التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المية الثانية عشرة G& ruzilz rinn

 المية الثانية عشرة
G& ruzilz rinn



خاتم النبيين،  المفهوم الحقيقي
ألقيت بتاريخ ٧ أبريل / نيسان ۱۹۸۵م

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (آمِينَ)
 مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)) (الأحزاب: ٤١ - ٤٣)





تهمة بغيضة:

الكتيب الذي نشرته حكومة باكستان باسم "البيان الأبيض"، هو في الحقيقة بيان أسود ألصقت من خلاله تهم باطلة كثيرة بسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود والجماعة الإسلامية الأحمدية. والتهمة الأكثر شناعة وكذبا وإيذاء أن هي حضرته قد أنكر – والعياذ بالله الآية التي استهللت بها خطبتي، ولم يكن يعتقد بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وبالتالي فإن الأحمدية أيضا تعتقد الاعتقاد نفسه.

إنها لتهمة لا أساس لها من الصحة إطلاقا، وإن الذي يكون قد قر كتابات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بنظرة محايدة لن يعيرها أدنى اهتمام أبدا ولكن المشكلة - لسوء الحظ أن معظم الناس ليسوا مطلعين على كتاباته. أما الذين كان من الممكن أن تصل إليهم هذه الكتابات التي من شأنها أن تؤدي مطالعتها بالمسلم العادي إلى حقيقة الأمر، فقد وضعت حكومة باكستان العراقيل في سبيلهم وقامت بمصادرة تلك الكتب.




إيمان قوي بخاتم النبيين:
أما فيما يتعلق بكذب التهمة السالفة الذكر فهناك أقوال كثيرة لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بهذا الخصوص نظما ونثرا، تبرهن بكل وضوح على أنه كان يؤمن بكون سيده وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين إيمانا قويا وراسخا عميقا وأكثر شمولية ومعرفة ويقينا من غيره. كما تبين هذه الأقوال أن معرفته بمفهوم ختم النبوة عميقة وشاملة لدرجة لم يبلغ معارضونا أو العلماء الآخرون عشر معشارها إطلاقا. يقول سيدنا الإمام المهدي :
"يجب أن تتذكروا هنا جيدا أن التهمة التي تلصق بي وبجماعتي أننا لا نؤمن بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، إنما هي افتراء عظيم علينا. إن القوة واليقين والمعرفة والبصيرة التي نؤمن بها ونتيقن منها بكون النبي خاتم الأنبياء، لا يؤمن الآخرون بجزء واحد من المائة ألف جزء منها، لأن ذلك ليس بوسعهم. إنهم لا يفهمون الحقيقة والسر الكامن في مفهوم ختم النبوة لخاتم النبيين. لقد سمعوا هذه الكلمة من الآباء والأجداد ولا يعرفون حقيقتها ولا يعرفون ما هو ختم النبوة وما المراد من الإيمان به. ولكننا نؤمن بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالبصيرة التامة التي يعلمها الله، والله تعالى قد كشف علينا حقيقة ختم النبوة بحيث نجد من شراب المعرفة الذي سُقينا إياه لذة لا يتصورها أحد إلا الذين سُقُوا من هذا النبع." 
(الملفوظات ج ١ ص ٣٤٢ طبعة لندن)
ثم يقول حضرته العلة في موضع آخر ما تعريبه:
"إن ملخص ديننا ولبه هو "لا إله إلا الله محمد رسول الله". إن اعتقادنا الذي نتمسك به في هذه الحياة الدنيا و به سوف نرحل من عالم الفناء هذا بفضل الله وتوفيقه هو: أن سيدنا ومولانا محمدا المصطفى هو خاتم النبيين وخير المرسلين الذي قد اكتمل الدين على يده، وتمت النعمة التي بواسطتها يستطيع الإنسان أن يصل إلى الله بسلوكه الصراط المستقيم. إزالة الأوهام الخزائن الروحانية ج ٣ ص ١٦٩ - ١٧٠)
وقال أيضا:
" وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان أفضل الأنبياء كلهم وأعلاهم وأكملهم وأرفعهم وأجلاهم وأصفاهم في كافة مقتضيات الطهارة الباطنية وانشراح الصدر والعصمة والحياء والصدق والصفاء والتوكل والوفاء وحب الله، لذا فقد عطره الله جل شأنه بعطور الكمالات الخاصة أكثر من غيره. والصدر والقلب اللذان كانا أكثر رحابة وطهارة وبراءة ونورا وعشقا من صدور جميع الأولين والآخرين وقلوبهم، قد استحقا بجدارة أن ينزل عليهما وحي أقوى وأكمل وأرفع وأتم من وحي الأولين والآخرين جميعا، ليكونا مرآة واسعة ونقية لانعكاس الصفات الإلهية " (مقدمة سرمه جشم آريا، الخزائن الروحانية ج ۲ ص ٧١)



مثال سافر للتلبيس وإخفاء الحق:
الآن أتناول تُهما، الواحدة تلو الأخرى، قد وجهت إلى الأحمدية ومؤسسها في الكتيب المذكور. الحق أن الكتيب وما جاء فيه إنما هو مثال سافر للدجل والتلبيس. ولقد قُدِّمت فيه - كما سأقرأ عليكم بعض المقتطفات منه - استنتاجات خاطئة بتلبيس الحق بالباطل مرة، أو بقولهم قولا حقا ثم استمدوا منه نتائج خاطئة عمدا مرة أخرى، أو بقولهم قولا زورا واستنتجوا منه - حسب زعمهم - نتائج منطقية". وهكذا أصبح البيان الأبيض المزعوم مثالا فريدا للتلبيس وإخفاء الحق، فقد جاء فيه:
"لقد ظل تفسير "خاتم النبيين في غضون ١٤ قرنا ماضية رائجا في العالم كله أن سيدنا محمدا كان آخر نبي من أنبياء الله، ولن يأتي بعده هذا ما فهمه صحابة الرسوله أيضا من المصطلح القرآني "خاتم النبيين". وبناء على عقيدتهم الراسخة هذه ظلوا متكاتفين ضد كل من أعلن النبوة. كما لم تتسامح الأمة المسلمة قط، على مدى التاريخ الإسلامي، مع شخص ادّعى النبوة." (الكتيب الحكومي ص٢٤-٢٥)

ثم يقولون: "هناك المفكرون المسلمون الكبار من أمثال ابن خلدون، المؤرخ المعروف وصاحب الرأي القويم، والإمام ابن تيمية وتلميذه المتنور ابن القيم، وشاه ولي الله المحدث الدهلوي، والعلامة محمد إقبال الذين بحثوا في مضمون ختم النبوة من الناحية العلمية والاجتماعية والسياسية، وسوف تقرؤون لاحقا في هذا الكتيب أفكار العلامة إقبال حول هذا الموضوع."
(المرجع السابق ص ٦-٧)
فيما يتعلق بالجزء الثاني من قولهم عن معاملة تلقاها كل من ادعى النبوة في تاريخ المسلمين ونتيجتها المنطقية فسأتحدث عنها لاحقا، ولكنني أود أن أبين أولا أن قولهم بأن السلف الصالح من الأمة لم يزالوا يعلنون كلهم دون استثناء أن آية خاتم النبيين لا تعني شيئا إلا "النبي الأخير"، إنما هو قول باطل بديهي البطلان، بل هو تهمة صريحة بالسلف الصالح ولا حقيقة لها.
وموضوع ختم النبوة واسع وعميق جدا في دلالاته بحيث لو شرحنا جانبه الإيجابي فقط، أي لو فسرنا كلمة خاتم النبيين فقط دون دحض استدلال معارضينا لاستغرق ذلك وقتا طويلا.





