الأول
تأثير النفاسة الظاهرة
باختصار، إن من فطرة الإنسان أنه يريد اتباع كل شيء بلغ حد الكمال. انظروا كيف أن الناس يقدّرون مخترعات الغرب وصنائعه حتى الإبرة والسكين وغيرهما أيضا، ويفضّلونها على صناعتنا المحلية، مع أن بعض تلك الصنائع الغربية لا تكون أصلية بل تكون ملمعة، ولكن لمعانها الظاهري يبهر عيون القوم وبريقها يجذبهم إليها جذبا. ألا ترون كيف تزدهر تجارة الحلي الزائفة الملمعة ازدهارا سريعا، ولو وضعت الحلي المزيفة مع الحلي الأصلية لخيّل لك أن الأصلية مزيفة والمزيفة أصلية. هناك بريق ولمعان في هذه الصناعات المزيفة لا يقدر صنّاعنا المحليون أن يأتوا به في صنائعهم، ولذلك ترون الناس لا يبالون بهذا الدجل والتلميع مع علمهم أنها صناعات مزيفة ملمعة. وتجدون المثقفين عندنا المقلدين للغرب يأنفون كل صناعة محلية من ملابس وأحذية وغيرها، وليس ذلك إلا لأن المنتوجات الغربية تتسم بجودة وبراعة عاليتين. إن أهل الغرب يعملون على تلميع الجلد حتى يصبح لامعا وناعما وهذا لا يخص الجلد فحسب، بل يمكنكم ملاحظة ذلك في أدنى منتوجاتهم أيضا. خذوا مثلا الخيط، كيف يصنعونه جميلا رائعا. لقد جعلوا كل منتوجاتنا المحلية تبدو رديئة مقابل منتوجاتهم. بل لقد سمعت أن بعض الأثرياء الهنود يكرهون صنائعنا المحلية كرهًا جعلهم يبعثون ملابسهم إلى باريس لتغسل هنالك، ويجلبون مياه الشرب من إنجلترا. فما هو السر في إقبال الناس على منتوجات الغرب؟ إنما هو أن أهل الغرب يهتمون بأن تكون صنائعهم جميلة المظهر ولامعة ونفيسة، ولذلك يقبل الناس على شرائها إقبالا. فرغم يوجد هناك تجار أمناء آخرون مع هؤلاء التجّار الكفّار، إلا أن الناس يتوجهون
أنه
إلى صنائع هؤلاء الكفار ، وليس ذلك إلا لكونها نفيسة ولامعة.
هذا هو حال الأخلاق والأعمال تماما، فما لم نصقلها ولم نجعلها لامعة براقة لهذه الدرجة، فإنها لن تؤثر في الناس، إذ من المحال أن يجذب الضعيف إليه الضعيف.
الملفوظات
۲۱۰
المجلد الأول
حقيقة قسم الله بالمخلوقات في القرآن قال الله تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر : ٢-٤)، أي: أُقسم بهذا الزمن أي زمن النبي . يعترض المعارضون المعاصرون قليلو الفهم قائلين: لماذا أقسم الله في القرآن الكريم بالمخلوقات مع أنه منع الناس من القسم بها، فتارة أقسم بالتين، وتارة بالليل أو النهار أو الأرض أو النفس؟ وتترك مثل هذه الاعتراضات تأثيرا سيئا جدا وليكن معلوما أنها من سنة الله الشائعة في القرآن الكريم كله أنه التدليل على بعض الأمور النظرية يقدّم أمورا يوجد على تأثيراتها ثبوت واضح وبين وبديهي على العموم، فالقسم بها هو بمثابة تقديمها دليلا ونظيرا على الأمور النظرية. ولكن قبل الرد المفصل على هذا الاعتراض أود بيان أمر هام آخر.
هل الهند دار الحرب؟
هذا
من
أجل
ليكن معلوما لكل مسلم أننا لا نقول بأن الهند دار حرب بالنظر إلى الحكم. هو إيماننا، وإن كان العلماء المعارضون لنا يختلفون معنا في هذه القضية اختلافا شديدا، ولا يدعون أية فرصة لإيذائنا تنفلت من أيديهم، ومع ذلك كيف يمكننا أن نترك الحق بسبب الشدائد العابرة والمحن الآنية؟ إننا نؤمن أن الهند ليست دار حرب نظرًا إلى الحكومة.
