التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزمان يدعو مصلحا سماويا:





الزمان يدعو مصلحا سماويا:

الزمان يدعو مصلحا سماويا:

الزمان يدعو مصلحا سماويا:


وفيما يتعلق بكون القرآن غير مبدل وغير محرف فنؤمن نحن الأحمديين بذلك إيمانا أقوى من غيرنا. أما قولهم بأنه لا حاجة إلى مصلح إطلاقا بسبب كون القرآن غير مبدّل فهذا ما يرفضه القرآن بنفسه رفضا باتا. يقول الله : وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا . (الفرقان: ۳۱) 

كم هي أليمة الشكوى التي يرفعها النبي الى الله تعالى عن الذين يأتون في أمته لاحقا إذ يقول: يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.

  كم هي موجعة هذه الشكوى التي يشكوها النبي من قومه! والمعلوم قطعا من هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الذي هو سيد البشر وأفضل الأنبياء يشكوا إلى الله ولا فيما يتعلق بهذا الكتاب الكامل. ماالمراد من هذه الآية، وكيف سيهجر الناسُ القرآن الكريم؟

 يوضح النبي هذا الأمر أيضا بنفسه فيقول:

يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه . " 

(مشكاة المصابيح كتاب العلم الفصل الثالث، ورواه البيهقي في شعب الإيمان، وكنز العمال ج ۱۱ باب تتمة الفتن من الإكمال)

 السؤال الآن: هو هل كان هذا قد حدث قبل ظهور سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود أم لا؟ وهل كان الناس فعلا قد اتخذوا القرآن مهجورا أم لا ؟ فإذا كان كل ذلك قد حدث قبل بعثته ، فلا يبقى أي أساس لزعمهم القائل بأن القرآن الكريم موجود دون أي تحريف وتغيير، فلا حاجة لمصلح.

يقول السيد نور الحسن خان الذي سبق ذكره:

لم يبق الآن من الإسلام إلا اسمه فقط ولم يبق من القرآن إلا رسمه. المساجد عامرة ظاهريا ولكنها خراب من الهدى تماما. علماء الأمة هم شرّ مَن تحت أديم السماء ، من عندهم تخرج الفتن وإليهم تعود." اقتراب الساعة ص ۱۲)

وبالإضافة إلى ذلك فإن المولوي ثناء الله الأمر تساري الذي كان من أعدى أعداء سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود اضطر للاعتراف التالي:

"الحق أن القرآن قد ارتفع من بيننا تماما، ونؤمن بالقرآن بصورة افتراضية فقط، لكن والله نعتبره من قرارة القلب شيئا تافها جدا وكتابا بلا طائل." 

(جريدة أهل الحديث عدد ١٤ يونيو/حزيران ۱۹۱۲م ص۱۲) 

القرآن الكريم موجود بين المسلمين المعاصرين دون أدنى تغير كما يقول الكتيب الحكومي، الأمر الذي نقرّ به نحن أيضا. أما فيما يتعلق بتعلّمه وتعليمه الآخرين واقتباس الفيوض منه فإعلان الكتيب الحكومي في هذا الصدد باطل تماما. وإن خالفني أحد الرأي فليقرأ تعليق الشيخ أبي الكلام آزاد حيث يذكر حالة الأمة المحمدية كما رآها. إنه يذكر حالة أمة تدعي الانتماء إلى محمد المصطفى ، فيقول : "ليس هناك نوع واحد من الشقاوة ولا وجه من أوجه الهلاك إلا وقد خيم على المسلمين. وليس هناك نوع واحد من الضلال لم ينتشر في هذه الأمة بأشد صورها." (تذكرة ص۲۸۹) 

ولا يغيبن عن البال أن الشيخ أبا الكلام آزاد يُعتبر مرشدا كبيرا لمجلس الأحرار. وعندما أنتج المؤتمر الهندي (الحزب السياسي للهندوس) مجلس الأحرار كان السيد أبو الكلام آزاد هو الوسيط الحقيقي بين الكونغرس ومجلس الأحرار. 

يضيف آزاد قائلا:

فجميع خطوات الضلال التي خطاها أهل الكتاب فقد خطاها المسلمون كلها تماما لدرجة قد تحقق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو دخلوا جُحْرَ ضَبٌ لدخلتموه . "

 فدت أنفسنا وأرواحنا ذلك الصادق المصدوق، إذ قد تشبه المسلمون بالمشركين في تقاليدهم وعاداتهم حقا. وقد اختار المنتمون إلى دين التوحيد تقاليد عَبَدَة الأصنام كلها. وبدأت من جديد عبادة اللات والعزى التي سبق أن تم تخليص الدنيا منها." (المرجع السابق)

إذن الكتاب موجود ، ثم ما الذي جرى؟ وما هذه القيامة التي قامت حتى بدأت من جديد عبادة اللات والعزى؟ وعمت القوم اليوم جميع أوجه الهلاك والدمار واللعنة التي يذكرها السيد آزاد. فهل فكرتم مرة ماذا ينقص المسلمين حتى بلغت حالهم ما بلغت؟ من الواضح جدا أنه ينقصهم المرسل من الله. ينقصهم المزكي السماوي والمصلح الرباني الذي يقوم الله معه حيثما قام، والذي يرسله الله بأمر منه ويهب له بصيرة من نوره، ويؤيده وينصره ويهب له قدرة على إصلاح أحوال القوم الفاسدة.

 وهناك مفكر إسلامي آخر حسب رأي معارضي الجماعة) وهو العلامة محمد إقبال، يرى أن الأمة تُسمّى الأمة المحمدية ظاهريا، ولكن حالتها تبعث على الرثاء والأسف الشديدين. وذلك لأنه عندما يُنسب شيء طيب إلى شخص طيب يشعر الإنسان بالسعادة والفرح ، ولكن عندما يحدث العكس، فلا يرغب الإنسان حتى في ذكره.

يقول العلامة إقبال في بيت شعره ما تعريبه "هناك ضجة أن المسلمين قد انعدموا من الدنيا تماما. نتساءل ، هل كانوا موجودين أصلا في وقت من الأوقات." جواب الشكوى من كتابه "بانك درا" ص ٢٢٦)

يتساءل "مفكر الإسلام" عما هو وضعهم إذن، فيقول: "أنتم النصارى هيأةً واليهود حضارةً. هل مسلمون هؤلاء القوم الذين يخجل اليهود أيضا من سوء تصرفاتهم؟. منكم من ينتمي إلى قريش، ومنكم من هو من الأفغان، أيا كنتم. ولكن قولوا بالله هل أنتم مسلمون أيضا؟" (المرجع السابق) 

فما قولكم الآن أيها المعارضون؟ إنكم ما قبلتم ما صرح به القرآن، وما اهتديتم بهدي الأحاديث الشريفة، فلا بد أن تقبلوا الآن حكم من تزعمونه "مفكر الإسلام".

والآن إليكم ما قاله الشيخ المودودي الذي يحتل مكانة عالية عند أصحاب السلطة في باكستان. لا شك أن الشيخ المودودي قد توفّي ، ولكن جماعته لا زالت موجودة بشكل من الأشكال وتغدق عليها حكومة باكستان أنواعا من النعم والعطايا. يقول الشيخ المودودي: "ليس في شريعة الله ما يبرر وجود فرق مختلفة مثل أهل الحديث والحنفية والبريلوية والديوبندية والشيعة وأهل السنة وغيرها. هذه الفرق نتاج الجهل." (خطبات للمودودي ص١٢٨)

الغريب في الأمر أن الشيخ لا يقبل على صعيد الواقع ما يقوله بلسانه.

أما القول بأنه لن يُبعث بعد الرسول نبي من أي نوع ، فله وجهان: الأول : أنه لن تظهر حاجة تستدعي بعثة الأنبياء نهائيا. وهذا ما صرحوه في البيان الأبيض المزعوم ، وأبطلته بالقرآن الكريم ومسلّمات المسلمين الأخرى.


والثاني: يمكن القول إنه ستكون هناك حاجة إلى الأنبياء ، ولكن الله لن يبعث أحدا. وهذه تهمة كبيرة على الله ورسوله ، بحيث يبدو من هذا الاستنتاج،  أن النبي جاء لوضع حدّ لنعم الله على هذه الأمة (والعياذ بالله 

والواقع أنه صلى الله عليه وسلم ما جاء لوضع حد لفيضه ، بل جاء لإنقاذ البشر من كل نوع من اللعنة. ولكن كم هي غريبة حالة هؤلاء المشايخ، إذ يرون قد سُدَّ باب فيض النبي ولكن كل نوع من اللعنة باق وجار على حاله، ولا يدرون أن هذه اللعنات إنما هي من صنع أنفسهم. فالسؤال الملح الآن هو، هل هناك حاجة إلى مصلح رباني أم لا؟ وإذا كانت هناك حاجة، ورغم ذلك قلتم إنه لن يأتي أحد، فليس هناك ظلم أكبر من ذلك يمكن صبه على الأمة المحمدية.