منزلة مفكري الإسلام:
 فيما يتعلق بمفكري الإسلام العظام فلا شك في المنزلة السامية للمفكرين الثلاثة المذكورين لأنهم قد أدوا خدمات جليلة للفكر الإسلامي وفلسفته 
تعترف الجماعة الإسلامية الأحمدية بصحة تصريح الكتيب المذكور وتقول : إنهم كانوا فلاسفة كبارا وأصحاب علم ومعرفة. أما فيما يتعلق بتقديمهم العلامة إقبال كمفكر الإسلام ففي هذا الصدد أقرأ على مسامعكم قولا له لتعلموا نوعية مفكر الإسلام هذا وحالته.
 يقول العلامة إقبال في خطابه الموجه إلى السيد صوفي غلام مصطفى
تبسم

"إن دائرة معلوماتي الدينية ضيقة جدا .... لقد مضت معظم فترة حياتي في دراسة الفلسفة الغربية. وهذه الأفكار أصبحت فطرتي الثانية إلى حد ما. إنني أطالع حقائق الإسلام من هذا المنطلق قصدا مني أو عن غير قصد . " (إقبال نامه (مجموعة رسائل إقبال) ج ١ ص ٤٦-٤٧)
 فمفكر الإسلام الذي يعترف بنفسه أنه يطالع القرآن متأثرا بالمفكرين الغربيين والفلسفة الغربية وعلاوة على ذلك معلوماته الدينية قليلة جدا، فإن تقديمه كحجة أمام الأمة الإسلامية ربما يليق بكتاب هذا الكتيب غير أنه لا يمكن أن يخطر ببال شخص عاقل إطلاقا.



ختم النبوة يحيط بالكمالات: كلها أما فيما يتعلق بكون النبي خاتم النبيين والمعاني الواسعة لهذه الكلمة فسأقدم إليكم بعضا من أقوال سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود أولا، ثم أورد أقوالاً مماثلة لصلحاء الأمة والمفكرين من السلف الصالح وستعرفون من خلالها كيف حاول كتاب البيان الأبيض المزعوم تقديم هذا الموضوع الشامل الواسع في إطار ضيق وبصورة خاطئة؛ إذ يرون أن كلمة خاتم النبيين لا تعني إلا النبي الأخير من حيث الزمن، في حين مازالت الأمة المحمدية ترفض هذا المفهوم رفضا باتا. أما المفاهيم الواسعة والمعارف الدقيقة العظيمة الشأن الأخرى التي هي عميقة المعاني فقد أهملها أصحاب الأفكار السطحية هؤلاء.
يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود : الحق دون أدنى شك هو أنه لا أحد من الأنبياء يمكن أن يتساوى بصورة حقيقية مع النبي الله في كمالاته القدسية، حتى لا مجال للملائكة أيضا للتساوي معه ناهيك عن غيرهم." (البراهين الأحمدية، الخزائن الروحانية ج ١ ص ٢٦٨)
هذا هو المفهوم الحقيقي لختم النبوة! أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرفع منزلة من كافة المخلوقات ومن الملائكة أيضا، مما يعني أن ختم النبوة والمعراج اسمان لشيء واحد.

ثم يقول حضرته :
"إن فراسة رسولنا ل وفهمه أكثر من فراسة كافة الأمة وفهمها بصورة جماعية. ولولا أن يغضب إخواننا المسلمون من غير جماعتنا) بسرعة، فإن مسلكي الذي أستطيع إثباته بالحجة هو أن فراسة جميع الأنبياء وفهمهم لا يساوي فراسة النبي الأكرم " (إزالة الأوهام، الخزائن الروحانية ج ۳ ص ٣٠٧)
أي أن الخاتمية تشمل جميع كمالات النبوة، والفراسة جزء منها. لقد اطلعنا على هذه المعاني السامية بفضل سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود . وهناك من السلف الصالح أيضا الذين ذكروا أفكارا مماثلة لها من قبل. أما فيما يتعلق بعمق الموضوع وشموليته فأقوال سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عن مكانة النبي، خاتم النبيين، عميقة
وشاملة جدا. يقول حضرته:
"الحق دون أدنى شك هو أنه لا أحد من الأنبياء يمكن أن يتساوى بصورة حقيقية مع النبي في كمالاته القدسية، حتى لا مجال للملائكة أيضا للتساوي معه ناهيك عن غيرهم في هذا المجال." (البراهين الأحمدية، الخزائن الروحانية ج ١ ص ٢٦٨)
هنا قد ذُكرت الخاتمية من ناحية القوة القدسية. بمعنى أنه لم يكن خاتما من ناحية الفراسة فقط، بل كان خاتما من ناحية القوة القدسية أيضا لأنه كان يجمع في نفسه القوة القدسية لكافة الأنبياء والملائكة. لذلك فقد سُمِّي خاتم النبيين. لقد أوردت هذا المقتبس من قبل أيضا ولكن رأيت من الأنسب أن أشرح الموضوع من هذا المنطلق الجديد أيضا. ثم يقول حضرته:
"لقد بلغت جميع النبوات والرسالات منتهاها عند وصولها ذروة كمالها في شخص سيدنا وإمامنا محمد " (فلسفة تعاليم الإسلام، الخزائن الروحانية ج ١٠ ص ٣٦٧)
أي لم تتمركز فيه ميزات كافة الأنبياء السابقين بصورة عادية فقط بل بلغت ذروة كمالها. هذا هو كلام المعرفة العميقة عن ختم النبوة الذي أعطاه الله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود. 
يقول حضرته في موضع آخر:
"إن نبينا جامع الجميع الكمالات المتفرقة، كما يقول الله في القرآن الكريم فبهداهم اقتده (الأنعام (۹۱)، أي اقتد كل نوع من الهدى أعطيها الأنبياء السابقون كلهم. فمن البديهي أن الذي يجمع في نفسه تلك الهدايات المتفرقة يكون كاملا شاملا مكملا ويصبح أفضل من الأنبياء كلهم. عين المسيحية الخزائن الروحانية ج۲۰ ص۳۸۱) 
هنا ذكر سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود كون النبي صلى الله عليه وسلم "خاتم النبيين" من ناحية التعليم والهدى، إذ جُمع في تعليمه وهديه أحسن ما ورد في جميع التعاليم التي جاءت إلى الدنيا على مر العصور.
 ثم يقول حضرته :
النبوات والكتب التي خلت من قبل لا حاجة للاقتداء بها على حدة، لأن النبوة المحمدية تشملها وتحيط بها كافة والسبل الأخرى ما عدا هذه النبوة مسدودة كلها كل نوع من الحقائق الموصلة إلى الله تعالى توجد فيها. لن تأتي بعدها حقائق جديدة كما ليست هناك حقائق كانت موجودة فيما سبق ولا توجد فيها. لذا فقد ختمت بها النبوات بكل أنواعها، وهكذا كان يجب أن يكون ." 
(الوصية، الخزائن الروحانية ج۲۰ ص۳۱۱)
 إذن فلم تعد هناك حاجة لاقتداء النبوات والكتب السابقة على حدة، وهذا أيضا من مقتضيات ختم النبوة. لو بقى جزء من النور أو الحقائق خارج دائرة نبوة محمد لكانت هناك حاجة للاقتداء بها على حدة. ولكن إذا وجدت كل حقيقة ونور في دائرة ختم النبوة وتجلت بلمعان جديد وبلغت ذروة الكمال فالنبي الذي أغنى الباحث عن الخيرات من كل باب آخر قد سُمّي بخاتم النبيين. 
كذلك يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود في أبيات شعره ما نصه:
لا شك أن محمدًا خير الورى - ريقُ الكرام ونخبة الأعيان
تمت عليه صفات كلِّ مزيّة - ختمت به نعماء كل زمان 
هو خيرُ كلّ مقرَّب متقدم - والفضلُ بالخيرات لا بزمانِ
يا ربِّ صَل على نبيك دائما في هذه الدنيا وبعث ثان 
مرأة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج ۵ ص ٥٩٢-٥٩٣)