خذوا مثلاً القضية التي رُفعت ضدنا. لو كانت هذه القضية مرفوعة في عهد حكم السيخ، وكان خصمنا أحد علماء السيخ أو الهندوس، لم تتردد تلك الحكومة في إعدامنا من دون التحري والتحقيق. ولكن من ميزة دولة الإنجليز وحكمهم أنه بالرغم أن خصمي في هذه القضية كان طبيبا وقسيسا شهيرا، إلا أني لم أعامل بأدنى قسوة خلال التحقيقات ولا إجراءات المحكمة. لم يخطر ببال القاضي الكابتن دوغلاس مطلقا أن يحابي هذا القسيس بسبب جاهه أو منصبه ومكانته؛ بل قال
الملفوظات
۲۱۱
أنه يراه،
المجلد الأول للمسؤول الأعلى للشرطة بمحافظة غورد اسبور السيد ليمارتشند بأن قلبه غير مطمئن بالتهمة. فقام بالمزيد من التحقيق مع عبد الحميد وفي الأخير برأني متمسكًا بالعدل. ثم إن هؤلاء القوم لا يمنعوننا من أداء أركان ديننا، بل قد جاءوا معهم ببركات ومرافق وتسهيلات كثيرة أتاحت لنا فرصة سانحة لنشر ديننا، وتمتعنا في حكمهم بأمن وراحة لا نظير لهما في الحكومات السابقة. لذا فمن الظلم العظيم الصارخ ومما يتنافى مع تعاليم الإسلام والأخلاق أن لا نشكرهم اعلموا أن الذي لا يشكر إنسانًا مثله على معروفه لا يشكر الله أيضا. إنه لا يشكر صاحبه مع فكيف يمكن أن يشكر الله على نعمه وهو غيب الغيب ولا يراه. لذا فلا نسمي الهند دار حرب ولكن هذا من حيث الحكومة فقط. غير أن الهند دار حرب عندنا من حيث القلم. لقد بدأ القسيسون حربًا شعواء ضد الإسلام، وخرجوا في ساحتها بأسنّة القلم لا بالسهام والسنان، لذا فالسلاح الذي علينا أن نخرج به في ساحة هذه الحرب هو القلم والقلم فقط. وأرى أن من واجب كل مسلم أن يشترك في هذه الحرب. تُشنّ على الله وعلى رسوله المصطفى هجمات قذرة تتفطر بها أكبادنا وترتجف أفئدتنا هل يمكن أن يقرّ لنا قرار بعد رؤية كتاب قذر مثل "أمهات المؤمنين" أو كتاب "أسرار البلاط المصطفوي"، الذي جعلوا اسمه أيضا على غرار أسماء الروايات القذرة. الغريب أن الكتب مثل "أسرار بلاط لندن" تعدّها الحكومة جديرة بالحظر، ولكن الكتاب الذي أدمى قلوب ثمانين مليون مسلم لا يستحق الحظر عند الحكومة إننا لا نريد أبدًا أبدًا أن نطالب الحكومة بأنفسنا الحظره، بل نرى هذا الأمر غير مناسب على الإطلاق، كما أوضحنا ذلك عبر مذكرتنا، ولكنا قلنا ذلك على أساس أن من واجب الحكومة نفسها مراقبة مثل هذه الكتابات. على أية حال، إن الحكومة قد منحت الحرية العامة بأنه لو
كتب مسيحي وتأليف الكتب لدحض الديانة المسيحية.
مسيحي كتابًا يطعن في الإسلام فللمسلمين أيضا الحرية في إعداد الرد عليه
الملفوظات
۲۱۲
المجلد الأول
مقتضى الغيرة على الإسلام
الله
أقسم بالله العظيم أنه حين يقع بصري على كتاب كهذا فلا تساوي الدنيا وما فيها ذبابةً في عيني. أسأل هل مسلمٌ مَن لا يغار في مثل هذا الموقف؟ إذا سب أحد أبا أحد منهم فإنه يستعدّ لقتاله، ولكن لو سُبّ رسول الله ، فلا تثور غيرتهم ولا يعبأون بذلك. أي إيمان هذا؟ وبأي وجه يرجعون إلى الله تعالى؟ لو أردتم رؤية نموذج المسلمين فانظروا إلى جماعة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، الذين لم يعبأوا بأي خسارة في الأرواح والأموال، بل آثروا رضا الله ورسوله. إن الرضا برضا الله هو عملهم الذي جعل القرآن الكريم يمتدحهم، حتى حازوا وسام "رضي عنهم". فلا تظنوا أنفسكم من الكُمّل أبدًا ما لم تتحلوا بتلك الميزة وتلك الغيرة وذلك الحماس من أجل الإسلام. لتتذكر جماعتنا أننا لا نعُدّ الهند دار حرب من حيث الحكم أبدا، بل إن قلوبنا ممتلئة بمشاعر الوفاء والشكر الجياشة امتلاء قارورة العطر تجاه هذه الحكومة بسبب ما نحظى به من أمن وبركات منها، وبسبب ما منحتنا من حرية للقيام بواجبات ديننا ونشره. غير أننا نعدّ الهند دار حرب يقينًا بسبب ما يفعله القساوسة، فقد نشروا ما يقارب ٦٨ مليون كتاب ضد الإسلام. إن الذين يرون شن هذه الهجمات على الإسلام ويسمعون عنها ومع ذلك يظلون تائهين في همومهم وغمومهم الشخصية فإنهم ليسوا بمسلمين عندي. يجب أن يعمل المسلم الآن كل ما في وسعه لتأييد الإسلام، ويؤكد وفاءه له في هذه الحرب التي سلاحها القلم. ما دامت هذه الدولة العادلة لم تمنعنا من نشر الكتب تأييدًا لديننا وردا على مطاعن الأمم الأخرى، بل ساعدتنا في ذلك بإنشاء المطابع ومحطات البريد وغيرها من وسائل النشر والإشاعة، فالسكوت في هذا الوقت إثم كبير . غير أن هناك حاجة أن لا نقدّم إلا ما هو منطقي ،ومعقول ولا يستهدف جرح مشاعر الآخرين. إن الذي لا يحمل
الملفوظات
۲۱۳
المجلد الأول للإسلام قلبًا يغلي وعينًا ،تجري فليعلم أن الله تعالى بريء بذمته منه. عليه أن يفكر هل خطر بباله قط أنه كما يفكّر دوما في نجاحه ويتخذ شتى التدابير لتحقيق أهدافه الدنيوية، فعليه أن يسعى بنفس الحرقة واللوعة والألم لصدّ الهجمات التي تشن على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم المباركة، وأن يدعو الله تعالى لذلك بقلب ملتاع إن كان لا يملك حيلة أخرى لو كان في قلب المرء مثل هذه اللوعة والألم فمن المحال ألا تظهر آثار هذه المحبة الصادقة. يحزن المرء إذا اشترى قدرًا فيه كسر، ويتأسف إذا فقد إبرةً أيضا، فأي إيمان وإسلام هذا الذي يرى صاحبه الإسلام هدفًا لهجمات خطيرة ذلك يغط في سبات عميق مريح؟ ألا ترون كيف أن هؤلاء القسيسين
متتالية ومع - بالإضافة إلى جرائدهم ودورياتهم الأسبوعية والشهرية - ينشرون كل يوم إعلانات بصفحة أو صفحتين و منشورات صغيرة تبلغ نسخها خمسين ألفا بل مئة ألف،
وينفقون على طبعها ملايين الروبيات كالماء في كثير من الأحيان.
