التخطي إلى المحتوى الرئيسي
الأحمدية والبهائية:
الوجه الثالث الذي تميزت به هذه الحملة الأخيرة هو محاولة إبراز الأحمدية والحركة البهائية وكأنهما وجهان لعملة واحدة وعدو واحد مشترك للإسلام والمسلمين ومن ثم يجب ضربهما بسهم واحد. ذلك أن هاتين الحركتين نشأتا من داخل العالم الإسلامي، ولذا اعتبرتا أشدَّ خطرًا على الإسلام من القوى والحركات المعادية من خارج العــــالم الإسلامي كالماسونية والصهيونية والشيوعية والاستعمار. 
هذا الشعار الجديد أعني "الأحمدية والبهائية" أُقــــر لأول مرة في مؤتمر الدول والمنظمات الإسلامية السالف الذكر والمنعقد في مكـــة المكرمة سنة ١٩٧٤ تحت إشراف وبمبادرة رابطة العالم الإسلامي. وكما جاء في تقرير نُشر في مجلة "الأسبوع العربي" فقد حدد ذلـــك المؤتمر الأخطار التي تهدد العالم الإسلامي، وقسمها إلى تيارين رئيسيين. التيار الأول والأشد خطرًا مصدره من داخل التجمع الإسلامي ويتمثل في الحركة الأحمدية أو القاديانية كمـا يسمونها، والحركة البهائية والتيار الثاني مصدره من خارج التجمع الإسلامي ويتمثل في الحركة الماسونية والحركة الصهيونية والشيوعية والاستعمار، ويأتي خطر هذا التيار من نواح أخرى غير دينيــة عمومــا منـهـا الاقتصادية والعسكرية والسياسية. وبينما دعا المؤتمر إلى مقاطعة هذه الحركات الخارجية وعدم التعاون معها.. اتهم بشدة القاديانية والبهائية
بالتآمر مع هذه القوى لهدم الإسلام.

والذي يهمنا هنا هو: لماذا يُبرزون "الأحمدية والبهائية معا" في دعايتهم وحملاتهم الأخيرة ضد الأحمدية وكأنهما وجهان لعملة واحدة، وعدو واحد للأمة الإسلامية؟ ورغم أن البهائية بعيدة عن الإسلام بعد السماء عن الأرض، ورغم إعلانها قديما وحديثا أنها لا تمت إلى الإسلام بصلة، ورغم أن الأحمدية تعلن وتصر على أنها جماعة إسلامية محضة تمثل في معتقداتها ومفاهيمها ما يمكن تسميته بالإسلام الصحيح، إلا أن هؤلاء الأعداء لا يزالون يعرضون الأحمدية للناس كمرادفة وشريكة للبهائية في عدائها للإسلام.
كثيرا ما نرى الصحف المناوئة للأحمدية تنشر في خطوطها العريضة عناوين بارزة مثل "الأحمدية والبهائية".. لا لشيء، إلا لتضليل القراء والدعاية الباطلة التي يقصد منها التشويش وتمويه الحقائق. وبالتالي إعطاء القارئ انطباعًا وكأن الأحمدية والبهائية شقيقتان تعملان لهدف واحد.

ومثال ذلك "تحقيق" مطول نُشر في جريدة "المسلمون" ۷/۱۱/۱۹۸٦ عنوانه بالخط العريض القاديانية والبهائية والماسونية". والذي يلفت النظر فيه هو أن التقرير من أوله إلى آخره يتحدث عن القاديانية فقط ولم يتطرق إلى البهائية أو الماسونية بكلمة. وهو ما يشير بوضوح إلى أن هدف واضعي التقرير هو القاديانية فقط وليس البهائية أو الماسونية، وقد ذكروا هاتين الحركتين كمترادفتين للقاديانية بقصد البلبلة والتشويش ليس إلا.
وأما أن القاديانية هي فعلا الهدف من هذه الدعاية كلها، فقد أكده الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي الشيخ المختار في تصريح للجريدة ذاتها حيث قال: "إن القاديانية هي في رأس الموضوعات التي تواجه الرابطة".
وإليكم أيضا ما نشرته مجلة "الشرق الأوسط" الصادرة بلندن بتاريخ ٢٦ تموز (يوليو) ۱۹۸۶ تحت عنوان: "مؤتمر إسلامي عالمي يعقد في لندن غدا للرد على أباطيل القاديانية" ومما جاء فيه: "سيعقد بمشيئة الله مؤتمر "ختم النبوة العالمي" الثاني في لندن بمقـــر المؤتمرات في ومبلي غدا الأحد ۲۷ تموز ١٩٨٦ تحت إشراف "مجلس ختم النبوة العالمي"، وسيشترك فيه كبار العلماء والمشايخ والمفكرين وأعيان المسلمين وقادتهم من مختلف أنحاء بريطانيا والعالم كلـه، وستلقى الكلمات فيه باللغات العربية والإنجليزية والأرديـــة حــول موضوع ختم النبوة عموما وفي الرد على الفتنة القاديانية الكافرة خصوصا، وبيان ضلالتهم وعقائدهم المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله ، وأنهم كفرة مرتدون عن الإسلام، ومثلهم البهائية والفرق الباطلة الأخرى. والقاديانيون هم أتباع ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى أنه مجدد لهذا الدين، ثم ادعى المهدوية ثم المسيحية. وأخيرا ادعى النبوة صراحة، بل إنه تبجح أكثر ، فادعى أنه أفضل من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته أفضل من نبوته صلى الله عليه وسلم، وطعن في كثير من الأنبياء عليهم السلام. واتهمهم باتهامات كاذبة ، خاصة سيدنا المسيح عيسى. -
للرد على هذه الاعتراضات راجع الكتاب "الجماعة الإسلامية الأحمدية.. عقائد، مفاهيم و نبذة تعريفية".-.
ولما قامت الحركة الشعبية العارمة عام ۱۹۷٤ بقيادة الإمام المحدث الجليل الشيخ محمد يوسف البنوري الحسيني ، كان من نتيجتها أن قرر برلمــــان الحكومة الباكستانية أن القاديانية نحلة كافرة خارجة عن الإسلام، وسمح بذلك للمسلمين الدخول إلى ربوة، وأسس مجلس تحفظ ختم النبوة العالمي مركزاً فيها ، فصار منذ ذلك الحين أي عام ١٩٧٤ يعقد القاديانيون مؤتمرهم السنوي في "ربوة"، فيرد عليهم المسلمون في ربوة في مركز ختم النبوة".
"ثم منعت الحكومة الباكستانية برئاسة الجنرال محمد ضياء الحق في ديسمبر (كانون أول- عام ١٩٨٤ لأول مرة في التاريخ عقد مؤتمر القاديانيين في ربوة. فاشترى القاديانيون في لندن بتلفورد قطعة أرض كبيرة، واتخذوها مركزا عمليا لنشاطهم العالمي وسموه كذبا ودجـــلا "إسلام أباد"، فعقدوا فيه مؤتمرا بديلا في إبريل (نيسان) عام ١٩٨٥. فقام علماء المسلمين وتعقبوهم في لندن، وعقدوا "مؤتمر ختم النبوة العالمي" الأول في أغسطس (آب) عام ۱۹۸٥، حضره العلماء والمشايخ والمفكرون من أطراف بريطانيا وأوروبا وكندا وأمريكا وجمع غفير من علماء باكستان والهند. كل ذلك بتنسيق مباشر مع الدكتور عبد الله عمر نصيف، أمين عام رابطة العالم الإسلامي."





مقارنة بين الأحمدية والبهائية:
الحقيقة أن الأحمدية هي الوحيدة التي تعمل من داخل العالم الإسلامي بهدف إصلاح أوضاع المسلمين ورفع شأن الإسلام في كل مكان بينما البهائية اليوم هى طائفة غير مسلمة كما تعلن وتدعي هي نفسها، ورغم أن مصدرها من داخل العالم الإسلامي، فإنها لا تقوم بأعمال إصلاح بين المسلمين، ولا تهمها مصلحتهم من قريب أو بعيد. ثم إنها طائفة ظلت مغلقة على نفسها غير منفتحة على الناس وعقائدها مخفية على العموم . ليس من السهل الاطلاع عليها، حتى ١٩٩٢م حين قررت قيادتهم نشر كتابهم الأقدس لأول مرة. إن سبب تركيز المقاومة والأعمال العدائية ضد الأحمدية - كما يبدو واضحا – يتمحور في رأيي حول نقطة واحدة وهدف واحـــد: هو إبعاد الأحمديين وإخراجهم عن الإسلام وإجبارهم على القبول بأنهم أقلية غير مسلمة كما يجري اليوم في باكستان. ثم إن إبـراز الأحمدية في وسائل الإعلام المتاحة لهم كشقيقة للبهائية وأحيانًا كحليفة لها.. كل ذلك يتم من أجل تضليل الناس وإيهامهم بـأن الأحمدية لابد وأن تحذو حذو البهائية وتعلن انفصالها في النهاية عــن الإسلام، نظرا لأن البهائية نشأت الأخرى من داخل العالم هي الإسلامي، وادعت في بداية عهدها أنها حركة مهدوية إسلامية كما تدعي الأحمدية اليوم.. لكنها تبدلت وانحرفت تحت ضغط العلماء. وبعد أن خاب ظن هؤلاء الأعداء، وظلت الأحمدية على إصرارها وتمسكها بالإسلام، ولم تحد عن هدفها المعلن.. جاءت الإجراءات الحكومية الأخيرة في باكستان كدعم لمقاومة العلماء، وقضـــت بـأن الأحمديين غير مسلمين في نظر القانون أيضًا. ذلك لم يحد الأحمديون عن تمسكهم بدينهم الإسلام ولم يستسلموا حتى لحكم برلمان باكستان الجائر، و لم يعلنوا أنهم أقلية غير مسلمة كما فعل البهائيون، رغم ما يفرضه عليهم القانون العسكري الجديد وما ينصح لهم به الوزراء والمشايخ أن يفعلوه من حين لآخر. وهيهات هيهات أن تتحقق أحلامهم السوداء هذه.
لقد تضافرت كل هذه القوى الدينية والدنيوية لحمل الأحمديين على الخروج من حظيرة الدين الحنيف كي يتخلصوا من المجابمـــة والجدال والخصام الفكري الديني مع أبناء الأحمدية، والذي لم يعد لهم الطاقة على تحمله ولا القدرة على مواجهته أما نحن فنقول: ما دامت الأحمدية حقا، ومادام مؤسسها من الله - وهذا ما نعتقده ونؤمن به - فلن يكون بمقدورهم أبدًا أن يصدُّوا زحفَها أو يقفوا في وجهها.. لأن تقدم الإسلام ورقيَّه في هذا العصر منوط بها بعون الله تعالى.



رأي عالم بهائي في الأحمدية:
يقول أحد العلماء البهائيين ما نصه:
" الفرقة الأحمدية،
میرزا غلام أحمد تابع لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وليس بمشرع)

 فإن ميرزا غلام أحمد صاحب دعوتها، فليست دعوته بدعوة تأسيس دين وشريعة حتى تلتبس دعوته على الناس بدعوة حضرة بهاء، ولكن لما كثر كتابة أصحاب المجلات وخلطوا بين هذه النحلة وبين دين حضرة بهاء الله جل اسمه، وجب علينا أن نوضح ما هي هذه الفرقة الأحمدية التابعة لميرزا غلام أحمد القادياني.
فميرزا غلام أحمد القادياني يدعي أنه مجدد القرن الرابع عشر. ومعنى التجديد هذا ، إعادة ما انحرف من الدين الإسلامي عن الكتاب والسنة إلى حالته الأولية ونبذ البدع، وسيأتي إيضاح هذا البحث. أما نسبة دعوى النبوة إليه، فلا يقول بنبوته كل أتباعه، بل اللاهوريون منهم يرفضونها رفضا باتًا، وإنما تقول بها الفرقة القاديانية منهم. وهم أيضا يقولون إن نبوته ظلية تحت ظل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وليست نبوة تشريع ولا تعلق لهذه النبوة في بحثنا هذا من شيء. ويقولون إن نبوة التشريع قد انقطعت فلا شريعة بعد شريعة محمد كما أن ذاك هو المشهور في نفس الأمة المحمدية.