 ثم يقول في أبياته باللغة الفارسية ما تعريبه:
الرسول الذي اسمه محمد صلى الله عليه وسلم نتمسك بوجوده الطاهر دائما.
هو خير الرسل وخير الأنام، وبه ختمت كل نبوة.
الماء الروحي کله نشربه منه، وكل من يرتوي إنما يرتوي بفضله. وبفضله صلى الله عليه وسلم ننال كل نور وكمال، ولا يمكن الوصول إلى المحبوب الأزلي إلا بواسطته.
هذا هو عشقي للمصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقلبي يطير إلى المصطفى مثل الطير دائما ." 
(سراج منير ، الخزائن الروحانية ج ١٢ ص ٩٣-٩٤)




مفهوم عميق لـ"ختم النبوة ":
هنا يبين حضرته مفهوما جديدا لختم النبوة، وهو أن ختم النبوة لا يكتفي بجمع درجات الكمال في نفسه بل يوسعها ويوصل بركاتها إلى الآخرين أيضا. لا يُبقى فيوضه مقتصرة على نفسه بل يوسعها إلى الآخرين أيضا بقوة وعظمة لدرجة يصبح كل تلميذ مخلص لخاتم النبيين صاحب الكمال شيئا فشيئا. يوضح حضرته هذا الموضوع في مكان آخر في بيت من شعره ما تعريبه: "لقد صرنا خير الأمم بفضلك يا خير الرسل ! ولقد تقدمنا إلى الأمام نتيجة لتقدمك. "
هذه بضعة نماذج قدمتها إليكم. غير أن أقوال سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود حول موضوع ختم النبوة إنما هي كنز عظيم لا يحظى بعشر معشاره المشايخ المعاصرون المعارضون لنا. لو قرأ شخص عادل وذو قلب حساس أقواله الا بتأن وتأمل لتوصل إلى النتيجة نفسها حتما.

وكذلك السلف الصالح أيضا - كما أسلفت – ذكروا الأمور نفسها بصورة متفرقة وقد جمعها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود كلها. إذن فكما كان النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين كذلك كان سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود خاتم عشاق النبي . ليس هناك جانب واحد ذكره الآخرون بصورة متفرقة ولم يجمعه الإمام المهدي في أقواله. كما أنه ليس ثمة جانب واحد من مفاهيم ختم النبوة ذكره الآخرون ولم يذكره حضرته بصورة أفضل وأجلى وأرفع وأكمل منهم.

يقول الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن الحكيم الترمذي
(المتوفى ۳۰۸ هـ):

ومعناه عندنا أن النبوة تمت بأجمعها لمحمد ، فجعل قلبه لكمال النبوة وعاءً عليها ثم حُتم." (كتاب ختم الأولياء ص ٣٤١) 
رغم أن معرفة الحكيم الترمذي بختم النبوة عميقة جدا ولكنه مع ذلك يقول في النهاية "ثم "ختم" مما قد يُفهم منه خطأ أن فيوض النبي المتعلقة النبوة مقتصرة عليه فحسب، ولم تعد هناك إمكانية اتساع نطاقها إلى بختم الآخرين.
لقد قدم سيدنا المسيح الموعود الآية: ثم دنا فتدلى (النجم: ٩) كبرهان قاطع على بقاء فيوض ختم النبوة، وشرحها قائلا بأن النبي صلى الله عليه وسلم دنا إلى الله تعالى لنيل بركات إلهية كما ذُكر في حادث المعراج). ثم لم يكتف بحصرها على نفسه فقط، بل كما أن الأغصان المثمرة تتدلى بسبب عبء الثمار كذلك فإن النبي أيضا تدلى برحمة وتحنن إلى نوع البشر لإيصال هذه البركات إليهم.


يقول الإمام فخر الدين الرازي (المتوفى ٥٤٤ هـ):
"فالعقل خاتم الكلّ، والخاتم يجب أن يكون أفضل. ألا ترى أن رسولنا لمّا كان خاتم النبيين كان أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
(التفسير الكبير للإمام الرازي تحت الآية: قال رب اشرح لي صدري)





تأويلات حكيمة لمفكري الإسلام:
أما فيما يتعلق بالمفكرين الذين يعترف بهم الكتيب الحكومي أيضا کمفكري الإسلام الكبار فيقول أحدهم وهو العلامة عبد الرحمن بن خلدون المغربي (المتوفى ۸۰۸ هـ):
ويمثلون الولاية في تفاوت مراتبها بالنبوة ويجعلون صاحب الكمال فيها خاتم الأولياء ، أي حائز الرتبة التي هي خاتمة الولاية، كما كان خاتم الأنبياء حائزا للمرتبة التي هي خاتمة النبوة . 
(تاريخ ابن خلدون ج۱ ص۲۷۱)
 أي لا يُراد هنا الأخيرُ من حيث الزمن، بل من ناحية المنزلة والمكانة، وإلا سوف تفلت الولاية أيضا من الأيدي إلى الأبد ولسوف تحرم الأمة من الولاية نهائيا والعياذ بالله). 