لماذا تعادي المسيحية الإسلام اعلموا أن القسيسين لا يقيمون للهندوس قيمةً ولا وزنًا، كما لا يبالون مطلقا
التي
بالديانات الأخرى، فلم تسمعوا قط أنهم كتبوا ضد الهندوسية حتى نصف الكتب كتبوها في دحض الإسلام إن هؤلاء القوم لا تعنيهم الديانات الأخرى أبدا، لأنها تخلو من روح الحق والصدق، وميتة كالمسيحية نفسها، أما الإسلام الذي هو الدين الحي والذي هو من عند الله الحي القيوم، فإنهم يسعون لجعله ملة ميتة سعيًا مستميتًا. كنتُ ذات مرة أحصيت اعتراضاتهم على الإسلام، فألفيتها ثلاثة آلاف أما الآن فسيكون عددها قد ازداد. اعلموا أن المفتري يوسوس إنه يكون عاريًا من الصدق والعفاف والسداد، فيفعل ما يحلو له إن الأفغان المقيمين في أمرتسر يوقنون بشأننا أن هؤلاء تاركو الصلاة
اعتراض
وشاربو الخمر، وعندما يثير هؤلاء الأمر تسريون مثل هذه المطاعن ضدنا يقول القوم
الملفوظات
٢١٤
المجلد الأول في أنفسهم إن الأمر تسريين أولاد رجل صالح، فأتى لهم أن يكذبوا، فتساورهم الوساوس بشأننا ويصدّقون ما يقال لهم. وبالمثل يحيك القسس المكايد ضد الإسلام. باختصار، يعدّ القسيسون الكتب ضد الإسلام وينشرونها من جهة، ومن جهة
بسم
أخرى فإن منهج التعليم الإنجليزي وكذلك الكتب الإنجليزية مسمومة خفي، فالعالم والفيلسوف بأسلوبه والمؤرخ بأسلوبه يهاجم الإسلام بتقديم الأحداث بصورة مشوهة. قصارى القول هناك هجمتان تُشنّانِ ضد الإسلام في عصرنا هذا، إحداهما من قبل القسيسين والأخرى من قبل العلماء والفلاسفة، لذا فمن واجب المرء أن يفحص إسلامه اليوم.
فلسفة القسم بالمخلوقات في القرآن أعود ثانية إلى ما كنت بصدده وأقول : إن الاعتراض المثار على الأقسام الواردة في القرآن الكريم هو من هذا القبيل. قد انكشف علينا سر عظيم بعد كثير من التدبر والتفكر، ألا وهو أنه حيثما طعن الجهال في القرآن الكريم كان ثمة كنز عظيم أسمى الحقائق والمعارف، وقد فشلوا في الاطلاع عليه لأنهم يعادون الحق، ولا
من
يقرأون القرآن إلا بغية الطعن والاعتراض.
اعلموا أن القرآن ينقسم إلى قسمين بل ثلاثة والأول منها ما يمكن أن يفهمه أدنى الناس أعني الأُميّون، والثاني ما ينكشف على المتوسطين درجةً ممن لا يكونون أميين تماما ولكنهم يفتقرون إلى كفاءة علمية عالية، والثالث ما يكون لذوي العلوم العالية الذين يُسَمَّوْن فلاسفة وعلماء إنه لمن ميزة القرآن الكريم وحده أنه يعلم هذه الفئات الثلاث على السواء، حيث يكون هناك شيء واحد، فيتعلمه الأمّي، وصاحب الكفاءة العلمية المتوسطة، وكذلك الفيلسوف والعالم ذو الكفاءة العلمية العليا. إنه لمفخرةُ القرآن الكريم وحده أن كل شريحة من الناس تستفيض من فيوضه
بحسب كفاءتها ومؤهلاتها.
الملفوظات
٢١٥
المجلد الأول موجز القول إنما ردنا على من يعترض على الأقسام القرآنية أن القَسَم يُعَدُّ شاهدًا بديلاً عند فقدان الشهود ومن المسلّم به قانونا وشرعا وعرفًا أنه إذا فقد الشاهد فيُكتفى بالقسم فقط، وينوب القسم مناب الشهادة.