أما دعواه المسيحية والمهدوية ،فإنه يقول إن المسيح عليه السلام قد توفي، والتحق بإخوانه من الأنبياء ، ولا يعود إلى الأرض ثانية، وإن المسيح الذي يأتي هو أحد أفراد الأمة المحمدية ، ولا يحكم إلا بشريعة محمد، ثم ينكر المهدي، ويقول: إن المراد بالمهدي هو عيسى نفسه، والمهدي من الهداية، فعيسى والمهدي واحد، وليسا اثنين.
وانتحاله اسم المجدد للقرن الرابع عشر استمداد من حديث جاء في الجامع الصغير تحت رقم (١٨٤٥) عن أبي هريرة "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها." فشراح الحديث قالوا: كان المجدد للمئة الأولى عمر بن عبد العزيز والثانية الشافعي والثالثة الأشعري أو ابن شريح والرابعة الاسفراييني أو الصعلوكي أو الباقلاني والخامسة حجة الإسلام الغزالي والسادسة الإمام الرازي أو الرافعي والسابعة ابن دقيق العيد أو الزين العراقي والثامنة الإسنوي. وقال غيرهم غير هؤلاء. وقد تكلم العلماء على هذا الحديث، وكل أشار إلى القائم الذي هو على مذهبه، وحمل الحديث عليه. وقال بعضهم: يكون من أولي الأمر وأصحاب الحديث والقراء والوعاظ إلى آخره. والسيوطي عليه الرحمة - عمل منظومة في أسماء هؤلاء المجددين ، وعد فيهم في آخر المئتين عيسى بن مريم ، وجعله من المجددين. فأعادها غلام أحمد لنفسه.
فميرزا غلام أحمد القادياني هو مؤسس فرقة من الفرق المحمدية، وليس بمؤسس دين جديد؛ فلا يمكن أن تكون دعواه مماثلة لدعوة حضرة بهاء الله. فحضرة بهاء الله جاء بدين وتشريع غير التشريع الذي تقدمه من دين محمد . وهكذا تأتي الرسل لتبديل الشريعة بشريعة أخرى حسب اقتضاء الوقت، فإن زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كلنا يعلم الزمن الحاضر ؛ قال تعالى: ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا (المائدة : ٥١).
فالشرائع والمناهج تختلف باختلاف مقتضيات العصور والأزمان."
 الرائد والدليل لمعرفة مشارق الوحي ومهابط التنزيل، للنقابة ا.ح. آل محمد الهامش ص ۲۱ ۲۲)


تصدي الأحمدية للبهائية:
فالأحمدية ليست حليفة البهائية أبدًا، ولا تتآمر معها ولا مع غيرها لهدم الإسلام أبدًا.. كما يفشي بعض المشايخ وكما تفتـــري رابطـــة العالم الإسلامي. إن الجماعة الإسلامية الأحمدية كانت ولا تزال في طليعة من تصدوا للبهائية، وكشفوا النقاب عن عقائدها الباطلة التي 
ليس من السهل الاطلاع عليها. لقد كتبت الجماعة الإسلامية الأحمدية ونشرت خفايا هذه النحلة الباطلة قبل ما يربو على مائة سنة، كانت البهائية وزعماؤها يتمتعون باحترام في العالم الإسلامي، وكان أبناؤها يشغلون أعلى المناصب في الدول الإسلامية، حتى إن أحدهم واسمه أبو الفضل كان يدرس الدين في جامع الأزهر (تاريخ الأستاذ محمد عبده ص ۹۳۰ - كانوا في بداية أمرهم ينسبون أنفسهم للباب الذي بدأ حياته الدينية كعالم مسلم يفسر القرآن الكريم ولم يكن مؤسس البهائية. وحين شاعت أخبار اضطهاد البابيين في إيران واتهامهم، أعلن هؤلاء العلماء البابيون أنهم بهائيون وليسوا البابيين لينجوا من الاضطهاد، ومن ثم فتر نشاتهم الديني والأدبي في مصر. - ؛ وأقاموا في القاهرة جمعية قوية ومركزاً للبهائية؛ وفي حين كان علماء المسلمين في سبات عميق لا يعلمون عن البهائية وحقيقتها، ومن ثم لم يجرؤ أحد منهم على اتهامها.
حسبما جاء في تاريخ الأحمدية أنه في سنة ١٩٠٤ تحدى مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية أَحَدَ مبشري الحركة البهائية في لاهور للمناظرة، ويدعى الشيخ محمود أحمد الزرقاني. ثم في سنة ١٩٠٦ دعي هذا الداعية البهائي أثناء وجوده في دلهي إلى مناظرة مع أحد المسلمين الأحمديين هناك حول عقيدة البهائية، ولكنه لم يقــدر على المناظرة ولم يجرؤ على إظهار العقائد البهائية أمام الناس لا شفهيا ولا خطيًّا.. الأمر الذي تسبب له في إحراج ومضايقة شديدة. وعلى إثر ذلك، قامت الجماعة الإسلامية الأحمدية بنشر سلسلة من المقالات في مجلتها "نقد الأديان" Review of Religions بالإنجليزية، كشفت فيها للعالم أباطيل هذه النحلة ومخالفتها للدين الإسلامي. بينما نرى أن الأستاذ الإمام محمد عبده وهو يُعتبر أحد أعظم علماء النهضة الحديثة قد امتدح اجتهاد البهائية في شرحهم للدين. وذلك إثر لقاءاته بزعيمهم عبد البهاء عباس في بيروت حيث كان عباس يتردد إليها ويصلي الصلوات الخمس والجمعة، ويحضر هنــاك دروس الأستاذ الإمام محمد عبده. والمعلوم أن عبد البهاء عباس هــو الشخصية الثالثة المهمة في البهائية. راجع) تاريخ الأستاذ محمد عبده للشيخ رشيد رضا ص ۹۳۰ - ٩٣٥. الأمر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيخ محمد عبده لم يكن يعرف إلى ذلك الحين حقيقة هذه الحركة، أو أن عبد البهاء عباس كان يخفي عنه الحقيقة – وهو الأرجح - ، إذ كان يصرح للشيخ محمد عبده أن هدفهم هـو إصلاح مذهب الشيعة وتقريبه من مذهب أهل السنة. ومعروف أن البهائية تؤمن بمبدأ "التقية"، وتخفي معتقداتها عند الضرورة. ومعلــوم عن عبد البهاء عباس أنه كان يسلك ويطبق مبدأ "التقية" سنين طويلة سواء في حياة "بهاء الله" أو بعد وفاته. 

ومما يجدر ذكره هنا أن البهائيين يغيرون مبادئ البهائية من بلد إلى آخر. فإذا زرت البهائيين في إيران بلاد الشيعة تجدهم يقدمون لك مبادئ البهائية وتعاليمها بشكل مغاير تماماً لما يقدمونه في بلاد أهلها من السنيين. كذلك تختلف مبادئهم في أمريكا عمـــا هـي عليــه في إنجلترا، ذلك لكي يجتذبوا إليهم أهل هذه البلدان ولو على حســـــاب أصول البهائية. خذوا مثلاً مسألة الزواج. الغرب يخالف الزواج مـــــن أكثر من امرأة تحت شعار حرية المرأة، والبهائيون أيضا بقيادة عبد البهاء  انضموا إلى هذه النعرة الغربية. عندما خرجوا إلى البلاد الغربية لنشر البهائية، مع أن مؤسسهم بهاء الله سمح بالزواج من اثنتين، وكان متزوجًا من امرأتين وفي رواية من ثلاث، كما أمر البهاء ابنه عباس عبد البهاء بالزواج من ثانية لأنه لم يكن قد أنجب من الأولى. يقول سيدنا ميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني لسيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية في تفسيره: "عندما ذهبت إلى إنجلترا جرى بيني وبين سيدة بهائية حوار في أحد المؤتمرات. فسألتها: ما هو الجديد الذي قدّمه "البهاء"؟ قالت إنه أمر بالزواج من امرأة واحدة فقط. قلت: ولكنه نفسه تزوج من اثنتين؟ فقالت: لقد تزوج بالأخرى قبل إعلان دعواه. قلت: ما دام "البهاء" كان يدعي بكونه إلها، فلا فــــرق بين أن يتزوجها قبل الدعوى أو بعدها، لأن الإله العليم يجب أن يعرف منذ البداية ماذا سيعرضه على الناس من أحكام وتعاليم، فيجب ألا يخالفها بنفسه ! ثم إن البهاء قد سمح لابنه عباس بالزواج من سيدة أخرى، لأن زوجته الأولى لم تقدر على الإنجاب!
وكانت بجانبها سيدة بهائية إيرانية ، فهمست هذه الإيرانية في أذن صاحبتها الإنجليزية بأن "البهاء" كان اتخذ زوجته الأخرى أختا له بعد الدعوى. فأعادت السيدة الإنجليزية لي نفس الكلام الذي قالته الإيرانية، فقلت لها : ولكن "البهاء" رُزق الأولاد من المرأتين كلتيهما، وذلك بعد دعواه أيضًا. فهل تظنين أنه كان ينجب الأولاد من أخته؟! فأخذتها الدهشة واتجهت إلى صديقتها الإيرانية تسألها : هل هذا صحيح؟ فقالت : نعم. فضحك الحضور جميعًا." (التفسير الكـ الكبير ج ٣ ص ٦١٦)
ثم من حقنا أن نسأل: أين كان علماء المسلمين؟ وماذا كانوا يفعلون عندما تصدى الداعية الإسلامي الأحمدي مولانا أبو العطـــاء الجالندهري - رحمه الله - للبهائية في أوائل الثلاثينيات وفي عقـــر دارهم في حيفا، ونشر كتابهم "الأقدس" - رغم أنفهم – إذ كانوا قد جعلوه سرًّا مخفيًّا عن أعين الناس؟
ثم أين كان علماء المسلمين؟ وما الذي شَغَلَهم عن التصدي لهذه البهائية عندما تحدى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية في تلك الفترة زعيم البهائيين للمباهلة لإظهار صدق الإسلام أو البهائية؟ وبعد أن رَفَضَ الزعيم البهائي المباهلة مع إمام الأحمدية، تحداه مرة أخرى الداعية
الإسلامي الأحمدي بحيفا، فانهزم الزعيم البهائي للمرة الثانية.

فهل يُعقل بعد كل هذه الأدلة والحقائق أن تكون الأحمدية حليفةً للبهائية في معاداة الأخيرة للإسلام كما يزعم علماء السوء اليوم. إن الجماعة الإسلامية الأحمدية كانت السباقة في العالم الإسلامي لكشف أسرار هذه الديانة وأباطيلها، وذلك منذ سنين عديدة قبل أن يتنبه علماء المسلمين ويعرفوا حقيقتها وأهدافها. وبإمكان كل إنسان ينشد الحق والحقيقة أن يطلع على المواقف الأحمدية تجاه البهائية من خلال ما نشرته ولا تزال تنشره.
ومن المهم أن نشير أيضًا إلى أن الجماعة الإسلامية الأحمدية قد كشفت الغطاء عن حقيقة هذه الديانة المخترعة في وقت كانت الدول الإسلامية والعربية لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار الغربي، وفي وقت كان البهائيون أنفسهم لا يزالون يخشون التظاهر بدينهم الجديد أمــام كثرة المسلمين إلى درجة أنهم كانوا يعلنون عن أنفسهم في الساعات الحرجة بأنهم مسلمون ككل المسلمين.

صحيح أن البهائية في أول عهدها كانت حركة مهدوية إسلامية كحركات أخرى ظهرت في أنحاء العالم الإسلامي مثــل مـهــدي السودان، والسنوسى في ليبيا، والمهدي السعودي الذي اعتصم بالكعبة قبل سنوات؛ لكن جميع هذه الحركات لم تثبت مع الزمن، لأنها لم تقم بأمر من الله تعالى، حتى لم يدع مؤسسوها أن الله بعثهم بهذه المهمة، وأنهم قد تلقوا الإلهام الإلهي في هذا الشأن، بعكس مـــا هو الحال بالنسبة للأحمدية التي أعلن مؤسسها بأنه مأمور من الله ليكون مهدي هذه الأمة، وبأن الله تكفل بنجاح هذه الجماعة. وهذا هـو سـبب بقائها حتى اليوم ونجاحها المستمر والمتزايد في العالم بعد أن مضى على تأسيسها قرن من الزمن.
وللتوضيح والفائدة ، أقدم فيما يلي لمحة موجزة عن البهائية التي ظلت زمنًا في جو من الكتمان والتستر، ولم يعلم حقيقتها إلا النفر اليسير من الناس، وكذلك أقدم بعض المعتقدات الأساسية لهذه "الديانة"، كي يتسنى للقارئ الكريم المقارنة بين هذه المعتقدات وما تؤمن به الجماعة الإسلامية الأحمدية.




