التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خدمات الحكم العدل الإصلاح


أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد. فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحيم * مَالك يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (آمين).


ألف لام را كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لَتُخْرِجَ النَّاسَ منَ الظُّلُمَات إلى النُّور بإذن ربهم إلى صراط الْعَزيز الحميد * الله الذي له مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأرْضِ وَوَيْلٌ للكافرين من عَذَاب شديد * الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلى الآخرة ويَصُدُّونَ عَنْ سَبيل الله وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولئكَ في ضلال بعيد (إبراهيم: ٢-٤)




ميزة فريدة لنور المصطفى:

الآيات التي اخترتها لخطبتي اليوم تذكر صفة مميزة للنبي ، وهي 
أنه يُخرج الناس من الظلمات إلى النور. إنها - من منظور صفة متميزة له بمعنى أنه هو الشخص الوحيد من بين جميع البشر الذي كلفه الله بهذه المهمة العظيمة ووهبه قدرة خارقة على إنجازها، ولكن من منظور آخر، لا تبقى هي صفة متميزة له فقط إذ أقام الله تعالى في أمته خدامًا له قد تابعوا تحقيق هذا الهدف النبيل، وسيقيم الآخرين في المستقبل أيضا. لأن النور الذي يدعوا إليه نبي من أنبياء الله تتصاعد دائما أصوات أخرى أيضًا منسجمة مع صوته، ويشترك معه في مهمته كثير من خدامه وأتباعه. وهكذا تضيء مصابيح الهداية في كل حدب وصوب. وقد ألقى سيدنا محمد المصطفى على هذا الموقف الخلاب بأسلوب جذاب للغاية إذ قال: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم." أي أن أصحابي يتلألؤون في سماء الروحانية كالنجوم. لقد اقتبسوا من نوري فأصبحوا نورانيين لدرجة أنكم لو اقتديتم بأحد منهم اهتديتم.
ثم يقول الله في هذه الآيات ... بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد. أي أن محمدا صلى الله عليه وسلم كلف بهذه المهمة الجليلة من ربهم. علما أن
تعبير "ربهم" لا يُستعمل حين يكون الخطاب موجها إلى النبي ، بل يستخدم تعبير "ربك" لهذا الغرض. أما تعبير "ربهم" الوارد في الآية الآنفة الذكر فقد استعمل للفت انتباه المخاطبين إلى أن الأمر أمر ربكم فلا بد أن تطيعوه، وبأن هذا الأمر ليس خاصا بالنبي . إن النبي هو الذي يدعوكم في الظاهر ولكن تذكروا أن الأمر أمر ربكم، لذا فالمطلوب منكم أن تلبّوا دعوته إذا دعاكم إلى الهداية، وفرُّوا إلى النور الذي يدعوكم إليه.
ثم يلقي الله ضوءا أكثر على كلمة "ربهم" فيقول: إنه رب السماوات والأرض، فلو أعرضتم عن أمره فلن تجدوا ملاذا ولن تحظوا بنجاة أبدا.



عاقبة السالكين المسالك المعوجة:
ثم يقول الله تعالى: وويل للكافرين من عذاب شديد ، أي أن الذين يرفضون هذا الأمر سوف يلقون عذابا أليما. وهناك من الأشقياء الذين يستحبّون الحياة الدنيا على الآخرة، ولا يكتفون بذلك بل يسدون طريق الآخرين أيضا حتى لا يتبعوا الهداية، ويبغون سبيل عوجا، ويريدون أن تكون سبل الله و أيضا معوجة مثل طبائعهم ، ويبغون أن يتبع الناس سبيلهم دون سبل الله.

ثم قال: أولئك في ضلال بعيد. وفي ذلك إشارة إلى أن أصحاب الأفكار المعوجة لا ينجون، بل تصبح نجاتهم أمرًا مستبعدًا لأنهم في ضلالهم، يعمهون باستمرار بحيث يصلون في تماديهم إلى أبعاد شاسعة حتى تستحيل العودة منها. وهذا يعني أنه لا بُدَّ لنا من دعوة أئمة التكفير – الذين يدور الحديث حولهم - إلى الهدى . ولكن بينهم بعض الأشقياء الذين يضلون ضلالا بعيدًا ويتمادون فيه بحيث إن الأمل في رجوعهم يغدو ضئيلا جدا.



 أهم واجبات المهدي المنتظر:
إن إخراج الناس من الظلمات إلى النور من الناحية الدينية لهي مهمة قدر للإمام المهدي وحده أن يُكلّف بها في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي عنه بأنه سيكون حَكَما عدلا، وسيظهر حين تصير سبل الدين معوجة من جراء ابتداع الناس طرقا أخرى ضمن سبل الله، ويكون الإسلام عرضة للتحريف والتغيير وتكون الخلافات بين المسلمين قد تجاوزت الحدود كلها، عندها سوف يظهر المهدي ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. ولذلك وُصف المهدي في الحديث بكلمات: "حَكَمًا عدلا" لأنه لا بد أن تظهر خلافات حتى يأتي هو "حَكَمًا عَدْلا"، وسوف يُبعث عندما يطفو الظلم والجور على السطح في تعامل الناس فيما بينهم. إذن ، فكان المفروض أن يظهر المهدي لتسوية الخلافات الشديدة من الظاهرة في العالم ولإصلاح أفكار الناس الفاسدة عن الإسلام. هذا هو الوضع الذي ذكره سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد ، الخليفة الثاني له للإمام المهدي قائلا:
لا تزال ترنّ في أذني كلمات تفوَّهَ بها سيدنا المسيح الموعود إذ قال: "ليس صحيحًا أننا نختلف مع الآخرين في مسألة وفاة المسيح الناصري وفي بعض المسائل الأخرى فقط، بل نختلف معهم في ذات الله ، وذات النبي ، والقرآن ، والصلاة والصوم، والحج، والزكاة أيضًا. فبين بالتفصيل أننا نختلف معهم في كل شيء.



مغالطة الكتيب الحكومي:
 لقد قدموا – بقص ولزق - في كتيب حكومي الفقرة المذكورة بكل زهو واستنبطوا منها أن الأحمديين قد أقروا بأنفسهم أن إسلامهم غير إسلامنا. فقالوا:
"يعتقد القاديانيون بأن وجه الخلاف بينهم وبين المسلمين الآخرين ليس النبوة فقط التي أعلنها الميرزا غلام أحمد، بل إنهم يدعون أن إلههم وإسلامهم وقرآنهم وصيامهم بل كافة معتقداتهم تختلف عن المسلمين. فقد اعترف بذلك الميرزا بشير الدين محمود أحمد ابن الميرزا غلام أحمد القادياني في خطابه المنشور في جريدة "الفضل ٣٠ يوليو/ تموز عام ١٩٣١م... 
(الكتيب ص٢٦).
 ثم أوردوا الفقرة التي أوردتها آنفا.