واعلموا أن الله تعالى قد اتبع في القرآن الكريم أسلوبا خاصا إذ قدّم الأمور البديهية شاهدًا لإثبات الأمور النظرية، وذلك على شاكلة القسم. لكن يجب ألا يغيبن عن البال أن قياس أقسام الله على أقسام الناس قياس مع الفارق. لقد نهى الله الناس عن القسم بمن سواه، وليس سببه إلا أن هدف الإنسان من الحلف أن يُعَدِّ ما يحلف به بمنزلة شاهد عيان يستطيع، بناءً على علمه الشخصي، أن يصدق أو يكذب بيانه؛ أي بيان الحالف . ذلك أن إمعان النظر يبين لنا أن مفهوم القسم الحقيقي هو الإدلاء بالشهادة حصرًا كما بينا آنفا. فعندما يعجز الإنسان عن تقديم شهود عاديين فإنه يلجأ إلى القسم لينتفع منه كما ينتفع من شهادة شاهد عيان. ولكن الاعتقاد أن أحدا سوى الله تعالى أيضا حاضر وموجود في كل مكان دائما أو قادر على التصديق أو التكذيب أو على العقاب أو على أمر آخر لشرك صريح
وكفر ، ولذلك قد أوصى الله الناس في كتبه كلها ألا يقسموا بغير الله تعالى. لقد تبين من هذا البيان أن قسم الله تعالى يحمل في طياته شأنا ومفهوما خاصا، وإنما غايته أن يقدّم بديهيات السنن الكونية كشاهد لحل أسرار الشريعة الدقيقة وتبيانها. ولما كانت هذه الغاية ذاتَ علاقة بالقسم، وهي أن الحالف بالله إنما يقصد بحلفه أن الله شاهد على فعله هذا كذلك تماما وبالأسلوب نفسه تشهد بعض أفعال الله الواضحة على أسراره الغامضة وأفعاله الخفية، لذلك قدّم الله تعالى في أماكن عديدة في القرآن الكريم أفعاله البديهية ليدلل بها على أفعاله النظرية.
الحكم، مجلد ٥ عدد ٢٠ يوم ٣١-٥-١٩٠١ ص ١-٤.
الملفوظات
٢١٦
المجلد الأول فمن منتهى الجهل والغباوة أن يقال : كيف الله تعالى أن يُقسِمَ بغير الله؟ إنما يُقسم الله بأفعاله لا بغيره، وأفعاله ليست غيره. فمثلا إذا أقسم الله بالسماء أو النجم فلا يقصد بذلك أن يقسم بما سواه، بل المراد أنه يقدّم شهادة ما في السماء والنجوم من صنائع يده وحكمها لتقريب بعض أفعاله الخفية إلى الأفهام.
أسرار المعرفة في الأقسام الإلهية فأقسام الله تعالى تحمل في طياتها أسرار المعرفة اللامتناهية التي لا يراها إلا أهل البصيرة فقط. إذًا، يقدّم الله تعالى في قالب القسم شهادة نواميسه الطبيعية البديهية من أجل تبيان بعض الأمور الدقيقة الشرعية ، ليكون كتاب الله الفعلي (أي النواميس الطبيعية) شاهدًا على كتابه القولي (أي القرآن الكريم، ولينسجم قوله بفعله، فيكون هذا مدعاةً لمزيد من المعرفة والسكينة واليقين للباحث عن الحق. وهذا الأسلوب شائع في القرآن الكريم. فمثلاً قد أقام الله تعالى الحجة على فرقة البرهموسماج الهندوسية وغيرها من منكري الإلهام والوحي بقوله تعالى: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (الطارق: (۱۲)، أي: أُقسِمُ بالسحب التي ينزل منها المطر . علما أن من معاني "الرجع" المطر أيضا. والمطر نظام مستقل في حد ذاته كالنظام الشمسي، ونظام الليل والنهار ونظام الكسوف والخسوف كذلك للأمراض أيضا نظام يمكن للطبيب بناء عليه أن يخبر أن المرض سيشتد بالمريض في يوم كذا وكذا. فهذه كلها أنظمة مختلفة، لأن نواميس الله الطبيعية تحمل في طياتها ترتيبًا ونظاما متكاملا، وليس هناك فعل من أفعاله تعالى إلا وهو خاضع لنظام وترتيب. وإن الله تعالى كما يريد أن يخشاه الناس، كذلك يريد أن يتولد فيهم نور العلوم ليجتازوا به منازل المعرفة، لأن الاطلاع على العلوم الحقة يخلق في الإنسان خشيةً صادقة من ناحية، ومن ناحية أخرى تؤدي به هذه العلوم إلى عبادة الله. هناك من الأشقياء الذين بسبب شدة انهماكهم في هذه العلوم
۲۱۷
المجلد الأول
الملفوظات المادية يُعرضون عن قضاء الله وقدره وتنتابهم الشكوك في وجود الله تعالى أيضا، وهناك آخرون يؤمنون بالقضاء والقدر بحيث ينبذون هذه العلوم وراء ظهورهم كلية، ولكن القرآن الكريم قد وجه إلى الأمرين على أكمل وجه. يريد القرآن الكريم إطلاع الناس على العلوم الحقة ويوجههم إليها لأنها تولد خشية الله، وكلما تقدم المرء في معرفة الله تولدت فيه عظمة الله ومحبته. كما يعلم القرآن الإنسانَ الخضوع لقضاء الله وقدره أيضا ليتحلى بصفة التوكل على الله والثقة به، وليتعلم الرضا برضا الله فينال السكينة والاطمئنان حقا، وهو الهدف الحقيقي من عقيدة النجاة.