هاكم الآن بيان ضرورة مجيء المصلح حسب الشيخ المودودي:

"إن معظم الناس يبحثون، لقيادة حركة دينية، عن رجل كامل يكون تجسيدا لكل الكمالات التي يمكن أن يتصورها كل واحد منهم. وبتعبير آخر، إنهم يبحثون عن نبي وإن كانوا يقرون بختم النبوة بأفواههم، ولو تفوه أحد ببقاء النبوة لاستعدوا لنزع لسانه من جذره." (جريدة "مسلمان"، الصادرة في سوهدره بالهند عدد ۲۸ فبراير ١٩٤٣م نقلا عن جريدة "الفضل" الصادرة في قاديان عدد ٦ مارس ١٩٤٣م)

يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ما معناه:

"إن قلوبهم معنا مهما أطالوا علينا لسانا سليطا."

إن الذين هم مستعدون دائما لنـزع ألسنتنا من الجذور تنادي قلوبهم، كما يقر الشيخ المودودي بنفسه، أنه لا يقدر على إصلاحهم إنسان هو أقل مرتبة من نبي، إذ ليست هناك عين رأت مثل المساوئ التي هي منتشرة في العالم في أيامنا هذه.


يتبين من التاريخ الذي يذكره القرآن أنه كلما وجد الضعف - مهما كان بسيطا – طريقه إلى قوم بعث الله إليهم نبيا. إذا فسدت معايير الوزن والكيل لدى قوم أرسل الله إليهم نبيا . وإذا أساؤوا التصرف في الأموال أرسل الله إليهم نبيا .

فخلاصة الكلام أن الأنبياء كانوا يبعثون فيما سبق لكل مرض روحي مهما كان صغيرا، فقام الأنبياء فقط دون غيرهم بالإصلاح. رغم أن الكتب السماوية كانت موجودة في أقوامهم مسبقا، فكيف فسدت حالهم؟ ما الذي جرى لهم إذ ليس هناك مرض روحي يمكن أن يتصوره الإنسان إلا وهو منتشر على نطاق واسع في أيامنا هذه، ومع ذلك يرفضون بشدة إمكانية مجيء مصلح من الله.

قد عاينت الدنيا أنواعا جديدة للظلم والاضطهاد وعمت وسادت، ورغم ذلك كله يقول هؤلاء: لا حاجة لنا لمرسل من الله . لو ظهر الدجالون الكذابون لرحبنا بهم، لكن يجب ألا يأتي نبي من الله، فإننا لا نقدر على تحمله.


يذكر السيد فضل الدين في مقدمة الكتاب "تذكره" للشيخ أبي الكلام آزاد كيفية الانتظار الشديد للمهدي المنتظر في زمنه ويقول: 

"لو انتبه أحد من هؤلاء المشايخ، ولو للحظة، إلى حال القوم المتردية لحاول إقناع نفسه وأتباعه بالقول: ما الفائدة من مساعيكم ومساعينا؟ قد قربت القيامة، ولا بد من دمار المسلمين. فلنؤجل الأمور كلها في انتظار ظهور الإمام المهدي، عندها سوف تخلو الدنيا كلها للمسلمين تلقائيا." (تذكرة ص (۱۲)

وورد في كتاب هام لأهل الشيعة:

"إذا كان الناس بحاجة في وقت من الأوقات إلى معلم روحي فإنهم أحوج إليه اليوم. إلا أن يقال بأن الناس لم يكونوا في وقت من الأوقات بحاجة إلى رسول أو إمام أو معلم روحي. وأن بعثة المعلمين من الله لاغية وباطلة. ولكن الذي اعترف بهذه الحاجة من قبل فسوف يعترف بها الآن أيضا. والذي آمن بالأنبياء والأولياء والأوصياء من قبل سوف يؤمن بهم الآن أيضا، وسوف يعترف بوجود الإمام. إن المنكر بوجود إمام آخر الزمان ينكر أيضا جميع الأنبياء والأوصياء. وهذا ما يثبت من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم " 

الصراط السوي في أحوال المهدي للسرسوي ص٤٩-٥٠)

 ولكن المشكلة أن معارضينا لن يقبلوا شيئا ما لم يقله "مفكر الإسلام" العلامة محمد إقبال، لذا لا بدّ لنا أن نبحث عن أقواله. وها قد وجدنا مقتبسا من أقوال "مفكر الإسلام" هذا بعد جهد مضن، في مجموعة رسائله المنشورة بعنوان: إقبال نامه، ضمن رسالته الموجهة إلى السيد سراج الدين بال، جاء فيها:

"يا ليت يستجاب دعاء الشيخ نظامي في عصرنا هذا، فيشرف النبي بمجيئه مرة أخرى، ويكشف اللثام عن دينه للمسلمين الهنود." (إقبال نامه ج ١ ص ٤١)

أي لا يمكن إحياء الإسلام دون مجيء محمد مرة أخرى حسب رأي مفكر الإسلام هذا، والدين الذي جاء به محمد المصطفى كان غير الذي يعيش معه الناس ويتصورونه اليوم.

 والآن أقدم إليكم شهادة قاطعة من الآيات الأولى لسورة الجمعة لا يسع أحد رفضها إطلاقا. يقول الله : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياته ويُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالِ مبين وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (الجمعة :٣-٥). 

يقول الله تعالى إنه لفضل خاص منه، يؤتيه من يشاء، ويُنزله في أي بلد يشاء. وبين الله الموضوع نفسه في موضع آخر أيضا حيث قال: أهم يقسمون رحمة ربك (الزخرف:۳۳)؟ كلا! بل الله هو صاحب الرحمة يؤتيها من يشاء ويُنزلها حيثما يشاء.


يحاول العلماء الفرار من هذا الموقف قائلين إن المراد من "الآخرين" المذكورين في الآية هم أولئك الذين كانوا في زمن النبي .. أي أولئك الذين لم يلتقوا بالنبي الله وأصحابه بعد بل سيأتون في الفترة اللاحقة من النبي نفسه. عصر هذا تأويل قد رفضه الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه. فقد جاءت في صحيح البخاري رواية يصعب العثور على رواية أقوى منها: عن أبي هريرة له قال : كنا جلوسا عند النبي ، فأنزلت عليه سورة الجمعة وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم قال، قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي. وضع رسول الله يده على سلمان ثمّ قال: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء."

 (البخاري كتاب التفسير، سورة الجمعة)

 الأمر الأول الذي يتبين من جواب النبي هو أن الآخرين المقصود بهم هنا هم أولئك الذين سوف يأتون في وقت متأخر جدا. وللرد على السائل: وضع النبي يدله على سلمان الفارسي، الشخص الوحيد الذي كان من غير العرب.. ولم يضع يده على أحد من العرب.. وقال: لو ارتفع الإسلام إلى الثريا سيكون هناك رجال عظام من أهل فارس، أي من قوم سلمان الفارسي ( سوف يعيده إلى الأرض، كما جاء في رواية أن رجلا من أهل فارس يعيده إلى الدنيا.


إذن ، من هم "الآخرين منهم"؟  هم أولئك الذين يظهرون حين يكون الإيمان بالثريا. وهل يُعقل أن يحدث ذلك ويرتفع الإيمان إلى الثريا في زمن النبي ؟ حين يقول النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه:

خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب."

أي القرون الثلاثة الأولى بعد فجر الإسلام تكون مستنيرة، أي إن نوري لن يختفي فجأة. أنا شمس ذات شأن عظيم يبقى نوري في الشفق إلى ثلاثة قرون بعد وفاتي، وسوف ترون هذا النور بأم أعينكم، ثم يأتي عصر الظلام. ولن يُبعث أثناءه أحدٌ حتى يطول هذا الليل المظلم، وسيبدو وكأن الإيمان قد اختفى من الدنيا وأصبح بالثريا.

فكيف يمكن إذن أن نعتبر الآخرين هؤلاء من زمن النبي ؟ 

يقول الأستاذ ميكنزي في الفقرتين الأخيرتين من كتابه:

Introduction To Socialogy ، قولا حكيما للغاية وتعريبه كالآتي:

"لا يبلغ المجتمع إلى أوج الكمال دون أناس كاملين. ولا تكفي لهذا الغرض المعرفة البحتة والاطلاع على الحقائق فقط، بل لا بد من الهياج والقوة المحركة... إننا بحاجة إلى معلم ونبي... لعلنا بحاجة إلى مسيح جديد... ومن الضروري لرسول هذا العصر أن يستخدم الوعظ والتبشير في هذه المعمعة..."

