التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 


تحقق الرؤيا (ب):


بدت نهاية فترة ولايتي في محكمة العدل الدولية، وكأنها نهاية حياتي المهنية العامة بعد واحد وعشرين عاما من العمل في نقابة المحامين، حيث كنت قد شغلت الوظائف العامة بشكل مستمر لستة وعشرين عاما من ١٩٣٥ - ١٩٦ ، أي ما مجموعه ٤٧ عامًا. كنت قد بلغت من العمر ٦٨ عاما، وأصبح لي الحق في الحصول على معاش تقاعدي من المحكمة يكفي لسد احتياجاتي المتواضعة. فاشتريت شقة مناسبة في كامبريدج، وقمت بتأثيثها واستقررت فيها، وكانت خطتي قضاء ثمانية أشهر من السنة في كامبريدج، وأربعة أشهر الشتاء في ربوة في باكستان ، حيث كنت قد بنيت بيتًا. وقد قدّمت مخطوط كتابي الذي عنوانه: "الإسلام ومعناه لإنسان العصر الحديث " ، إلى مكتب التصنيف والنشر (في ربوة) الذي وافق على نشره، وقد شجعني هذا، وأملني في تقديم بعض المساهمات في مجال مقارنة الأديان.

منذ ربيع عام ۱۹٣٤ وأنا مدرك لرؤيا والدتي، وقد كنت مقتنعًا بأنها رؤية حقيقية مثل كل رؤاها، ولا بد من تحققها، ولم أكن أعرف تفسيرها الحقيقي، ولم أتوقع متى وكيف سوف تتحقق. ولم يكن أحد يعرف ذلك سوى الله تعالى الذي كشف الرؤى لوالدتي، لذلك لم أسمح بتأثير تلك الرؤى على أحكامي في أي وقت. وإن الملخص الموجز لحياتي المهنية العامة المبين في الفصل السابق يكشف أني لم أكن حريصا على اغتنام الفرص للتحقيق الحرفي للرؤى. واختياري للمحكمة الاتحادية عام ١٩٤١ لم يكن بسبب تأثري برؤيا والدتي، بل نتيجة رؤى حلمت بها عندها في الأسبوع السابق مباشرة، ولكن بالنسبة لهم كان يجب أن لا أتردد في تحقيق رغبة الحاكم العام.

لو اخترت البقاء بصورة دائمة في الهند بعد التقسيم عام ١٩٤٧، لكنتُ أول رئيس لمحكمة العدل العليا في الهند؛ ففي كانون الأول/ ديسمبر من تلك السنة، أعطيت فرصة الاختيار في أن أصبح أول رئيس قضاة لمحكمة باكستان العليا، لكني فضلت حقيبة الشؤون الخارجية، وعين ميان عبد الرشيد رئيسا للقضاة. وفي عام ١٩٥٢ عندما كانت ولايته على وشك الانتهاء، بذل جهودًا حثيثة لإقناعي في أن يقترح اسمي خليفة له، لكني قاومت كل جهوده اللطيفة تلك، ليس لأني لم أكن جاهزا بعد لأن أصبح رئيس القضاة، بل لأنني كنت على اقتناع بأني سأتمكن من خدمة قضية باكستان بوزارة الخارجية بشكل أفضل منه في رئاسة المحكمة العليا.
الآن، في الثامنة والستين من العمر لم أعُد مؤهلاً للحصول على منصب بالقضاء العالي في باكستان. ولو أعيد انتخابي في محكمة العدل الدولية، أن أخلف الرئيس كليستاد في رئاسة المحكمة، ولكن لم يتم إعادة انتخابي فحسب، بل لم يُنتخب أي من قضاة المحكمة ثانيةً، ومع ذلك، لم أكن أشك للحظة واحدة في صحة رؤيا والدتي، فتركتُ أمر تفسيرها الصحيح وتحقيقها على النحو الواجب إلى الله تعالى، العليم الرحيم.