يقول سلطان الأولياء، أبو سعيد المُحَرِّمى (المتوفى ٥١٣ هـ)، المرشد الروحي الحضرة عبد القادر الجيلاني رحمه الله: "والأخيرة منها أعني الإنسان إذا عرج ظهر فيه جميع المراتب المذكورة مع انبساطها ويقال له الإنسان الكامل. والعروج والانبساط على الوجه الأكمل كان في نبينا ولهذا كان خاتم النبيين." (تحفة مرسلة شريف لأبي سعيد المُحَرِّمي، ترجمة وشرح محمد عبد العزيز الجالندهري، ص٥١)

كل هذه المواضيع المذكورة آنفا تشبه بعضها بعضا وكما أسلفت أنها لا تحيط بكافة جوانب الخاتمية. يقول حضرة جلال الدين الرومي رحمه الله (المتوفى ٦٧٢ هـ) في منظوماته الفارسية ما تعريبه: "إن النبي هو خاتم النبيين لأنه لم ولن يكون له مثيل من ناحية إيصال الفيوض الروحانية إلى الآخرين. هنا يبين حضرته الموضوع نفسه الذي بينه سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بأن سيدنا محمدا يوسع دائرة فيوضه ويوصلها إلى الآخرين. وعندما يصل صانع خبير الذروة في صنعته، ألا تقول له يا ترى "ختمت عليك الصنعة"؟ 
(مفتاح العلوم لمولوي محمد نذير عرشي (شرح مثنوي جلال الدين الرومي، المجلده١ الدفتر٦ الجزء ١ ص ٥٦-٥٧)

كذلك المولوي محمد قاسم النانوتوي الذي هو من كبار الفرقة الديوبندية التي قد عقدت العزم في هذه الأيام على تشويه مفهوم خاتم النبيين، يقول:
"إن الأنبياء بسبب إبلاغهم الأوامر يكونون نائبين الله تعالى مثلما يكون الولاة والوزراء للملك، لذا يجب أن يكون لهم الحكم.... فكما تكون هناك مراتب تابعة للملك وأعلاها الولاية أو الوزارة، وتكون المراتب الأخرى كلها خاضعة لهما، فالوالي أو الوزير يستطيع أن يخرج عن أوامر الآخرين الذين هم أدنى منه رتبة، ولكن لا يستطيع أحد أن يخرج عن أوامره، والسبب في ذلك أن درجات المراتب تختم به. كذلك ليست هناك مرتبة أو درجة في مراتب النبوة فوق مرتبة خاتم النبيين، بل المراتب الأخرى كلها تابعة لها." (مجموعة نادرة للرسائل والخطابات، مباحثة شاهجهان بور عام ١٩١٤، ص ٢٥





ختم النبوة أرفع من حدود الزمن:
الكلام المذكور أعلاه أيضا يتناول موضوع الكمال المعنوي أو الخاتمية المعنوية ولا علاقة له بالخاتمية من حيث الزمن. كذلك فسر مختلف العلماء كلمة "خاتم النبيين" بمعنى الزينة والخاتم الذي يُلبس في الإصبع، وإيصال الفيض والبركة إلى الآخرين بمعنى أن الخاتم يُستعمل للتصديق. فمن هذا المنطلق إن النبي مصدق للفضائل كلها. ويقدّم سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود هذا الأمر كمنّة النبي على الأنبياء السابقين، يقول: "لقد صار و خاتم الأنبياء ، ولكن ليس بمعنى أنه لن يُستمد منه روحاني في المستقبل ، بل بمعنى أنه صاحب الخاتم فلن ينال أحد فيضا إلا بفضل خاتمه. ولن يُغلق باب المكالمة الإلهية ومخاطبتها أبدا على أمته إلى يوم القيامة. وليس هناك نبي صاحب الخاتم إلا هو . وهو الوحيد الذي يمكن أن توهب بفضل خاتمه النبوة التي يُشترط لصاحبها أن يكون من أمته " (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج٢٢ ص ٢٩-٣٠)
فيض
ثم يقول حضرته : 
"لقد آمنت بنبيه بصدق و القلب ، وأعلم أن النبوات بكل أنواعها قد ختمت عليه وشريعته خاتمة الشرائع، إلا إن هناك نبوة لم تنقطع، أي النبوة التي تُنال نتيجة الاقتداء الكامل به ،والتي تستنير بنوره، فإنها لم تنقطع لأنها نبوة محمدية أي ظلّها وبواسطتها ومظهرها ومنها تستفيض.
 (عين المعرفة الخزائن الروحانية ج ٢٣ ص ٣٤٠) 
علاوة على ذلك يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود في موضع آخر بأن الأنبياء كلهم مدينون لخاتمه أي ختم النبوة، وإن صدقهم قد تحقق بسبب هذا الخاتم. ولو لم يصدّق النبي الأنبياء كلهم لما كنا مؤمنين بصدقهم. فهذا فضل بحت من النبي فإنه لم يحسن إلى الأنبياء السابقين كلهم فقط بل أحسن أيضا إحسانا عظيمًا إلى الأنبياء المبعوثين في كل زمان ومكان من العالم بتصديقه إياهم. فإن بركة كونه خاتم النبيين تمتد إلى الأمام من الناحية الزمنية كما تعود إلى الوراء أيضا في آن واحد، أما من حيث المكان فلا تعرف حدودًا لها.