البهائية.. لمحة تاريخية:
البهائية قامت ونشأت في إيران حول شخصيتين رئيسيتين: 
الأولى: هي المرزا علي محمد الشيرازي الملقب بـ " الباب" مؤسس الحركة البابية سنة ١٨٤٢ وواضع شريعتها عام ١٨٤٨، 
والثانية: هي شخصية المرزا حسين علي النوري، الذي لقبه "بهاء الله"، والذي أسس الحركة البهائية سنة ١٨٦٣ على أركان وأسس البابية، مدعيًا بأنه هو ذلك الذي مهد "الباب" لظهوره وأنبأ عنه ووصفه بمن سيظهره الله. (التفصيل فيما بعد)

 كان المرزا على محمد الشيرازي "الباب" أحد زعماء الفرقة "الشيخية"، وهي إحدى فرق غُلاة الشيعة الاثنا عشرية، التي يشكل أتباعها حوالي ثلث سكان إيران، والتي كانت من أشد المؤمنين بقرب ظهور المهدي الغائب أو الإمام المستتر كما تؤمن الشيعة الاثنا عشرية، إلا أن "الشيخية" آمنوا بأن ظهوره سيكون بالولادة لا بالعودة. وعليه، ادعى علي محمد الشيرازي سنة ١٨٤٢ بعد أن أصبح إمام الفرقة الشيخية بعد وفاة السيد كاظم رشتي - أنه هو "الباب". أي الواسطة بين الخلق وبين الإمام المهدي الغائب المنتظر الذي مضى على غيابه قرابة الألف سنة وآنَ أوانُ عودته. وبعد سنتين أعلن أنه هو الإمام المهدي نفسه، و لم يتجاوز بعد إلا الرابعة والعشرين من عمره.

علما أن هذا التطلع لاقتراب ظهور المهدي تحدث عنه أيضا كثير من علماء السنة الذين أشاروا بأن المهدي المنتظر لا بد وأن يظهر قبل انقضاء القرن الرابع عشر الهجري. ولكن يجب أن يكون واضحًا أن أهل السنة لا يؤمنون بإمام مستتر كما عند الشيعة. هذا التطلع كان يقوى ويزداد أيضا عند أهل السنة كلما اقتربوا من نهاية القرن الرابع عشر - 
علما أنه في هذه الفترة ظهر بأمر الله تعالى سيدنا أحمد، مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، وأعلن عام ۱۸۹۰ أنه الإمام المهدي والمسيح الموعود، وأخبر – خلاف جميع من ادعوا المهدوية في الزمن الأخير – أن الله هو الذي أقامه من عنده . -، حتى إن بعضهم تحمس وأعلن أنه المهدي المنتظر مثل عبدالرحمن المهدي السوداني المتوفى سنة ١٨٥٩، والسنوسي محمد المهدي في ليبيا المتوفى سنة ۱۹۰۲ ، والمهدي السعودي الذي ظهر واعتصم في بيت الله الحرام سنة ١٩٨٠.

لكن حماس الفرقة الشيخية وتطلعها لظهور المهدي كان أشد من غيرهم، حتى إن بعضهم كانوا يسيحون في البلاد بحثا عن الإمام المهدي الذي حسب تقديرهم وحسابهم كان لا بد وأنه قد ظهر في مكان ما. 
ومما يجدر ذكره أن أتباع الطائفة الشيخية، لشدة إيمانهم بقرب ظهور الإمام المهدي الغائب، أعلنوا في حينه عن إمام "الشيخية" السيد كاظم رشتي  أنه هو الإمام المهدي المنتظر، لكن الإمام رشتي رفض مطلب أتباعه، وطلب منهم أن يبحثوا عن الإمام المنتظر. بعده تولى قيادة الطائفة علي محمد الباب" عام ١٨٤٢، الذي أعلن في البداية كونه "الباب"، ثم بعد مرور بعض الوقت لم يتردد أن أعلن أنه هو المهدي المنتظر أو الإمام القائم، وقد أعلن بذلك عام ١٨٤٤ الميلادي ۱۲٦٤ الهجري، وهو في سجن قلعة شهريق دون أن يكلفه الله بذلك. وانضم إليه كثيرون من إيران. 
وفي أواخر سني حياته، أعلن أنه النقطة (النقطة تعني: "الرب الأعلى")، لكن بهاء الله جرد الباب من هذا اللقب ، واعتبر الباب مبشرا بمجيئه هو ، كما كان يوحنا المعمدان مبشرا بيسوع المسيح. (موسوعة الدين والأخلاق، فصل "الباب" ص ۳۰۱).
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من غلاة الفرق الشيعة دأبوا على تأليه شيوخهم وأئمتهم نتيجة الوقار المفرط لهؤلاء الشيوخ. وكانت البابية من هذه الفرق. (المرجع السابق)
وكانت الفرقة الشريفية التي اعتبرت أن النبي الكريم وعليا وفاطمة والحسن والحسين كانوا تجسيدًا الله تعالى، كذلك فرقة المغيرة التي أعلن مؤسسها الألوهية، وكذلك المنصورية والخطابية والمناصرية. (المرجع السابق).
هذا التوافق التاريخي والتوقع عن موعد ظهور المهدي، أعني القرن الرابع عشر عند السنيين، والألف بعد اختفاء الإمام محمد حسن العسكري عند الشيعة، كان عاملا ساعَدَ على انتشار حركة "الباب" في إيران بسرعة، وخاصة بين أتباع الفرقة الشيخية التي كان يرأسها علي محمد الشيرازي "الباب" عندئذ.
ثم بناء على الاعتقاد السائد لدى المسلمين، الشيعة منهم والسنيين، أن المهدي المنتظر سيعلن الجهاد، ويقضي على أعداء الإسلام بحد السيف، ويكون مؤيَّداً من الله تعالى، علم "الباب" أتباعه العنف، فحصلت مصادمات دموية بين الحكومة وأتباعه لمدة من الزمن، حتى حكمت الدولة على "الباب" بالإعدام رميا بالرصاص سنة ١٨٥٠، وهو لم يتجاوز بعد الواحد والثلاثين من عمره.
وعلى إثر ذلك، دبَّر أتباعه مؤامرةً لقتل الشاه ناصر الدين، وأطلقوا عليه النار، وجرحوه في وجهه. البابيون في التاريخ ص ١٥).
 فاشتد النزاع بين البابيين والحكومة، وقتل في هذه المصادمات عديد من الجانبين. فقامت الحكومة بقتل بعض زعمائهم الباقين بمن فيهم "قرة العين"، كما طردت بعضا منهم من البلاد بمن فيهم الأخوان الشهيران الميرزا يحيى "صبح الأزل" و"حسين على النوري "البهاء". فأقاما في بغداد، ثم نقلتهما الحكومة التركية إلى قسطنطينية ثم إلى أدرنه. أثناء وجوده في السجن وقبل إعدامه بسنة، وصى "الباب" بأن يخلفه في زعامة الحركة البابية الميرزا يحيى ، الملقب "صبح الأزل" وأعطاه خواتمه. وقد تولّى يحيى بالفعل قيادة البابية مدةً تزيد على عشر سنين إلى أن جاهر حسين علي النوري بإنكار زعامة "صبح الأزل" مدعيًا انه هو "مظهر الله الأكمل" الذي بشر "الباب" بظهوره. وقد كشف ذلك لبعض خواصه سرًّا وهو في بغداد عام ١٢٨٠هـ - ١٨٦٣م ، ثم جهر بذلك وهو في منفاه مع أخيه في أدرنه بتركيا عام ١٢٨٣ ، وأقام الحركة البهائية دون الجهر بها.
فاشتد النزاع بينه وأخيه الميرزا يحيى "صبح الأزل"، وحاول كل واحد منهما قتل الآخر، فاضطرت الحكومة التركية إلى تفريقهما. فنفت الميرزا يحيى صبح الأزل وأتباعه إلى قبرص، و"البهاء" وأتباعه إلى عكا بفلسطين سنة ١٨٦٨م. وقد بقى "البهاء" في سجن القشلق بعكا عدة سنين، ثم نُقل إلى منزل خارج المدينة المعروف بـ"البهجة" اليوم.. حيث فرضت عليه الحكومة الإقامة الجبرية إلى أن توفي هناك، ودفن في "البهجة" سنة ١٨٩٢. وأثناء وجوده في السجن ألف "البهاء" كتابه "الأقدس" المشتمل على الشريعة البهائية التي نسخ بها في زعمه الشرائع السابقة كلها بما فيها "البيان" أيضًا وهو الشريعة البهائية.
 أما الميرزا يحيى "صبح الأزل" وأتباعه الذين أُطلق عليهم اسم "البابيون الأزليون" فقد ضعفت مكانتهم، وظلوا في عداء شديد للمنهج الذي اتخذه "بهاء الله".. أعني الحركة البهائية. وقد توفي "صبح الأزل" في قبرص عام ۱۹۱۲ ، وقام بدفنه جماعة من المسلمين.

بعد وفاة "بهاء الله"، نشأ خلاف بين ابنيه عبد البهاء عباس البكر من الزوجة الأولى والملقب بالغصن الأعظم، ومحمد علي الابن البكر من
الزوجة الثانية والملقب بالغصن الأكبر.
 الأقدس، النسخة الكندية، ص ٤٢, 
حيث ادعى كل منهما خلافة "بهاء الله". ولكن عبد البهاء عباس سيطر على قيادة الحركة، وظل مع أخيه محمد علي في حالة خصام طيلة الوقت، تماما كما حصل بين "بهاء الله" وأخيه "صبح الأزل" من قبل.
لقد اصطدم عباس بعلماء المسلمين بعد أن شاع اسم البهائية، وسجنته الحكومة التركية في مدينة عكا سنة ١٩٠١، وأُطلق سراحه في ١٩٠٨م حين تسلّمت الحكم في الدولة العثمانية جماعة تركيا الفتاة.

ويقال بأن لأخيه محمد علي ضلعا في سجنه، ذلك لأنه مع بقية عائلته كان معارضًا لنهج عباس، وكان يؤلب عليه الحكومة والناس.

    
ويقال إن محمد علي هذا كان قريبا من المسلمين، بحيث يروي الأستاذ أبو العطاء الجالندهري - رحمه الله - الداعية الإسلامي الأحمدي بحيفا، ومحرر مجلة "البشرى" وقتها - أنه قابل محمد علي في الثلاثينيات، فقال له الأخير بأنه ومن معه يصلّون الصلوات الخمس كالمسلمين، واتهم أخاه عبد البهاء عباس بأنه حرّف مبادئ البهائية وزيفها، وبأن والدهما لم يكن سوى شخصية صوفية.

قام عبد البهاء عباس، بعد أن أُطلق سراحه من السجن، برحلة تبشيرية إلى خارج البلاد زار خلالها مصر وأوربا وأمريكا، وقد انضم إلى الحركة عدد من الناس خاصة في الولايات المتحدة ، حيث مهد للبهائية كثيرًا الدكتور إبراهيم جورج خير الله، الذي كان قد اعتنق البابية ودعا لها، ويرجع له الجهد الأكبر في نشر البهائية في أمريكا.
وأثناء وجوده في الولايات المتحدة سنة ۱۹۱۲ وَضَعَ عبد البهاء عباس حجر الأساس للمركز البهائي في شكاغو الذي تم بناؤه سنة ١٩٤٢. أما "خير الله" هذا، فقد انقلب على عبد البهاء عباس وتنكر لــه، بعد أن زار "عكا" بحيفا مركز الحركة، واطلع عن كثب على مدى خداعه 
وعدم استقامته. فانضم "خير الله " إلى جماعة "محمد علي "، كما يروي لنا الدكتور براون. مواد لدراسة البابية ص ١٠٦، وسميت ص (٩٦) .

لقد منحت الحكومة البريطانية لعبد البهاء عباس لقب "سير"، وعندما توفي سنة ۱۹۲۱، كان المندوب السامي البريطاني السيد هربرت صامويل من بين المشيعين في الجنازة.
ووصى عباس بتسليم القيادة بعده إلى حفيده (ابن بنته) شوقي أفندي بدلاً عن أخيه محمد علي، وذلك خلافا لوصية البهاء التي قال فيها: "قد اصطفينا الأكبر بعد الأعظم أمرًا من لدن عليم خبير الأقدس.
 النسخة الكندية ص (٢٧).
 وكما سبق أن أشرنا إلى أن "الغصن الأعظم" عند البهاء هو ابنه عبد البهاء عباس، وأن "الغصن الأكبر" هو ابن البهاء الآخر ميرزا محمد علي، وهو من زوجة أخرى.
 وقبل تسلم شوقي زعامة البهائية، قامت بهذا العمل زوجته لبضع سنين. وقد اعتنى شوقي أفندي ببناء وتطوير المركز على سفح جبل الكرمل وفي عكا، وفي عهده أعلنت الحركة البهائية أنها ديانة مستقلة بموجب القانون.
ومنذ وفاة شوقي سنة ١٩٥٧، تولى قيادة الحركة البهائية مجلس
غالبية أعضائه من الأمريكان، يدعى "بيت "العدل، ومقره عكا .