لقد ضربت آنفًا مثل القسم القرآني: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (الطارق: ۱۲)، أي: أقسم بالسماء التي فيها "الرجعُ". ومن معاني "السماء" الفضاء والجو والمطر والعلوّ، والرجعُ يُطلق أيضا على شيء يرجع مرارا في وقت مناسب. والمطر ينزل في موسم الأمطار مرارا ولذلك سمي "الرجع " ، كذلك فإن المطر السماوي الروحاني أيضا ينزل في وقته.
أما قوله تعالى وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (الطارق: ١٣)، أي: أقسم بالأرض التي تتصدع في تلك الأوقات وتُخرج الخضرة. والحق أن المنبع الأصلي للمطر هو الأرض، حيث إن ماء الأرض المتصاعد إلى جو السماء على شكل البخار يصل إلى الطبقة الباردة ،الزمهريرية فيعود إلينا مرة أخرى على صورة المطر. ولأنه ينزل من السماء مطرًا فيسمى ماء السماء. ثم إن للمطر موعدًا محددا أي حين يحتاج إليه المزارعون لكي يلقوا البذر في الأرض، أما لو نزل المطر بعد بذر البذور فورا تلفت البذور ولم يبق منها شيء. ثم تمس الحاجة إلى هذا الماء ثانية من أجل نمو الزرع. باختصار، إن ظاهرة المطر وكيفية هطوله من السماء ومنافعه أمر بديهي يعرفه الزارع العادي البسيط العقل أيضا.
تماما
الملفوظات
۲۱۸
المجلد الأول والجدير بالانتباه كذلك أن عدم نزول المطر من السماء يؤدي إلى شح المياه الجوفية أيضا، فتجفّ كثير من الآبار تماما في أيام شح المطر ولا يبقى في معظمها إلا ماء
على
قليل جدا. ولكن عندما ينزل المطر من السماء تهيج وتتدفق المياه الجوفية أيضا. أقصد من ذكر هذا المثال هنا أن أبين أن الله تعالى قد قدم هذه الأقسام كشاهد تأكيد أمر آخر، أما هذه الظواهر الطبيعية فإن المزارعين البسطاء أيضا يعرفونها. والأمر الذي قد برهن الله عليه بهذه الأقسام هو : إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالهُزْلِ) الطارق : ١٤-١٥) ، أي أن القرآن كلام الله حتما، وهو قول فصل، وجاء بالحق
والحكمة في الوقت المناسب تماما وعند الضرورة الحقة ولم ينزل عبئًا.
فكروا الآن، ألم يكن النظام الروحاني يقتضي في الزمن الذي نزل فيه القرآن أن ينزل كلام الله تعالى وأن يأتي رجل سماوي ليعيد هذا المتاع المفقود؟ اقرأوا تاريخ زمن بعثة رسول الله له و وستعلمون كيف كانت حالة الدنيا آنذاك. كانت عبادة الله قد تلاشت من العالم وكانت آثار التوحيد قد ،اندرست وحلّت عبادة الباطل والآلهة الباطلة محل عبادة الله جل شأنه كانت غشاوة الجهل والظلام الخطيرة محيطة بالعالم كله، ولم يكن على وجه الأرض بلد أو مصر أو بقعة يُعبَد فيها الله الواحد الحي القيوم. كانت الأمة النصرانية العابدة للأموات واقعةً في دوّامة التثليث، وكان سكان الهند الذين يدعون بغير حق وجود تعاليم التوحيد في الفيدا يعبدون ثلاثمئة وثلاثين مليون إله زائف والحالة التي رسمها الله تعالى في القرآن الكريم بقوله ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (الروم : (٤٢ كانت سائدة عندها حقا وصدقًا، بحيث لا يقدر لسان إنسان أو قلمه التعبير عن تلك الأوضاع بأفضل من ذلك. وكما أن من نواميس الله الطبيعية العامة أن فضله تعالى ينزل عند شح الأمطار في نهاية المطاف ويهطل الغيثُ المغيث وينشر الخضرة، كذلك تماما كان ضروريا في تلك الأوضاع أن ينزل كلام الله تعالى من السماء فكأنما قدم الله تعالى نظام المطر المادي للتنبيه إلى
الملفوظات
۲۱۹
المجلد الأول نظام المطر الروحاني. فمن ذا الذي يسعه أن ينكر أن المطر ينزل بحسب حاجاتنا ومقاصدنا. فالهدف من تقديم هذه الظاهرة هو البيان أن الله تعالى كما جعل نظام المطر المادي، كذلك قد حدد المواعيد للأمطار الروحانية أيضا. فكروا الآن، ألم يكن عصركم هذا يقتضي المطر الروحاني ؟ كم كانت النزاعات شائعة بينكم؟ كانت أعمال الناس سيئة، وكان إيمانهم أيضا سيئا، وكانت الدنيا موشكة على السقوط في هوة الهلاك، فكيف يستساغ ألا يُنزِل الله تعالى غيث رحمته في هذا الوقت؟ إن الذي نظاما خاصا لحماية الجسم الفاني، كيف يمكن أن يهمل النظام الروحاني؟ لذلك قدّم الله تعالى بهذا القسم نظام المطر شاهدا على أمر ضرورة النبوة، لأنه أمر روحاني ونظري، وما كان لكفار العرب أن يستوعبوا هذا النظام، ففهمهم إياه بتقديم النظام الأول أمامهم.
