التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 احتجاجهم بكلمة "نبي على سبيل المجاز والاستعارة":

 أما فيما يتعلق بكلمة المجاز والاستعارة، فهذه الخدعة يمكن أن تنطلي على من لم يقرأ كل ما كتبه سيدنا أحمدُ الحَكَمُ العَدْلُ ، لا على الذين قرؤوا وآمنوا بكل كلمة خرجت من فمه أو قلمه المباركين. فهو بنفسه قد فسر في مثل هذه الأماكن كلها مراده من كونه نبيًّا غير مستقل أو نبيًّا على سبيل المجاز والاستعارة. 
كما يتضح ذلك من المرجع المذكور آنفا، وأيضًا مما قاله في العبارة التالية ما نصه:
"إنّ رسولَنا خاتَمُ النبيين، وعليه انقطعت سلسلة المرسلين. فليس حقُّ أحد أن يدعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة وهو بشرط الاتباع لا بغير متابعة خير البرية. ووالله ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوار أتباع الأشعة المصطفوية، وسُمّيت نبيًّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرةُ الله ولا غيرةُ رسوله، فإني أربَّى تحت جناح النبي، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة". 
(الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج ٢٢ ص ٦٨٩، طبعة ١٩٠٧) 

أفلا يرون أنه بنفسه قام بتوضيح مراده من المجاز والاستعارة في المكان نفسه، ألا وهو أنه ليس بنبي مستقل عن النبي ولا صاحب شرع جديد ولا يعني من نبوته إلا كثرة المكالمة، وأنه من أمته وتابع له ، وأنه يربّى تحت جناح النبي وأنه تلميذه ، فلا تهيج غيره الله غيرة الله ولا غيرة نبيه على كونه نبيا تابعا له ؟
فما دام حضرته قد فسر بنفسه وبكل وضوح مراده من كونه نبيًّا غير مستقل أو نبيًّا على سبيل المجاز والاستعارة، فلا يحق لهم أن يفسروها بحسب أهوائهم، ولا حاجة أن يُقولوه ما لم يقل.




"شهد شاهد من أهلها":
وإذا كانوا لا يرون الكفاية فيما بينا إلى الآن، فليقرؤوا ما قاله الشيخ عبد الرحمن المصري - قبل أن يُطرد من نظام الجماعة التابعة للخلافة، ويلتحق بالجمعية الأحمدية اللاهورية - مفسرا كونه "نبيًّا على سبيل المجاز"، في شهادة خطية أدلى بها في إحدى المناسبات:
"أعتبر حضرته الآن أيضًا نبيًّا على سبيل المجاز.. أي نبيًّا بدون أي شرع جديد، ونبيًّا حصل على درجة النبوة بفضل اتباعه للنبي وببركة تفانيه في طاعته ، وبصفته بروزا كاملا له . وإن عقيدتي هذه تتأسس على أقوال وكتابات سيدنا الإمام المهدي وعلى العقيدة المتفق عليها لدى الجماعة الأحمدية".
 (بقلم: عبد الرحمن، مدير المدرسة الأحمدية (بقاديان)، ٢٤ أغسطس/ آب ١٩٣٥

 ثم إن المجاز والحقيقة أمر نسبي، فكل شيء في حد ذاته حقيقة، ولكنه قد لا يُعتبر حقيقةً بالمقارنة مع شيء آخر، بل يصير إزاءه مجازا. علما أن سيدنا أحمد قد استخدم في كتبه كلمة النبي الحقيقي أحيانًا بمعنى النبي التشريعي والمستقل، وأحيانًا أخرى بمعنى النبي التشريعي فحسب. وإننا لا نعتبره نبيا حقيقيا بهذا المعنى والمصطلح، ولكنه نبي ظلي كامل لكونه ظلا أي انعكاسا كاملا للنبي . والنبوة الظلية الكاملة في حد ذاتها حقيقة وهي أحد أنواع النبوة، كما صرح بذلك سيدنا أحمد بقوله: 
"هناك نبوة لم تنقطع، أي النبوة التي توهب نتيجة الاقتداء الكامل به والتي تستنير بمصباحه، فإنها لم تنقطع لأنها نبوة محمد أي ظلها".
 (جشمه معرفت الخزائن الروحانية ج ٢٣ ص ٣٤٠)