خروج البهائية على الإسلام:
لقد بدأت الحركة البابية كحركة تجديد إسلامية، وكما أعلن مؤسسها علي محمد "الباب"، إنه هو المهدي المنتظر والإمام الثاني عشر، الذي غاب عن أنظار الناس وكان سيعود متى أذن الله لــه بالخروج، فيملأ الأرض قسطا وعدلاً .
تعرض البابيون إلى اضطهاد من قبل العلماء والحكومة، خاصة لأنهم آمنوا كعامة المسلمين بضرورة إعلان الجهاد برفع السيف على كل من لا يؤمن بـ"الباب" مهديًا وإمامًا. وازدادت الأوضاع خطورة عندما ألقت الحكومة القبض على "الباب" ، وسجنته مع بعض أتباعه البارزين. في هذه الظروف عقد البابيون مؤتمراً مصيريًّا سُمِّي بمؤتمر "بادشت" أو "شاهرود"، وذلك سنة ١٢٦٤هـ ١٨٤٨م، وقرروا الانفصال عن الإسلام كرد فعل من جانبهم على تكفير العلماء ومقاومتهم للبابيين. لقد كانوا حتى ذلك الوقت مسلمين، وكان "الباب" يُعتبر من علماء المسلمين الشيعة ومن المفسرين للقرآن الكريم. وقد كان من أشدهم حماسًا للخروج على الإسلام سيدة تدعى أم سلمى "زرين تاج"، الملقبة بـ "قرة العين"، ثم بـ "الطاهرة". وكانت معروفة بذكائها وعلمها وجمالها وإخلاصها للباب، وكانت تدرس الدين في بغداد، وهي أحد ثلاثة أركان الحركة البابية المركزيين وهم محمد علي البرفروشي وحسين علي النوري البهاء وقرة العين. لقد ظهرت قرة العين في  خم هذا الاضطهاد العارم للبابيين أمام الجمهور سافرةً ممتطيةً جوادًا ومشهرةً سيفًا، ودعت إلى الانفصال عن باقي المسلمين بحماس شديد، وأيدها من زعماء الحركة البابية البارزين عندئذ حسين علي النوري. وقد اعتبر بعض شيوخهم سلوكها هذا غير أخلاقي، وانفصلوا عن البابية. وبالتالي عُرض الأمر على "الباب" وهو في السجن، فقبل رأيَ قرة "العين" ووافق على الانفصال عن الأمة الإسلامية.

بعد هذا الانفصال عن الأمة الإسلامية لم يعد للبابيين علاقة بموضوع المهدي لكونه فكرةً إسلامية. وراح زعماؤهم يلقبون أنفسهم بألقاب إلهية مختلفة، فتارة اعتبروا أنفسهم فوق درجة الأنبياء، وتارة رأوا أنفسهم ظهورًا وتجليا الله تعالى كما فعل "بهاء الله"، أو كابن الله كما فعل عبد البهاء عباس، وحتى في تاريخ البهائية الحديث، نرى البهائيين يؤكدون على ذلك الانفصال والاستقلال عن المسلمين في منشوراتهم وكتبهم. وفي عام ۱۹۲٥ و في أثناء زعامة شوقي أفندي ، أعلنوا رسميًّا انفصالهم عن الإسلام، وبأن البهائية دين جديد مستقل قانونيا. ثم نراهم يسجلون أنفسهم بهائيين باعتبارهم أنهم فرقة غير إسلامية، حيث تقدم سنة ١٩٥٧ ممثلهم المحامي حوشي إلى حكومة باكستان بطلب جاء فيه: يشرِّف البهائيين في باكستان أن تعتبرهم الدولة أقلية غير مسلمة فيها". 
وفي مصر قد اعتبرت البهائية خارج الإسلام بحسب القانون في ۱۹۲۵. 
وفي المغرب قد اعتُبرت البهائية خارج الإسلام بحسب القانون في ۱۹۳۹
وفي العراق قد اعتُبرت البهائية خارج الإسلام بحسب القانون في ۱۹۳۹
ويقول اسلمنت البهائية دين جديد، وشريعة قائمة بذاتها، ولا 
تنتمي إلى أية ديانة وليست مذهبًا من المذاهب الإسلامية." (ما هو البهائي ص ١٣)

أما صاحب كتاب "مفتاح باب الأبواب" فيقول: "إنهم (البهائيون) طغمة دينية سياسية مستقلة عن سائر الأديان، ولهم دين خاص مزيج من أخلاط الديانات البوذية والبرهمية والوثنية والزردشتية واليهودية والمسيحية والإسلامية ومن اعتقادات الصوفية والباطنية. وقد أوردنا إبطالهم للديانات عمومًا ولدين الإسلام خصوصا". 
(ص ٤٣٢)




تمسك الأحمدية بالإسلام:
على النقيض مما فعل البهائيون، لا بد أن نؤكد هنا على أن الأحمدية- رغم كونها هي الأخرى قامت كحركة مهدوية إسلامية - لم تنحرف عن هدفها، ولم تتراجع نتيجة تكفير بعض العلماء لها، ولم ترضخ حتى للقوانين العسكرية التي صدرت ضدها في باكستان على أنها جماعة غير مسلمة. ورغم الاضطهاد والظلم الذي ما زال يلاقيه أبناء الأحمدية في باكستان حيث مركزها الرئيسي.. وحيث يقيم أكبر تجمع للأحمديين، ورغمَ الأعمال العدائية التي تقوم بها منظمات وجمعيات إسلامية ضد الأحمديين خارج باكستان أيضا، فإن الأحمديين، وبعكس ما فعل البهائيون ما زالوا يصرّون ويعلنون بأنهم مسلمون، بل المسلمون الحقيقيون الذين يمثلون الإسلام الصحيح، وسيظلون كذلك بإذن الله تعالى مهما عظمت المحاولات الشيطانية لإخراجهم من النور إلى الظلمات.
وسأورد بالتفصيل معتقدات الأحمدية في آخر هذا الكتاب، إلا أنني أرى من المناسب أن نستعرض هنا بعض ما قاله مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والمهدي المعهود، لأن ما يقوله ويعلنه يجب أن يُعتبر الأصل والقول الفصل بالنسبة لهذه الجماعة، ولا يقدر أحد، بل وليس من 
حق أحد، أن يخفيه أو يغيّر ويبدل فيه شيئا. يقول ما نصه:
" بعزة الله وجلاله إني مؤمن مسلم، وأؤمن بالله وكتبه ورسله وملائكته والبعث بعد الموت، وبأن رسولنا محمدًا المصطفى أفضل الرسل وخاتم النبيين."
 (حمامة البشرى ص ۹ ، الخزائن الروحانية ج ۷ ص١٨٤

وأعلن كذلك ما نصه:
"لا يدخل في جماعتنا إلا الذي دخل في دين الإسلام، واتبع 
كتاب الله وسنن سيدنا خير الأنام، وآمَنَ بالله ورسوله الكريم الرحيم، وبالحشر والنشر والجنة والجحيم، ويعد ويقرّ بأنه لن يبتغي دينًا غير دين الإسلام، ويموت على هذا الدين دين الفطرة متمسكا بكتاب الله العلام ، ويعمل بكل ما ثبت من السنة والقرآن وإجماع الصحابة الكرام. ومن ترك هذه الثلاثة فقد ترك نفسه في النار، وكان مآله التباب والتبار." 
(مواهب الرحمن الخزائن الروحانية ج ١٩ ص ٣١٥).



قرار خطير آخر:
في مؤتمر (بادشت) الذي سبق ذكره أثير موضوع وضع شريعة جديدة للبابيين، بعد أن أعلنوا انفصالهم عن الإسلام، وأصبحوا يعملون في فراغ، وكان أكثر الناس حماسًا لهذا الأمر "قرة العين" حيث أصرت على أنه حان الوقت لنسخ القرآن والتحرر من قيود الشريعة الإسلامية. وكان جدال ومعارضة من قبل الكثيرين حتى إن بعضهم ترك البابية ورجع إلى الشيعة. فتدخل حسين علي النوري "بهاء الله" إلى جانب "قرة العين، وقد أخذ المصحف الشريف، وشرع يفسر سورة الواقعة معللاً منها أن هذا التغيير كان لا بد من حدوثه. فتقرر نهائيًا بأن توضع شريعة جديدة. وعُرض الاقتراح "على الباب" وهو في السجن بقلعة "ماكو" فوافق عليه. وفي الحال، شرع بوضع الشريعة الجديدة داخل السجن في كتابه المسمى "البيان"، الذي اعتبره فوق القرآن، وناسخا له ولجميع الشرائع السابقة.
 (مختصر تاريخ البهائية لبيتر سميث ص ۳۲ ، ومجلة نقد الأديان ص ٤٧ - ٤٨ عدد ١/٩٣).
ومما قاله "الباب": "كل من كان على شريعة القرآن كان ناجيًا إلى ليلة القيامة".
(مفتاح باب الأبواب ص ٢٥١، والقيامة عند "الباب" هي يوم ظهور أمره وإعلان دعوته.




المؤامرة الكبرى:
وبعد أن اغتصب "بهاء الله" زعامة الحركة من أخيه يحيى بعد ١٥ سنة على وفاة "الباب" سماها "البهائية"، ولكن سرا، وقال: إنه أعظم قدرًا حتى من الباب"، وإنه هو "من سيُظهره الله" الذي بشر بمجيئه "الباب"، وأنه مظهر الله الأكمل، ووضع هو الآخر شريعة جديدة.

(Moojan Momen ص ٩٦ ، ومحمد علي ص ٥٧ - ٥٩.




التعاليم البهائية:
أما البهائية وتعاليمها فتنحصر في كتابين أساسيين: 
الأول "البيان"، وقد شرع علي محمد "الباب" في تأليفه باللغة الفارسية وهو في السجن بقلعة "ماكو"، ولكنه لم يستطع أن يكمل شريعته الجديدة، وإنما منها أحد عشر فصلاً فقط، ووصى خليفته يحيى "صبح الأزل" أن يضيف إليه ليصبح ۱۹ فصلاً بعدد الأشهر في السنة البهائية وعدد الأيام في كل شهر، لأن هذا العدد مقدس في البهائية. وقد أعلن "الباب" أن شريعته هذه جاءت لتنسخ جميع الشرائع السماوية قبلها. ويمتاز كتاب "البيان" بكثرة الغموض فيه وصعوبة فهم محتوياته، كما يصعب الحصول عليه جدا.

أما الكتاب الثاني فهو "الأقدس"، وقد وضعه حسين علي "بهاء 
الله"، وهو في سجن عكا أيضًا، ويشتمل على أهم التعاليم البهائية، إلا أنه أخذ الكثير من كتاب "البيان"، رغم أنه قد نسخه مع جميع الشرائع السماوية السابقة.
علمًا أن "الباب" كان تنبأ بأن شريعته الجديدة والناسخة للقرآن في زعمه ستدوم إلى ۲۰۰۱ عاماً بحسب القيمة العددية الحروف "المستغاث"، وأن كل من يأتي بكتاب أو أحكام جديدة قبل نهاية هذه
المدة فلن يُقبل منه.
 (مخطوط "البيان" ص ٢٣، ومفتاح باب الأبواب ٢٦٢، وموسوعة الدين والأخلاق ودائرة المعارف للبستاني، ومحمد علي ص۳۲.
 وعليه، فإن ظهور "البهاء" بعد شريعة "الباب" بـ ١٥ سنة بشريعة جديدة ناسخة لشريعة "الباب" أيضًا ، لأمر يبعث على الاستغراب لمخالفته وصية الباب.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا ، أن "بهاء الله" - خوفًا من أن تُمَسَّ أو تُلغى شريعته كما فعل هو بنفسه بشريعة "الباب" - صرح في كتابه:
"من يدعي أمرًا قبل إتمام ألف سنة كاملة إنه مفتر كذاب."
 (الأقدس، النسخة البغدادية ص ۱۳، النسخة الكندية ص ٢٣) 
يعني أن شريعته ستدوم لا أقل من ألف سنة دون أن تنسخ.
 ولكن بعد وفاة "البهاء" ،نشط ابنه عبد البهاء عباس الملقب بـ مركز الميثاق" في نشر وشرح تعاليم والده، خاصة خارج فلسطين، فعدل وبدل ما شاء مدعيًا أن "بهاء الله" قد منحه هو وحده هذه السلطة - كما يرى البهائيون أنفسهم أن عباس هو الوحيد الذي لــــه حق تفسير كتبهم - حتى أصبحت البهائية فيما بعد "بهائية عباس" لا "بهائية البهاء". ولعباس مجموعات من الرسائل والخطابات، ويُعتبر مولّدَ أركان البهائية الحديثة وواضع تاريخها الحديث.
لقد ظل البهائيون يتداولون "الأقدس" فيما بينهم دون أن ينشروه لعامة الناس حتى أقر بيت العدل البهائي طباعة ونشر كتاب " الأقدس" لأول مرة في عام ۱۹۹۲ بمناسبة مرور مائة سنة على وفاة "بهاء الله"، ومنذ ذلك الحين تجري دراسات مكثفة عن البهائية. 
سميث ص ۱۱۸)

والسؤال الذي يفرض نفسه : لمَ هذا التستر والكتمان طيلة مائة سنة على كتاب فُرِضَ وسُنَّ كي يكون شريعة جديدة لهداية الناس؟!
 يجيب بعض البهائيين على هذا السؤال بما يفضحهم أكثر، حيث يقول الأستاذ مولانا أبو العطاء الجالندهري رحمه الله: 
"لقد صرح أحد البهائيين واسمه فرج الله زكي أنه كان يود أن يطبع كتاب "الأقدس" في حياة عبد البهاء عباس، فمنعه عباس قائلا: لا تطبع هذه الشريعة لأنه لم يأن أوانها وهي ليست للجيل الحاضر " . " البشارة" الجزء ٧ و ٨ أيلول ۱۹۳۳ ص ۵۲)

 وسؤالنا :
 إذا كان المجتمع غير مؤهل لشريعتهم ، فلماذا نزلت قبل أوانها. أليس هذا تصرفًا غير حكيم، والله عليم وخبير وحكيم.