وضع
وهذا هو السرّ الذي لم يفهمه الجاهلون فاعترضوا على الأقسام القرآنية جهلاً
وعداء للحق، غاضين الطرف عما قصده الله تعالى منها.
على
تفسيرُ مَنْ ذَا الَّذِي يُقرضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا كذلك يعترض بعض الجاهلين على قول الله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا (البقرة: ٢٤٦) قائلا: إن هذا يدلّ أن الله محتاج، والعياذ بالله. لا ندري كيف استنتج هذا الغبي من هنا أن الله تعالى محتاج. إن المفهوم الحقيقي للقرض هو إعطاء شيء للآخر مع وعد من المتلقي بإعادته إلى صاحبه، ولكن هذا الغبي يختلق من عنده معنى الإفلاس والفقر أيضا. والحق أن المراد من القرض هنا: من ذا الذي يقدم لله تعالى أعمالا صالحة ليعطيه الله جزاءها أضعافا مضاعفة. وهذا هو المعنى اللائق بعظمة الله، وهذا ما ينكشف جليا بالتأمل في العلاقة بين العبودية والربوبية. ذلك أن الله تعالى يقوم بتربية الجميع بدون أي تمييز بين مؤمن وكافر، وبدون أي مقابل من برّ أو دعاء أو تضرُّع، وينفع الجميع بفيض ربوبيته ورحمانيته،
الملفوظات
۲۲۰
المجلد الأول وأنى له أن يضيع حسنات أحد وهو الذي يعلن فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ (الزلزلة : (۸-۹ . هذا هو المفهوم الحقيقي للقرض الذي يتبين من هذه الآية. ولما كان هذا هو المفهوم الحقيقي للقرض موجودًا فقال: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ (البقرة: ٢٤٦)، وجاء تفسيره في قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ (الزلزلة: ۸).
سبب ضلال المسيحيين
ومع
ذلك
لقد أله النصارى الجاهلون إنسانا ضعيفا عاجزا ووضعوا على رأسه حزمة آثامهم ومعاصيهم واعتبروه ،ملعونا فلا يوجد عندهم إلا اللعنة يطعنون في الآخرين فبما أنهم رفضوا شريعة الله المقدسة بإيمانهم بالفداء، فلم تتيسر لهم المتعة واللذة التي توجد في الأعمال الصالحة، وضربت عليهم اللعنة جراء اعتبارهم جميع عباد الله الأخيار سراقًا ولصوصا فلا يغيبن عن البال أبدا أن إنكار عباد الله الأخيار وتكذيبهم أمرٌ يهلك الإنسان، ويؤثر على قواه وكفاءاته الروحانية تأثير السم. إن الذي يسيء الظن بالصادق ويسيء أدبه يظل محروما من الحقائق والمعارف. لقد وقعت هذه اللعنة على المسيحيين لأنهم
اعتبروا جميع
الأخيار خاطئين.
باختصار، لقد بينت هذه الآية أمرًا لطيفا بأن هناك نظاما للمطر المادي ويعلم الناس اقتراب أيام الأمطار، فمثلا ينزل المطر عندنا في شهري فبراير ومارس، ثم في شهري يوليو وأغسطس. ثم من السر العجيب أن المطر لا ينزل بدون داع، بل ينزل في المواعيد التي يكون نافعًا فيها. وبالمثل هناك نظام للأمطار الروحانية، وحيث إنه بحث نظري، فقدّم الله عليه أمورًا واضحة بينة کشاهد مستخدمًا لفظ القسم مكان الشهادة، كما استخدم لفظ القرض في آية أخرى كما فصلتُ آنفا.
الملفوظات
۲۲۱
المجلد الأول
سلسلة المحدثين والمجددين
وهناك أمر آخر جدير بالانتباه، وهو أن هناك مطرًا ينزل لبذر البذور، وهناك مطرا آخر ينزل لتنمية البذور واخضرارها. وبالمثل إن مطر النبوة ينزل من أجل بذر البذرة، أما مطر المحدثين والمجدّدين المذكور في قول الله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر: (۱۰) فينزل لتنمية البذرة وإثمارها. وقد بينت مرارا أن النبوة بمنزلة الوتد للألوهية ومن أنكر النبوة أنكر الألوهية أيضا في نهاية المطاف،
وإن الولاية بمنزلة الوتد للنبوة، وإنكار الولي يؤدي إلى سلب الإيمان في النهاية. انظروا، فقد انقضى الآن أكثر من ثلاثة عشر قرنا على زمن رسول الله ، ولو أن الله تعالى ظل صامتا حتى اليوم ولم يُرِ تجلّيه، لعاد الإسلام مجرد قصة وحكاية، ولم يكن له فضل ولا خصوصية على الأديان الأخرى، ولم يقدر المسلمون على تقديم شيء للناس من آيات الإسلام الإعجازية إلا ما هو مسجل في كتبهم مثل الهندوس الذين لا يستطيعون تقديم شيء للناس أكثر من الخوارق المنسوبة إلى صلحائهم والمسجلة في كتبهم، ولو حصل ذلك فأي فضل كان سيبقى للإسلام على الديانات الأخرى؟ وإن الفطرة الإنسانية حين لا تجد فضلاً في أحد ترغب عنه وتعافه. ولو حصل ذلك لأدى لضعف إيمان الناس بالإسلام، لأن الإيمان بشيء لا يبقى قويا بدون رؤية فضله. ومن أجل ذلك قد جعل الله تعالى سياج الولاية حول زرع النبوة. فكم هو واضح ولطيف هذا الرد على الذين يعترضون على الأقسام القرآنية، والحق أنه لا يملك المرء برؤية هذا الأمر إلا أن يصدق بكل انشراح بأن القرآن الكريم
يبين المواضيع السامية جدا بمنتهى الروعة والبراعة.