وإليكم الآن قولا آخر في صدد كون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وهو قول الإمام الرباني مجدد القرن الثاني عشر حضرة الشيخ أحمد السرهندي (المتوفى أحد الأقطاب وأولياء الله الكبار، حسب اعتقاد كل من الأحناف والديوبنديين والبريلويين وأهل السنة وغيرهم، فيقول ما تعريبه:
 "إن حصول المتبعين على كمالات النبوة عن طريق الاتباع والوراثة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل الصلوات والتحيات، لا ينافي كونه خاتم النبيين عليه وعلى آله الصلاة والسلام فلا تكن من الممترين. مكتوبات الإمام الرباني، الدفتر الأول مكتوب ٣٠١ جه ص ١٤١)





بعثة نبي من الأمة:
 لا تنافي ختم النبوة أين الآن إعلان الكتيب الحكومي القائل بأن السلف الصالح متفقون دون أي استثناء على أن كلمة خاتم النبيين لا تعني شيئا إلا أن النبي كان آخر الأنبياء من حيث الزمن ولن يأتي بعده نبي من أي نوع أبدا. وإليكم الآن موقف الإمام الباقر رحمه الله إذ يقول حضرته: "عن أبي جعفر في قول الله: فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا . 
جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة، فكيف يقرون في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد صلى وآله."
 (الصافي، شرح أصول الكافي لملا خليل كتاب الحجة، ج۳ ص۱۱۹) 
يقول حضرة جلال الدين الرومي رحمه الله - الذي يسمى تاج الأولياء أيضا - في بيت شعره وترجمته: "حاول أن تقوم في سبيل الحسنة بخدمات عظيمة لكي تنال النبوة في الأمة." 
مفتاح العلوم للمولوي محمد نذير عرشي، شرح مثنوي جلال الدين الرومي، المجلد ۱۳ ، الدفتره ، الجزء الأول ص۹۸)


فماذا يفتي به الآن العلماء المعاصرون المعاندون للأحمدية عن كل هؤلاء العلماء؟ وكيف يغضون الطرف عن تلك الأقوال كلها؟ ألم يفتضح كذبهم حين قالوا بأن صلحاء الأمة وعلماءها جميعهم متفقون على أن كلمة خاتم النبيين لا تعني شيئا إلا الأخير من حيث الزمن؟ ولكننا عندما نطالع أقوال الصلحاء والأقطاب بتأمل وتأنّ نجد الأمر على عكس ما يقوله معارضونا. ومن المستحيل أن تضم اللجنة الضخمة، التي كلفتها حكومة باكستان للتحقيق في هذا الموضوع، جهّالا فقط لا يعرفون حتى وجود الأقوال المذكورة. لا أشك في أنهم كانوا على علم بها ولكنهم تعمدوا التلبيس وقصدوا الكذب.
المعنى الذي بحسبه يعتقد سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود
إمكانية النبوة في الأمة المحمدية هو كالتالي:
"لا يمكن أن ننال إطلاقا أية مرتبة من مراتب الكمال والشرف والعز والقرب دون اقتداء كامل لنبينا .. كل ما نناله إنما هو بصورة ظلية وبواسطته" إزالة الأوهام الخزائن الروحانية ج۳ ص۱۷۰)
 ثم يقول:
"لقد حزت هذا الشرف بسبب اقتدائي للنبي فقط . لو لم أكن من أمته ولو ولو لم أقتد به، لما نلت شرف المكالمة والمخاطبة أبدا. ولو كانت لم أعمالي مثل سائر جبال الدنيا لما حزت هذا الشرف للمكالمة والمخاطبة إطلاقا، لأن النبوات بكل أنواعها قد انقطعت ما عدا النبوة المحمدية. لا يمكن أن يأتي نبي بشرع جديد ويمكن أن يأتي نبي بغير شريعة بشرط أن يكون من الأمة أولا. فبناء على ذلك أنا نبي وأمتي أيضا." (التجليات الإلهية، الخزائن الروحانية ج ٢٠ ص ٤١١ - ٤١٢)

ثم يقول :
يا قليلي الفهم ويا عديمي البصيرة! إن نبينا ، وسيدنا ومولانا (عليه ألف سلام) قد سبق جميع الأنبياء من حيث بركاته الروحانية، لأن بركات الأنبياء السابقين قد انقطعت عند حد معين. فهؤلاء الأقوام وتلك الأديان ميتة الآن لا حياة فيها إلا أن الفيض الروحاني للنبي صلى الله عليه وسلم مستمر إلى يوم القيامة. فبسبب استمرار بركات النبي ، لم يعد ضروريًا لهذه الأمة أن يأتي المسيح من خارجها بل إن تلقى شخص عادي تربية في ظله يمكن أن يجعل منه مسيحا كما جعلتني أنا الضعيف . " عين المسيحية، الخزائن الروحانية ج ۲۰ ص ۳۸۹)

والآن أقدم إليكم قول أحد من صلحاء الأمة الذي يقول عنه الكتيب الحكومي بأنه من مفكري الإسلام المعترف بهم. أقصد إمام الهند، مجدد القرن الثاني عشر، المتكلم العظيم والصوفي المعروف، ولي الله المحدث الدهلوي. يقول حضرته:
امتنع أن يكون بعده نبي مستقل بالتلقي."
 (الخير الكثير ص٧٨)
 وهذا عين ما قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود. وعلاوة على ذلك تشكل هذه العبارة ردًّا على فكرة مجيء المسيح الناصري، لأن حضرته يقول بأنه لا يمكن أن يكون نبي لم يتلق الفيض من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.
 ومن المعروف لدى الجميع أن المسيح الناصري لم يقتبس من بركات النبي مباشرة ولا يمكن له ذلك أيضا.
فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو أنه عندما يأتي المسيح الناصري يكون قد درس التوراة والإنجيل سابقا لا القرآن ولا الأحاديث، فهل يتخذ أحدا من الناس أستاذا له أو يتتلمذ على أحد من المشايخ لدراسة القرآن والأحاديث؟
يقول البعض ردّا على هذا السؤال: لا ! بل سوف ينزل الله عليه كلامه مباشرة من جديد .. أي سينزل القرآن عليه مجددا كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم من قبل، كذلك ستنزل عليه الأحاديث أيضا بصورة الوحي. أقول: حتى إذا كان الأمر هكذا، فمع ذلك كيف يكون قد اقتبس الفيوض مباشرة إذن؟ علما أنه كان نبيا مستقلا في حد ذاته ولم تكن له علاقة بأمة محمد الله لأنه كان قد نال الفيض من نبي آخر ثم بقي في
السماء إلى ألفي سنة ثم ينزل وينال النبوة مباشرة، حسب زعمكم. ثم يبين سيدنا الإمام المهدي معنى آخر لختم النبوة، وهو أنه لا يمكن أن يأتي نبي بشريعة جديدة لأن الخاتمية تجمع الكمالات والصفات الحسنة كلها. فإذا حازت شريعة ما الكمال ولم يبق نوع من كمال أو فضيلة إلا وقد أودعت فيها فلا ينشأ سؤال شريعة جديدة إلا إذا مسخت أو حرّفت الشريعة السابقة. فإذا كان القرآن مضمونا حفظه أيضا فالنتيجة المنطقية والطبيعية للأمرين هي أنه يمثل شريعة أخيرة، لأن الكتاب النازل على محمد بصفته خاتم النبيين قد أحاط بسائر الكمالات. وبالإضافة إلى ذلك فقد وعد الله أن حكمه سوف يمتد إلى يوم القيامة. ولقد قال رسول الله : أنا والساعة كهاتين، وجمع بين إصبعيه.. أي لن يأتي أحد إلى يوم القيامة ينسخ شريعتي. وبطبيعة الحال إن هذا السؤال لا يمكن أن ينشأ بعد يوم القيامة. هذا هو المفهوم الذي بينه سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود، والذي يؤلم هؤلاء الناس أكثر من غيره، فيعترضون عليه مرة بعد أخرى ويقولون إن الأحمديين يعلنون من ناحية أنهم يؤمنون بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ومن ناحية أخرى يفتحون بابا لنبي يبعث من الأمة، ويقولون إن محمدا هو آخر الأنبياء من حيث الشريعة، وليس من حيث النبوة غير التشريعية.

يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود :
لقد أعطي سيدنا محمد الله شرفا خاصا أنه خاتم الأنبياء بمعنى أنه من ناحية حُتمت عليه كمالات النبوة كلها ومن ناحية ثانية لن يكون بعده رسول بشرع جديد أو نبي من خارج أمته . بل كل من يتشرف بالمكالمة الإلهية إنما يتشرف بها بفضله وواسطته ، ويُدعى أمتيا وليس نبيا مستقلا." (عين المعرفة، الخزائن الروحانية ج٢٣ ص ٣٨٠)

ويقول أيضا:
قد انقطعت النبوة الآن بكل أنواعها ما عدا النبوة المحمدية. لا يمكن أن يأتي نبي بشرع جديد وإنما يمكن أن يكون هناك نبي دون شريعة ويكون أمتيا أولا." التجليات الإلهية الخزائن الروحانية ج٢٠ ص٤١٢)


تأويل الجهلة:
إذن هذا هو مفهوم خاتم النبيين الذي بينه سيدنا الإمام المهدي العلي والذي يهاجمه الأعداء بشدة متناهية. هذا الجزء هو الأكثر إثارة لاعتراضهم حيث يقولون عنه إن الأمة المحمدية لم ولن تسكت عنه أبدا، وبأن الصلحاء ما زالوا يكتبون ضده على الدوام ويصرحون أن النبي صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء من حيث الزمن والشريعة معا. فلا يمكن أن يبعث نبي بعده أيا كان نوعه هذا ما يقولونه اليوم تعصبا ولكن ماذا قال صلحاء الأمة في هذا الصدد؟ هاكم ما قاله الصوفي المعروف محمد الحسن بن علي الحكيم الترمذي (المتوفى عام ٣٠٨ هـ):
فإن الذي عَمِيَ عن خبر هذا يظنُّ أن خاتم النبيين تأويله أنه آخرهم مبعثا. فأي منقبة في هذا؟ وأي علم في هذا؟ هذا تأويل البله الجَهَلة .
(کتاب ختم الأولياء، ص ٣٤١)
هذا هو التأويل الذي تحاول حكومة باكستان أن تفرضه على المسلمين في العالم بأسره. عندما نقول لهم: إنكم من ناحية تقولون إن النبوة قد انقطعت بكل أنواعها ، فلن يأتي الآن نبي من أي نوع، فما معنى انتظاركم المسيح الناصري إذن؟ فأقلعوا عن فكرة انتظاره واستريحوا، فقد سدت جميع السبل لمجيء أحد في هذه الأمة. يقولون: كلا! بل الأمر هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان آخر الرسل مبعثا ومن تلقى النبوة قبله، فلا حرج في مجيئه مرة أخرى. هذه هي حجتهم الوحيدة، ثم يقولون: هذا ما اعتقد به السلف الصالح أيضا. ولكن قولهم هذا كذب صريح وشنيع في الوقت نفسه. ولو قبلنا هذا التأويل لكان تأويل الأغبياء الجاهلين، إذ لا يضيف إلى عظمة الرسول شيئا . 
وإليكم الآن ما قاله الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي (المتوفى ٦٣٨ هـ):
"فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق وإن كان التشريع قد انقطع. فالتشريع جزء من أجزاء النبوة."
 (الفتوحات المكية ج ٣ ص ١٥٩، الباب الثالث والسبعون في معرفة عدد ما يحصل من الأسرار للمشاهد) ويقول أيضا:
"فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي نبوة التشريع، لا مقامها، فلا شرع يكون ناسخا لشرعه ، ولا يزيد في شرعه حكما آخر. وهذا معنى قوله : إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي. أي لا نبي بعدي يكون على شرع يخالف شرعي، بل إذا كان يكون تحت حكم شريعتي، ولا رسول أي لا رسول بعدي إلى أحد من خلق الله بشرع يدعوهم إليه. فهذا هو الذي انقطع وسدّ بابه، لا مقام النبوة. "
 (المرجع السابق ص ٤)

يقول حضرة الشيخ بالي أفندي (المتوفى ٩٦٠ هـ):
 "فخاتم الرسل هو الذي لا يوجد بعده نبي مشرع." (شرح فصوص الحكم ص ٥٦)

من الواضح أن الشيخ لا ينكر بعثة نبي غير مشرع، وإنما ينكر مجيء نبي مشرعن إذ يقول: "لا يوجد بعده نبي مشرع .

كذلك يقول الصوفي المعروف الإمام عبد الوهاب الشعراني: اعلم أن النبوة لم ترتفع مطلقا بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنما ارتفع نبوة التشريع فقط . 
" اليواقيت والجواهر، ج ٢ ص ٣٥)

ويقول السيد عبد الكريم الجيلي:
فانقطع حكم نبوة التشريع بعده، وكان محمد خاتم النبيين، لأنه جاء بالكمال و لم يجئ أحد بذلك." 
(الإنسان الكامل ج١ ص١١٥)

يشرح الشيخ محمد وسيم الكردستاني مفهوم خاتم النبيين في هامش "تقريب المرام في شرح تهذيب الكلام، للشيخ عبد القادر الكردستاني ج٢ ص ۲۳۳ ويقول: 
"... أن معنى كونه خاتم النبيين هو أنه لا يُبعث بعده نبي آخر بشريعة أخرى."
من الممكن أن يُستنبط من هذا الكلام معنيان: أنه لن يبعث نبي، لا بشريعة سابقة ولا بشريعة جديدة. فلو قبلنا هذا لانسد باب مجيء عيسى أيضا لأنه بحسب القرآن الكريم كان رسولا إلى بني إسرائيل، وتابعا لشريعة موسى