أما يحيى "صبح" الأزل" الذي تلاشت حركته كلية أمام الجناح الذي تزعمه أخوه حسين علي البهاء"، فقد وضع هو الآخر كتابا في التعاليم البابية سماه "المستيقظ"، دون أن ينسخ ما سبقه من تعاليم سماوية، ولكنه لا يضاهي "البيان" أو "الأقدس" في أهميته، ولا يعمل به أحد.




المقارنة بين التعاليم البهائية والشريعة الإسلامية:
هناك بعض المعتقدات الأساسية في البهائية التي تميزها بشكل صارخ عن الديانات الأخرى وتتعارض معها، وهي بعيدة كل البعد عن الإسلام وعن تعاليمه ومبادئه وبالتالي غريبة أيضا عن معتقدات الجماعة الإسلامية الأحمدية التي تؤمن أنها تمثل الوجه الحقيقي للإسلام في هذا العصر. وقد رأيت أن أذكر بعض هذه المعتقدات البهائية على أمل أن أسهل بذلك على القارئ الكريم مقارنة البهائية بالإسلام، ومعرفة مدى قربها أو بعدها منه، لعل ذلك يوضح الصورة أمام أولئك الذين لا يزالون يرمون الأحمدية - ظلمًا أو جهلاً 
منهم - بأنها عدو الإسلام وحليفة البهائية في السعي لتحطيم العقيدة الإسلامية من داخل العالم الإسلامي، معاذ الله.



ادعاء الألوهية: *
يقول سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للمسيح الموعود  : " الواقع أن البهائيين يؤمنون ببهاء الله بحسب ما يتصورون الله تعالى وفق اعتقادهم، وليس كما نؤمن نحن المسلمين بالله تعالى بجميع صفاته، فشتان بين إيماننا بالله وإيمانهم بالبهاء." 
(خطبات محمود الملقاة عام ۱۹۲۹، ص۱۷۲ - ۱۷۳)

لم يدع أحد من "الباب" أو "البهاء" أو عبد البهاء عباس أنه نبي أو رسول تلقى الوحى من الله تعالى.
 (ما هو البهائي ٤٩)،
 كما قال رسل الله من قبل، بل على النقيض من ذلك ادعى "البهاء" أنه تجسيد لذات الله تعالى، حيث قال : قد فرض لكل نفس كتاب الوصية، وله أن يزين رأسه بالاسم الأعظم، ويعترف فيه بوحدانية في مظهر ظهوره" 
(الأقدس، النسخة البغدادية ص ۳۲ وفي النسخة الكندية ص ٢٧ و ٦٥ : " في مطلع ظهوره")

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: إذا لم يكونوا أنبياء ولا مرسلين فهم فوق درجة الأنبياء والمرسلين من الله، لأنهم جاءوا للناس بشرائع جديدة من تأليفاتهم الخاصة وليست من مصدر الوحي الإلهي. وبالفعل، نجد إحدى المجلات البهائية الصادرة باللغة الأردية تقول عن "البهاء" ما ترجمته: "لم ترد في الآية المباركة كلمة "نبي"، ولم يُطلق اسم "نبي" على الموعود الوارد ذكره في الفرقان، كما لا يعتبر البهائيون حضرة 
البهاء – جل ذكره الأعظم - نبيًّا.
 (مجلة "كوكب الهند" الصادرة في دلهي مجلد ٦ عدد يوم ١٧ مايو ١٩٢٨)
وقالت موضحة منصب "البهاء" ما يلي: "إن البهائيين يرون أن زمن النبوة قد انتهى، وأن النبوة قد انتهت في الأمة المحمدية أيضًا، إلا أنهم یرون أن قدرة الله لم تنته، لذا يسلّمون بظهور جديد للقدرة الإلهية، وهي مرتبة فوق مرتبة النبوة وأعلى منها شأنا، وهذا إعلان واضح لانتهاء زمن النبوة، ومن أجل ذلك لم يقل البهائيون أبدًا بأن النبوة لم تنته، أو أن الموعود لكل الأديان (أي البهاء هو نبي أو رسول، وإنما ظهوره ظهور إلهي مستقل".
 (مجلة "كوكب" الهند" الصادرة في دلهي مجلد ٦ عدد يوم ٢٤ يونيو ١٩٢٨) 

إذا كان البهاء ينكر نبوته ، مدعيًا درجة فوق النبوة فالبديهي والمنطقي أنه يدعي الألوهية. وبالفعل من يقرأ "الأقدس" يجد أن "البهاء" هو الموحي لنصوص هذا الكتاب وليس الموحى إليه.

يعلن البهاء صراحة أنه الإله في كتابه "كتاب مبين" ما نصه: 
"اسمع ما يوحى من شطر البلاء على بقعة المحنة والابتلاء من سدرة القضاء أنه لا إله إلا أنا المسجون الفريد"
 (كتاب مبين ص ٨٦)

ويستهل "البهاء" كتابه "الأقدس" كالآتي: "بسمه الحاكم على ما
كان وما يكون ."

والأمر الذي يبعث على الاستغراب هو: كيف إنه يتجنب هنا حتى أن يذكر "الله" الاسم الحقيقي لذات الله تعالى حسب المفهوم الإسلامي؟ أم أنه قصد بذلك الابتعاد عن الإسلام، وأن يبدأ كتابه باسم يتناسب مع أحد أوصافه؟
وفي أول فقرة من كتابه الأقدس يقول: "إن أول ما كتب الله على العباد عرفانُ مُشرِق وحيه ومطلع "أمره" الذي كان مقام نفسه في عالم الأمر والخلق."
هذا المشرق والمطلع هو "البهاء" نفسه، إذ يتضح لنا من خلال نصوص "الأقدس" ماذا يعنيه بكلمة "مطلع" حيث يقول: "ليس لأحد أن يتصرف في الأوقاف إلا بعد إذن مطلع الوحي -
ويعني بمطلع الوحي هو نفسه.-، ومن بعده يرجع الحكم للأغصان (أولاده) ومن بعدهم إلى "بيت العدل". 
(الأقدس، النسخة الكندية ص ٢٧)
ويقول: "استمعوا إلى نداء مالك الأسماء، إنه يناديكم من شطر سجنه الأعظم. إنه لا إله إلا أنا المقتدر المتكبر المفتخر المتعال العليم الحكيم". الأقدس، الطبعة البغدادية ص ٣٦، وفي النسخة الكندية ٧٦: "المتسخر" بدل "المفتخر")
ويقول البهاء في مصدر آخر: "لا إله إلا أنا المسجون الفريد". (كتاب مبين، طبعة بومباي عام ١٣٥٨ هـ ١٨٩٠م صفحة ٢٨٦)


والسؤال: هل يُعقل أن يكون الله المقتدر المتكبر المفتخر المتعالي... إلخ محكوما عليه، ويخاطب العالم وهو مسجون بدلاً من أن يكون مستويًا على عرشه في السماوات العلى؟
 ويقول أيضا: "قد خلق الله ذلك المكتب (أي مكتب "البهاء") قبل خلق السماوات والأرض، ودخلنا فيه قبل أن يقترن الكاف بركنها النون." (الأقدس، الطبعة البغدادية ص ٥) 
ويقول: "يا معشر الملوك قد أتى المالك والملك لله المهيمن القيوم".
(الأقدس، الطبعة البغدادية ص ٢٤، والطبعة الكندية ص ٤٨)
 وهل يمكن اعتباره حيًّا قيّوماً بعد أن مات ١٨٩٢ كباقي البشر !؟ ويقول: "طوبى لملك قام على نصرة أمري في مملكتي. أنا المهيمن على من في ممالك الغيب والشهود. (الأقدس، النسخة الكندية ص ٥١) ويقول: "قُلْ يا مَلِكَ "برلين" اسْمَعِ النداء من هذا الهيكل المبين أنه لا إله إلا أنا الباقي الفرد القديم.
 الأقدس، النسخة الكندية ص ٥٣)
 ويقول: 
"يا ملوك أمريكا ورؤوس الجمهور فيها اسمعوا ما تغنّي به الورقاء على غصن البقاء أنه لا إله إلا أنا الباقي الغفور الكريم".
 الأقدس، النسخة الكندية ص ٥٤)
ويقول: "يا معشر الملوك أنتم المملوك قد ظهر المالك بأحسن الطراز، ويدعوكم إلى نفسه المهيمن القيوم.
 الأقدس، الطبعة البغدادية ص ٢٥، وفي الطبعة الكندية ص ٥٠: "أنتم المماليك").


وقال: "يا معشر العلماء، استمعوا إلى ما ارتفع من مطلع الكبرياء
أنه لا إله إلا أنا الناطق العليم"
 الأقدس، الطبعة البغدادية ص ٢٧، وفي النسخة الكندية ص ٥٥: "يا معشر الأمراء")
وفي ورقة المبايعة للانضمام إلى البهائية، يشهد المبايع ويعترف بما يلي: "بسم الله الغصن الأعظم (يعني عباس)، أُقرّ وأعترف بوحدانية الخالق القدير وبأنه قد ظهر في صورة إنسان، وبأنه هو الذي أقام عائلته هذه (يعني عائلة "البهاء" ....."
 (مواد لدراسة البابية للدكتور براون ص ۱۲۱

يبدو واضحا أنه لا يذكر الله تعالى ولا الوحي الإلهي في هذه النصوص.


والأمر الذي يلفت النظر ،أن من يطالع كتاب "الأقدس" يرى أن "بهاء الله" أخذ الكثير من أحكام الشريعة الإسلامية وحرفها وحوّرها وعرضها وكأنها من عنده دون أن يذكر أنه تلقاها بالوحي، وأهمل أهم ركن من أركان الإسلام وهو الشهادة، فتجنب بذلك ذكر الله تعالى وذكر النبي محمد وكذلك القرآن الكريم. وقد سبقه إلى هذا الانتحال "الباب" نفسه الذي كان يبدو أقرب إلى الإسلام من بهاء الله"، وكتاب شريعته "البيان" أكبر شاهد على ذلك.

ومما يميز كتابات "الباب" و"البهاء" وكذلك عبد البهاء عباس أنها تكاد تخلو من ذكر "الله"، وكثير من تعابيرهم اصطلاحات وآيات قرآنية محورة.
وقد جاء أن الدكتور خير الله، وهو أول داعية للبهائية في الولايات المتحدة، قال في إحدى محاضراته أمام الأمريكان: إن "بهاء الله" عندما مثل أمام السلطان التركي في القسطنطينية ١٨٦٣ وبحضور أتباعه، سأله السلطان عن برهان لادعائه الألوهية، فرد "بهاء الله" على السلطان، وأي برهان عندك على صدق محمد ".أجابه السلطان: القرآن الكريم وعندها كتب بهاء الله" للسلطان كتابا أضخم من القرآن في غضون ست ساعات كدليل على ألوهيته ." 
(مواد لدراسة البابية للدكتور براون ص ۱۳۸)

وتجدر الإشارة هنا ، أن أخا "بهاء الله" مرزا يحيى الملقب بـ "صبح الأزل" وزعيم الشق الثاني للبابية عارض بشدة ادعاء "بهاء الله" بالألوهية وظل على خلاف وعداوة معه طيلة حياته.