ولقد ورد في الكتيب الحكومي نفسه:

"كلما أعلن أحد النبوة بعد النبي، اعتبره المسلمون كاذبا ومرتدا دون أدنى تردد. و لم ترى الأمة بأسرها حاجة إلى المناقشة معه والبحث في أمره، وهذا يكفي للإثبات أن الميرزا كاذب في دعواه."

ثم يقولون: "ما زال تفسير "خاتم النبيين" رائجا في العالم كله خلال ١٤ قرنا الماضية أن سيدنا محمدا كان آخر نبي من أنبياء الله، ولن يأتي بعده نبي. وبناء على عقيدتهم الراسخة هذه ظلوا متكاتفين ضد كل من أعلن النبوة. وفي زمن لاحق أيضا لم تتسامح الأمة الإسلامية إطلاقا، على مدى تاريخ الإسلام، مع أي شخص ادعى النبوة."

يقولون بناء على ما سبق ذكره إنه لا يمكن أن يأتي نبي أبدا، وكذلك ثبت أيضا - حسب زعمهم - أن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود العليا كان كاذبا في إعلانه (والعياذ بالله).

لقد استخدموا في كلامهم هذا أيضا تلبيسا غريبا ومداورة بغيضة، إذ لم يبدؤوا ذكر التاريخ من حيث يجب ذكره بل قدموا جزءا ضئيلا جدا منه وأخفوا قسطا كبيرا. كان من المفروض أن تكون دعواهم على النحو التالي: لقد جرت عادة الدنيا منذ زمن سيدنا آدم إلى زمن رسولنا أنه كلما ادعى أحد النبوة خالفته الدنيا، ولا سيما إذا كان المدعي صادقا. وهذا هو تاريخ الأنبياء الذي يبينه القرآن الكريم ويقول: إنه لم يكن هناك نبي عامله الناس معاملة حسنة ،بل أنكروه دائما وظلموه واستهزؤوا به، فيقول: يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) (يس: (۳۱). 

إن خالق العباد يقول: يا حسرة عليهم. وهذه قاعدة كلية جارية منذ البداية. فهل ترفضون يا معارضينا كل نبي، بعد التسليم بهذا المبدأ، لأن كل واحد من الأنبياء قد تعرض للمخالفة والمعارضة؟ وكيف استنتجتم تلك النتيجة التي توصلتم إليها؟ ألم يحدث هذا في أمة موسى؟ ولقد قرأتُ عليكم آيات القرآن الكريم التي تقول إن الأنبياء الذين جاءوا من بعد موسى تعرض جميعهم للمعارضة. لا شك أنه قد ظهر بعض المتنبئين الكاذبين أيضا لكنهم هلكوا كلُّهم. إذن، فالمعارضة التي لقيها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود لا تؤيد موقفكم بشكل من الأشكال لأن المعارضة تدل على صدقه الله حسب المبدأ القرآني.



وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ

والآن أشرح لكم موضوعا آخر ، وهو ما الذي يأمر به الله فيما يتعلق بشخص يعلن النبوة؟ فلو وافقت تصرفاتكم يا معارضينا هدي القرآن الكريم ، لقبلناها على العين والرأس، وإلا فلا يذكر القرآن الكريم أن سيدنا موسى حين أعلن النبوة وخالفته حكومة عصره، وخالفه قومه أيضا مخالفة شديدة، وبدأ فرعون وكبار القوم يخطّطون لقتله الله، عندها قال رجل من قومه يكتم إيمانه: وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذي يَعِدُكُمْ (غافر: (۲۹)، لأن الله أعلم منكم بالكاذب، وهو أحق بذلك. إذا كان موسى كاذبًا فيما يقول، فإنني أؤكد لكم أنكم لن تؤاخذوا بكذبه، فلماذا تهلكون أنتم أنفسكم في مخالفته؟ ولكن إذا كان صادقا، سوف يحل بكم العذاب الذي يعدكم به، فلن تجدوا مفرا ولا ملاذا .

 هذا هو التصرف اللائق الذي يأمر القرآن الناس أن يقوموا به تجاه من يعلن النبوة بين ظهرانيهم. والمعلوم أن هذا قول شخص عادي وليس قول رسول من الرسل حتى يسجل في القرآن الكريم. ولكن القرآن الكريم رغم ذلك قد اهتم بقوله اهتماما كبيرا حتى احتفظ به كنصيحة للآخرين إلى يوم القيامة. إن القرآن الكريم يجيز تجاه من يدعي النبوة ذلك التصرف الذي قام به شخص من قوم موسى سبق ذكره آنفا. ولكن الأسف كل الأسف أن تصرفات حكومة باكستان والمشايخ تعارض تماما ذلك التصرف المذكور في القرآن الكريم.

ولا يسع الحكومة إلا الاعتراف بأن سيدنا المسيح الموعود قد أنقذ من شرور المعارضين. لقد أشعلت نيران المعارضة ضده في كل حدب وصوب، وحيكت المكائد لقتله ولكنها خابت وفشلت كلها. ألم يعلم العلماء آنذاك أن المجادلة مع مدّعي النبوة حرام. ثم أو لم يعكف كبار العلماء من معاصريه على الجدال والمناقشات معه؟ في حين كان الأجدر بهم ألا يخالفوا هدي القرآن الكريم في هذا الصدد. ألم يكن في القارة الهندية كلها مسلم شجاع واحد يتقدم لاغتياله وينجح في ذلك؟ ولكن لماذا لم يتمكنوا من ذلك بل ظلوا صامتين واجمين؟ ألم يكن حريًّا بكل مَن يُدعى عالما - بحسب منطقهم - أن يتسابق مع غيره في محاولة قتل سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ؟ ولكن الله تعالى لم يوفقهم لذلك وأنقذ عبده من مكائدهم وشرورهم.




معارضة الإمام المهدي المنتظر:

أما فيما يتعلق بالمعارضة، فالسؤال المبدئي هو: هل سيلقى الإمام المهدي المنتظرُ المعارضة أم لا ؟ إذا كانت المعارضة معيارا لكونه كاذبا فلن يأتي فيكم صادق أبدا، لأن أكابركم قد تنبؤوا بأن المهدي المنتظر سوف يلقى معارضة مريرة.

يقول السيد نواب نور الحسن خان:

"هذا ما سيواجهه المهدي الليل إذا جاء. فإذا جاء سوف يصبح الإخوة المقلدون كلهم عطاشى لدمه ويخططون لقتله، ويقولون: هذا الشخص يفسد ديننا." اقتراب الساعة ص ٢٢٤)

والشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي الذي يحظى باحترام كبير في عالم الإسلام بأسره يقول:

"وإذا خرج هذا الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة."

الفتوحات المكية ج ٣ ص ٣٣٦)

يقول إن الفقهاء والعلماء سيقومون بعداوته البينة، أما عامة الناس فيعارضونه في خفاء. فماذا يكون قولكم أيها المعارضون عندما يظهر المهدي الصادق ؟ سوف تبررون معارضتكم إياه بقولكم إننا ما زلنا نقوم بالمعاملة نفسها مع كل من قام بمثل هذا الإعلان منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، لأنهم كانوا كاذبين وأنت كاذب كذلك.

ثم يوضح نواب صدیق حسن خان ماذا عسى أن يحدث عند ظهور الإمام المهدي فيقول ما تعريبه:

"سيقول علماء الوقت المتعودون على تقليد الفقهاء واقتداء المشايخ وآبائهم إن هذا الشخص يهدد ديننا وملتنا، ويقومون لمعارضته ويكفرونه ويضللونه حسب عادتهم." 

آثار القيامة في حجج الكرامة ص ٣٦٣)

ولقد وضعوا على الكتيب الحكومي نفس العنوان، وهو أن الأحمديين خطر رهيب على الإسلام ، فكفّروهم وأهينوهم.


الآن أقدم إليكم قول مجدد القرن الثاني عشر. يقول حضرته:

"ليس غريبا أن يرفض علماء الظاهر مجتهدات حضرة عيسى بسبب دقة مأخذها وأسرارها ، فيروها مخالفة للكتاب والسنة." 

(مكتوبات الإمام الرباني ج ۲ ص ۱۰۷)


إن هذا المقتبس هام جدا لأنه يذكر معارضة سوف يلقاها عيسى ، في حين أننا في أغلب الأحيان نجد ذكر معارضة الإمام المهدي ولا نجد ذكر معارضة لعيسى .