كومة من الكذب:
الأمر الأول الجدير بالانتباه هو أن الذي أورد هذه الفقرة في الكتيب واستنتج منها هذا الاستنتاج، نستطيع أن نقول بكل يقين إنه تعمد الكذب. إنهم يعرفون جيدا عن معتقدات الجماعة، يعرفها كبار الحكومة وصغارها، كما يعرفها جيّدًا العلماء والوزراء أيضا لأن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود قد أعلن معتقداته للملأ مرارا كثيرة وبوضوح تام. وبالإضافة إلى ذلك فإن سيرة الجماعة وأسوتها مكشوفة أمام المعارضين كصحيفة مفتوحة. فكل واحد منهم يعرفها جيدا، لذا فقولهم إن الأحمدية تعتقد بإله غير إلههم وقرآن غير قرآنهم، وإسلام غير إسلامهم، وصيام غير صيامهم، لهو قول باطل تماما. كان المعارضون يقولون فيما مضى إن كلمة الشهادة لدى الأحمديين 
تختلف عن كلمة الشهادة لدى بقية المسلمين، ولكنهم الآن قاموا بإجراءات اضطروا من جرائها للبيان أمام العالم أن شهادة الأحمديين هي شهادتنا نفسها، ولقد كذبنا من قبل ومازلنا نكذب ونفتري على الأحمديين منذ ۹۰ عامًا، غير أننا لن نسمح لهم الآن بالتمسك بها. وهكذا فإن كذبهم يفتضح للجميع تلقائيا في كل يوم جديد. والذي أورد هذه العبارة لا شك أنه خبير في الدجل والتلبيس وكاذب متعمد، واحدًا كان أم أكثر، هذا لا يهمنا، غير أن الحكومة التي نُشر الكتيب بإشرافها لخداع العالم كله لمسؤولة عن هذا الكذب الشنيع.




أسلوب بلاغي:
 لقد قيل من خلال العبارة السالفة الذكر وكأن كل شيء يتعلق بالدين يختلف لدى الأحمديين عما عند غيرهم من المسلمين. ولكن الأمر ليس هكذا، والعالم كله يعرف جيدا أن أساليب البلاغة والفصاحة أن القائل في بعض الأحيان يبين موضوعا شاملا وواسعا في جملة وجيزة. فعلى سبيل المثال لو قلت لشخص: "إنك تختلف عني"، فهل هذا يعني أنك تقصد أن ذلك الشخص ليس إنسانا مثلك بل هو حمار أو كلب وما إلى ذلك؟ كلا! إنما المراد أنه يملك صفات غير التي يملكها القائل، وأنه تغيّر ولم يعد يملك صفات تعتبر صفات إنسانية شريفة، أما القائل فيتحلى بصفات إنسانية نبيلة. بهذا المعنى بالضبط استخدم سيدنا المصلح الموعود الجُمَل السالفة الذكر ليبين للأحمديين أن الله لم يؤسس هذه الجماعة لسبب بسيط فقط، بل الحق أن أفكار معارضي الأحمدية عن القرآن والملائكة والأنبياء والآخرة والجنة والنار والحياة بعد الممات أي أفكارهم عن الأمور الدينية الأساسية، تختلف عن أفكار الأحمديين. إن الأحمدية تعلن جهارا ولا تزال تكرر إعلانها منذ ٩٠ عامًا أنها تؤمن بالإسلام الذي جاء به سيدنا محمد المصطفى وتؤمن بالإله الذي هو إله محمد المصطفى ، وعقيدتها عن الملائكة هي العقيدة نفسها التي جاء بها سيدنا محمد ، وقرآنها هو ذلك القرآن الذي نزل على قلب طاهر لمحمد. كذلك فكرتها عن الجنة والنار هي نفس الفكرة التي قدمها القرآن الكريم والتي ثبتت من السنة النبوية الشريفة، إلا أنهم حاولوا تشويه الحقائق عمدا في الكتيب الحكومي. أما فيما يتعلق بالخلافات الأخرى فقائمتها طويلة جدا، وقد تأخرتُ من المجيء لإلقاء الخطبة لسبب وحيد وهو أنني كنتُ أحاول قصارى جهدي منذ أسبوع لاختصار الموضوع بشكل من الأشكال، وانتقاء بعض المقتبسات الهامة في هذا الصدد وترك بعضها الأخرى جانبا، ولكنها من
الكثرة بحيث يمكن أن تكفي لما يقارب من عشر خطب، ولكنني سوف أحاول تلخيصها في خطبة واحدة.




طريق البحث عن الحق:
من واجب المتقي الورع والباحث عن الحق بنية صادقة أن يورد كل ما قاله سيدنا أحمد ثم يورد إزاءه أقوال المشايخ المعارضين للأحمدية في الموضوع نفسه، ثم يقدم أمام العالم مقارنة عادلة بين الفريقين، ويوضح للناس أن إله الأحمديين هو غير إلهنا حسبما ورد في مصادر الفريقين، ليعرف الجميع من يتمسك بالاعتقاد الصحيح عن الله ومن يتشبث بالاعتقاد الخيالي الذي ليست له علاقة بالحقيقة. كذلك من واجب المحقق الورع أيضا أن يقدم كل ما قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عن النبي ، والملائكة، والكتب السماوية، والأنبياء الآخرين، ثم يذكر إزاءه أقوال علمائهم أيضا حول المواضيع نفسها، ثم يوضح بأن هذه 
هي أفكار الأحمدية وتلك هي أفكار علمائنا. وبما أن مؤلفي الكتيب الحكومي لم يفعلوا ذلك، لذا سوف أقدم فيما يلي مقارنة عابرة فقط بين الفريقين لضيق الوقت.



تصور الشيعة عن الله :
أقدم أولاً أفكارهم عن الله تعالى. يذكر الإمام الشيعي محمد باقر مجلسي عقائد فرقة من الشيعة ويقول بالفارسية ما معناه: إن الله تعالى كان قد أرسل جبرئيل إلى علي (ه) ولكنه ذهب إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) خطأ، وأن عليًّا إله.
ثم يذكر عقائد فرقة أخرى منهم ، ويقول إنها أيضا تعتقد بأن عليًّا إله.
تذكرة الأئمة ص ٤٣-٤٤)
كذلك جاء في كتاب لهم بأن عليًّا أفضل من سائر الأنبياء إلا النبي . 
(انظر حق اليقين للإمام محمد باقر مجلسي ص ۲۸ فصل في بيان تفضيل أمير المؤمنين على سائر الأنبياء)