أين الثرى من الثريا؟:
وإليكم الآن قولا آخر لولي الله الدهلوي مجدد القرن الثاني عشر يقول: وختم به النبييون أي لا يوجد من يأمره الله سبحانه بالتشريع على
الناس. " 
التفهيمات الإلهية، ج ٢ ص ٨٥)
ويقول المولوي محمد قاسم النانوتوي:
"العامة يرون أن رسول الله الله خاتم النبيين بمعنى أن زمنه كان بعد الأنبياء السابقين وهو آخر الأنبياء كلهم. غير أن أهل الفهم يدركون جيدًا أنه ليس في التقدم أو التأخر من حيث الزمن أية فضيلة في حد ذاته. لو كان الأمر كما يظن العامة،  فكيف يصح أن يقول الله تعالى في مدح الرسول : وَلَكِنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ؟ أما إذا لم نعتبر قوله تعالى هذا مدحا ولم نعتبر هذه المنزلة ثناء، عندها قد أن يكون يصح مفهوم خاتم النبيين بمعنى التأخر الزمني. ولكنني أعرف أن هذا الكلام لن يروق لأحد من أهل الإسلام"
 تحذير الناس لمحمد قاسم نانوتوي ص٤-٥)
من هم أهل الإسلام الذين لا يروق لهم هذا الكلام؟ نحن الأحمديون أم المشايخ الباكستانيون؟ 
والآن إليكم قولا آخر لعلماء البريلويين الذين يخالفون أهل الديوبند، لأن البريلويين وأهل السنة الآخرين الذين لا يوافقون الرأي ديوبند يتهمونهم دائما بأنهم لم يؤسسوا مدرسة ديوبند بل أسسوا الجماعة الإسلامية الأحمدية في الحقيقة، وفتحوا أمام مؤسسها أبوابا دخل منها
حتى قام بإعلان النبوة التشريعية (والعياذ بالله).
هناك عالم للفرقة البريلوية اسمه السيد أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكهنوي، فهو يبين موقفه من ختم النبوة كالآتي:
"لا يستحيل وجود نبي في زمن النبي أو بعده، بل يمتنع أن يكون بشريعة جديدة"
 أثر ابن عباس في دافع الوسواس ص١٦)
يصرح هذا العالم بأن ذلك ليس اعتقاده هو فحسب، بل ما زال علماء
أهل السنة أيضا يصرحون بذلك، فيقول: ما زال علماء أهل السنة يصرحون أنه لا يمكن أن يكون في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم نبي بشريعة جديدة، فإن نبوته عامة. فالنبي الذي يكون في عصره يكون تابعا للشريعة المحمدية . " 
(مجموعة الفتاوى لمحمد عبد الحي اللكهنوي ج ۱ ص۱۷)
نقدم الآن التصريحات الواردة في كتيب نشرته حكومة باكستان بعنوان: "القاديانية الخطر الرهيب على الإسلام" 
"ما زالت فكرة ختم النبوة .أي كون النبي صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء زمنا حسب زعمهم - الناقل. من مبادئ الإسلام الأساسية عبر تاريخ الإسلام كله. وكان طابع هذه الفكرة عميقا جدا في رؤية المسلمين وتصرفاتهم ومشاعرهم." (الكتيب المذكور صه)
 السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو أنه فيما يتعلق بدراسة التاريخ الإسلامي فلا نجد ذكر هذه الفكرة وآثارها إطلاقا. كما لا نرى لهذا الانطباع أي أثر على صلحاء الأمة والأقطاب الذين احتلوا مكانة مرموقة في الأمة. 
إذن فمن أين أخذ معارضونا هذا الانطباع؟ هذا ما كنت أبحث عنه، وكنت على يقين أنهم لم يأخذوه من صلحاء الأمة المحمدية.
فوجدت أن القرآن قد بين مصدره مسبقا حيث يخبر الله في كلامه
المجيد:
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ * الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيات الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جبار
 (غافر: ٣٥-٣٦).
فتبين أن هذا الاعتقاد كان موجودا منذ ذلك الوقت والقرآن يدحضه بشدة. ثم يذكر الله تعالى "هذا الانطباع" بالكلمات نفسها ، ويقول : إن الله تعالى يطبع على قلوب الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان. وليعلم هؤلاء أن ذلك التصرف مكروه عند الله.
 إذن هذا هو مصدر انطباعهم المذكور. يقول الله تعالى: هذا ما فعلتم في زمن يوسف أيضا. ما دام يوسف حيا يرزق ظل يقدم حججه، ولكنكم ما أصغيتم إليه بل بذلتم قصارى جهودكم في المعارضة، وإذا هلك قلتم: لن يبعث الله بعده رسولا. وهكذا خرجتم من طاعة يوسف بسبب رفضكم إياه، ومن ناحية ثانية خلعتم طاعة النبوة بشكل عام وعلى الدوام بسبب اعتقادكم أن الله لن يبعث في المستقبل رسولا. إذن فهذا الاعتقاد الخاطئ كان سائدا منذ زمن سيدنا يوسف .
وبما أن القرآن الكريم يسد طريق كل خطر ، فليس بوسع أحد أن يتغلب عليه بمكره ودهائه. فيبيّن الله تعالى الموضوع نفسه في موضع آخر حيث يقول:
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّه شَطَطًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِبًا * وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا
(الجن: ٥-٨).
يتضح من هذه الآيات أنهم أيضًا في تلك الأيام كانوا يزعمون حمقا وغباوة منهم كما تزعمون اليوم أنه لن يبعث الله أحدا.



مفهوم خاتم النبيين في ضوء الأحاديث:
لقد ادعوا أنه لن يُبعث نبي أبدا، وركزوا لإثبات موقفهم هذا على الأحاديث بدلا من القرآن الكريم ويقولون إن هناك أحاديث عديدة تثبت قطعا أن الرسول كان آخر الأنبياء من حيث الزمن. والفكرة التي تبرز للعيان بعد قراءة أحاديث يقدمونها هي أنه لن يبعث بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الدجالون والمتنبئون، وكأن سبل بعثة الأنبياء الصادقين قد أغلقت على هذه الأمة على الدوام، وفتحت أبواب المتنبئين الكاذبين والدجالين على مصراعيها. هذا هو مفهوم ختم النبوة عندهم الذي يقدمونه بحماس شديد وبشدة متناهية. وفي هذا الصدد قدّموا بعض الأحاديث، منها:
" عن ثوبان قال قال رسول الله : إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي." (أبو داود،
كتاب الفتن)
يقولون: أين المجال بعد هذا الحديث لمجيء نبي من أي نوع، أو بأي مفهوم من مفاهيم ختم النبوة؟

أقول: 
هذا صحيح، ونحن معكم في هذا مائة بالمائة، ونقر بأن الباب الذي أغلقه النبي لا يحق لأحد أن يفتحه أبدا. فآمنا وصدقنا بكل ما قاله الرسول . وإنني أعترف بذلك باسم الأحمدية كلها. ولكن الباب الذي فتحه النبي بيده لا يقدر أحد - كائنا كان – على إغلاقه. وهذا ما لا تقبلونه أنتم. مما يجعل الأمر متنازعا فيه بيننا وبينكم، وإلا فلا اختلاف في أن الباب الذي أغلقه النبي سوف يظل مغلقا، ولكن الباب الذي فتحه النبي لا بد أن يبقى مفتوحا أيضا. هذا كل ما في الموضوع من الاختلاف بيننا.