يقول العلماء :

إن عيسى سينزل من السماء واضعا يديه على ملكين لابسا مهرودتين أقول: فإذا حدث ذلك، فمن سيجرؤ إذن على إنكاره؟ ويقولون أيضا إن عيسى عندما سيصلي خلف الإمام المهدي، تنعدم إمكانية رفض الناس إياه تلقائيا وهكذا تُحل المشكلة.

إن حضرة المجدد للقرن الثاني عشر يملك مكانة مرموقة بين العارفين بالله وكان يملك نظرة دقيقة فقال قولا حكيما وعظيما للغاية. إن المسيح الذي سينزل من السماء مباشرة – حسب عقيدتهم المختلقة – لا يمكن لأي مسلم عادي أن يفكر في معارضته، ولكن الإمام الرباني قد أخبر بكل وضوح بأنه سيلقى المعارضة حتما.


بقي أن نمر بمزيد من المراوغات الواردة في الكتيب الحكومي. إن الإنسان ليتحير من أمره إذ لا يدرك ماذا يريدون قوله إلا بعد تأمل كبير، لأن الكتيب كله عبارة عن الغش والخداع وليس إلا.

 يقولون: 

يتبلور من هذه الدراسة الوجيزة أن اعتقادنا بختم النبوة جزء من إيماننا، وهو ليس قانونا ذا أهمية أسطورية لا يخضع للنقاش، بل لـه مضامين اجتماعية أيضا، وبناء على ذلك فقد ساعد هذا الاعتقاد كثيرا على تشكيل حضارة إسلامية." 

ما يقصدونه من هذا الكلام هو أن إعلانهم بتمسكهم بعقيدة ختم النبوة ليس إعلانا فارغا فقط ، بل السبب الهام لذلك أنه قد أسفر عن وحدة الحضارة الإسلامية. وبسببه قد بدا في العالم بأسره تمدنا ووحدة عظيمة. فالاستنباط الذي أنتج نعمة كبيرة للأمة المسلمة في كافة أنحاء العالم، كيف يمكن أن نتخلى عنه ؟ 

ثم يقولون: 

إنه لدعامة من دعائم الإسلام فلو أزلناها لانهدم بناء الإسلام بأسره. 

ثم يقولون:


"لقد اعتُبر هذا الاعتقاد على الدوام جزءا من الإيمان غير المختلف فيه. هذا هو الأساس القوي الذي لا يقوم عليه بناء الإسلام النظري فقط بل يقوم عليه بناؤه الحضاري أيضا."

 ويقولون أيضا:


لقد جعلت هذه النظرية من الأقوام المختلفة والطوائف المختلفة من أزمنة مختلفة أمةً واحدةً منخرطة في سلك واحد."

 أي إن الشرح للاعتقاد بختم النبوة بأنه لن يأتي نبي بعد رسول الله ، قد جعل الأمة المسلمة أمة واحدة.

وقالوا أيضا:

"إنه أثار التساؤلات في أذهان الناس، وهكذا هيأ بكل وضوح أسسا لبناء حضارة فريدة."


ولكن السؤال هو: كيف هيأ الاعتقاد بعدم مجيء نبي أسسا للحضارة الإسلامية؟ وإذا كانت أسس الحضارة الإسلامية لا تقوم من دون هذا الاعتقاد. فما الذي أنجزه الأنبياء السابقون الذين يبلغ عددهم ١٢٤ ألف نبي تقريبا؟ 

من المعلوم أنه لم يكن أحد منهم خاتم النبيين، فكيف قامت أسس الحضارات في عهودهم؟ وكيف تيسرت الوحدة لأقوامهم؟




ختم النبوة وأركان الإسلام والإيمان:

 إليكم الآن مزيدا من التعليقات على هذا الوضع. وكما سبق لي أن قلت إن الإيمان بكون النبي الله خاتم النبيين اعتقاد لا يقبل الجدل والنقاش أبدا. والحق أننا نحن المسلمين الأحمديين أشدُّ تمسكا به من غيرنا. أما شرح كلمة "خاتم النبيين" الذي تركز عليه الحكومة والمشايخ فقد أثبتُ أنه شرح مستحدث.

الحقيقة أن الاعتقاد بختم النبوة لم يكن من أركان الإيمان قط في وقت من الأوقات. وذلك لأن السؤال الذي يفرض نفسه هو: من ذا الذي يحق له أن يحدد أركان الإيمان؟ سيدنا رسول الله لا أم أنتم؟ هل كان النبي الذي نزل عليه القرآن الكريم يجهل هذا التعريف الذي تقدمونه اليوم للإسلام؟

يقول رسول الله : بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ." (الترمذي، كتاب الإيمان) 

هذه هيالأركان الخمسة للإسلام التي كان يعلمها النبي . والركن السادس قد تم اكتشافه فيما بعد ولم يُعط النبي صلى الله عليه وسلم أي علم به.


هناك حديث آخر رواه سيدنا عمر:

"كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى أتى النبي فألزق ركبته ،بركبته ثم قال يا محمد: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره." (الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في وصف جبرائيل)

لا نجد ذكر الاعتقاد بختم النبوة ضمن أركان الإيمان أيضا. والجدير بالذكر أن الحديث المذكور آنفا يحمل أهمية كبيرة لأن الراوي يقول بعد ذلك بأن الزائر الغريب صدق ما قاله النبي . وقال الصحابة إننا تعجبنا من أمره فقال النبي : يا عمر هل تدري من السائل؟ ذاك جبريل أتاكم يعلمكم معالم دينكم.

لا نجد ذكر ختم النبوة هنا أيضا ضمن أركان الإيمان. غير أن الأحمدية تؤمن بختم النبوة إيمانا كاملا إذ يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود المقسما بالله وعمل بأننا نؤمن إيمانا كاملا بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والذي لا يؤمن بذلك لا نعتبره مسلما، ليس لأن هذا الاعتقاد يدخل في أركان الإيمان، بل لأننا نعتقد اعتقادا راسخا أن كل حرف من القرآن الكريم، بل وكل نقطة منه تحمل عظمة كبيرة لدرجة لو رفضها أحد لخرج من دائرة الإسلام لتوه.


السؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو: إن آية "خاتم النبيين" نزلت في عام ٥ هـ، مما يعني أن معظم فترة النبوة كانت قد مضت قبل نزولها. السؤال الآن هو : أو لم تكن الأمة المحمدية أمة واحدة قبل نزول الآية؟ أ تكن أسس التمدن الإسلامي والحضارة الإسلامية قد أقيمت قبل نزول الآية؟ وما هي الأحداث التي حدثت بعد عام ٥ هـ حتى جعلت الأمةُ أمة واحدة ، ووُضعت أسس الحضارة الإسلامية؟ ما أوهنه من كلام وما أجهله !! ولا علاقة له بالحضارة الإسلامية لا من قريب ولا من بعيد. يجب أن نرى ما الذي حدث الحضارتكم اليوم؟ وأية قيامة قامت على تمدنكم حتى انحرف الناس من الاعتقاد الأساسي للحضارة الإسلامية؟

 يقول "مفكركم الإسلامي" العلامة إقبال ما معناه:

إذا أراد أحد مشاهدة نموذج حقيقي للسيرة الإسلامية،  فليشاهدها في الجماعة القاديانية (يقصد الأحمدية (الناقل)

(The Muslim Community,  ASociological study, by Allama Dr.  Mohammad Iqbal, Page.23.



إنها لقسمة غريبة حقا بحيث إن الذين هم ثابتون على معتقدات أساسية قولكم - انتزعت منهم حضارتهم كليا، فلم يعودوا متحدين ولم يبقوا ثابتين على قيم الحضارة الإسلامية، والذين ليست لهم علاقة، كما تزعمون، بالمعتقدات الأساسية يقول عنهم مفكركم: إذا أردتم مشاهدة نموذج حقيقي للسيرة الإسلامية ، فلتذهبوا إلى قاديان وشاهدوها هناك إذ لن تروها في أي مكان آخر. وإن إعلانهم عن الأمة الواحدة وإقامة أسس الحضارة والتمدن ليس إلا إعلانا فارغا لا حقيقة له ولا أساس.

إذا كان المراد من الحضارة هو أساليب الحياة العادية ، فلا شك أن المسلمين يتفننون في كل أنحاء العالم في أساليب الحياة، بما فيها اللباس والطقوس الأخرى مثل الزواج والحجاب وما إلى ذلك. وهناك فوارق كبيرة بين طرق العيش عند المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة. فعلى سبيل المثال، يعيش المسلمون في إندونيسيا عيشا غير الذي يعيشه المسلمون في أفريقيا وأوروبا، ونفس الحال بالنسبة إلى تشيكوسلوفاكية وفنلندا وهنغاريا وغيرها من البلاد. كذلك للأفغان حضارة تختلف تماما عن حضارة المسلمين في جنوب الهند مثلا. والمعلوم أيضا أن بنغلاديش حين قررت الانفصال عن باكستان ، صرح أهلها بكل وضوح أن حضارتنا تختلف عن حضارة باكستان تماما وإن كنا على دين واحد. وقالوا: لا شك أننا نعتنق اعتقادا مثل اعتقادكم بالنسبة إلى ختم النبوة، ولكن لكم حضارتكم ولنا حضارتنا. 