معتقدات وثنية للبريلويين:
أما فيما يتعلق بمعتقدات البريلويين فإنهم لا يوزعون صفات الله وقدراته على عباده الأحياء فقط بل على الأموات أيضا، وكأن قبور هؤلاء الأموات أيضًا تملك قدرات مثل قدرات الله، وأصحابها شركاء الله في تلك القدرات. وبسبب هذه الأفكار تجدون في باكستان مئات الألوف من القبور التي قد علق عليها هؤلاء القوم شارات وأعلاما من أقمشة بالية ذات ألوان مختلفة تبركا وتيمنا كما يزعمون. فلكل قبر من تلك القبور أهميته وشأنه حسب زعمهم منها ما يتوسلون إليه للبرء من الأمراض كالسل أو غيره ومنها ما يتضرعون إليه ليرزقهم أصحابها الأولاد الذكور أو الإناث حسب المقتضى. إن البريلويين لا يتوسلون إلى الأحياء فقط، بل إلى الأموات أيضًا لقضاء كافة الحاجات التي لا يقضيها إلا الله وحده، والتي لا يمكن لعبد أن يتصور سؤالها من غير الله . ثم يقدمون على موقفهم هذا مبررات شرعية حسب زعمهم ، فيقول المولوي أحمد رضا خان البريلوي في كتاب "أحكام الشريعة" ج ۲ ص ١٠٦ مسألة ،٢، مستدلا بقوله : كما يئس الكفار من أصحاب القبور : "إن قيام أولياء الله ببعض الأعمال وهم في قبورهم حق بلا ريب ، أي أنهم يتصرفون من داخل قبورهم، في أمور الدنيا، فيعطون بعضا ويحرمون بعضا، ولا شك في ذلك."
 فقد استنبط من هذه الآية أن الذين يئسوا من الأموات وقدراتهم، كلهم كفار وكأن النص القرآني الصريح يقول حسب رأيهم: إن الأموات شركاء لله بسبب تصرفاتهم هذه، وإن الذين قد يئسوا من هذا الأمر كفار دون شك. ولكن الواقع أن هذه الآية لا تعني بتاتا ما ذهبوا إليه، وإنما المراد منها أن هؤلاء قد يئسوا من الآخرة كما يئس غيرهم من الكفار من بعثة أصحاب القبور. 
كذلك قال حكيم الأمة (كما يسمونه - الناقل) المفتي أحمد يار خان النعيمي، العالم المعروف للطائفة البريلوية: "
يقول الله: ما لا ينفعك ولا يضرك، أي لا تَدْعُ مَن لا يضر ولا ينفع في حد ذاته. فثبت من ذلك أن الأوثان لا تنفع ولا تضر فلا تَدْعُها. وبما أن الأنبياء والأولياء ينفعون ويضرون لذا فَادْعُهُمْ."
 (مواعظ نعيمية ج ۲ ص ٢٩٤ مجموعة خطب الحاج أحمد يار خان، تأليف: الحافظ محمد عارف)
هذا تصورهم عن 
الله.



معتقدات باطلة للديوبنديين:
وهناك تصور آخر تعتنقه طائفة أخرى من علماء الفرقة نفسها مما يجعلهم يتشاجرون فيما بينهم في هذه الأمور. فطائفة تقول باشتراك العباد العاديين حتى الأموات منهم في صفات الله، وفرقة ثانية تدخل الله في عداد العباد المذنبين وتقول: إن الله أيضا يملك القدرة على ارتكاب الذنوب. فجاء في كتاب الطائفة الديوبندية:
"لا نعتقد أن صدور الكذب من الله محال في حد ذاته ، وإلا وجب تفوق قدرة الإنسان على قدرة الله . " يك روزي للمولوي محمد إسماعيل، ص١٤٥)

لقد جرت بين المشايخ مناقشات طويلة حول هذا الموضوع، ولميكتفوا بإمكانية صدور الكذب، بل زادوا وقالوا: "كيف يمكن اعتبار الأفعال القبيحة خارج نطاق قدرة الله القديمة.
وورد أيضا : "الأفعال القبيحة في مقدور الله تعالى."
ثم جاء في مكان آخر:
يعتبر كافة أهل الحق الأفعال القبيحة في مقدور الله تعالى مثل الممكنات الذاتية الأخرى."
(الجهد المقل ج ١ ص ٤١)
ويعجز الإنسان عن بيان تلك الأفعال القبيحة التي أحصوها في هذا الصدد . لا شك أن الكلام كلامهم ومع ذلك يستحي الإنسان من إعادته.
 يقولون ما معناه:
إن معارضتهم لفكرة قدرة الله على السرقة وشرب الخمر والجهل والظلم إنما هي 
ناشئة عن قلة فهمهم... وليس من الضروري أن تفوق قدرة الله على قدرة الإنسان. كذلك ليس ضروريا أن تفوق قدرات الله على قدرات العبد بينما القاعدة الكلية لدى أهل الكلام هي أن كل ما كان بمقدور العبد كان بمقدور الله . 
(انظر: تذكرة الخليل لعاشق إلهي الميرتهي)

فكلتا الطائفتين من المشايخ أفسدت في الحقيقة التصور عن خلال هذا الكلام البذيء الذي هو إهانة كبيرة في حق الله، إحداهما ترفع منزلة العباد حتى توصلهم إلى مراتب إلهية. أما الثانية فتخفض منزلة الله لدرجة تجعله متساويا مع العباد.
أقول : هذا الإله الذي يقدمونه ليس ذلك الإله الذي كان قد تجلّى على سيدنا محمد . وهذا الإله ليس ذلك الإله الذي هو رب الكون، والذي هو نزيه عن كل عيب ونقيصة، والذي يُسبح له ويحمده ليل نهار كل ما في السماوات وما في الأرض. فأين أفكارهم التافهة من هذا التصور الأرفع والأسمى عن الله تعالى؟
إذن فإننا نؤمن برب محمد ، ونعلن على الملأ أنه إذا كان إلهكم هذا الذي وصفتموه بأفكاركم المذكورة أعلاه، فنقول حلفا بالله إن إلهنا غير
إلهكم.
لقد نسجت عن الله تعالى قصص غريبة تقدمه ككائن ضعيف مضطر أمام العباد، وتجعل عباده الضعفاء شركاء لــه في صفاته لدرجة تترك الإنسان في حيرة من أمره. فمن بين تلك القصص هناك قصة طويلة عن معجزات الشيخ عبد القادر الجيلاني تبين أنه كيف أخرج سفينة غارقة منذ ۱۲ عامًا مع ركابها. فجاء في كتاب شهير للبريلويين ما مفاده:
إن عجوزا كانت في موكب زواج ابنها الوحيد، وعندما أرادوا اجتياز النهر في السفينة هاج النهر، فغرقت السفينة في وسطه وبالتالي فقدت العجوز ابنها فظلت جالسة على ضفة النهر إلى ١٢ عاما، إذ كانت تغدو وتروح إلى النهر - لتملأ جرتها في بادئ الرأي – وتنحب ابنها صباح مساء. ففي أحد الأيام حدث أن مرّ الشيخ عبد القادر الجيلاني من هناك، فشاهد حالة العجوز وسألها عما يُقلقها. فقصت قصتها . فقال: لا تقلقي، ثم ركز قليلا فطفحت على السطح السفينة الغارقة منذ ١٢ عاما. فخرج أصحاب الموكب سالمين وضاحكين مسرورين مع العروس والعريس. 
(انظر: كُلدسة كرامت (باقة الكرامة) للمفتي غلام سرور ص٢٣- ٢٦)
 هذا هو تصورهم عن الله !
 لقد لاحظتم كيف جعلوا العبد الله الضعيف شريكا مع الله سبحانه وتعالى حيث استطاع إحياء من أماتهم الله منذ ١٢ عاما !