الحكمة في فترة الوحي وفي موضع آخر قد أقسم الله تعالى بالليل ويقال إنه تعالى قد أقسم به حين
توقف الوحي عن النبي لفترة.
الملفوظات
۲۲۲
المجلد الأول واعلموا أن هذه مرحلة تأتي على الذين يتمتعون بفيوض الوحي. إن نزول الوحي يزيد المرء شوقًا وحبا ولكن في الفراق والهجران أيضا جذب يوصل الإنسان إلى مراتب عالية من الحب وقد جعله الله أيضا وسيلةً لقربه، إذ يزيد الفراقُ الإنسان قلقا وكربا ويلهب في روحه اضطرابا والتياعا، فينفخ فيه روح الدعاء، فتفرّ روحه إلى عتبة الله بمنتهى الحماس والشوق والحب قائلة: يا رب يا رب. وكما أن الرضيع إذا ما فُصل عن ثدي أمه قليلا لم يتمالك نفسه وفرّ إليها صارخا، كذلك تفرّ روح العبد إلى الله تعالى وهي مضطربة اضطراب الطفل بل أشد بكثير، ويوجد في هذا الفرار والسعي والكرب واللهفة من المتعة والسرور ما يستحيل وصفه اعلموا أنه كلما اشتدت روح العبد قلقًا واضطرابًا الله تعالى، وُفّق للدعاء ونفخت في أدعيته
منه
روح القبول.
باختصار، إن هذه المرحلة تأتي على المأمورين والمرسلين وعلى المحظوظين بالمكالمات الإلهية، ليُذيقهم الله تعالى من حلاوة الحب ولذة استجابة الدعاء، ويوصلهم إلى الدرجات العلى.
وقد أقسم الله هنا بالضحى والليل تبيانا لمدارج النبي العليا ومراتب حبه السامية، ثم برّأ الله تعالى نبيه لله وقال : انظروا إلى خلق الليل والنهار وما جعلنا بينهما من فاصل زمني وضَع في الحسبان وقت الضحى ووقت الظلام أيضا. ثم قال الله تعالى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (الضحى: ، أي لم يتركك الله ولم يغضب عليك، ولكن هذا قانوننا. فكما أن الله جعل الليل والنهار يتعاقبان كذلك جعل قانونا مماثلا بشأن أنبيائه عليهم السلام، حيث يُقطَع عنهم الوحي أحيانا ليزدادوا حماسًا للدعاء والابتهال. وقد قدَّمَ الله تعالى الضحى والليل على ذلك كشاهدين ليزداد النبي صلى الله عليه وسلم أملاً وينال السكينة والطمأنينة.
الملفوظات
۲۲۳
المجلد الأول
باختصار، إنما استهدف الله تعالى من هذه الأقسام تفهيم النظريات بواسطة
البديهيات. وكم كان هذا الأمر حكيما، ولكن انظروا كيف أن هؤلاء الأشقياء
اعترضوا عليه أيضا.
چشم بد اندیش که بر کنده باد عیب نماید هنرش در نظر
أي: عين الشرير قد فُقِئتْ إلى الأبد، حيث ترى فضل الآخر عيبًا. والحق أن هذه الأقسام القرآنية مليئة بفلسفة عظيمة تفتح أبواب الحكمة.
جهاد هذا العصر
قصارى القول إن الخوض في هذه الحرب ،واجبنا وهذه هي حاجة العصر، فبها تُفتح أبواب العلم، وبالحجج والبينات يهلك المعارضون وإنه لمن فضل الله علينا أن أهل البنجاب يطلعون باستمرار على معارف وحقائق لا أثر لها في بلاد الشام وغيرها من بلاد الإسلام ذلك أن هذه المصيبة قد ألمت بنا، حيث يهاجم الإسلام من كل حدب وصوب، فنضطر لإعمال قوتنا الفكرية ونستغيث بالله تعالى في أدعيتنا لرفع هذه المصائب والكروب، فيُغيثنا الله تعالى بمحض فضله ورحمته، ويكشف علينا حقائق ومعارف كتابه المقدس. يقول الحكماء إن القوة التي لا تُستخدم لأربعين يوما تتعطل في النهاية. كان لنا خال أصابه الجنون، فقاموا بحجامته ونهوه بشدة عن أن يحرك يده، فلم يحركها
عاطلا
بضعة أشهر فيبست وهذا يؤكد أن العضو الذي لا يستخدم يصبح بالفعل. إنّ هؤلاء النساك الهندوس والرهبان وغيرهم الذين لا يصلحون لجماع النساء، إنما سببه أمران: إما ارتكاب الفحشاء بكثرة، أو الانقطاع الكلي عن النساء. وهناك آلاف الأمثلة على الحالات التي تعطلت فيها الأعضاء هكذا ولم تصلح لشيء في نهاية المطاف.