في صيف عام ١٩٦١، توقف المشير محمد أيوب خان رئيس باكستان، في لندن، وهو في طريقه إلى الأمم المتحدة للقيام بزيارة رسمية، وكان قد تعرّف علي منذ عدة سنوات، وكنا صديقين جيدين، فبعث إلي
في لندن أنه يريدني أن أذهب إلى الأمم المتحدة ممثلاً دائما لباكستان. فقلت له لا داعي لأن يشعر أنه يجب أن يوفر لي عملاً لأني الآن بدون وظيفة. فأكد لي أنه تواق لتحسين تمثيل باكستان في الأمم المتحدة، لذلك فهو متحمس لذهابي إلى هناك. وخلال رحلة العودة، أرسل لي مرة أخرى، وقال إنه قد ذكر اقتراح تعييني للأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد، الذي سُرِّ بسماع ذلك، وأن عليّ أن أنظر إلى المسألة على أنها أمر واقع وأن أرتب مع عبد القادر منصور، وزير الخارجية، أمْرَ زيارة باكستان للاطلاع على التعليمات النهائية.

وصلتُ إلى نيويورك في ۱۲ آب/أغسطس، حيث كانت ستعقد الدورة السادسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر، وأخبرني نائبي السيد آغا شاهی أن السيد منجي سليم من تونس والسيد علي ساتسر و أميدجويو من أندونيسيا كانا المرشحين لرئاسة تلك الدورة بسبب المساعي الحميدة ليو ثونت ، الممثل الدائم لبورما فيما بعد. وقد تم الاتفاق على اختيار منجي سليم لرئاسة الدورة السادسة عشرة، على أن يختار علي ساتسر و أميدجويو لرئاسة الدورة السابعة عشرة.

جرت الدورة السادسة عشرة مثل سابقاتها، بتمهل وروية وامتدت حتى عيد الميلاد في كانون الثاني / يناير ١٩٦٢، وفي نيسان/ إبريل ١٩٦٢، صرّحت حكومة إندونيسيا أن علي ساتسر وأميدجويو لن يرأس الدورة السابعة عشرة ، فبدأت التكهنات بشأن رئاسة تلك الدورة، واقترب مني السفير عبد المنعم الرفاعي، مندوب الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة، واقترح أن أرشح اسمى لرئاسة الدورة المقبلة، فأجبته أن الدول الإفريقية – الآسيوية تشكل الآن الغالبية في الأمم المتحدة، ويقال إنه يجري الآن محاولة تشكيل الجمعية العامة بصورة ما، لذا من الحكمة تجنُّبُ ما من شأنه أن يساعد وجهة نظر هذا الافتراض، فيجب تجنُّبُ تولية آسيوي مباشرة بعد رئيس إفريقي حسب رأيي.

ماذا تقترح إذًا؟
أقترح أن نسعى إلى تفاهم مع اللاتينيين، بأن يتولوا الرئاسة هذا العام، شريطة أن يوافقوا على تناوب الرئاسة مناصفةً بين من هم من أصل أفريقي أو آسيوي من جهة والغربيين واللاتينيين من جهة أخرى.

سأتشاور مع ممثلي الدول العربية وأخبرك بقرارنا.