 البهائيون لا ينكرون أن "البهاء" كان ظهورًا لله في جسد إنسان مثلهم، لكنهم يشرحون ألوهيته هذه على نحو ما يشرح المسيحيون ألوهية المسيح . وبهذا المعنى يقول "بهاء الله" نفسه: "إذا يراه (يعني نفسه - أحدٌ في الظاهر يجده على هيكل الإنسان بين أيدي أهل الطغيان، وإذا يراه في الباطن يراه مهيمنا على ما في السماوات
والأرض". (كشف الغطاء ص ٦).

ولأجل أن يسهل الدكتور "خيرالله" على نفسه نشر البهائية في أمريكا، كان يوهم المسيحيين الأمريكان بأن البهاء كان ظهورًا الله.
مواد لدراسة البابية ص ۱۳۹.
 ثم جاء ابنه عبد البهاء عباس،  فكان ظهورًا للابن، كما كان يسوع المسيح ابن الله حسب اعتقاد المسيحيين. 
وعلى هذا النحو، صرّح عباس عن نفسه عندما زار الولايات المتحدة. وعندما حدث الانشقاق بين عبد البهاء عباس وأخيه محمد علي.. اتهم محمد علي أخاه عباس وزمرته بالشرك، لأنه كان يسمع منه مثل هذه الادعاءات.
سميث ص ٧٧، ٩٦، ٩٧، موجان ص ١٢٦، محمد علي ص ٥١،٥٢) 

ويقول سميث: "كثيرون من البهائيين الغربيين رأوا في عبد البهاء عباس شبيهًا بيسوع المسيح." 
(مختصر تاريخ البهائية ص ٨٥)

وآخرون رأوا فيه تجسيدا ليشوع. 
مواد لدراسة البابية: ص ١٢٤، ومحمد علي ص ٤٩

ويؤكد العالم المسيحي إلياس خدوري عناية في مقدمته لكتاب "الأقدس" الذي تم طبعه تحت إشرافه في بغداد عام ١٩٣١:
 إن "بهاء الله" ادعى الألوهية لنفسه في عدة أماكن من كتابه "الأقدس". وهذا ما يتضح لكل من يتصفح "الأقدس".

ويقول الشيخ رشيد رضا: البهائية هُم طوائف الباطنية. يعبدون البهاء عبادة حقيقية، ويدينون بألوهيته وربوبيته، ولهم شريعتهم الخاصة" . (المنار ١٠/١٣/ شوال ۱۳۲۸هـ)
ويقول الشيخ أيضًا "ثم كان من مناظراتي لمرزا "فضل الله" البهائي في مصر ما ألجأني إلى بيان عقيدتهم، وأنهم يعتقدون ألوهية "البهاء"، حتى قال لي فضل الله عبد البهاء مرة: "هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم... هو الملك القدوس ، سبحان الله عما يشركون . " 
تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده ص ٩٣٤)




منصب مؤسس الأحمدية:
أما سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني - الذي يعرض المشايخ المغرضون جماعته، جهلاً أو ظلمًا منهم على أنها شبيهة بالبهائية تماما - فإننا نؤكد هنا أنه الا لم يدع الألوهية قط، بل قال إنه عبد وخادم شريعة رسول الله ، وأنه بعث إمامًا مهديا ومسيحا موعودًا بحسب الأنباء الواردة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وأن الله تعالى يكلمه. ومع ذلك أعلن: "ولكني قد تشرفتُ بها (أي بمكالمة الله تعالى) فقط نتيجة اتباعي لنبينا . فلو لم أكن من أمته و لم أتبعه لما كان لي أن أحظى بهذه المخاطبة الإلهية أبدا ولو كانت أعمالي مثل جبال الدنيا كلها." 
(التجليات الإلهية، الخزائن الروحانية ج٢٠،  ٤١١ و ٤١٢)




"تشريعات" بهائية أخرى:
الصلاة:
قال "الباب": "أنتم بالجماعة لا تصلون إلا في صلاة الميت، فإنكم في الاجتماع تصلّون." (مخطوط "البيان" ص ٦٢)
وقال: "ولتصلين كلكم مرة واحدة، ولكنكم فرادى تصلون". (مخطوط "البيان" ص (۳۷)
وقال: "الصلاة من زوال إلى زوال ركعة واحدًا واحدا." (مخطوط "البيان" ص ۳۲)
وقال: كتب عليكم أن تؤذنون (كذا ! ) في غروب الشمس في
مكان يسمع من حولكم." (مخطوط "البيان" ص ٣٩ و ٤٠)

وعلى نحو ذلك ، يقول "البهاء": كتب عليكم الصلاة فرادى. قد رفع عنكم حكم الجماعة إلا في صلاة الميت. إنه هو الأمر الحكيم". الأقدس، النسخة البغدادية ص ٦، والنسخة الكندية ص ٨)

وقال: "فرض عليكم الصلاة والصوم من أول البلوغ أمرًا من لدى يد الله ربكم ورب آبائكم الأولين . من كان في نفسه ضعف من المرض أو الهرم . عفا الله عنه الأقدس. النسخة البغدادية ص ٥، ومثله في ص ٧ من النسخة الكندية)
وقال أيضا : "قد كتب عليكم الصلاة تسع ركعات الله منزل الآيات حين الزوال وفي البكور والآصال وعفونا عن عدة أخرى أمراً في كتاب الله. إنه لهو الأمر المقتدر المختار ." (النسخة البغدادية ص ٤)
 وقال: "قد نزلت في صلاة الميت ستة تكبيرات." (الأقدس، النسخة البغدادية ص 5، النسخة الكندية ص ٦)


 يقول رائد الدعاة المسلمين الأحمديين في البلاد العربية الأستاذ جلال الدين شمس رحمه الله : ذهبت مرة أثناء وجودي في فلسطين مع أخي في الله السيد ملك غلام فريد لمقابلة شوقي أفندي يوم ،١٩٢٨/٦/١٦، وسألناه عن الصلاة في شريعة البهائية ، فأجابنا أن لهم ثلاث صلوات في كل يوم، ومن لم يقدر فصلاة واحدة في اليوم، ومن لم يستطع فصلاة واحدة في الأسبوع. (تنوير الألباب ص ٣٠)




القبلة:
يقول "الباب": "أينما تولوا فثَمَّ وجه الله. أنتم إلى الله تنظرون."
(مخطوط "البيان" ص ٣٤).
وقال "البهاء": "إذا أردتم الصلاة، وَلُّوا وجوهكم شطر "الأقدس" المقام المقدس الذي جعله الله مكان الملأ الأعلى ومُقبَل أهل مدائن البقاء ومصدر الأمر لمن في الأرضين والسماوات -
المقصود بذلك "عكا".-". (الأقدس، النسخة البغدادية ص ٥، وفي النسخة الكنديّة ص ٥ : "شطري" بدل "شطر")

ويقول "البهاء" كذلك: "إنما القبلة "مَن سيظهره الله" (علما أنه يقصد بذلك نفسه هو، لأنه اعتبر نفسه من سيظهره الله") لو تنكرونه بأهوائكم إلى أي قبلة تتوجهون يا معشر الغافلين." (الأقدس، الطبعة البغدادية ص ۳۸ ، والنسخة الكندية ص ٨٠)



الطهارة:
والمطهرات عند الباب" خمس النار والهواء والماء والتراب و"البيان". (مفاتح باب الأبواب ص ٢٥٨)

وقال: "ثم وجوهكم وأيديكم من حد الكف تغسلون إن تريدون أن تصلون (كذا!)". (مخطوط "البيان" ص .٣٤


ويأمر بالتيمم قائلاً: "وأنتم تقرؤون البسملة خمسة مرات يكفيكم
عن وضوئكم إذا أنتم الماء لا تجدون". (مخطوط "البيان" ص ٣٥)


أما "البهاء" فقد اعتبر ماء النطفة أيضًا طاهرا حيث يقول: "قد حكم الله بالطهارة على ماء النطفة رحمةً من عنده على البرية." الأقدس، النسخة الكندية ص (٤٦)

وقال: "اغسلوا أرجُلَكم كل يوم في الصيف وفي الشتاء كل ثلاثة أيام." (الأقدس، النسخة الكندية ص ٩٠)
 وقال: كتب لمن دان بالله الديان أن يغسل في كل يوم يديه ثم وجهه، ويقعد مقبلاً إلى الله، ويذكر خمس وتسعين مرة: "الله أبهى"، كذلك حكم فاطر السماء .... كذلك توضؤوا للصلاة أمراً من الله الواحد المختار". 
الأقدس، النسخة البغدادية ص ٨، والنسخة الكندية ۱۳

وقال أيضًا من لم يجد الماء يذكر خمس مرات: بسم 
الله الأطهر الأظهر. هذا ما حكم به مولى العالمين 
(الأقدس، النسخة البغدادية ٦، والنسخة الكندية ص ٨ مع اختلاف بسيط)

فيتضح أن "الباب"، اقتبس تعليم الوضوء والتيمم والقبلة من الإسلام إذ لم يكن قد ابتعد كثيراً عن الشريعة الإسلامية، ويبدو واضحا أن البهاء" أخذ عن "الباب" أيضًا رغم أنه نسخ تعاليمه.




الصيام:
جعل "الباب" الصوم في شهر شمسي "العلا" بدلاً من شهر رمضان القمري حيث قال: "أنتم في كل حول شهر "العلا" تصومون، من الطلوع إلى الغروب. ولتصومون من سن ۱۱ حتى سن ٤٢ سنة، وبعد سن ٤٢ تُعفُون من الصيام وتصومون من قبل الطلوع إلى بعد الغروب إن تستطيعوا لتضيفوا ولا تأكلوا ولا تشربوا، ولا تقترنوا في وقت الصيام". (مخطوط "البيان" ص ۳۹). 
وقال "البهاء": "قد كتبنا عليكم الصيام في أيام معدودات، وجعلنا النيروز عيدًا لكم بعد إكمالها. كذلك أضاءت شمس "البيان" عن أفق الكتاب من لدن مالك المبدأ والمآب". الأقدس، النسخة البغدادية ص ٧، والنسخة الكندية ص (۱۱)
كذلك قال: "كفُّوا أنفسكم عن الأكل والشرب من الطلوع إلى الأفول." (الأقدس، النسخة البغدادية، ص ۸ ، والنسخة الكندية ص ١٢)


الزكاة:
قال "البهاء": "والذي تملك مائة مثقال ذهب فتسعة عشر مثقالاً لله فاطر الأرض والسماء... قُلْ بذلك أراد الله تطهير أموالكم..." الأقدس، النسخة البغدادية ص ٢٩).

الحج:
فرض "الباب" الحج إلى بيته في شيراز بدل مكة لمن يستطيع إلى ذلك سبيلاً ونهى النساء عن الحج إلا نساء مسقط رأسه شيراز، ولكن جعَل طوافهن بالليل. مخطوط "البيان" ص١٦،١٧، ومفتاح باب الأبواب ص ٢٥٤
ولكن "البهاء" قال: "قد حكم الله لمن استطاع حج البيت من دون النساء. عفا الله عنهن رحمة من عنده إنه لهو المعطي الوهاب."
(الأقدس، النسخة البغدادية ص ١١، والنسخة الكندية ص ١٩)
 مع العلم أن الحج عند البهائيين هو زيارة قبر "البهاء" في عكا كما هو متبع عندهم حتى اليوم.

وورد في مجلة للبهائية : أن البهجة - حيث قبر "بهاء الله" قريبا من 
عكا بفلسطين – هي أقدس بقعة في عالم البهائية، وإلى هذا المكان يحج كل سنة آلاف من البهائيين". مجلة "البهائية" الصادرة بالإنجليزية في المملكة المتحدة (۱۹۹۷ ص ۲۳)

ويقول سميث عن البهائيين الأمريكان أنهم يحجون إلى قبر "البهاء" في عكا مختصر تاريخ البهائية ص ٩٦) 
مع أن "البهاء" نفسه قد نهى عن زيارة أهل القبور بقوله: "لا تشدُّوا الرحال لزيارة أهل القبور. (الألواح البشارات، البشارة الرابعة عشرة ص (۱۱۷)

علما أن "الألواح" تشتمل على تعاليم "البهاء"، وقد أشار إليها بقوله: "اقرؤوا الألواح لَتَعرفُن: ما هو المقصود في كتب الله العزيز الوهاب." (الأقدس، النسخة البغدادية ص (۳). وهذه الألواح فيها: ١- الإشراقات ۲ - البشارات ٣- الطرازات ٤ - الكلمات الفردوسية.