أفكار مضحكة عن الملائكة:
ثم تصورهم عن الملائكة أيضا فاسد لدرجة يتحير الإنسان ويتساءل أي إسلام يقدمونه أمام الناس؟ يقولون: "لقد اختار الله الملكين العابدين الكبيرين هاروت وماروت، من بين الملائكة العاديين بل اختار الله تعالى الملكين من الملائكة (أقول: ما كانا العابدين الكبيرين اللذين كان الله معجبا بعبادتهما) وخلق فيهما أهواء إنسانية كلها ، وأرسلهما إلى منطقة بابل في أرض كوفة. فشُغفا حُبًّا بامرأة جميلة تسمى زهرة البارسية، وشربا الخمر بتحريض منها (أقول: لاحظوا كيف يعرفون تفاصيل دقيقة لوقوع الملائكة في حب هذه المرأة). وفي حالة السكر صدر منهما الشرك وقتلُ النفس علاوة على الزنا. فعقابًا على هذه الذنوب لن تزال تحل بهما صنوف العذاب إلى يوم القيامة." (أحسن التفاسير للسيد أحمد حسن المحدث الدهلوي ج ۱ ص۱۰۸)

أما أفكار الشيعة الواردة في كتبهم حول هذا الموضوع، فإليكم مقتبسا من كتابهم ما مفاده:
نظراً إلى قلة حيلة الإمام حسين ، ألح الملائكة في حضرة الله على أن يسمح لهم بإغاثته (أقول : وكأن الله تعالى كان قد منعهم من ذلك، لأجل ذلك كان الملائكة يصرون على الاستئذان - وفي نهاية المطاف أذن الله لهم، ولكن - وللأسف الشديد - الناقل) عندما وصل الملائكة إلى الأرض كان حضرة الإمام حسين قد استُشهد . " 
(جلاء العيون (الترجمة الأردية) ج٢ الباب الخامس الفصل ١٤ ص ٤٩٨ ، والفصل ١٧ ص ٥٣٩)
 وكأن الله تعالى أذن الملائكة متأخرا قليلا، لذا لم يتمكن الملائكة إغاثته ! فكم هو مضحك تصورهم عن الله والملائكة، ورغم ذلك يهاجمون سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود، الحكم العدل. لو قرأتم كتبه العلي لعرفتم عظمة الله والملائكة والكتب السماوية والأنبياء الكرام. والأفكار التي يقدمها معارضو الأحمدية لا تبلغ عشر معشار عظمة أفكار سيدنا أحمد التي استمدها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم قدمها أمامنا بكلماته الطاهرة.
وهناك قول آخر للشيعة في هذا الصدد جاء فيه:
وقال مَلَكُ - لسيدنا علي - الناقل): السلام عليك يا وصي رسول وخليفته..... ثم استأذن باللقاء مع الخضر، فأذن له سيدنا عليه بذلك.... فقال سلمان مستغربا يا أمير المؤمنين! لم يستطع هذا الملك الذهاب للقاء الخضر دون إذنك ؟ فقال : والذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ، لا أحد الملائكة كلهم يستطيع أن يترك مكانه للحظة دون إذني، والحال نفسه بالنسبة إلى ابني حسن وحسين وأبنائهما."
 (المجلة "در النجف" الصادرة في مدينة سيالكوت المجلد ٥١ ، العدد ۷-۸ عدد خاص بمناسبة الذكرى الخمسين بعنوان "الحق" مع علي (۱٥) إلى ۲٤ فبراير ١٩٦٠م) ص ٦٠)
 يقول الله في القرآن الكريم عن الملائكة: لا يَعْصُونَ اللَّهُ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:٧)، ولكنهم يقدمون عن الله تعالى والملائكة فكرة مشوهة تماما، وكأنهم لا يستطيعون أن يحركوا ساكنا دون أمر سيدنا علي، ولا شأن لهم أبدا مقابله.