فلو ألقيتم نظرة فاحصة ومتأنية على العالم كله لوجدتم حضارات مختلفة في كل مكان. وإذا كان المراد من الحضارة هي القيم الدينية والأفكار الدينية والطقوس الدينية الأخرى، فهناك فوارق كبيرة فيها أيضا. هناك اختلاف كبير بين المعتقدات وطريق العمل بها في كل مكان. هناك اختلاف في طريق أداء الصلاة، إذ يصلي الناس في بلد مثلا واضعين أيديهم على صدورهم ويطلقونها أثناءها في بلد آخر. وفي بعض المناطق يرفعون اليدين أثناء الصلاة وفي بعضها الأخرى تُبتر الأصابع. عند رفعها. وهناك من يكفّر القائل برفع اليدين أثناء الصلاة، وهناك من يكفّر من لا يرفعها أثناءها. سافروا إلى أفريقيا وانظروا إلى كيفية الصلاة لدى متبعي مذهب المالكية. ثم انظروا إلى صلاة أتباع الخميني في إيران الذين يُحضرون الحصى من مدينة كربلاء" ويضعونها أمامهم عند السجود، هذه أيضا حضارة! إذن ، فكل هذه ليست إلا ادعاءات فارغة وأساطير افتراضية تبنون عليها حضارة أمة محمد !! ما هي الحضارة وما نوعها؟ وبأية كلمات يذكرها علماؤكم أنتم؟ إليكم ما قاله الشيخ المودودي في هذا الصدد: لو استعرضتم هذا المجتمع الإسلامي المزعوم لوجدتم المسلمين من أنواع مختلفة حتى يتعذر عليكم إحصاؤها. إنه لحديقة حيوانات اجتمعت فيها ألوف الأنواع من الحيوانات بما فيها النسور والحدءات والغربان والعصافير وغيرها،  وكل واحد منهم "عصفور" 

المسلمون والعراك السياسي الحالي ج ٣ ص ٢٦)

لاحظوا مدى الظلم والإهانة والسخرية التي يوجهها إلى الأمة، ولا يشعر لها بأدنى ألم، بل كلما يتحدث يسخر من القوم ويستهزئ استهزاء ما بعده استهزاء. ولم يكتمل استهزاؤه ما لم يستعمل تعبيرا ساخرا (عصفور) رائجا في منطقة "يو بي بالهند، وله معنى خاص في تلك المنطقة. وكان الأجدر به أن يشعر بالألم على ذلك بدلا من الاستهزاء والسخرية. لا شك أن الناس قبله أيضا ذكروا مثل هذه الأمور لأن الحق يقال، ولكنهم ذكروا ذلك بشعور عميق للتوجع والتألم وليس بالسخرية والاستهزاء مثله. أما الشيخ المودودي فيتلذذ بالتهكم على وضع المسلمين السائد.


أهذه هي الحضارة التي توحد عليها المسلمون جميعا؟ هل هذا ما أسفر عنه اتفاقكم على فكرة عدم ظهور نبي بعد رسول بعد رسول الله ؟ هل هذه هي الحضارة التي تتشدقون بها وتعلنونها على دقات الطبول؟ لا شك أنها قصص افتراضية كلها.

أقدم إليكم الآن حال المسلمين في بورما، من خلال مقتبس من جريدة موثوق بها عند المعارضين وهي جريدة "أهل الحديث" عدد ١٦ نيسان ١٩١٤م، حتى لا يقول معارضونا إنكم أنتم الذين أفسدتم الوضع كله. يقول مراسل الجريدة: "هذا العبد الضعيف مقيم هنا منذ عشرة أيام ، كان هناك اجتماع ديني انعقاده في الساعة الثانية بعد ظهر اليوم في المسجد الجامع. فذهبت إلى المسجد عند الظهر. كان المسجد مليئا بالناس وكان الوضع مثيرا للاستغراب والعجب. هناك كؤوس من الخمر وأطباق من التمور والموز موضوعة أمام إمام المسجد. يرفع الناس أيديهم ويقرؤون بعض الأوراد مرة بعد أخرى، وكلماتها: "معشوق حقاني عبد القادر الجيلاني". الروح ذات الفتوح" وغيرها. وبعد الأوراد عزفوا على أنواع مختلفة الموسيقى وتصاعدت الأصوات: يا مرادي يا مرادي" ، حتى دوت في أنحاء المسجد، ثم خلطوا بالماء نشارة من الصندل ووضعوا علامات بيضاء على أعناق الجميع وجبهاتهم مثلما توضع للرهبان. ثم استولت على امرأة فاسقة حالة معينة من "الوجد" وبدأت بالرقص في المسجد! هذا نموذج لحضارة إسلامية في بورما - الناقل) ووضعت وجهها فوق الموقد، ووضعت يدها بين الوجه والنار. أي) وضعت الوجه فوق النار لإراءة الناس فقط ووضعت أمامه يدها خلسة حتى لا يحترق - الناقل) ثم شرع خادم المسجد يعزف على الدف بقوة، فساد السكوت المسجد كله. ثم قرأ الشيخ الورد النهائي ووُزّعت التمور والموز والأشربة ولبسوا أكاليل الزهور. ثم نهضوا الساعة الرابعة وقبلوا حوالي خمسين راية موضوعة في المحراب، ثم أخرجوها، ثم زيّنوا بها ثلاثة أفراس وأركبوها روح "قادر الأولياء" * -* المرشد الديني في منطقة "مدراس" بالهند الذي كانوا يحتفلون بذكراه. (الناشر)- على أحد الأفراس. هذا أحد النماذج للحضارة التي تشكلت نتيجة للإيمان بختم النبوة، حسب زعمهم - الناقل), وأركبوا أرواح حوارييه على فرسين آخرين. ثم تجولوا في المدينة متسولين يطلبون العطاء. عندما كان هؤلاء الناس يتجولون في المدينة كانت هيأتهم تبعثني على الضحك عفويا. وكان هناك بعض الرجال الأقوياء الضخام وأصحاب اللحى قد لبسوا لباسا تحتانيا قصيرًا جدا وهم يرددون: "يا مرادي يا مرادي عبد القادر " والآخرون يدقون وراءهم الطبول في حالة غريبة من النشوة، وهكذا عادوا إلى المسجد قبيل المغرب. يا أسفًا على المسلمين الذين كان دينهم التوحيد وقد أصبحوا اليوم يرتكبون الشرك والبدعات كهذه، وذلك في المساجد!"

أقول: إن مثل هذه المشاهد تتراءى هنا وهناك في كل بلد. وتظهر حضارة مختلفة تماما في احتفالات كهذه في باكستان مثلا، إذ نرى حضارة من نوع في مساجد أهل الحديث، وحضارة من نوع آخر في مجالس العزاء لأهل الشيعة. كما تختلف هذه الطقوس من بلد إلى آخر، فمثلا إن أهل الشيعة في إيران لا ينحبون حدادا على سيدنا الإمام حسين العليا كما ينحب الشيعة في باكستان. ومن أهل الشيعة من يستنكر هذا الفعل نهائيا ومنهم من يشجب مستنكريه. ففي كل مكان هناك حضارة مختلفة تماما، ولم تعد هناك وحدة في الأفكار الحديثة أيضا. ولذلك فإن قولهم عن وحدة الحضارة ليس إلا ادعاء فارغا لا حقيقة لــه أكثر من ذلك.

لقد جاء في ص ٦ للكتيب الحكومي: 

"إن أسفار التوراة والإنجيل تشهد بأن جميع الأنبياء السابقين قد تنبؤوا بالأنبياء المبعوثين بعدهم. ولكن لا توجد في القرآن الكريم أدنى إشارة بهذا الشأن، وعلى عكس ذلك نجد في القرآن الكريم آيات واضحة تبرهن دون أدنى شك على أن منصب الرسالة قد وصل إلى باب مسدود وأغلق باب النبوة إلى الأبد. وتوجد في هذا الصدد عديد من الأحاديث الصحيحة والمتفق عليها والحائزة على سند التواتر أيضا." 