تم التوصل إلى تفاهم مع اللاتينيين، واتفق على اختيار السفير أماديو، مندوب الأرجنتين الدائم لدى الأمم المتحدة، لرئاسة الدورة السابعة عشرة. وبعد أن تم الاتفاق على ذلك بوقت قصير حدثت ثورة في الأرجنتين، ورفض السفيرُ أماديو طَلَبَ النظام الجديد في الاستمرار بتمثيل الأرجنتين في الأمم المتحدة واستقال من منصبه. وقبل أن يتفق اللاتينيون على مرشح آخر، أعلن البروفسور مالالاسيكرا، مندوب سيلان الدائم، ترشيحه لهيئة الرئاسة، وبدأت الأقوال إن الآسيويين يستطيعون الفوز بالرئاسة لو أرادوا ذلك. وفي هذه الفترة الحاسمة أصـر عبد المنعم الرفاعي أن أرشح اسمي للرئاسة. وقد ادعى البروفسور مالالاسيكرا ، الذي كان سفير بلاده في موسكو أن ما بين خمسة وعشرين وثلاثين صوتا من المفترض أنها الدول الشيوعية والبوذية في جيبه، ولو أن مرشحًا آخر تنافس معه، فسيفوز بأغلبية لا تقل عن خمسة وعشرين بالمائة. قبل افتتاح الدورة أصبح واضحا أنني سأنتخب رئيسا. وقد قرأت النظام الداخلي للجمعية العامة، ولكني قلقت جدا، كيف سأبلي بلاء حسنًا في مقعد الرئاسة. كانت ست نقاط أو أكثـر مـــــن الدستور تثار في كل جلسة للجمعية العامة ، وكان على الرئيس أن يحكم بناء عليها. وقد ذهبتُ قبيل لحظة افتتاح الجمعية العامة لصلاة الظهر، وأثناء الصلاة تضرعتُ الله تعالى بتواضع وجدية لدعمي وتوجيهي. دعا الرئيس الذي أوشكت فترة رئاسته على الانتهاء – لبدء الجلسة، وعند التصويت للرئاسة، حصل البروفسور مالالا سيكرا على سبعة وعشرين صوتًا بينما حصلت أنا على اثنين وسبعين. فصعدت إلى المنصة ، وبدأت محضر الجلسة بتلاوة الآيات من ٢٦ إلى ٢٩ من سورة طه -وهي قوله تعالى: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي).-. وقد لفتت مجلة مسيحية الانتباه إلى هذا ، وعلقت أن الرؤساء المسيحيين لم يغامروا في نطق اسم الله على المنصة خشية أن ينزعج المندوبون الشيوعيون، بينما بدأ رئيس مسلم محضر الجلسة بتلاوة من القرآن الكريم و لم يحتج على ذلك أحد.

بفضل الله المحض سارت الدورة بشكل سلس جدا، وكان يسودها
جو من التعاون الودي، وكانت الاجتماعات تعقد للمرة الأولى في مواعيدها المحددة.
رتب جدول الأعمال بالتشاور مع المندوبين وأدخلت عليه التعديلات المناسبة، وكان الرئيس متواجدًا بيسر وسهولة، وقد أنجزت انتخابات مجلس الأمن والهيئات الأخرى جميعها في أقل من ساعتين، وهي التي كانت تستغرق ساعات وساعات أحيانا. تم تداول جميع البنود الواردة في جدول الأعمال والتشاور حولها على النحو الواجب، وأنهت الجلسة أعمالها قبل أربع وعشرين ساعة من الموعد المحدد، وقلّما حدث مثل هذا من قبل. وبالنسبة لي، فإن أكثر ما سرني هو أنه لم تثر نقطة واحدة من الدستور طوال الجلسة، فالحمد لله !
حياتي الدبلوماسية، من آب / أغسطس ١٩٦١ حتى شباط/فبراير ١٩٦٤ في سن ٦٨ سنة ونصف إلى ٧١ سنة كانت مناقضة تماما



لسكون الحياة وهدوئها التي اعتزمت أن أعيشها في كامبريدج؛ حيث لا صخب، بل هدوء سائد في جميع أنحائها. في عام ١٩٦٢، فُوِّضتُ في
نفس الوقت أن أكون سفير باكستان في الأرجنتين، وأن أقوم بزيارتين إلى بيونس آيرس، فأوصيت أنه ينبغي أن يتم تأسيس السفارة في بيونس آيرس، وتمت الموافقة على ذلك، وعُيّن السيد خُرَّم خان باني (من شرق باكستان) سفيرًا في الأرجنتين خلفا لي.

في ربيع عام ١٩٦٢، مثلت باكستان في احتفالات الاستقلال في ترينيداد وتوباغو، وبقيتُ مدة أسبوع في بورت أوف سبين، وكانت تجربة ممتعة وسارة جدًا، وقد أعجبتُ بسلاسة وجلال الطريقة التي تم بها كل شيء.