أفكار فاسدة عن القرآن الكريم:
كذلك قيل في الكتيب الحكومي: إن قرآن الأحمديين يختلف عن قرآن بقية المسلمين. وبالمناسبة أود أن أوضح لكم أمرًا عن القرآن الكريم وهو أن ما قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود في حب القرآن الكريم وعشقه نظما ونثراً يبلغ من العظمة مبلغًا لا يوجد لـه نظير. ولو جمعنا كل ما قاله السلف الصالح جميعا في هذا الشأن لما بلغ – كيفا وكما وعلومًا ومعارف - عُشر معشار ما قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود في مدح القرآن العظيم. يمكنكم أن تقرؤوا كلام أي من السلف الصالح في مدح القرآن الكريم لن تجدوا أبدًا في كلامه 
 من العشق والشوق ما يوجد في كلام سيدنا أحمد. ولنعم ما قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود في بيت شعره ما تعريبه: "أتمنى دائما يا ربِّ أن أقبل مصحفك، وأطوف حول القرآن، فهو كعبي. 
" نحن والآريا من قاديان الخزائن الروحانية ج٢٠ ص ٤٥٧) 
هذه الكلمات لا يمكن أن يتفوه بها إلا العاشق الصادق. فالخدمة التي أسداها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود لنشر علوم القرآن الكريم ومعارفه في العالم، وتنزيهه عن تهم مزعومة كانت من نصيبه وحده. ومن هذه التهم التي هذه التهم التي كانت لسوء الحظ تلصق بالقرآن من قبل العلماء المسلمين تهمة وجود النسخ فيه رغم أن القرآن أسمى وأرفع من أي نوع من الشك والريبة والنسخ والاعتقاد بالنسخ في الحقيقة أكبر الهجمات على القرآن الكريم، لأنه لو وجد فيه النسخ، ووجد المشايخ فرصة اعتبار بعض الآيات ناسخة وبعضها الأخرى منسوخةً لما بقي لـه أي اعتبار. إن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود هو أول من قال بوضوح تام بأنه لم ولن تنسخ ولو نقطة واحدة من القرآن الكريم إلى يوم القيامة. وقال إنه لكتاب كامل وسوف يبقى محفوظا مصونا إلى الأبد، ولن يحدث فيه تغيّر أو تبدّل إطلاقا.
أما الأفكار التي قدمها العلماء المعارضون لنا وبعض من السلف الصالح أيضا ، فأقرأ على مسامعكم الآن بعضا منها كغيض من فيض. يُعتبر "تفسير الصافي" كتابا هاما جدا عند الشيعة، فقد جاء فيه أن القرآن الكريم أصابه التحريف والتغيير -
ورد في تفسير الصافي ما نصه:
وفي تفسير العياشي عن أبي جعفر الي قال لو لا أنه زيد في كتاب الله ونُقص ما خفي حقنا على ذي حجي... وفيه عنه أن القرآن قد طرح منه آي كثيرة ولم يزد فيه إلا حروف قد أخطأت به الكتبة وتوهمتها الرجال. وروى الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي طاب ثراه في كتاب الاحتجاج... أن طلحة قال له اللي في جملة مسائله عنه: يا أبا الحسن! شيء أريد أن أسألك عنه، رأيتك خرجت بثوب مختوم فقلت: أيها الناس إني لم أزل مشتغلا برسول الله – صلى الله عليه وآله – بغسله وكفنه ودفنه، ثم اشتغلت بكتاب الله حتى جمعته؛ فهذا كتاب الله عندي مجموعًا لم يسقط عني حرف واحد ولم أر ذلك الذي كتبت وألفت. وقد رأيتُ عمر بعث إليك أن ابعث به إلي فأبيت أن تفعل. فدعا عمر الناس، فإذا شهد رجلان على آية كتبها وإن لم يشهد عليها غير رجل واحد رجاها فلم يكتب. فقال عمر وأنا أسمع: إنه قد قتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرؤون قرآنا لا يقرؤه غيرهم، فقد ذهب وجاءت شاة إلى صحيفة وكتاب يكتبون فأكلتها وذهب ما فيها، والكاتب يومئذ عثمان. وسمعت عمر وأصحابه الذين ألفوا ما كتبوا على عهد عمر وعلى عهد عثمان يقولون: إن "الأحزاب" كانت تعدل سورة البقرة"، وإن "النور" نيف ومئة آية، والحجر" تسعون ومئة آية، فما هذا؟ وما يمنعك - يرحمك الله - أن تخرج كتاب الله إلى الناس؟... فقال له علي: يا طلحة! إن كل آية أنزلها الله على محمد - صلى الله عليه وآله – عندي بإملاء رسول الله  - صلى الله عليه وآله - وخط يدي.... وفي رواية أبي ذر الغفاري أنه لما توفي رسول الله
صلى الله عليه وآلهجمع علي القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله -   فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم. فوثب عمر فقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه. فأخذه علي وانصرف . "
 (تفسير الصافي للفيض الكاشاني، ج ۱ ص ۳۷ - ۳۹ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت، عام ۱۹۷۹م). ملاحظة: للاطلاع على المرجع الأصلي يُرجع إلى الملحق في نهاية الكتاب.
 كذلك ورد في تفسير لوامع النتزيل ما معناه أن القرآن الأصلي مفقود. أما الموجود بين أيدينا فهناك آيات وسور مفقودة منه وهناك تحريف وتغيير في بعض الآيات الأخرى.
 (انظر: تفسير لوامع التنزيل بالفارسية للعلامة علي الحائري، تفسير سورة الحجر ج ١٤ ص ١٥-١٦ و ٢٣)
إن العلامة علي الحائري لا يكتفي بذكر فقدان آيات وسور من القرآن فقط، بل يذكر أسماء سور مفقودة أيضا، منها سورة "النورين" - حسب زعمه - التي تبدأ "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين"، وتنتهي "والحمد لله
من رب العالمين." (المرجع السابق ص ١٥-١٦)
كان هناك أخ في جماعتنا اسمه القاضي محمد يوسف المرحوم يسكن في 
إقليم "سرحد" بباكستان، وكان معجَبًا بجمع كتب الشيعة، وفي مكتبته مجلة "نورتن" -لم نعثر بعد على هذه المجلة ، غير أن هذا المعنى مذكور أيضًا في "تذكرة الأئمة" ص ٤٣. (المترجم)- الناطقة باسم الشيعة، جاء في الصفحة ٣٧ منها: "كان القرآن قد نزل على سيدنا علي " مما يعني أن نزول القرآن على سيدنا محمد المصطفى كان عن طريق الخطأ.

لقد قدمت في كتب الشيعة المختلفة تأويلات متنوعة لاعتقادهم هذا.
فمنهم من يقول إن ملامح علي كانت تشبه ملامح سيدنا رسول لذا وقع جبريل في الخطأ. ويقولون أيضا: إن سيدنا رسول الله كان جالسا فجاء جبريل وحسبه عليا وأنزل عليه القرآن، ثم اضطر لإنزال القرآن كله على سيدنا محمد بسبب وقوعه في المرة الأولى. فالأباطيل التي نسبوها إلى القرآن الكريم من خلال تفاسيرهم المزعومة تفوق الحصر والعد. فلو لم يُبعث سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود لقضى هؤلاء الناس على تصور ذلك القرآن الذي نزل على محمد المصطفى ، والذي هو نورٌ على نور. إن القدرة التي يمتلكها المشايخ للإخراج من النور إلى الظلمات لهي غريبة للغاية. إن القرآن الكريم يبلغ من الكمال والشمولية بحيث يقول الله : لا ريب فيه. ولكنهم ألقوا عليه حجب الظنون ،والريبة ،وجاءوا، بعد بذل جهد كبير، بأمور تؤدي إلى الظلام والظلمات لدرجة تحير العقول.



رأيهم عن تعاليم القرآن:
الفكرة عن الكون التي يقدمها هؤلاء المشايخ من منظور القرآن، حسب زعمهم  لو قُدِّمت أمام الناس لكفاهم عذرا لرفضهم إله الإسلام. هناك "عالم" يدّعي كونه محققا كبيرا، يستدل على عدم دوران الأرض بالآيات التالية: 
وكل في فلك يسبحون (يس: ٤١)
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها  (الرعد:۳) 
إن الله يُمسك السماوات والأرض أن تزولا (فاطر: ٤٢) 
وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم (الأنبياء: ٣٢)