السرقة:
قال "البهاء": "كتب الله على السارق الحبس والنفي، وفي الثالث، فاجعلوا في جبينه علامة يُعرف بها كيلا تقبله مدنُ الله ودياره." (الأقدس، النسخة الكندية ص ٢٩)



الربا:
قال "البهاء": "فضلاً على العباد قرّرنا -
يبدو من هنا أنه هو واضع الشريعة التي يجدر تسميتها بشريعته هو .- " الربا كسائر المعاملات المتداولة بين الناس، أي ربح النقود. الألواح، الإشراقات، الإشراق
التاسع ص ١٠٦)


الميراث:
يقول "البهاء": "قد قسمنا المواريث على عدد الزاء، منها قُدِّر لذرياتكم من كتاب الطاء على عدد المقت وللأزواج من كتاب الحاء ...الخ.
الأقدس، النسخة البغدادية ص ٨، والنسخة الكندية ص 13


وقال أيضًا: "الذي له ذرية ولم يكن ما دونهما عما حدد في الكتاب، يرجع الثلثان مما تركه إلى الذرية والثلث إلى بيت العدل. ومن مات ولم يكن له أحد من الذين نُزّلت أسماؤهم من القلم الأعلى (يعني الأقارب) ترجع الأموال كلها إلى المقر المذكور (يعني مقر بيت العدل)."
 (الأقدس النسخة البغدادية ص ٩ وفي النسخة الكندية ص ١٦، ١٥ : "ما دونها" بدل "ما دونهما")



الزواج:
قال "البهاء": "قد كتب الله عليكم النكاح. إياكم أن تتجاوزوا عن الاثنتين." (الأقدس، النسخة الكندية ص (٣٨).

وجاء عبد البهاء عباس، فقال : لا تتزوجوا من أكثر من واحدة، لأن
البهاء يعني باثنتين امرأة واحدة في الحقيقة.

علما أن البهاء نفسه كان متزوجًا من ثلاث ،حيث تزوج باثنتين في إيران وبواحدة في بغداد. وكان قد أمر ابنه عباس هذا بأن يتزوج بامرأة ثانية لأنه لم يكن قد أنجب بعد.

ويقول "البهاء": "قد حرم عليكم أزواج آبائكم". (الأقدس، والنسخة الكندية ص ٦٤)،
 لم لم يذكر المحرمات الأخريات؟ أم أنه يجيز الزواج من البنات والأخوات وغيرهن من النساء اللاتي نهى القرآن الكريم عن الزواج منهن.



الزنا:
وقال البهاء: "قد حكم الله لكل زان وزانية دية مسلمة إلى بيت العدل وهي تسعة مثاقيل. (الأقدس، النسخة الكندية ص ١٣و٣١)



شرب الخمر:
لم يحرم "البهاء" شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وإنما يحرم الأفيون فقط، حيث قال: حرم عليكم الميسر والأفيون". (الأقدس، النسخة الكندية ص ۹۱ و ۱۱۲)



لبس الحرير:
معروف أن النبي نهى الرجال عن لبس الحرير، ولكن "البهاء" يقول: "أُحلّ لكم لبس الحرير . " الأقدس، النسخة الكندية ص ٩٤)



أواني الذهب والفضة:
من المعروف أن النبي نهي عن استعمال أواني الذهب والفضة، ولكن البهاء جاء فقال: "من أراد أن يستعمل أواني الذهب والفضة فلا بأس عليه . " الأقدس، النسخة الكندية ص ٢٩)



عدة الشهور:
قال "الباب": إن عدة شهور السنة تسعة عشر شهرا وفي كل شهر ١٩ يوما. (مخطوط "البيان" ص ۱۸)



ويقول "البهاء": "إن عدة الشهور تسعة عشر شهرا في كتاب الله قد زيّن أولها بهذا الاسم المهيمن على العالمين". (الأقدس، النسخة الكندية ص ٧٣)


بينما جاء في القرآن الكريم: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض (سورة التوبة :٣٦

فلم هذا التحوير وهذا التناقض؟ أم يريد "البهاء" بذلك أن يشير إلى 
أنه هو أيضا إله وأن له كتابا غير القرآن الكريم!



الاعتراف بالذنب والتوبة:
قال "البهاء": "ليس لأحد أن يستغفر عند أحد. توبوا إلى الله تلقاء أنفسكم. إنه هو الغافر المعطي العزيز التواب." (الأقدس، النسخة البغدادية ص ۱۲، والنسخة الكندية ص٢٠)
وجاء في الألواح قوله : لا يجوز الاعتراف بالخطايا والمعاصي عند العباد، لأن ذلك لم يكن ولن يكون سببًا للغفران أو العفو الإلهي، بل الاعتراف لدى الخلق مذلة وهوان. (ص ۱۱۳)
ويقول "الباب : حرَّم التوبة عند أحد إلا عند مَن نُظهره، تستغفرون الله
ثم إليه تتوبون" (مخطوط "البيان" ص (۳۱).

ولكنه نفسه اعترف و تاب ثلاث مرات أمام محكمة الشيوخ الذين
حاكموه!




نسخ الشرائع كلها!
يقول "الباب": "كل" من كان على شريعة القرآن كان ناجيًا إلى
ليلة القيامة." مفتاح باب الأبواب ص ٢٥١)

علما أن المراد من يوم القيامة ، ظهور أمر "الباب" وإعلان دعوته
وكان ذلك في عام ١٢٦٠ الهجري.

وحرّم "الباب" قراءة الكتب السماوية المنزلة قبل ظهوره وأفتى بإحراقها مع جميع الكتب العلمية الأخرى. (مفتاح باب الأبواب ص ٢٦٢


يعترف عباس أفندي خليفة البهاء أن "الباب" أمر أتباعه بـ "ضرب الأعناق وإحراق الكتب وهدم المقامات المقدسة وقتل الذين لا يؤمنون به". (مكاتيب البهاء المجلد الثاني ص ٢٦٦) 
ويقول "البهاء": "تالله لا يغنيكم اليوم كتب العالم وما فيه من الصحف إلا هذا الكتاب الذي ينطق من قطب الإبداع أن لا إله إلا أنا العليم الحكيم." (الأقدس، النسخة البغدادية ص ٤٧)
ويقول أيضًا: "من يقرأ آية من آياتي خير له من أن يقرأ كتب الأولين والآخرين". الأقدس، النسخة البغدادية ص ٣٩، والنسخة الكندية ص ٨١).
ويقول: "إياكم أن يمنعكم ما جاء في الكتاب عن هذا الكتاب الذي ينطق بالحق أن لا إله إلا أنا العزيز الحميد. الأقدس، النسخة البغدادية ص ٣٧، والنسخة الكندية ص ٧٧)
ويقول: "ليس لأحد أن يتمسك اليوم إلا بما ظهر في هذا الظهور".
الأقدس، النسخة البغدادية ص ۳۸ والنسخة الكندية ص ٨٠)

وعلى نحو ذلك يقول عبد البهاء عباس: إن جميع الكتب الأخرى يجب أن تحرق بحيث لا يبقى منها شيء، وجميع المباني المقدسة في الدنيا تُهدَم ولا يبقى إلا ما لدينا. الخطابات جزء ٢ ص ٢٦٦).

 يقول الأستاذ أبو العطاء الجالندهري - رحمه الله -:
 إنه حين التقى شوقي أفندى زعيم البهائية بحيفا سنة ١٩٣٣م سأله عن عملية النسخ البهائية الجريئة والبعيدة المدى هذه. فردّ عليه شوقي أفندي: مادام العلماء المسلمون يقولون بوجود ناسخ ومنسوخ في القرآن منذ سنين بعيدة، فما المانع أن نقول اليوم بوجود شريعة جديدة ناسخة للتي قبلها. إننا لم نأت بشيء جديد، فعلماء الإسلام قد سبقونا لذلك. مجلة "البشارة الأحمدية" أيلول ١٩٣٣)

ويقول بيتر سميث: "لقد نسخت الشريعة الإسلامية وحل محلها الوحي البابي البهائي لهداية البشر في هذا العصر ". (مختصر تاريخ البهائية
ص ١٤)






موقف الأحمدية من النسخ:
إن موقف الأحمدية من الوضوء والقبلة والصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من الأحكام الإسلامية الأساسية لا تحتاج إلى أي دليل وبرهان، لأنه واضح كل الوضوح من خلال السلوك اليومي لأبنائها في مختلف أنحاء العالم، حيث إنهم يصلون صلاة المسلمين الآخرين، ويستقبلون قبلتهم ويصومون رمضان مثلهم، ويزكون الأموال مثلهم، ويحجون بيت الله الحرام في مكة مثلهم إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً رغم العقبات الكثيرة التي تضعها السعودية جرّاء ضغط وتأليب المشايخ المناوئين المغرضين، بل تعلن الجماعة أنها هي وحدها التي تقدم اليوم التعاليم الإسلامية الناصعة التي جاء بها سيدنا محمد . 
أما موقف الأحمدية من النسخ فهو أيضا معروف وواضح، لأنها تعارض أشد المعارضة القول بوجود نسخ في القرآن قل أو كثر، وتؤمن بأن الشريعة الإسلامية كاملة ومحفوظة بعناية الله من كل تحريف أو نسخ؛ لأن الله قال: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، وقال أيضًا عن القرآن الكريم: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والجماعة الإسلامية الأحمدية هي على خلاف مع علماء المسلمين الذين يقولون لعدم فهمهم بعض الآيات القرآنية - بوجود ناسخ ومنسوخ في القرآن، حتى إن بعضهم قال بوجود حوالي ٦٠٠ آية من أصل حوالي ٦۰۰۰ آية، أو بعبارة أخرى إن عشر القرآن الكريم في حكم المنسوخ عندهم. وهي طبعا فكرة هدامة وخطيرة، تمس الدين الحنيف، وتمس ذات الله تعالى علام الغيوب الذي يعلم بما كان وما سيكون. ومما يدل على أن في فكرة النسخ طعنًا في الدين الحنيف ما قاله شوقي أفندي للأستاذ أبي العطاء الجالندهري كما سلف.. حين تذرّع بهذه الفكرة السائدة - للأسف الشديد لدى المسلمين ليبرر نسخ "الشريعة" البهائية لشريعة الاسلام.

لم يكن هدف مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية إلا إحياء الشريعة الإسلامية النقية من شوائب البدعات والإسرائيليات، وجعلُ الإسلام غالبًا على الأديان كلها بالحجة والبرهان، ونشره في أنحاء العالم. وقد عبّر عن هذا الهدف في كتبه مرة بعد أخرى، وإليكم بعض ما قاله في هذا الشأن. يقول حضرته ما نصه:
"ألا إن لعنة الله على الذين يقولون إنا نأتي بمثل القرآن. إنه معجزة لا يأتي بمثله أحد من الإنس والجان.
" الهدى والتبصرة لمن يرى، الخزائن الروحانية ج ١٨ ص ٢٧٥).
وأيضًا يقول ما نصه :
ما تركتُ السبيل، وما عصيت الربَّ الجليل. وليس كتابنا إلا الفرقان الكريم، وليس نبينا ومحبوبنا إلا المصطفى الرحيم، ولعنة الله على الذين يخرجون عن دينه مثقال ذرة فهم يدخلون جهنم ملعونين." 
(تحفة بغداد ، الخزائن الروحانية ج ۷ ص ٨).
ويقول ما تعريبه:
"ومن التعاليم الضرورية لكم ألا تتخذوا القرآن مهجورا، فإن فيه وحده حياتكم. إن الذين يُكرمون القرآن سوف ينالون في السماء الإكرام....
ألا لا كتاب لبني نوع الإنسان الآن إلا القرآن، ولا رسول ولا شفيع لبني آدم من بعد اليوم إلا محمد المصطفى ." 
(سفينة نوح، الخزائن الروحانية ج ۱۹ ص ۱۳)


سريّة النحلة البهائية:
البهائية هي إحدى الفرق الباطنية التي تؤمن بالتقية. والمراد بالتقية المداراة وإخفاء العقيدة حتى يحافظ الشخص على نفسه.. وذلك بالتظاهر بعقيدة غير عقيدته. كما جاء في القول المشهور: "استر ذهبك وذهابك ومذهبك".
فهذه البهائية نفسها قد أقامها البهاء تحت لواء البابية دون الجهر بالبهائية، حيث كان يُعرَف زعيمًا روحيًّا للبابية. وظلت البهائية سرا مكتوما حتى أواخر التسعينيات من القرن التاسع عشر، أي حتى بعد وفاة "البهاء" بحوالي عقد من الزمن. وفي عام ١٨٩٦ وفي زمن ابنه عبد البهاء عباس لما طورد البابيون في إيران وغيرها ، اضطروا لأن يعلنوا عن أنفسهم أنهم بهائيون وليس بابيين. (موسوعة الدين والأخلاق). 
ومنذ هذا التاريخ كشف أمر زعماء البابيين والبهائيين في مصر كأبي الفضل الأستاذ في جامعة الأزهر وصاحبه عبد الكريم وغيرهما. فتنكروا للبابية وأعلنوا أنهم بهائيون خوف الاضطهاد.