 حصلت الجزائر على استقلالها، ودخلت عضوية الأمم المتحدة عام
١٩٦٢ أثناء رئاستي للجمعية العامة، وقد سرني هذا الحدث جدًا. وكان الوفد الجزائري يرأسه الرئيس أحمد بن بيلا، وكان فيه وزير الخارجية محمد خميستي. وقد ترأس الوفد الباكستاني في الجلسة السيد محمد بوجره، وزير خارجية باكستان، وقد حثه الرئيس بن بيلا بقوة على أن أزور الجزائر بعد انتهاء الجلسة مباشرة.

وخلال الجلسة ، خاطب الرئيس الباكستاني محمد أيوب خان ورئيس
الولايات المتحدة جون فيتزجيرالد كينيدي الجمعية العامة. وقد استدعيت إلى إسلام أباد فور انتهاء الجلسة، ووُجهتُ لأن أرتب برنامجا لزيارة عدد من بلدان شرق وشمال إفريقيا. فبدأت بزيارة عدن، ثم زرتُ الصومال، كينيا، تنزانيا، أوغندا، السودان، مصر، ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب في كانون الثاني/ يناير عام ١٩٦٣، واستقبلتُ بحفاوة وكرم في كل مكان. وقد ألقيت خطابًا في البرلمان الصومالي، وقلّدت أعلى وسام عسكري صومالي من قبل رئيس الصومال. وكان من بين الشخصيات البارزة التي كان لي شرف لقائها السيد جومو كينياتا في كينيا؛ والسيد مالكولم ، ماكدونالد، حاكم كينيا، وهو صديقي منذ فترة طويلة؛ والسيد جوليوس نيريري، رئيس تنزانيا، حيث حللت ضيفًا في قصر الدولة، دار السلام؛ والشيخ عمري عبيدي، وهو شاب بارز وواعد؛ والدكتور ميلتون ،أو بوتي، رئيس وزراء أوغندا؛ والسير فريدريك ،موتيسا ملك بوجاندا والسيد الصادق المهدي، حفيد المهدي السوداني؛ وصديقي الموقر العقيد جمال عبد الناصر، رئيس مصر؛ وصاحب الجلالة الملك إدريس، ملك ليبيا والرئيس الحبيب بورقيبة، رئيس تونس؛ والرئيس أحمد بن بيلا، ووزير الخارجية محمد الخميتسي، والسيد فرحات ،عباس رئيس برلمان ،الجزائر وصاحب الجلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب، الذي تكرم وقلدني أعلى وسام عسكري في المغرب، وأحمد بالافريج، رئيس وزراء المغرب. ثم قلدت أعلى وسام عسكري في سورية من قبل الرئيس السوري شكري القوتلي عام ١٩٤٧ ، وأعلى وسام هاشمي من قبل جلالة الملك الحسين ملك الأردن عام ١٩٥٤.

الشيخ عمري عبيدي، كان أحمديًا متحمسًا، وقد درس الإسلام في ربوة وكرس نفسه لخدمة دينه،  وكان قد انتخب أول عمدة تنجانيقي لدار السلام، وأصبح عضوًا في البرلمان، وكان مفوض المنطقة الغربية في وقت الزيارة التي قمت بها، وبعد وقت قصير عُين وزيرا للعدل، وقاد وفد تنزانيا إلى الدورة الثامنة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي وقت لاحق، توفي بتسمم غذائي، وكان جوليوس نيريري، جومو كينياتا وميلتون أوبوتى من بين من حمل نعشه.


في كمبالا قمتُ بافتتاح مسجد أحمدي جميل.

في حزيران / يونيو عام ١٩٦٣، قمت بزيارة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية بناء على دعوة من وزير الخارجية السيد جروميكو، وهناك زرت ، ليننجراد ،موسكو، طشقند وسمرقند. وفي طريق العودة ، زرت وارسو براغ وزيورخ حيث قمت بمراسم افتتاح مسجد أحمدي. وفي طشقند و سمرقند تأثرت كثيرا بالوحدة الثقافية بين باكستان وأوزبكستان، وظننت أن نفس الشيء ينطبق على الجزء الأكبر من جنوب السوفييت.