فيما يتعلق بالجزء الأخير من المقتبس فقد تحدثت حوله مسبقا. أما الآيات القرآنية الواضحة فلم يوردوا ولا واحدة منها. لقد قاموا بإعلان ولم يقدموا عليه آية واحدة كدليل . ذكروا مفكري الإسلام ، وقدموا أقوالهم، ثم ذكروا الأحاديث وقدموا بعضها حسب زعمهم ، وسبق لي أن علّقت عليها أيضا. ولم يقدموا ولا آية واحدة من القرآن الكريم تأييدا لإعلانهم. وما قدموه في هذا الصدد هو حديث فقط يذكر الدجالين الثلاثين دون أن يذكروا آية واحدة من القرآن الكريم.




النبوة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم:

 والآن نستعرض دعاويهم في ضوء القرآن الكريم. إن لم يجدوا آيات القرآن الكريم حول هذا الموضوع فهذا بسبب جهلهم، إذ إن هناك آيات صريحة في القرآن الكريم توضح الموضوع بجلاء، كما قدمت من قبل آية من سورة الجمعة. والآن أقدم آية من سورة النساء حيث يقول الله: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ الله وَكَفَى بالله عَلِيمًا (سورة النساء: ۷۰-۷۱).

يستنتج المشايخ من هذه الآية، ويقولون : إن المطيعين لله والرسول الله يكونون في صحبة المنعم عليهم ولن يكونوا من المنعم عليهم. أرى من الأنسب أن نبحث في أمر آخر قبل الخوض في موضوع صحة هذا الاستنتاج. فيجب أن نرى أوّلاً ما الذي تعلنه الآيات المذكورة؟ 

تقول الآية: "من يطع الله والرسول" أي محمدا . ما أعظمه إعلان ، إنه إعلان أكبر وأعلى مما سبقه من جميع الإعلانات من هذا القبيل. إذ إن الإعلانات السابقة كانت تقول: من يطع الله وموسى، أو من يطع الله وإبراهيم، أو من يطع الله ونوحا، أو من من يطع الله وداود وسليمان عليهم السلام جميعا؛ أما الآن ، فقال الله تعالى: من يطع الله والرسول ، أي من يطع الله ومحمدًا . ألا ترى أنه كان من المفروض، في هذه الحالة، أن يكون الإنعام على أتباع النبي أكبر من أتباع الأنبياء الآخرين؟ ثم هل الناس من الأمم السابقة الذين أطاعوا رسلهم كانوا يتلقون الجواب بأنهم إذا أطاعوا رسولهم فسوف يكونون في صحبة المنعم عليهم فقط ولن يكونوا منهم أبدًا؟ ألا ترى أن هذا المفهوم بهتان عظيم على النبي وعلى القرآن الكريم؟ أليس هذا الاستنتاج إساءة كبيرة للنبي؟

لقد تم هنا إعلان عظيم جدا بأن النبي أفضل الرسل وأكملهم، والذين يطيعونه إنما يطيعون الله. وهل يُعقل أن يقال بعد ذلك بأن الذين يطيعون الله وهذا النبي الن يكونوا من المنعم عليهم، بل سوف نضعهم مع المنعم عليهم فقط، والعياذ بالله. هذا التفسير خاطئ ولاغ بكل المعايير ويكذبه القرآن الكريم بنفسه، لأن الكلمة "مع" هي في محل المدح، ونظيره وتوفنا مع الأبرار ، هنا أيضا وردت كلمة "مع" ولم ترد "من". ومن المعلوم أن كلمة "مع" تعطي معنى المعية ومعنى "من" أيضا. فقد علم الله الأمة المحمدية دعاء: توفنا مع الأبرار، فهل يعني هذا أننا ندعو الله تعالى ليل نهار أنه كلما مات أحد من الأبرار فاقبض روحنا أيضا يا رب؟

أهذا هو الدعاء الذي يعلمنا الله في كلامه المجيد يا ترى؟ إلى أي مدى تسخرون من أمة محمد ؟ وإلامَ تسخرون وتستهزئون؟ الحق أنه ، لا يمكن أن يُستنبط من كلمة "مع" الواردة هنا إلا معنى "من". وعليه، فيكون معنى الآية : وتوفنا مع الأبرار، توفنا يا رب عندما نكون من الأبرار في نظرك. لو استخدمت كلمة "مع" للإشارة إلى أناس يزداد عددهم على واحد ، وكانوا من الجنس نفسه ، وكان الكلام مدحا لهم، فلا بد أن يستمد من كلمة "مع" معنى "من". ولكن لو اختلف جنس المشار إليهم لتغير المعنى أيضا، وأعطت معنى الصحبة فقط، ومثاله: إن الله مع الصابرين. هنا لم ترد كلمة "مع" بمعنى "من"، وذلك لاختلاف نوع الجنس -الله - الصابرين) المشار إليه.

يؤكد القرآن الكريم بنفسه على هذا المفهوم إذ يقول: مع الذين أنعم عليهم، ثم يقول: "من النبيين"، أي المراد" من "مع" هنا هو "من". مما يعني أن الذين يكونون مع الرسول صلى الله عليه وسلم يكونون من النبيين وليس في معيتهم فقط. يكونون من الأنبياء أيضا ومن الصديقين أيضا ومن الشهداء ومن الصالحين أيضا. 

ثم يقول الله جل في موضع آخر: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير (الحج: ٧٦).

يقول معارضونا: هذه الآية نزلت حين كان الله قد امتنع عن اصطفاء الرسل من الناس. وكان رسول الله لها قد أصبح خاتم النبيين. ولكن الحقيقة أن الله تعالى يخبر النبي أنه يصطفي رسلا من الناس، ولم يقل "كان يصطفي". ولو كانت النبوة قد انقطعت نهائيا، فما هو الغرض الذي تفيه هذه الآية؟ إن كلمة "يصطفي" جاءت في صيغة المضارع وتفيد الاستمرار ، ليت أولئك الذين يدعون كونهم علماء يفهمون هذه النكتة. ولقد ورد في تفسير لأهل الشيعة في شرح هذه الآية:

"الله يصطفي من الملائكة رسلا،  يعني جبرائيل وميكائيل ، ومن الناس، يعني النبيين " ." 

(مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي، ج۷ ص۱۷۱).

 أي المراد من الرسل هنا الأنبياء. ثم يذكر الله في القرآن المجيد ميثاقا، ويقول: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابِ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ 

(آل عمران: ۸۲). 

ثم يقول الله في سورة الأحزاب حيث وردت آية خاتم النبيين: وَإذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا  َليَسْأَلُ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا 

(الأحزاب: ۸-۹).

إن ميثاق النبيين لم يؤخذ من الأنبياء السابقين فقط ،وإنما من رسول الله أيضا، كما تبرهن عليه كلمة "منك". فإذا كان من المقدر أنه لن يأتي بعده نبي من أي نوع كان، فلماذا أُخذ منه هذا الميثاق، بل المراد أنه لو جاء نبي بحسب الشروط الواردة في آية الميثاق، مؤيدا لتعاليمه لوجب عليه، أي على أمته، أن تنصره وتؤيده. والمراد من أمته لأنه ليس من الممكن أن يأتي نبي بعده ، وينزل النبي من السماء لتأييده ونصرته، فلا يمكن أن يكون المراد هنا إلا أتباعه .

لقد بيّنتُ الأنباء الواردة في القرآن الكريم ، والآن نعود إلى الأحاديث. مما لا شك فيه أن النبي قد تنبأ بمجيء عيسى نبي الله. إن معارضينا بأنفسهم قد أوردوا هذا الحديث، ويعترفون أيضا أن الحديث المشار إليه ثابت بالتواتر، كما يقرّون بظهور الإمام المهدي أيضا، ولكنهم مع ذلك يقولون: كان من المفروض أن يتنبأ النبي بنفسه عن بعثة شخص يأتي بعده، وبما أن مثل هذا النبأ لا يوجد في القرآن الكريم ، لذا فلن يأتي أحد. ولكنهم من ناحية أخرى متمسكون بكل شدة بعقيدة ظهور المهدي، ويقولون أيضا بأن الذي لا يؤمن بكونه نبيا يكون كافرا أشد الكفر. وإلى جانب ذلك يعتقدون أيضا أن النبي حين أخبر عن نزول عيسى ، قال: "ليس بيني وبينه نبي، يعني عيسى، وإنه نازل." (سنن أبي داود، باب ذكر خروج الدجال)



وفي رواية عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إن عيسى بن مريم ليس بيني وبينه نبي ولا رسول، إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي." 

(المعجم الأوسط للحافظ الطبراني رقم الحديث: ٤٨٩٥) 

ومن خلال هذا الحديث ، قد حل النبي هنا قضية "لا نبي بعدي"، وقضية الدجالين الثلاثين أيضا ،إذ قال: ليس بيني وبينه نبي.