وها هي كتب البهائية المقدسة لم يكد يراها أحد من غير البهائيين. ف"البيان" لم يكن بمتناول الناس. أما "الأقدس" فكان البهائيون يتداولونه فيما بينهم فقط، وفي عام ١٩٩٢ سمح "بيت العدل" في أمريكا نشر وطبع كتاب "الأقدس" لعامة الناس. وقد علّل عبد البهاء عباس في حينه ذلك الكتمان بقوله : إذا نُشر "الأقدس" فإنه قد يقع في أيد خسيسة ومعادية، لذا فالأفضل أن لا يُطبع. وقد مارس هو نفسه التقية ما دام تحت حكم المسلمين ) ، وقد وضعوا مؤخرا بعض المعلومات والكتب أيضا على موقعهم الإلكتروني.


ويروي الأستاذ أبو العطاء الجالندهري 
رحمه الله - أنه عندما قابل شوقي أفندي زعيم البهائية في مركزهم العام بحيفا في ٧ يونيو سنة ١٩٣٣م، طلب منه نسخة من "الأقدس"، فقال: إنه غير موجود هنا في المركز، وبإمكان الأستاذ أن يطلبه من العراق. وهكذا فعل الأستاذ أبو العطاء واستعاره من أحد المعارف هناك، ونشره بنصه وفصه في حينه من المطبعة الأحمدية بالكبابير.
 ويضيف الأستاذ أبو العطاء قائلا: "لقد صرح أحدهم واسمه فرج الله زكي أنه كان يود أن يطبع كتاب "الأقدس" في حياة عبد البهاء عباس، فمنعه عباس قائلا: لا تطبع هذه الشريعة ، لأنه لم يأن أوانها وهي ليست للجيل الحاضر " . "البشارة" الجزء ۷ و ۸ أيلول ١٩٣٣ ص ٥٢)

وهل يعقل أن يجرأ عبد البهاء عباس أفندي أن ينشر شريعة "البهاء" وهو نفسه لم يفتاً يصلي الجمعة مع المسلمين في مساجد حيفا وعكا.
 ولقد سلك البهائيون طريق التقية والتستر منذ عهد "الباب". فقد قال الدكتور براون إن "الباب"، بعد أن أعلن أنه المهدي وثار عليه العلماء، كان قد اعتذر للشاه ثلاث مرات عما صدر عنه، أو بالأحرى تملص وأنكر أنه يحمل رسالة سماوية، كذلك أنكر أنه أمر أتباعه بالجهاد المسلح؛ لكنه سلك مسلكا آخر مخالفا للاعتذار في كل مرة. ويبدو جليا أنه كان يفعل ذلك من باب "التقية"، حتى رُوي عنه أنه طلب من أصحابه أن يسلكوا هذا المسلك عند الحاجة ، إلى حد أنه أباح لهم الكذب. 
(محمد علي ص ٥،٦، ونقد الأديان ١٢/٩٢ ص (۲۰،۱۹

ويقول المرزا جاني مؤرخ البهائية في كتابه "نقطة القاف" صفحة :٤٢

إن "الباب" وصى أصحابه بأن ينكروه إذا سئلوا وينكروا بأنه الأمر.
المهدي؛ حتى سمح لهم أن يلعنوه على سبيل "التقية" إذا اقتضى الأمر. هكذا كان سلوك أتباع "الباب" وكذلك أتباع "بهاء الله" حيث أخفوا حقيقة دينهم ومعتقدهم كلما اقتضى الأمر في الظروف الصعبة، وهو
سلوك معروف وشائع لدى بعض فرق الشيعة. (محمد علي ص ٧)

ويقول الأستاذ كُرد على": كان عباس أفندي محافظًا على صلواته مع جماعة المسلمين. لم يخرج في سمته عن روح الشرع الإسلامي. فإما أن يكون صادقا في إسلامه أو أنه عاش في تقية متقنة كما يعيش كثير من أرباب النحل الضعيفة بين المخالفين لهم من السواد الأعظم، ولا سيما الشيعة بين ظهراني أهل السنة. " 
"خطط الشام" الجزء السادس ص ۲۷۸ دمشق (۱۹۲۸)
ويشهد على سلوك عباس أفندي هذا كثير من شيوخ حيفا القدماء، وكان يصلي معهم الجمعة في "الجامع الكبير" أو "الجامع الجرينة ، كما هو معروف. كذلك ذُكر عن سلوك عباس هذا في كتاب "البهائية والعصر الجديد".
لكن هذا السلوك أخذ بالزوال مع زوال الحكم الإسلامي عن فلسطين، بحيث نرى خليفته شوقي أفندي الذي تولى زعامة الحركة منذ ١٩٢٢ لم يصلّ ولا مرة واحدة مع المسلمين كما فعل جده، وكما 
صرح أمام الأستاذ أبو العطاء ،آنفًا، ولم يختلط بالأوساط الإسلامية نظرا لتغير الظروف السياسية.

الأحمدية.. كتاب مفتوح:
أما المسلمون الأحمديون فيعلنون معتقدهم على رؤوس الأشهاد لا يخشون في موقفهم لومة لائم، ولا يُرهبهم ظلم الأعداء. وإن الاضطهاد الذي يواجهه أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية اليوم والضغوط التي تمارس عليهم من قبل الحكومة والطوائف الدينية في باكستان كي يتنكروا لدينهم، وصمودَ الأحمديين في وجه كل هذه المحاولات، لأكبر دليل على أن الأحمدية لا تساوم ولا تهادن ولا تخشى أحدا في سبيل إعلان عقائدها. لقد فسرت الجماعة الإسلامية الأحمدية القرآن الكريم تفسيرًا حديثا بلغات عديدة، ونشرته في مختلف أنحاء العالم لمعرفة الناس جميعًا؛ بينما نرى "البيان" و"الأقدس" قد كُتبَا في الخفاء داخل السجون. وفقط في التسعينيات من القرن الفائت أي قبل حوالي عقد من الزمن بدأوا ينشرون من هذه الكتب لاطلاع الناس عليها وخاصة على شبكة الإنترنت.
يقول مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية ما نصه :
"اسمعوا يا سادة هداكم الله إلى طرق السعادة، أني أنا المستفتي وأنا المدعي وما أتكلم بحجاب، بل أنا على بصيرة من رب وهاب. بعثني على رأس المائة، لأجدّد الدين وأنور وجة الملة، وأكسر الصليب وأطفئ نار النصرانية، وأقيم سنةً خير البرية، ولأصلح ما فسد وأروِّجَ ما كسد. وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود. من الله عليَّ بالوحي والإلهام، وكلّمني كما كلّم رسله الكرام، وشهد على صدقي بآيات تشاهدونها، وأرى وجهي بأنوار تعرفونها. ولا أقول لكم أن تقبلوني من غير برهان وأن تؤمنوا بي من غير سلطان، بل أنادي بينكم أن تقوموا لله مقسطين، وأن تنظروا إلى ما أنزل الله لي من الآيات والبراهين والشهادات. فإن لم تجدوا آياتي كمثل ما جرت عادة الله في الصادقين، وخلت سنته في النبيين الأولين، فردوني ولا تقبلوني يا معشر المنكرين". 
(الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج ٢٢ ص ٦٤١).

و لم يتزحزح مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عن هذا الإعلان وما غير وما بدل، وعلى نهجه سار أتباعه من بعده ولا زالوا سائرين بعون الله تعالى.



العنف والقوة:
هناك فكرة خاطئة شائعة بين المسلمين عموما أن المهدي المنتظر سيأتي بالقوة، ويحكم الدنيا بحد السيف، وهي فكرة هدامة مدمرة للدين، ومناقضة لقوله تعالى: لا إكراه في الدين. ونظرا لهذه الفكرة الخاطئة السائدة عن الجهاد واعتقادًا بأن المهدي سيكون مؤيَّدًا من الله تعالى ولن تقدر قوةٌ في الدنيا أن تعترض سبيله، أَمَرَ "الباب" أتباعه ب "ضرب الأعناق وإحراق الكتب وهدم المقامات المقدسة وقتل الذين لا يؤمنون به، وذلك باعتراف عباس أفندي خليفة البهاء.
(مكاتيب البهاء المجلد الثاني ص ٢٦٦).


وبالفعل تصادم البابيون مع جمهور المسلمين وخاصة العلماء الذين وقفوا ضده؛ فاضطرت الحكومة إلى أخذ الكفالة من خال "الباب" حاجي علي بأنه لن يخرج من البيت كما تاب "الباب" على يد المشايخ . ولكنه عاد إلى سيرته الأولى، وساءت الأحوال، فألقته الحكومة في سجن "ماكو". فقرروا في مؤتمر "بدشت" الانتقام من العلماء لأنهم أفتوا بكفرهم وبقتل زعيمهم، وأن يجتمعوا من كل أنحاء إيران في "ماكو" لتحرير "الباب" من السجن. وبالفعل ، انطلقوا من خراسان رافعين الأعلام السود، ومشهرين سيوفهم استعدادًا للجهاد، حتى استولوا على بعض القلاع مثل "القلعة الطبرسية" وتحصنوا فيها. فأدى ذلك إلى اضطرابات دموية طويلة ،أزهقت فيها أرواح كثيرة من الطرفين، حتى كتب المؤرخون البابيون أنفسهم أنه في ليلة واحدة قتل البابيون ٤٠٠ مقاتلاً من الجيش الحكومي ، كان ٣٥ منهم ضباطًا، وكان شعار البابيين في القتال يا صاحب الزمان. (الكواكب ص ٢٤٧.

وبعد أن أعدم "الباب" حاول أتباعه قتل الشاه، وبالفعل أطلقوا عليه
النار وجرحوه في وجهه - كما هو مسجل في كتبهم.
 وساد هياج واضطراب في المملكة الإيرانية على مدى ست سنين على الأقل. فقامت الحكومة الإيرانية بقتل بعض زعمائهم ونفي الآخرين.

ومن الجدير بالذكر أن جميع الحركات المهدوية التي ظهرت في العالم الإسلامي واتسمت بالعنف والقوة لم يكتب لها النجاح؛ بل فشلت فشلا ذريعا وجَرَّتْ على المسلمين حروبا دموية، أزهقت فيها أرواح بريئة. وأمامنا في العصر الحديث عدة أمثلة كالحركة البابية التي نحن بصددها، وحركة مهدي السودان والسنوسي في ليبيا. وهكذا كان العنف سببًا لفشل البابية القائمة كحركة مهدوية كما كان سببا لفشل جميع هذه الحركات أيضًا لأنها لم تكن من الله تعالى.



موقف الأحمدية من العنف:
لكن الجماعة الإسلامية الأحمدية قامت ونشأت على قواعد سلمية، ولا تزال تعمل بحسبها منذ أكثر من قرن من الزمن لنشر تعاليم الإسلام بدون الجنوح إلى القوة أو العنف كما أمرنا الله تعالى بقوله: دْعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن (النحل: ١٢٦). ومما تبرر به بعض الفرق الإسلامية معارضتها للأحمدية كون مؤسسها أعلن أنه الإمام المهدي والمسيح الموعود بدون أن يعلن الحرب أو الجهاد على الكفار، ولأنه عارض استعمال القوة لنشر الدين، ولكن الحق أنه جاء تمامًا كما جاء في الحديث الشريف أن المسيح الموعود والإمام المهدي يضع الحرب" (صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام)، وبخاصة الحروب الدينية. ولذا نراه قد عاش معزّزا ومات معززا بعكس غيره ممن ادعوا المهدوية الذين لاقوا مصيرًا مريرا وأليما، ولم يبق من دعوتهم شيء بعدهم. 

وإليكم نص ما قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود، وهو يبين الحكمة وراء عدم رفعه السيف للقتال من أجل نشر الدين: 
"ليس وقتنا وقت الجهاد، ولا زمن المرهفات الحداد، ولا أوان ضرب الأعناق والتقرين في الأصفاد، ولا زمان قودِ أهل الضلال في السلاسل والأغلال وإجراء أحكام القتل والاغتيال. فإن الوقت وقت غلبة الكافرين وإقبالهم، وضُربت الذلة على المسلمين بأعمالهم. وكيف الجهاد، ولا يُمنَع أحد من الصوم والصلاة ولا الحج والزكاة، ولا من العفة والتقاة؛ وما سَلَّ كافر سيفًا على المسلمين، ليرتدوا أو يجعلهم عضينَ. فمن العدل أن يُسَلِّل الحسام بالحسام والأقلام بالأقلام". 
(إعجاز المسيح - الخزائن الروحانية ج ١٨ ص ١٥٦-١٥٧).
 وفي أشعاره يقول عليه السلام:
 السيف أنفاسي ورمحي كلمتي، ما جئتكم كمحارب بسنان.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...