 ونستطيع القول إنه كان يقصد بالحقيقي في النبوة أو غيرها هو ما بلغ ما بلغ حد الكمال. وتبسيطا لموقفنا نورد هنا استخدامات سيدنا أحمد لكلمتي "الحقيقي" و"المجازي". يقول حضرته:
۱ - لاشك أن نبينا كان آدم الثاني من حيث توطيد الروحانية، بل الحق إنه هو آدم الحقيقي، الذي بواسطته وبفضله، بلغت سائر الفضائل الإنسانية حدَّ الكمال".
 (ليكجر سيالكوت، (أي محاضرة سيالكوت الخزائن الروحانية ج ۲۰ ص ۲۰۷) 
٢- ويقول حضرته مقارنا الكتب السابقة مع القرآن الكريم :
"لم تكن تلك الأسفار كتبًا حقيقية، وإنما كانت بمثابة عجالة لسد الحاجات الوقتية. لم ينزل إلى الدنيا كتاب حقيقي لخير الناس إلى الأبد إلا كتابًا واحد.
 منن الرحمن الخزائن الروحانية ج ٩ ص ١٥٢) 
هنا نسأل أعضاء الجمعية الأحمدية اللاهورية: ما دام النبي صلى الله عليه وسلم هو آدم الحقيقي عند المسيح الموعود ، أفلم يكن سيدنا آدم في حد ذاته آدم في الحقيقة؟ ثم ما دامت التوراة والزبور والإنجيل ليست كتبًا حقيقية عند سيدنا أحمد، فما هي إذا يا ترى؟ وإذا كان الأنبياء من غير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا بأنبياء حقيقيين فما هي صفتهم إذا؟
الواقع 
أنها كانت كتبًا حقيقية في حد ذاتها، كما كان آدم وموسى وداود وعيسى وغيرهم في حد ذاتهم رسلا في الحقيقة، ولكن لم تكن تلك الأسفار كتبًا حقيقية إزاء القرآن العظيم، كما لم يكن هؤلاء رسلا حقيقيين مقارنة بنبينا ، وما داموا ليسوا رسلا حقيقيين إزاءه ، فهم رسل مجازيون. وهذا هو المراد من كون سيدنا المسيح الموعود نبيا مجازيًّا.

ويقول سيدنا أحمد:
"ليس في الدنيا مهدي كامل حقيقي إلا واحد، أعني محمدًا المصطفى الذي كان أميًّا محضا . 
(أربعين رقم ٢، الخزائن الروحانية ج ١٧ ص ٣٦٠)

٤ - "لم يأت في الدنيا مهدي كامل وحقيقي إلا واحد لم يتعلم ولا حرفًا واحدًا من أي معلم سوى ربه". 
(تحفة جولروية، الخزائن الروحانية ج ١٧ ص ٢٥٥)