ثم يقول: "ودوران الأرض أيضا مستحيل، وإلا لوجب أن تتغير اتجاهات مساكن الناس دائما. فمثلا لو كان مسكني متجها إلى المغرب صباحًا لاتجه إلى المشرق مساء، وإلى اتجاه آخر ظهرا، ولكن هذا لا يحدث.... فهذا يعني أنه لا تتحرك السماء ولا الأرض، بل كلتاهما ساكنة جامدة. فالله قد فنّد رأي العلماء المعاصرين برفضه فكرة دوران الأرض والسماء في عدة مواضع. والبراهين العقلية الدالة على سكون الأرض والسماء كثيرة أيضا، غير أنه لا أهمية لها في حالة وجود قول الله تعالى . " 
(العطايا الأحمدية في الفتاوى النعيمية ص١٨٦-١٨٨)
وهكذا ينسب هذا الشيخ حمقه وغباوته كلها إلى الله تعالى. ثم يضيف: "إن دراستي أيضا تؤكد على أنه لا توجد قوة الجاذبية في شيء إلا المغناطيس " أقول : لقد شهدت الدنيا عصر نيوتن، ومرت بعصر أينشتاين أيضا، والآن تمر بعصر صاحب الفتاوى النعيمية الذي يقول: "إن دراستي تؤكد على أنه لا توجد قوة الجاذبية في شيء إلا المغناطيس. والقرآن يرفض وجود قوة الجاذبية في الأرض."
ثم يستنبط من الآية الكريمة: وإن منها لما يهبط من خشية الله ، حسب زعمه ويقول: تهبط الأحجار من خشية الله. فاتضح أن كل شيء بما فيه الأحجار يهبط بنفسها وليس بسبب جاذبية الأرض، لأن دلالة النص لفعل "يهبط" في الآية المذكورة هي أن خالق الكون ذكر الأحجار في صيغة الفاعل في "يهبط"، في حين يعتبر العلماء أن الفاعل هو قوة الجاذبية. وهناك آيات وأحاديث أخرى كثيرة ترفض قوة الجاذبية. وسبب هبوط الأحجار في الآية الكريمة هو خشية الله لا قوة الجاذبية."
 (المرجع السابق ص١٩٤)

لا نملك إلا أن نحوقل على هذا العقل والعلم. أهذه اعتقاداتكم بالله والقرآن أيها المعارضون؟ وهل تقدمون القرآن كهذا للناس ثم تطلبون منهم الإيمان به؟ كم هي عظيمة منة سيدنا أحمد علينا ، إذ أَخْرَجَنا الظلمات المنتشرة في كل حدب وصوب وأعادنا إلى النور الذي كان قد نزل على قلب طاهر لمحمد .

وهذه ليست حالة العلماء المعاصرين فقط، بل هناك ظلمات خلقها الناس في أزمنة مختلفة وألقوا الحجب إن صح التعبير، على مفاهيم القرآن الكريم المليء بالحكم والمعارف وسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود قد مزق تلك الحجب كلها، وقدم القرآن الكريم وأنواره بصورتها الأصلية القادرة على التغلب على العالم. أما هؤلاء الناس فقد ارتكبوا ظلما عظيمًا بإلقائهم الحجب على تعليم القرآن الحكيم. حتى إن العلامة ابن جرير الذي كان من الصلحاء العظام في عصره، ومن الكتاب المعرفين، لم يكن استثناء من الذين تأثروا بظلمات عصرهم. لقد أورد العلامة الآلوسي في تفسير الآية: ق والقرآن المجيد، رواية للعلامة ابن جرير تقول:
"خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحرا محيطا بها، ومن وراء ذلك جبلا يقال له قاف السماء الدنيا مترفرفة عليه. ثم خلق من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيطا بها. ثم خلق وراء ذلك جبلا يقال له قاف السماء الثانية مترفرفة عليه، 
 حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل. ثم قال: وذلك قوله تعالى: والبحر يَمُدُّه من بعده سبعة أبحر ." (روح المعاني ج٢٦ ص ١٧١)





نموذج من تفسير المودودي:
أما فيما يتعلق بالشيخ المودودي فتفاسيره أيضا طريفة جدا إن صح التعبير. سوف أقتطف لكم نموذجا واحدا من تفسيره حيث يقول: "لقد وردت في كل سورة من القرآن الكريم مضامين شاملة وواسعة بحيث يستحيل انتقاء عناوينها الجامعة والشاملة حسب مضامينها."
 (تفهيم القرآن للشيخ المودودي ج ١ ص ٤٦)
 جملته البسيطة ظاهريا هذه تضعنا أمام وقفة تأملية محرجة، لأنه إذا كان الأمر كما يزعم هو، فماذا عن تلك العناوين التي وضعها تعالى لهذه السور، مثل "البقرة" و"يوسف"، و"محمد" ، و"المدثر". فهناك أسماء كثيرة لسور القرآن الكريم، ولكن لا أهمية لها إطلاقا في رأي المودودي لأنه إذا استحال انتقاء العناوين المناسبة للسور حسب مضامينها الشاملة الواسعة فالعناوين التي وضعها الله للسور تصبح غير جامعة وغير شاملة، وغير فصيحة أيضًا في الوقت نفسه.
هذا القول قمة في الجهل والغباوة، ويمثل هجوما غاشما على فصاحة القرآن وبلاغته لدرجة يترك الإنسان في حيرة من أمره فيتساءل : كيف يأتي بهذا التفسير شخص يدعى بكونه عالما.
الحقيقة أن المودودي لا يقدر على فهم مضامين السور ولا يستوعب صلة عناوينها بمضامينها ثم ينسب قصور رؤيته إلى الله. 
هذا هو تفسيره، ومع ذلك يبالغ أتباعه في مدحه ويتشدقون في العالم كله أنه فسر القرآن تفسيرا غاية في الروعة.
هناك عبارات طويلة للشيخ المودودي في تفسير سورة الصافات، والدخان، والرحمن يشرع فيها موضوع "الحور"، ولكنني سألخصها لضيق
المجال، يقول ما مفاده:
ربما المراد من الخيام في: حور مقصورات في الخيام ، هي الخيام التي تنصب للأمراء والرؤساء في المتنزهات حيث تكون الحور محبوسات في
الخيام.
ثم يقول: إن الحور المشار إليهن في الحقيقة بنات قاصرات لغير المسلمين. وبما أنهن لا يقدرن على دخول الجنة، لذا سوف تنصب لهن الخيام في الحدائق خارج الجنة . والأبرار الذين يقيمون مع النساء الصالحات سيودُّون أن يبقوا على لقاءات معهن أيضا، وأن يبيتوا الليالي معهن. فيسمح الله تعالى لهم أن يعودوا إلى زوجاتهم بعد قضاء الليالي مع بنات غير المسلمين الجميلات المذكورات اللواتي يكُنَّ عندها قد بلغن سن الشباب.
ثم يقول في تفسيره ما تعريبه:
"إن الله سيهب لأهل الجنة إياهن كنعمة منه بصورة نساء جميلات ليتمتعوا بصحبتهن. لكنهن لَسْنَ من قبيل الجنيات والأرواح لأن الإنسان لا يأنس إلى صحبة جنس غير جنسه . " 
(تفهيم القرآن ج ۵ ص ٢٧٢)
 وكأنه يقول بأنه من الخطأ القول عن الحور إنهن كيان روحي. وبما أنه يعتقد بكون الجنة مادية، لذا اختلق القصة كلها ، يقول: بأننا نكون هناك بأجسام مادية متكونة من اللحم والدم كأجسامنا في هذه الدنيا، وبما أن الإنسان لا يستطيع أن يقضي حاجاته بصحبة الجنّات وما شابهها، لذا لا بد أن تكون هناك الحور بأجسام مادية متكونة من اللحم والدم. ومن أين سيؤتى بهن؟ بما أن النساء المسلمات يكُنَّ في الجنة كزوجات أو بصورة الأقارب لأهل الجنة ، لذا فقد أبعد الشيخ المودودي النجعة إذ أوجد سبيلا غريبا. فقال: إن بنات غير المسلمين اللواتي متن وهن قاصرات سوف يؤتى بهن بصورة الحور، لاحظوا مدى تقديره واحترامه للقرآن الكريم. لقد تجاوز حدود الأدب كلها بتفوهه بهذه الكلمات ثم نسبها إلى القرآن الكريم كمعارف قرآنية ، والعياذ بالله. يحتار الإنسان من أمره نظرا إلى مكانة القرآن الكريم عنده. وهناك بحث آخر قد أثير في كتاب رد المحتار على الدر المختار" وهو كتاب الفقه للأحناف والمعترف به لدى الطائفة الديوبندية والبريلوية كلتيهما، جاء فيه:
لو رعف، فكتب الفاتحة بالدم على جبهته وأنفه جاز للاستشفاء ، وبالبول أيضا." (ج ١ ص ١٥٤)