 المراد من "بعدي"، هو أنه مهما ظهر الدجالون الكذابون فلا تحسبوا عيسى دجالا، إنه نازل لا محالة ،غير أنه ليس بيني وبينه نبي ولا رسول. ثم قال: "إلا أنه خليفتي في أمتي." مما يعني أنه صلى الله عليه وسلم لا يتحدث عن المسيح الناصري  بل يذكر مسيحا جديدا سوف يبعث في الأمة المحمدية ويكون منها. 

يقول حضرة محي الدين بن عربي رحمه الله:

عیسی ينزل فينا حكما من غير تشريع وهو نبي بلا شك."

(الفتوحات المكية ج ١ ص ٥٤٥)

يعلق المشايخ على هذا التصريح قائلين: إنكم تخوضون في حديث عن عيسى الناصري، وإنه نبي قديم، والشيخ محي الدين بن عربي أيضا يتحدث هنا عن نبي قديم.

ولكن قولهم هذا باطل بالبداهة، لا يتحدث الإمام ابن عربي عن المسيح القديم . إذ يقول حضرته:

وجب نزوله في آخر الزمان بتعلقه ببدن آخر ." 

(تفسير القرآن الكريم، لابن عربي ج ١ ص ٢٩٦)


أي لن يظهر عيسى ببدن قديم، ولن تروا عيسى الذي تعتقدون بغيابه ببدن قديم، بل عيسى الذي سيأتي الآن يكون ببدن جديد. فمن هذا المنطلق يقول حضرته: "هو نبي بلا شك."

إنني أستغرب كل الاستغراب من حالة مؤلفي البيان الأبيض المزعوم ، إذ يقولون، رغم وجود كل هذه العبارات الواضحة، إن النبي لم يتنبأ ببعثة أحد بعده. 

يقول صاحب تفسير فتح البيان: 

"... ففي زاد المعاد للحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى .. ما يُذكر أن عيسى رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة لا يُعرف به أثر متصل يجب المصير إليه. 

قال الشامي: وهو كما قال، فإن ذلك إنما يروى عن النصارى والمصرح به في الأحاديث النبوية أنه إنما رفع وهو ابن مائة وعشرين سنة."

 (فتح البيان في مقاصد القرآن ج ٢ ص ٢٤٧)

 توضح العبارة الآنفة الذكر أمرين اثنين بوضوح تام: أن الروايات التي تقدم في هذا الصدد ليست لها أسانيد قوية موثوق بها. 

ويقول الإمام الشامي: 

إنها روايات النصارى المدخولة ولا تقوم على أصل أو أساس 

ويقول الإمام ابن القيم: "وأما ما يُذكر عن المسيح أنه رفع إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، فهذا لا يُعرف له أثر متصل يجب المصير إليه."

 زاد المعاد لابن القيم الجوزية ج١ ص ۳۰)

هذا هو اعتقاد الإمام بن القيم الذي يعترف البيان الأبيض المزعوم بكونه مفكرًا إسلاميًا. وإلى جانب ذلك يعتقد حضرته أن عيسى سيأتي لا محالة لكن ليس عيسى الناصري لأنه لم يُرفع أصلا إلى السماء بجسده العنصري. وبالتالي لن يأتي مرة أخرى.

 لماذا تحدث هؤلاء الأئمة الأتقياء الأطهار والعارفون بالله بمثل هذا الكلام؟ هذا هو السؤال الهام!

فيقول الإمام ابن القيم في موضع آخر موضحا الموضوع:

"ولو كان موسى وعيسى عليهما السلام حيين لكانا من أتباعه 

 (مدارجالسالكين لابن القيم الجوزية ج ٢ ص ٤٩٦)

المراد :هو بما أنهما ليسا حيّين، لذا فلم يدخلا في قائمة أتباعه . وقد ضم ابن القيم عيسى مع موسى عليهما السلام إلى هذه القائمة.


 ويقول الإمام بأن الروايات القائلة بصعود عيسى إلى السماء ليست إلا أساطير افتراضية.


 إن العلامة ابن خلدون أيضا من مفكري الإسلام والصلحاء العظام المعترف بهم في الكتيب الحكومي، فيقول: 

"قال ابن أبي واطيل: "والشيعة تقول إنه هو المسيح مسيح المسائح من آل محمد

 قلت :

وعليه حمل بعض المتصوفة حديث لا مهدي إلا عيسى. أي لا يكون مهدي إلا المهدي الذي نسبته إلى الشريعة المحمدية. نسبة عيسى إلى الشريعة الموسوية. 

" مقدمة ابن خلدون ج١، ص٤٠٧)

لم يقتصر الأمر في الكتيب الحكومي على مفكر الإسلام المذكور آنفا بل اعتمدوا إلى حد كبير على العلامة إقبال كمفكر الإسلام. أما الآخرين فقد أسموهم بالمفكرين بكل بساطة ثم مروا بهم مرّ الكرام، وبنوا بنيانا حقيقيا لحججهم المزعومة على أقوال العلامة إقبال. لنر الآن ما يقوله "المفكر الإسلامي"، العلامة إقبال في قضية تختلف فيها الأحمدية مع الفرق الإسلامية الأخرى إذ تعتقد الأحمدية أن عيسى الناصري العليا لن يعود إلى الأرض مرة أخرى بل سوف يُبعث شخص آخر مثيل له ويسمى عيسى بصورة معنوية. 

يقول العلامة إقبال متحدثا عن معتقدات الأحمدية بهذا الخصوص ما معناه:

بقدر ما استوعبت وجهة نظر هذه الحركة بخصوص عيسى بأنه مات مثل أي إنسان فان وأن المراد من ظهوره ثانية هو ظهور مثيله من الناحية الروحانية، فإنها تحمل قدرا من المعقولية".

(ISLAM AND AHMADISM, With a reply to Questions raised by Pandit Jawahar Lal Nehru. By Dr. Sir Muhammad Iqbal.)


لم يبق الآن إلا أن نبحث أنه إذا كان عيسى قد توفي فكيف يعود إذن مرة ثانية؟ هل سيأتي المسيح القديم بنفسه أو سيأتي شخص آخر بصورة مثيله الروحي؟ 

فيقول مفكرو الإسلام والصلحاء الكبار .. الذين يعترف بهم معارضونا أيضا .. بأن فكرة ظهور شخص من الأمة المحمدية كمسيح بدلا من ظهور المسيح القديم فكرة معقولة، كما بينه العلامة ابن خلدون بكلمات واضحة ، وبيّن أيضا حكمة هذا الاعتقاد. ولكن هناك أمر آخر أيضا وهو أن العلامة إقبال كان متأثرا بالحضارة الغربية وفلسفتها، وبالتالي كان ينظر إلى الإسلام أيضا بمنظور الفلسفة الغربية. والحق أنه لا يتفق معنا ولا مع غيرنا في أمر المعتقدات. أما فيما يتعلق بمعقولية المعتقدات فيكتفي بالقول إن معتقدات الأحمديين أكثر معقولية من غيرهم. واقع الأمر أن اعتقاده يختلف الأحمديين وغيرهم أيضا، إذ يعتقد أنه لن يأتي في الأمة المحمدية أحد نهائيا، ويعتبر اعتقاد ظهور المسيح والمهدي قصصًا افتراضية فحسب. مما يعني أن واحدا من مفكري الإسلام يقول إن الروايات التي تذكر صعود عيسى إلى السماء بجسده العنصري ليست من الإسلام في شيء بل هي روايات دخيلة، بينما يقول المفكر الآخر (العلامة إقبال): إن الروايات التي تذكر مجيء عيسى ليست من الإسلام في شئ. وهذا يعني أن صعود عيسى إلى السماء ، ونزوله من السماء أمران ناتجان عن روايات غير إسلامية. وهكذا فقد تخلى اثنان من مفكري الإسلام المذكورين في الكتيب الحكومي عن فكرة عيسى نهائيا.

في عام ١٩٠٥م ، نظم العلامة إقبال شعرا، قال فيه ما تعريبه: "شاهد نزول ربك على منارة قلبك، وتخلّ عن انتظار المهدي وعيسى

 باقيات إقبال لعبد الواحد معيني، ص ٤٥١)

أي لن يأتي مسيح ولا مهدي. لا شك أن هذا ما قاله العلامة إقبال في شعره. والمعلوم أن الشاعر قد يقول في كلامه المنظوم ما يستدعي التأويل، ولكن لا يمكن تأويل الكلام المنثور .