شعر الآخرون نحوي برضا تام، بفضل الله تعالى، أثناء الدورة السابعة عشرة للجمعية العامة، بحيث بدأتُ في منتصف عام ١٩٦٣، النظر فيما إذا كان ثمة فرصة معقولة لانتخابي لمحكمة العدل الدولية الذي يجري الانتخاب لها كل ثلاث سنوات، وكان من المقرر عقده في خريف عام ١٩٦٣، وقد صادف أن كان ثلاثة من القضاة الخمسة من المحكمة الذين
كان من المقرر استكمال ولايتهم في المحكمة في شباط/فبراير ١٩٤٦ هم من أمريكا اللاتينية، وعندما عُقد أول انتخاب للمحكمة عام ١٩٤٦، كان هناك خمسون عضوا من الأمم المتحدة، من بينهم عشرون من أمريكا اللاتينية، ومن بين القضاة المنتخبين الخمسة عشر، كان هناك خمسة من رعايا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ومن العشرة المتبقية كان هنالك أربعة من أمريكا اللاتينية، الذين كانوا متفاهمين تماما حول تنسيبهم في عضوية الأمم المتحدة. وبحلول عام ١٩٦٣، ارتفعت عضوية الأمم المتحدة إلى أكثر من مائة، بينما ظلّ عدد الأعضاء من أمريكا اللاتينية عشرين عضوا كان هناك شعور قوي بأنه ينبغى شغل المقاعد الشاغرة الثلاثة اللاتينية بواحد من آسيا، وواحد من إفريقيا وواحد من أمريكا اللاتينية ، وكان السيد فؤاد عمون، وزير خارجية لبنان، أحد المرشحين الآسيويين؛ فشعرتُ أن الأمر يستحق
المحاولة للفوز بأحد المقاعد الشاغرة اللاتينية ، وتم اقتراح اسمي مرشحا .
 أخبرني السيد آغا شاهي أن دبلوماسيا لبنانيا كبيرا مرّ بكراتشي، والتقى به ، واقترح أنه ينبغي سحب اسمي حتى لا أتعرض للإحراج، لأنهم حصلوا على وعود لدعم غالبية أعضاء مجلس الأمن، فضلاً عن أعضاء الجمعية العامة، وأنه من غير المرجح انتخاب اثنين من الآسيويين، فعلق السيد آغا شاهي أنه لا يمكن استبعاد إمكانية انتخاب اثنين من الآسيويين.



وحتى يتم انتخاب المرشح ، فقد كان المطلوب أغلبية كل من أعضاء مجلس الأمن وأعضاء الجمعية العامة، في حين أن عضوية مجلس الأمن كانت تقتصر على أحد عشر، فإن ستة تشكل الأغلبية. وقد حصل السيد عمون بكل تأكيد على أغلبية كلتا الهيئتين في التصويت الأول، و كان الفرق بيني وبينه في مجلس الأمن أنه حصل على سبعة أصوات وحصلت أنا على ستة ، وهكذا فإنه يجب أن ينتخب كلانا، ولكن ظهرت صعوبة في الإجراءات.

في مجلس الأمن لم يحصل خمسة مرشحين على الأغلبية بل ستة مرشحين، مما اقتضى وجوب إعادة الاقتراع في مجلس الأمن. في الاقتراع الثاني حصل أيضًا ستة مرشحين على الأغلبية، ولكن ارتفعت أصواتي إلى سبعة وانخفضت أصوات السيد عمون إلى ستة، وفي الاقتراع الثال، حصل خمسة مرشحين على الأغلبية، ولكن أربعة منهم فقط على غالبية الجمعية العامة، وأعلن انتخاب هؤلاء الأربعة، وكنت واحدًا منهم. حصل السيد عمون على الأغلبية في الجمعية العامة، ولكنه حصل على خمسة أصوات فقط في مجلس الأمن، وحصل المرشح الإفريقي على الغالبية في مجلس الأمن، لكنه فشل في الحصول على الغالبية في الجمعية العامة، وهكذا ملئت أربعة شواغر، وكان لا بد من الاقتراع لأجل المقعد الشاغر الخامس. في الاقتراع لشغل المنصب الخامس الشاغر ، ضَمِنَ المرشح الأفريقي الغالبية في كلتا الهيئتين وأُعلن انتخابه. كان نائبي الدكتور و. إ. حمداني متأثرًا جدًا ، وأراد أن يعرف كيف فشل السيد عمون الذي كان مدعومًا في كلتا الهيئتين ولم يتم انتخابه وتم انتخابي أنا. فقلت له: إني سأشرح له المسألة عندما نعود إلى مكتبنا، ولكن ذلك حصل بفضل الله تعالى قبل كل شيء، فالحمد لله.