الأحمدية وعصمة الأنبياء:
سوف أقرأ عليكم بعد قليل قصصًا نسجوها عن النبي وغيره من الأنبياء، وسوف تستغربون لقوة اختلاقهم وتزويرهم. ومن ناحية ثانية يجب أن تشكروا الله ما استطعتم ،لأن الله قد مَنَّ عليكم إذ بعث سيدنا الإمام المهدي وأخرجكم من الظلمات المتراكمة إلى النور الباهر. هناك أقوال كثيرة في هذا الصدد ولا يمكن بيانها في خطبة واحدة كما يجب، بل سيستغرق الأمر شهوراً عدة. أما موقف الأحمدية من هذا الموضوع فهو واضح تماما. فقد شرح سيدنا الإمام المهدي هذا الموضوع شرحا وافيا في مواضع عديدة في كتبه. غير أنني سأقرأ على مسامعكم ملخصه بكلمات سيدنا المصلح الموعود الخليفة الثاني للإمام المهدي العلم، يقول حضرته:
"إن أنبياء الله كلهم معصومون عن الخطأ، إنهم نموذج حي وصورة متجسدة للصدق والوفاء. إنهم يعكسون صفات الله ، ويرمزون بكل صفاء وجلاء إلى كونه لا سُوحًا وقدوسًا ونزيها عن أي عيب أو نقيصة. إن الله الأنبياء في الحقيقة يكونون بمثابة مرآة يرى فيها الأشرار أحيانًا وجوههم فينسبون قبحهم إلى الأنبياء. لم يخالف سيدنا آدم الشريعة كما لم يكن نوح المذنبًا. لم يكذب إبراهيم القط، ولم يخدع يعقوب أحدا إطلاقا. لم يعزم سيدنا يوسف على اقتراف السيئة ولا من السرقة ولا الخداع، و لم يقتل موسى ال نفسا بغير حق. لم يغتصب سيدنا داود أحد امرأته، ولم ينس سليمان واجباته من جراء حب امرأة مشركة ولم يُهمل الصلاة من أجل حب الخيل. ولم يرتكب رسول الله ذنبا قط ، كبيرًا أو صغيرًا. كان نزيها عن جميع العيوب، وكان مصونا ومحفوظا من كآفة الذنوب ، والذي يحاول إحصاء عيوبه إنما يُظهر خبث باطنه هو."
 (الدعوة إلى الحق ص١٤٩)



اتهامهم آدم :
هذا هو تصور الأحمدية عن الأنبياء. فكيف يمكننا القول – بعد تمسكنا
بهذه الأفكار السامية إن أفكارنا عن الأنبياء تشبه أفكاركم أيها المعارضون؟ فكيف لا نقول إذن بأن رسولنا غير رسولكم، وأنبياءنا الآخرين أيضا غير أنبيائكم؟
يقول معارضونا عن الأنبياء ما مفاده:
كان الشيطان يسمى "حارث" في أوساط الملائكة. فقال الشيطان لآدم: لو سميت ابنك "عبد الحارث" لسهلت ولادته. فسماه "عبد الحارث" بدلا من عبد الله.
(تفسير حسيني لكمال الدين حسين، سورة الأعراف الآية: لئن أتيتنا صالحا.....)

وورد في تفسير الجلالين ومعالم التنزيل ما معناه: إن آدم أشرك بالله. 
(انظر: الجلالين مع كمالين ومعالم التنزيل للبغوي تحت الآية المذكورة). أي أن آدم أول من قام بالشرك في الدنيا، والعياذ بالله.



اتهامهم إدريس:
لقد جاء في تفسير معالم التنزيل عن سيدنا إدريس تحت آية : ورفعناه مكانا عليا، ما مفاده أن إدريس دخل  دخل الجنة عن طريق الخديعة والكذب ثم رفض الخروج منها . 
(انظر: تفسير معالم التنزيل للبغوي، تحت الآية المذكورة)
 يقول القرآن الكريم، مَن سَرَّه دخول الجنة فليأتها من بوابة الصدق والحق. أما هذا المفسر فقد اطلع على طريق آخر أيضا لدخول الجنة أوجده -  حسب ظنه -  نبي من أنبياء الله، وهو طريق الكذب، والعياذ بالله.




تصورهم عن لوط :
وإليكم الآن ما يقوله المفسرون عن طهارة سيدنا لوط وغيرته على بناته. فقد جاء في الكشاف والجلالين في تفسير الآية: هؤلاء بناتي "أراد أن يقي أضيافه ببناته، وذلك غاية الكرم، وأراد، هؤلاء بناتي فَتَزوجُوهن."
ولكن السؤال هو : إذا كان له بنتان أو ثلاث، فكان من الممكن أن يتزوج منهن رجلان أو ثلاثة، ولكن كيف أقنع هذا الجواب القوم كلهم؟ في حين يقول القرآن الكريم بأنهم كانوا يملكون عقلية فاسدة، وقلوبًا فاسدة لدرجة كبيرة، وكانوا قد تعودوا على ارتكاب أفعال شنيعة (أي الشذوذ الجنسي، إذ كانوا يشبعون شهوتهم من أبناء جنسهم، لذا جاءوا إلى لوط يلومونه لأنه كان يمنعهم من ذلك ويدعوهم إلى الطهارة والعفاف وترك المنكرات من الأفعال وكأن الحل الذي أوجده سيدنا لوط لهذه المسألة - كما يقولون - أنه قدم لهم بناته دون بنات القوم كلهم،والعياذ بالله ، لكي يرتدعوا عن الشذوذ الجنسي. 
يتساءل المرء مستغربًا: أليس للجهل حدود؟ إذ يتهمون نبي الله بمثل هذه التهم القذرة ولا يستحيون؟