المسيح المنتظر يكون نبي:
قد قرأتم حديثا في الموضوع الذي نحن بصدده، والآن اقرأوا حديثا آخر حيث ذكر النبي نزول عيسى وسمى المسيح الموعود بـ "نبي الله" أربع مرات، ولسوف أقرأ عليكم من الحديث الطويل الجزء الذي يخص
الموضوع:
"... يحصر "نبي الله" عيسى وأصحابه... فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه.... ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه.... فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله . "
 (مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته وما معه) 
لقد لاحظتم أن النبي سمى المسيح المقبل "نبي الله" أربع مرات، علما صحيح مسلم من أهم الكتب في الصحاح الستة. 
ولو قيل بأن الذي سيأتي إلى الدنيا مرة ثانية كان نبيا قديما. ففي هذه الحالة من المفروض أن يأتي معه إلى الدنيا مرة ثانية أتباعه أيضا الذين سموا بأصحابه ولقبوا بلقب رضي عنهم. فمن الواضح أن النبي هنا
يذكر حادثا سوف يحدث بعد وفاته .
فثبت على وجه القطعية أنه مهما ظهر الدجالون الكذابون ثلاثون كانوا أم ثلاثمائة ألف، فإن لقب "نبي الله " الذي وهبه الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيح المقبل لا تستطيع قوة من قوى الدنيا أن تنتزعه منه.


يروى عن "زار" ملك روسيا، أنه في إحدى المرات أمر أحد حراسه ألا يسمح لأحد كان من بالدخول إلى مقصورته لانشغاله في أمور هامة. فتهيأ الحارس لتنفيذ الأمر. ثم حدث بعد برهة أن جاء ابن "زار" وأراد الدخول إلى مقصورة الملك ليزور والده، فمنعه الحارس وقال: مأمور بألا أسمح لأحد بالدخول. فقال الأمير: من أنت حتى تمنعني من ذلك؟ قال الحارسك إنني مأمور بتنفيذ أمر الملك. فاستشاط الأمير غضبا وضرب الحارس بالسوط ضربا مبرحا وأهانه أشد إهانة، ثم حاول الدخول من جديد. فهب الحارس الجريح وتصدّى له مرة أخرى وقال: لن أسمح لك بالدخول لأن الملك أمرني بذلك ولا بد لي من أن أنفّذ أمره. فاستشاط الأمير غضبا مرة أخرى وأشبع الحارس ضربا غير أن الحارس لم يسمح له بالدخول هذه المرة أيضا. كان الملك "زار" يشاهد كل هذا من داخل مقصورته، فإذ به يخرج ويتوجه إلى الأمير ويسأله عما جرى. فقال الأمير: إن هذا النذل لا يسمح لي بالدخول، ومن هو حتى يمنعني؟ فسأله الملك: ماذا قال لك؟ أجاب الأمير: قد منعني قائلا : إن الملك أمره ألا يسمج لأحد بالدخول. فقال الملك: إذا كان الحارس قد قال لك ذلك، وأخبرك أنه أمر من الملك، ومع ذلك حاولت التجاوز عنه، فأنت الذي عصيت أمر الملك، واعتديت على حارس مأمور منه. ثم توجه الملك إلى الحارس وقال: خذ السوط ، واضرب بها ابني. فما كان من الأمير إلا أن قال على الفور : أيها الملك: إن قانون هذا البلد لا يسمح لجندي عادي أن يضرب الضابط الأعلى منه رتبة ، فوهب الملك للحارس رتبة الضابط وقال مخاطبا إياه : يا ضابط فلان، خذ السوط واضرب بها ابني. فقال الأمير مرة أخرى: هناك قانون آخر أيضا يمنع الضابط أن يضرب اللواء. فمنح الملك للحارس رتبة اللواء ، وقال مخاطبا إياه : يا لواء فلان ،خذ السوط واضرب بها ابني. فصرخ الأمير مرة ثالثة وقال: هناك قانون آخر أيضا يمنع غير الأمير  أن يضرب الأمير. فخلع الملك على الحارس مرتبة الأمير وقال مخاطبا إياه : يا أمير فلان، خذ السوط واضرب بها ابني،  لأنه  عصى أمري. فهكذا أصبح هذا الحارس العادي أميرا في لمح البصر، و لم يكن هناك أحد لينتزع منه الأمارة.
أفلا تعطون سيدنا محمدا المصطفى حتى ذلك الحق الذي كان يتمتع به ملك روسيا؟ لقد سمى رسولُ الله المسيح المقبل "نبي الله" أكثر من مرة. والآن أقول لكم يا معارضينا: انتزعوا منه هذا اللقب إن كنتم على ذلك من القادرين
أما فيما يتعلق بالدجالين الثلاثين، فاقرؤوا ما ورد في "شرح صحيح مسلم بهذا الشأن، حيث جاء: "هذا الحديث ظهر صدقه، فإنه لو عد من تنبأ  من زمنه إلى الآن، لبلغ هذا العدد، ويعرف ذلك من يطالع التواريخ " (شرح صحيح مسلم، المسمى بـ إكمال إكمال المعلم للإمام أبي عبد الله الأبي، ج ۷ ص ٢٥٨)
من غرائب قدر الله أن عدد الكذابين الدجالين قد بلغ إلى ثلاثين قبل بعثة الصادق. وإذا قلتم من الممكن أن يظهر بعض الكذابين الآخرين أيضا إلى زمن الإمام المهدي والمسيح الموعود، قلت: إذا كان الأمر كذلك ، فلا اعتبار للوعد المذكور في الحديث ،بل سوف يصبح الحديث عرضة للشك والريبة . كلا. بل يقول السيد نواب صدیق حسن خان، وكان معاصرا لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود:
"النبأ الذي كان النبي قد قام به عن ظهور الدجالين في هذه الأمة قد تحقق واكتمل العدد . 
آثار القيامة في حجج الكرامة ص ٢٣٩)
 يتضح من هذا الكلام أنه بحسب منطوق هذا الحديث، لن يظهر الآن دجال أو متنبئ كاذب. وبما أن وقت ظهور المسيح الموعود كان قد أتى، لذا حبست الألسنة كلها من الكلام، وساد الأمة سكوت الانتظار، فانتظرت ساكتة واجمة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...