لقد بدأت العمل بالمحكمة بدوام كامل لمدة تسع سنوات في ٦ شباط/ فبراير عام ١٩٦٤ أي في يوم ميلادي الحادي والسبعين. كنت قد فقدت أقدميتي الأصلية بين زملائي في المحكمة، فصرتُ الآن مبتدئًا بين أحد عشر منهم، والأعلى فقط بين ثلاثة تم انتخابهم معي وكانوا أصغر سنا مني.

دعیت من قبل حاكم البنك المركزي في نيوزيلندا لأخطب في مؤتمر المصرفيين حول موضوع غير فني في تشرين الثاني / نوفمبر، عام ١٩٦٥. كان لي بعض المشاغل في الولايات المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر، فسافرت من سان فرانسيسكو إلى أوكلاند في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر، وقطعت الرحلة لمدة أسبوع في جزر فيجي، حيث يوجد جماعة أحمدية فعالة ونشطة ومنظمة؛ هذه الجزر هي في الحقيقة واحدة من أطراف الأرض، حيث يمر بها خط التوقيت الدولي؛ ومن أوائل الإلهامات التي تلقاها مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية من الله تعالى: "سأبلغ دعوتك إلى أقاصي الأرضين. وتدل كل المؤشرات، بفضل الله تعالى أن للجماعة الإسلامية الأحمدية مستقبلا مشرقا في جزر فيجى، وقد سررت واستمتعت كثيرًا في كل لحظة من وجودي في نيوزيلندا. ثم طرت من نيوزيلندا إلى سيدني، حيث أمضيت ثلاثة أيام ممتعة جدا في كينبرا.

أديت العمرة وزرت المدينة المنورة عام ۱۹۵۸ . وفي ربيع عام ١٩٧٦، كان لي الحظ العظيم في أداء الحج إلى بيت الله الحرام وزيارة المدينة المنورة مرة أخرى، ونزلت ضيفًا عند صاحب الجلالة الملك فيصل. وقد رافقني للحج أنور أحمد وزوجته أمينة بيغم، وقاما بالعناية بي طوال الرحلة . جزاهم الله أحسن الجزاء على اهتمامهم بي على مر السنين.

 في وقت لاحق من نفس العام، دُعيت لزيارة جنوب إفريقيا، وفي كيبتاون، وهي طرف آخر من الأرض، التقيتُ بأعضاء الجماعة الأحمدية الصغيرة، وزرتُ العواصم التنفيذية والتشريعية والقضائية والمدن الكبيرة للاتحاد ومررت بالدكتور فورستر ، ورئيس الوزراء ورئيس الاتحاد. وفي وقت لاحق، رأيت الكثير من الناس، وتحدثت معهم، وجلست مع المحكمة العليا ،واستمعت إلى الحجج في الاستئناف.

 تواجه جنوب إفريقيا مشكلة إنسانية معقدة وشديدة، ولا يسهل حلها، وقد أحرز بشأنها بعض التقدم، لكنه بطيء، ويشق طريقه بارتباك وضعف شديد. منذ أن اعتنت الحكومة المركزية بالتعليم والسكن تم تحسينهما، ولكن يجب أن يكون معلومًا أنه كلما تحسّن سكنُ غير البيض، وكلما قدّمت لهم تسهيلات تعليمية أكبر ازدادوا وعيًا للتمييز الذي يتعرضون له ، وكان رد فعلهم أعنف على ذلك. وبعبارة أخرى، يتهيء المواطن الأسود أكثر للمطالبة بالحقوق المدنية، وتزداد الضغينة لديه بسبب الحرمان الذي فُرض عليه، ولذلك، على البيض أن يعدّوا أنفسهم للتقدم بسرعة نحو تحقيق هدف عدم التمييز. الداء هو داء الروح، والعلاج يجب أن يسعى لشفاء الروح. المفارقة هي أن البوير (أي المستعمر الهولندي)، الذي هو بطريقته الخاصة متدين جدا، ليس مستعدًا للاعتراف بأن غير الأبيض هو في الحقيقة مخلوق من مخلوقات الله، تماما مثل البوير، وبأن الله تعالى قد جعل الرغبات الجسدية والمادية والمعنوية والسعادة الروحية لغير البيض أيضا كما هي عند البوير (الأبيض).