الملفوظات
٢٢٤
المجلد الأول
في هذا الوقت تُوجّه إلينا ضربات سيف القلم ، وتُمطَر علينا سهام الطعن، ومن
الله
واجبنا ألا نعطل قوانا وكفاءاتنا، بل نزلق سهام أقلامنا لإثبات صدق دين المقدس ونبوة نبيه المصطفى ، خاصة وقد أتاح الله لنا الفرصة لذلك حيث خلقنا
في ظل هذه الحكومة الإنجليزية.
شكر المحسن جبلتنا
إن الجاهلين بمبدأ شكر المحسن يعتبرون أقوالنا وكتاباتنا كهذه مداهنة وتملقًا، ولكن الله تعالى أعلم بأننا لسنا لنداهن أي واحد من أهل الدنيا. هذه الخصلة لا توجد فينا بتاتا. غير أن شكر المحسن من جبلتنا، ولم يجعل الله فينا بفضله الغدرَ بالمحسن ونكرانَ جميله. إننا نقدّر منن الحكومة الإنجليزية، ونرى أنه فضل الله علينا أنه أرسل هذه الحكومة العادلة لحكمنا من آلاف الأميال، لينجينا
من
من
من حكم السيخ الظالم. فلولا هذه السلطنة فأقول والحقَّ أقول إنه ما كان بوسعنا أن نتصور الرد على مثل هذه المطاعن مطلقًا، ناهيك أن نردّ عليها فعلاً. ولكنا نرد على هذه الاعتراضات بحرية تامة وإن لم نشكر الله على فضله هذا لنكونن أكبر الجاهلين بعظيم منته والجاحدين لنعمته. لقد أتيحت لنا فرصة التفكير والتدبر والدعاء، وهكذا فتح الله علينا أبواب فضله لا شك أن الله تعالى هو مبدأ الفيض ،كله ولكن الإنسان يستعدّ بجهده لتلقي الفيض الإلهي، ثم بقدر استعداده وظروفه ينهل من هذا الفيض الرباني. وإنه لمن دواعي السرور أن هذه الفرصة قد أدت إلى انكشاف مؤهلات وكفاءات أهل الهند والبنجاب وتطوير قواهم العملية أيضا.
سلاح هذا العصر هو القلم
باختصار، إن هذا البلد دار حرب لمواجهة ،القساوسة، فيجب علينا ألا نجلس عاطلين، ولكن تذكروا أن حربنا لا بد أن تكون كحربهم، وألا نخرج إلى
الملفوظات
٢٢٥
المجلد الأول الساحة لمواجهتهم إلا متسلحين بمثل أسلحتهم، وذلك السلاح هو القلم، ولذلك قد خلع الله عليّ أنا العبد الضعيف لقب "سلطان القلم"، وقد سمى قلمي بـ "ذو الفقار علي". والسرُّ في ذلك هو أن هذا الزمن ليس زمن الحرب
والقتال، وإنما هو زمن القلم.
لا بد من التقوى من أجل الفتح
وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا.
لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر
يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر.
ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام
أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر
دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام.
إن أكبر مشكلتنا
هي
الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله
تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله لا الهلال النصرة المالية وعلى نفس المنهاج الذي هو منهاج النبوة نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول إننا مهما جمعنا من الأموال لنشر الإسلام إلا أنه ليس بوسعنا كما هو بديهي- جمعها بقدر أموال القساوسة. وحتى لو جمعناها بمقدار أموالهم، إلا أنني أؤمن أن النصر يحالف من كان الله راضيا عنه.
الملفوظات
٢٢٦
المجلد الأول
ضرورة الارتقاء خلقا وعملا
الله
فلزام علينا أن نطور أخلاقنا وأعمالنا، ونتحلى بالتقوى، لكي نفوز بفيوض نصرة ومحبته. وبعد الفوز بنصرة الله يجب على كل واحد منا أن يبذل كل ما في وسعه في الرد على هذه الهجمات ولا يفرّط في ذلك أبدا. غير أن الواجب أن تكون نيتنا في الرد أن يظهر بذلك جلال الله تعالى.
يناير ۱۸۹۸
الحث على المجيء إلى المركز
قال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يضع الناس أيديهم في يدي ويعاهدونني على إيثار الدين على الدنيا، ولكنهم ينسون هذا العهد بعد هنا، فماذا عسى أن ينتفعوا إن لم يأتوا هنا؟ لقد أسرتهم الدنيا
الذهاب
من
في قيدها، إذ لو كانوا يؤثرون الدين على الدنيا حقًا لتفرغوا من مشاغلها
وأتوا هنا.
الأول من فبراير ١٨٩٨
قبل ثلاثة أيام نزل الإلهام : "يوم تأتيك الغاشية. يومَ تنجو كل نفس بما كسبت". أي أن وقتًا مخيفا يغمي الناس ويحيط بهم من كل حدب وصوب لقادم، وعندها
سينجو كل إنسان نتيجة أعماله، وسنجزي الجميع بحسب أعمالهم.
بعد تلقي هذه الإلهامات أوصى المسيح الموعود اللي جماعته بشدّة بأن يعدوا عُدتهم، ويخشعوا في صلواتهم، ويواظبوا على صلاة التهجد ويدعوا فيها باكين، لأن الله لا يضيع المتضرعين المتقين.
۲
الحكم، مجلده، عدد ٢٢،
يوم
١١/٦/١٧ ص ١-٢ .
بدر، مجلد ۱۱ عدد ٤ - ٥ يوم ١١/١٦/ ١٩١١ ص ٣.
تعليقات
إرسال تعليق