 يقول إقبال نثراً ما تعريبه:

"الأحاديث المتعلقة بالمهدوية والمسيحية والمجددية ناتجة عن أفكار إيرانية وعجمية حسب رأيي، ولا علاقة لها بالأفكار العربية وبروح القرآن الصحيحة" 

(إقبال نامه ج ۲ ص ۲۳۱)

وعلاوة على ذلك هناك العديد من مؤلفات العلامة إقبال التي طالعتها ووجدت فيها عبارات تبرهن على أن هذه الفكرة - عنده - فكرة غير إسلامية وجدت طريقها إلى الإسلام بعد فترة طويلة جدا، ولن يظهر مسيح ولا مهدي، أي أن هذه الأفكار كلها وجدت طريقها إلى المعتقدات بعد قرون طويلة بتأثير من الحضارات الأجنبية. إذن فيجب على أتباع "المفكر الإسلامي" هذا أن يفكروا في أن مفكرهم قد تخلى عن فكرة ظهور المهدي والمسيح بأي شكل كان . في حين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تنبأ بمجيئه في أحاديث تبلغ درجة التواتر. لذا يجب أن يحسموا الموقف في أمرهم فيما إذا كانوا يريدون الاقتداء بمفكرهم أو الاقتداء بالنبي ؟ أو هل يختارون (عيسى ) الذي ينتمي إلى أمة موسى ولا ينتمي إلى أمة محمد ؟ أم يختارون من ينتمي إلى أمة محمد وهو خادمه المطيع وتلميذه المخلص؟

أما فيما يتعلق بنا نحن الأحمديين، فنعتقد يقينا - كما تعتقدون أنتم أيضا - أن المسيح المقبل سوف يكون نبي الله حتما ، ولا نختلف في هذا الاعتقاد قط. فلماذا تفترون علينا افتراءات كبيرة ولماذا تثيرون ضجة؟ ولماذا ألفتم كتبا عديدة وبدأتم حملة التكفير ضدنا؟ في حين تعتقدون أنتم أيضا اعتقادا راسخا أن الذي سيظهر باسم المسيح يكون نبيا حتما. أما قضية كونه قديما أم جديدا فهذا أمر آخر. ولقد كتب السلف الصالح والمفكرون الذين تعترفون بهم أنتم أيضا أن المسيح المقبل سيكون نبي حتما ولن يأتي مسيح قديم بل سيظهر شخص آخر ببدن آخر، وأن المهدي وعيسى المقبل لن يكونا شخصين مختلفين. أما فيما يتعلق بالأحمدية فالموضوع بالنسبة لها بين وواضح كوضوح النهار في ضوء القرآن والحديث ولا مجال للشك والريبة فيه ولكنكم رغم ذلك مازلتم تخاصموننا منذ مائة عام، وتظلموننا ظلما على ظلم من جانب واحد، ولا تكادون تكفون عن الاضطهادات.

أهكذا تسوى قضايا المعتقدات؟ تستطيعون أن تقتلوا شخصا أو شخصين أو ألف شخص من الأحمديين بل اقتلوا بقدر ما شئتم منهم، ولكننا نعرف يقينا أن الله لم ولن يزال يعتبرهم أحياء ولا تقدرون على إماتة من أحياه الله. غير أنكم تحاولون عبثا إحياء من أماته الله ، لقد خابت آمالكم في محاولتكم الأولى ولا بد أن تخفقوا في محاولتكم الثانية أيضا، ولن تقدروا على إحياء عيسى. إن كنتم تريدون القضاء على الأحمدية فلن تقدروا على ذلك بقتل عشرة من أبنائها أو مائة أو آلاف منهم، بل أحيوا شخصا واحدا عيسى  - بدلا من قتل آلاف من الأحمديين ، فلسوف تموت الجماعة تلقائيا بإحيائكم إياه.

 لقد طال الخلاف والنزاع وامتد إلى مائة سنة، ولقد قال علماؤكم أنتم قبل مائة سنة أو أكثر. إن حالتكم قد ساءت إلى حد كبير ولم يبق فيكم من الإسلام إلا اسمه فماذا يفعل عيسى المتربعا في السماء ولم لا ينزل لإصلاح أحوالكم؟ فبدلا من أن تقتلوا الأحمديين كلهم أحيوا ميتا واحدا، العليا. وإنني أعلن وأتحداكم باسم الأحمدية كلها أن القضية سوف تنتهي عند هذه النقطة. وأقسم بالله أنكم لو أحييتم عيسى أو أنزلتموه من السماء فو الله لبايعته أنا وجماعتي بأسرها قبل غيرنا، ولتراجعنا من موقفنا السابق على الفور. ولسوف نقاتل أمام عيسى ووراءه وعن يمينه وعن شماله ، فإننا قد تعوّدنا على الإيمان بالمرسلين وتصديقهم. إننا نصدق مائة بالمائة إعلان سيدنا محمد المصطفى الوارد في القرآن بكلمات: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين (الزخرف: ٨٢). 

لا شك أنكم تعيشون في عالم الأوهام والخيالات ولا علاقة لكم بحقائق الأمور، يا حسرة عليكم أما نحن فندعو لكم أيضا إلى جانب هذه الحسرات.

 إنني أقسم بعزة الله وجلاله الذي نفسي ونفوس الأحمديين كلهم في يده، وأدعوه أن يهلكنا ويبيدنا جميعا إن كنا نحن الخاطئين وكان حيا في السماء حقيقةً. ولكنني أحلف بالله أنه قد مات والإسلام حي. إن حياة الإسلام تقتضي منكم فدية، ألا وهي موت عليه السلام!! فدعوه يمت ففي ذلك حياة الإسلام. إن أهل باكستان يمرون في هذه الأيام بظروف مؤلمة للغاية وهم تحت وطأة عقوبة قاسية من الله تعالى كما تنبأ بذلك سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بصورة واضحة،  وتتحقق هذه الأنباء بصورة أخرى أيضا، انه حيثما تحرق دماء الشهداء تنبت من الأرض نفسها الحدائق والبساتين المزهرة والمثمرة. ومقابل كل قطرة من دمهم يهدي الله وعل روحا سعيدة. ويتبين من القرآن الكريم كلا الأمرين، أي أن الشهادات يعقبها النمو والازدهار الكبيران ونزول الأفضال والبركات الإلهية، وقد يحل بالظالمين الغاشمين دمار شامل فتُطوى صفحتهم.

أما نحن فلسنا من الذين يرضون بالنعم فقط، بل تعودنا على السعادة والرضا في الابتلاء والمصائب أيضا. لذا فإننا خاضعون لأمر الله تعالى في كل الأحوال لأننا قد تعلمنا أساليب الصبر والرضا، وعليها سوف نعيش إلى آخر لحظة في حياتنا. غير أنكم أنتم يا معارضينا في خطر لأن عقاب الله عندما يحل بقوم لا يترك لهم مجالا للفرار، وسوف يحيط بكم العذاب من حيث لا تشعرون ولكن لو استغفرتم الله وطلبتم رحمته ونصرته لوجب عليكم أن تكفوا عن تأجيج الفتن، هذا هو السبيل الوحيد لنجاتكم.

 (خطاب ألقي بتاريخ ٧ أبريل / نيسان ۱۹۸۵م في الاجتماع السنوي للجماعة في بريطانيا)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إننا مهما جمعنا من الأموا
تهمة تحالف الأحمدية مع الصهيونية والماسونية: بالإضافة إلى التهمة الكبرى أن الأحمدية والبهائية حليفتان وشريكتان في عدائهما للإسلام.. هناك تهمة حديثة جدا لا بد أن نتطرق إليها ،ونحن نتحدث عن الفتنة القائمة. هذا الاتهام الجديد لم يلوح به أعداء الأحمدية في شعاراتهم السابقة حين أقاموا الدنيا وأقعدوها بأن الأحمدية غراس الإنجليز. ولكن الأيام مرت ومن ورائها السنون أيضًا، وارتحل الاستعمار البريطاني عن البلدان الإسلامية واضمحلت معه هذه التهمة، وظلت الأحمدية بعد ارتحاله أيضا ثابتة  راسخة ماضية في جهادها المقدس ومن نصر إلى نصر، و لم يزل نفوذها يتسع ويقوى يوما بعد يوم. فأذهل ذلك أعداء الأحمدية ، حتى فقدوا كل الضوابط العقلية والفكرية، فراحوا يضربون الأحمدية بكل سهم متاح وبكل حجر ممكن، ويتهمونها بكل التهم، دون أن يكلّفوا أنفسهم أدنى حد من عناء التحقيق والتأكد من صحة هذه التهم، كما يأمر الله سبحانه وتعالى قائلاً: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. سورة الحجرات:   يحاولون أن يزجوا بالأحمدية في مجالات غريبة عليها، بعيدة كل البعد عن أهدافها وغ