مما لا شك فيه أن سيدنا المسيح الموعود في حد ذاته مهدي حقيقي، ولكنه ليس بمهدي حقيقي إزاء النبي الكريم شأن الأنبياء الآخرين. وبالمثل كان حضرته في حد ذاته نبيًّا كاملا حقيقيًّا، ولكن كل ما ناله من درجة إنما كان مجازا وظلا، بالنظر إلى النبي الكريم. ومن أجل ذلك أعلن حضرته : "سُمّيت نبيًّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة". فلا ينبغي لأحد أن ينخدع أو يخدع بكلمة "المجاز" الواردة هنا، فيكذب الواقع، فالمجاز هنا أمر نسبي، لأن كل ما يناله أحد من الأمة من درجة فهي رغم كونها في حد ذاتها حقيقةً، ولكنها بالنظر إلى مقام النبي الكريم لتصبح مجازا، أي ظلا وانعكاسا، لأن التابع للنبي الذي هو من أمته أيضا، لم يحظ بهذه الدرجة إلا
ببركة اتباعه للنبي ، كما صرح بذلك سيدنا أحمد قائلا: " من المحال كلية أن نحصل على أية درجة من الكمال والشرف، أو نحرز أي مقام من العزة والقربة إلا باتباع صادق و كامل لنبينا الكريم .. إن كل ما نحصل عليه إنما نحظى به على سبيل الظلية وبواسطته. 
إزالة أوهام الخزائن الروحانية ج ۳ ص ١٧٠) 
إن العبارة صريحة في معناها بأن كل مؤمن من الأمة إنما هو مؤمن على سبيل الظلية، وأن كل ولي أو غوث أو قطب أو محدث إنما يتشرف بهذه الدرجة على سبيل الظلية. إذا، فكما أن كلمة على سبيل الظلية لا تنفي كون كون أحد من الأمة مؤمنًا أو وليا أو غوثا أو محدثًا في الحقيقة والواقع، وإنما تشير إلى الواسطة التي نال بها هذه الدرجة، كذلك تمامًا فإن تعبيرات كمثل "نبي ظلي "نبي على سبيل الظلية لا تنفي كون سيدنا أحمد نبيا في
الحقيقة، وإنما تشير إلى الواسطة المحمدية التي نال بها هذه الدرجة.



محدث حقيقي أم مجازي ؟
انتبهوا يا أبناء الجمعية الأحمدية اللاهورية، فبحسب هذه العبارة لا ينال أحد من الأمة أي درجة حتى درجة "المحدث" أيضًا إلا على سبيل الظلية. فهل تعتبرون سيدنا أحمد محدثًا سبيل الحقيقة، أم على الظلية فقط - أي محدثًا مجازيًّا لا علاقة له عندكم بالمحدث الحقيقي إطلاقًا؟!



مسیح موعود حقيقي أم مجازي ؟
كما نرجو من هؤلاء أن يقرؤوا القول التالي لسيدنا أحمد:
"إن هذا العبد المتواضع هو نفس المسيح الموعود – على سبيل المجاز والروحانية – الذي أخبر عنه القرآن والحديث". 
(إزالة الأوهام، الخزائن الروحانية ج ۳ ص (۲۳۱) 
أفلا ترون أنه الله قد استخدم عن مسيحيته أيضًا كلمة المجاز تماما كما استخدمها عن نبوته؟ فهل تؤمنون بكونه المسيح الموعود في الواقع والحقيقة أم أنه ليس – عندكم – المسيح الموعود حقيقةً، وإنما على سبيل المجاز والظلية فقط؟! واعلموا أنه لا مناص لكم من أن تؤمنوا بأنه المسيح الموعود في الواقع والحقيقة، لأنه قد أعلن: "إن الذي لا يؤمن بأنني أنا المسيح الموعود والمهدي المعهود في الواقع فليس من جماعتي".
 كشتى نوح - أي سفينة نوح الخزائن الروحانية ج ۱۹ ص ۱۹)


لقد ثبت مما أسلفنا أن المسيح الموعود لم يستخدم تعبيرات مثل "نبي تابع"، "نبي ظلي"، "نبي مجازي"، "نبي "بروزي" نبي طفيلي" "نبي غير حقيقي" و"نبي ناقص" إلا ليؤكد على أنه ليس بنبي مستقل، ولا صاحب شرع جديد، وإنما هو نبي تابع للمصطفى كامل الاتباع، وأنه لم يحظ بهذه الدرجة إلا ببركة اتباعه للنبي الكريم ، وبواسطة الفيوض الروحانية المحمدية، وأنها موهبة إلهية فحسب، ودليل واضح على عظمة الفيوض المحمدية، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. (الجمعة: ٥).