القضاة الذين فازوا في عام ١٩٦٩ في الانتخابات التي تجري كل ثلاث سنوات، بدأوا العمل في شباط / فبراير ۱۹۷۰ في المحكمة الدولية، فأثيرت قضية رئاسة المحكمة، وقد ذُكر اسمي واسم السير جيرالد فيتز موريس. وكان من المرجح أن يكون السباق قويا، ثم جاء اسم قاض ثالث، وأصبح كل شيء في السباق غير مؤكد، باستثناء أن عملية الانتخابات ستكون طويلة وهذا ما ثبت على أرض الواقع؛ وقد تتابع الاقتراع بعد الاقتراع بشكل غير حاسم، وحصل تحول في وقت متأخر من اليوم الثاني من الاقتراع، وانتخبتُ وأصبحت أول رئيس آسيوي للمحكمة، وهكذا تحققت رؤيا والدتي التي رأتها في المنام منذ أكثر من ثلث قرن، ولم يكن ذلك نتيجة أي تخطيط بشري أو وفقا لتوقعات أي مخلوق، لكنه، كما هو واضح، نتيجة خطة إلهية. 

تأمل حياتي المهنية والأنشطة من عام ١٩٣٤ إلى عام ١٩٧٠ الواردة في الصفحات السابقة: في ربيع عام ١٩٣٤ كان السير شادي لال مستعدًا للتوصية بتعييني في هيئة المحكمة العليا، وكنت آنذاك في الحادية والأربعين من العمر، وكان من المعقول أن أصبح رئيس قضاة المحكمة العليا قبل تقاعدي في سن الثانية والستين، وهذا ينطبق أكثر على عرض السير دوغلاس يونغ الذي قال لي بعد ذلك ببضعة أسابيع، إنه سيوصي بتعييني في الشاغر الأول الدائم في هيئة المحكمة، حيث قد أترأس خمسة قضاة آخرين.