سؤالان هامان:
أولاً - إذا لم يكن سيدنا أحمد نبيا في الواقع والحقيقة، فلماذا أثار القلاقل والمشاكل ضد نفسه، وأقام الدنيا وأقعدها بإعلاناته المتكررة والملحة بأنه نبي؟ لماذا قال بشيء لا وجود له ولا حقيقة له؟ هذا لا يفعله أي رجل رشيد سليم العقل، ناهيك عن رجل اختاره الله على علم لهداية القوم! ألم تعلموا يا أبناء الجمعية اللاهورية أن إعلانه عن نبوته هو الذي حال كأكبر سد عائق دون تصديق الناس به ؟ ألم تقرؤوا أن المشايخ، بما فيهم الشيخ البطالوي، طالبوه مرارًا أن يسحب دعوى النبوة فيصدقونه؟ فسؤالنا إليكم: لماذا نفّر العالم هكذا من تصديقه، وبالتالي أخر أيام غلبة الإسلام؟ لم لم يسحب دعوى النبوة – التي هي عندكم مجرد وهم فحسب وليست حقيقةً – حتى يجتمع المشايخ وأتباعهم تحت لوائه أفواجًا، كما تمنيتم وحاولتم عبثا بعد انشقاقكم؟  

وثانيا - إذا كان حضرتُه لا يصر على نبوته، أيا كان شكلها وحقيقتها - لهذه الدرجة وبهذه الصراحة وبهذا الإلحاح وبهذا التكرار، فلم لا تفعلون كما فعل ولم لا تقولون كما قال، و لم لا تُعلنون نبوته كما أعلن، ولم لا تصرون عليها كما أصر؟ لم لا تقولون الحق كله كما فعل هو؟ تبدون منه قليلا وتخفون كثيرًا؟ ما برح سيدكم حتى آخر لحظة من حياته يعلن: "إني نبي وفق حكم الله تعالى ولو أنكرت ذلك لكنت عاصيا"، ولكن عجيب أمركم تدعون طاعته أكثر من الآخرين، ومع ذلك تنكرون نبوته بهذه الجسارة؟ أنفعتكم هذه المداهنة عند أهل الدنيا؟ أم ستنفعكم عند الله تعالى؟ كلا، ثم كلا، فالله لا يحب المداهنين.
 لقد ظننتم أن المسلمين الآخرين سوف يقبلونكم في صفوفهم بسبب هذه الخطوة، فكفرتم بنبوة المسيح الموعود والمهدي المعهود لكي تُرضوهم، والله ورسوله أحق أن تُرضوه لو كنتم تعلمون. فلم تنفعكم هذه المداهنة شيئًا، إذ لا تزالون كافرين في أعينهم، وأصبحتم مذبذبين بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!



رجاء لوجه الله:
وأخيرًا وليس آخراً، أرجو من هؤلاء رجاء لوجه الله تعالى أن يفكّروا مليا وبهدوء فيما يقولون ويفعلون. يمكن أن تقرءوا كل ما أوحي إلى المسيح الموعود من إلهامات، فلن تجدوا فيها إلهاما واحدًا يقول إنك لست نبيًّا ولا رسولا إنما تجدون فيها إنك نبي، إنك رسول، إنك من المرسلين، إنك نذير - علمًا أن كلمة "نذير" قد وردت في القرآن الكريم ٤٤ مرة، وفي كل مرة جاءت بمعنى النبي والرسول، ولم تُستخدم لغير الرسول قط. نعم هناك إلهاماته التي تخبر أن أعداءه سوف ينكرون نبوته، حيث ورد:
١ - وقالوا لست مرسلا، قل كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب". 
حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج ٢٢ ص ٩٤).
 ٢- "سيقول العدو لست مرسَلا. سنأخذه من مارن أو خرطوم" . 
(ضميمة تحفة غولروية ٢، الخزائن ج ۱۷ ص ۷۰).
 كما أناشدهم الله تعالى أن يعيدوا قراءة هذه الآية القرآنية قراءة متأنية مع خشية الله : 
إن الذين يكفرون بالله ورسله، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله، ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ،أولئك هم الكافرون حقا، وأعتدنا للكافرين عذابًا أليما. (سورة النساء: ١٥١ - ١٥٢).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...