وعندما اخترتُ الذهاب إلى المحكمة الاتحادية عام ١٩٤١، اعتقد أصدقائي أن اختياري لم يكن حكيمًا. لو ترك لي الاختيار لواصلتُ العمل في الحكومة، ولكن التوجيه الإلهي كان يشير بوضوح إلى المحكمة الاتحادية. لو اخترت البقاء بشكل دائم في الهند بعد التقسيم عام ١٩٤٧، لأصبحت بالتأكيد أول رئيس لقضاة المحكمة العليا في الهند؛ ولكني كنت مصرًا على أن لا أستقر في الهند.
في كانون الأول/ ديسمبر عام ١٩٤٧، عُرضت على رئاسة العدالة في المحكمة العليا في باكستان، لكني فضلتُ حقيبة الشؤون الخارجية. وفي عام ١٩٥٢، حثني بشدة ميان عبد الرشيد، رئيس قضاة محكمة باكستان العليا، على أن أوافق على خلافته في المحكمة، لكني رفضت عرضه اللطيف. لو أعيد انتخابي عضوا في محكمة العدل الدولية عام ١٩٦١، لنجحت بالتأكيد بخلافة الرئيس كليستاد في رئاسة المحكمة، ولكن لم يُعد انتخابي، وبدا ذلك نهاية حياتي المهنية العامة. وبنظرة دنيوية لم يعد هناك إمكانية لتحقيق رؤيا والدتي، ولكني كنت مقتنعًا بأن رؤيتها كانت صحيحة، وهي تتضمن وعدا إلهيا لا بد أن يتحقق، كيف؟ ومتى؟ لا أعرف؛ وكما جاء في القرآن الكريم : أَلا إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (يونس: (٥٦). حين يغلق الله تعالى بابا لا بد أن يفتح آخر، وكان فتح الباب أني أُرسلتُ إلى الأمم المتحدة سفيرا لباكستان وأنا أبلغ من العمر ٦٨ عاما . ولكن تأمل مرة أخرى العمل العجيب الذي فعلته المشيئة الإلهية؛ كان السيد منجي سليم من تونس سيُنصب رئيس الدورة السادسة عشرة (١٩٦١) للجمعية العامة، ووعد السيد علي ساسترو أميدجويو من أندونيسيا برئاسة الدورة السابعة عشرة (١٩٦٢)، في هذه الحالة، سيكون تناوب الرئاسة من أمريكا اللاتينية (١٩٦٣)، ومن إفريقيا عام (١٩٦٤) ومن الغرب (١٩٦٥)، ومن آسيا (١٩٦٦)، بحلول ذلك الوقت، سأكون قد تجاوزت الثالثة والسبعين، ويكاد يكون من المؤكد أني سأكون تركتُ الأمم المتحدة، ولكن السيد علي ساستر و أميدجويو لم يكن موجودًا عام ١٩٦٢، ورغم ذلك تمت الموافقة على اقتراحي بأنه ينبغي أن تكون الرئاسة عام ١٩٦٢ من أمريكا اللاتينية وعام ١٩٦٣ من آسيا. كان السفير أماديو (من الأرجنتين) اختيار اللاتينيين، ولكنه استقال من منصبه في الأمم المتحدة بسبب الثورة في بلاده، وتقدمت لرئاسة الجمعية العامة عام ١٩٦٢.
قدرا
وبفضل الله تعالى سارت أمور الرئاسة بشكل جيد مما منحني قدرا كبيرًا من الإرادة القوية، وفي أواخر عام ١٩٦٣ ، قررتُ ترشيح نفسي لمقعد في المحكمة الدولية الذي يجرى الانتخاب عليه كل ثلاث سنوات، وكان السيد فؤاد عمون، وزير خارجية لبنان، أحد المرشحين أيضا، وكان قد ضمن مسبقا تأييد أغلبية أعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة، مما جعل انتخابه مؤكدًا بينما انتخابي بعيد الاحتمال. ومع ذلك، أنتخبت، وفتح هذا الطريق لانتخابي رئيسا للمحكمة عام ١٩٧٠ وعمري سبعة وسبعون عامًا، وهكذا تحققت رؤيا والدتي التي حلمت بها منذ ست وثلاثين سنة، فالحمد لله.

لم يقتصر الأمر على أنني أصبحت رئيسًا لأعلى محكمة في العالم، ولكني الشخص الوحيد حتى الآن الذي جمع بين رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية في آن واحد، وهذا امتياز لا زلت أحتفظ به حتى الآن.

الطريقة الاستثنائية التي تحققت بها رؤيا والدتي هي دليل إيجابي على وجود الله، وعلى إمكانية إقامة علاقة معه ، وعلى حقيقة أنه يتكلم اليوم كما كان يتكلم في الأيام الخالية، وهي دليل أيضًا على أن الرؤى الأخرى التي وجهت والدتي لقبول الأحمدية كانت صحيحة أيضًا. كيف مكنتني العناية الإلهية من أداء مسؤولياتي رئيسًا للمحكمة؟ أمرٌ ليس ذا صلة مباشرة بتحقق رؤيا والدتي، مع أنه بالضرورة موجود ضمنًا في ذلك، هذا التضمن سيكون موضع تقدير الأشخاص القادرين على تمييز الأمور الإلهية.
طريقة سرد هذه الرؤيا الجديرة بالذكر اضطرتني إلى استباق أحداث وقعت لفترة طويلة بعد وفاتها، وسأواصل الآن قصة حياتها اعتبارا من عام ١٩٣٤ فصاعدًا.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...