تهمة مضحكة بداود :
لا شك أن سيدنا داود الله أيضا نبي من أنبياء الله الأطهار العظام.
اقرؤوا سفره "الزبور، سوف تعرفون كم كان نشوانًا في حب الله تعالى وكم كان يُسبِّحه ويُقدسه! ولقد ذكر الله تعالى الزبور في القرآن الكريم بكلمات التقدير والحب العظيمين. أما كتب التفاسير فقد أوردت قصصاً غريبة عن داود تحت تفسير الآيات وهل آتاك نبأ الخصم إذ تَسَوَّرُوا المحراب..... وخرَّ راكعا وأناب) (سورة ص:٢٢-٢٥). فجاء في القصة :
"دخل داود محرابه وأغلق بابه وجعل يصلي ويقرأ الزبور، فبينما هو كذلك إذ جاءه الشيطان وقد تمثل له في صورة حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن ، وجناحاها من الدر والزبرجد، فوقعت بين رجليه فأعجبه حسنها ، فمد يده ليأخذها ."
هذا يعني أنه عندما رأى الحمامة نسي ما كان يقرأ من الزبور، وسعى وراء الذهب المزعوم. الواقع أن الله كان قد أعطاه من الثروة والشوكة ما لم يُؤْتَ نبي آخر إطلاقا. غير أن المفسرين يرونه حريصا على جمع الذهب لدرجة سعى فيها وراء الحمامة، تقول القصة:

.... فلما قصدَ أخْذَها، طارت غير بعيد من غير أن تؤيسه من نفسها.
فامتد إليها ليأخذها ،فتنحت ،فتبعها ،فطارت حتى وقعت في كوة، فذهب ليأخذها فطارت من الكوة، فنظر داود أين تقع فيبعث من يصيدها له. فأبصر امرأةً في بستان على شاطئ بركة تغتسل، وقيل: رآها تغتسل على سطح لها. فرآها من أجمل النساء خلقا، فعجب داود من حسنها. وحانت منها التفاتة فأبصرت ظلَّه، فنقضت شعرها فغطى بدنها، فزاده ذلك إعجابا بها. فسأل عنها فقيل: هي تشايع بنت شايع امرأة أوريا بن حنانا، وزوجها في غزاة بالبلقاء أيوب بن صوريا ابن أخت داود. فكتب مع داود إلى ابن أخته أن ابْعَثْ أوريا إلى موضع كذا، وقدمه قبل التابوت، وكان من قُدَّمَ على التابوت لا يحل لـه أن يرجع وراءه حتى يفتح على يديه أو يُستشهد. فبعثه ففتح له، فكتب إلى داود بذلك. فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا أشد منه منه بأسا، فبعثه ففتح له. فكتب إلى داود بذلك، فكتب إليه أن ابْعَثه إلى عدو كذا وكذا أشدَّ منه بأسًا. فبعثه فقُتل في المرة الثالثة. فلما انقضت عدَّةُ المرأة تزَوَّجَها داود، فهي 
أُمُّ سليمان عليه الصلاة والسلام. وقيل: إن داود أحب أن يُقتل أوريا ،فيتزوج امرأته، فهكذا كان ذنبه"
 (تفسير البغوي، المعروف بمعالم التنزيل بهامش تفسير الخازن، تفسير سورة ص الآيات: ٢٢ - ٢٥)
ثم جاء في تفسير الآيات المذكورة:
"هذا كله تمثيل لأمر داود مع أوريا زوج المرأة التي تزوجها داود حيث
كان لداود تسع وتسعون امرأة ولأوريا امرأة واحدة." (المرجع السابق) 
هذا هو تفسيرهم ، وهذه هي أفكارهم عن الأنبياء! ولا نملك إلا أن نحوقل على هذا العلم والمعرفة. والمعلوم أنه لو قيل مثل هذا الكلام عن حاكم عادي من حكام الدنيا اليوم لهب للقتال وإراقة الدماء، ولحدثت ضجة في العالم. ولو كانت هذه التهم صحيحة لحدثت ثورات كبيرة. فمثلا لو ثبت أن حاكمًا أمر بقتل ضابط من ضباط الجيش ظلما واستبدادا بغية الاستيلاء على زوجته لما تُرك أمره على عواهنه بل اعتبر ذلك جريمة كبيرة جدا حتى لدى الملحدين من الدرجة السفلى. ولكن المفسرين يقولون عن نبي عظيم من أنبياء الله – الذي ورد ذكره بالحب والتقدير البالغين في القرآن الكريم - بأنه أُولع بامرأة وشغف بها حبًّا، والعياذ بالله.

الواقع أن الصفة المميزة التي كانت مدعاة لمدح سيدنا داود، قد حاول المفسرون تحويلها إلى منقصة وعيب، وما خافوا في ذلك أبدا. من الممكن أن يكونوا قد قالوا ما قالوا بسبب جهلهم ولكنهم تجاوزوا حدود الجهل كلها. والأغرب أنه حيثما يؤكد الله على طهارة نبي من أنبيائه الكرام، يسعى هؤلاء العلماء الجهالُ أن يحولوها إلى جرائم أولئك الأطهار. الحق أن كل الآيات التي حاول المفسرون من خلالها عزو الجرائم إلى الأنبياء ظلما وزورا تتحقق من الآيات نفسها براءتهم ونزاهتهم من تلك الجرائم. وكلما قدَّم الله تعالى نبيا وذكر ميزته المعينة بصورة بارزة أنكر المفسرون تلك الميزة بالذات ووجهوا إليه التهم ووصموهم بالعار بدلا من المدح والثناء.



تهمة بشعة بيوسف :
وهاكم الآن قصة سيدنا يوسف كما نسجوها. لا شك في أنه 
كان نبيا في قمة  الطهارة والعفة.  لقد سرد الله لإثبات عفته وطهارته قصة حولها الناس إلى قصة "يوسف وزليخا" . لقد قدّم المفسرون سيدنا يوسف كشخص شهواني. أما زليخا فقد سموها باسم "السيدة زليخا"، ثم قدموها كسيدة العفيفات. وهكذا قلبوا المعايير رأسا على عقب، وسموا العقل جنونًا والجنون عقلا، كما قال الشاعر ، وهذا التعبير ينطبق على الوضع المذكور أكثر من غيره.
وجديرٌ بالانتباه أن الشخص الذي يؤكد الله تعالى طهارته وعفته بنفسه، يحاول هؤلاء أن يصموه بالعار والمرأة التي يقول الله تعالى عنها
بأنها امرأة سيئة لا يمل المفسرون من كيل المدح لها والثناء عليها. أقول لمعارضينا : هذا هو قرآنكم ، وهذه هي أفكاركم عن الأنبياء. لا شك أنكم لو كنتم تتمسكون بهذه الأفكار، فوالله ثم والله ما ارتكبنا جريمة إذا قلنا إن قرآننا غير قرآنكم وأنبياءنا غير أنبيائكم، ولا علاقة لأفكاركم بالأفكار الطاهرة التي زَوَّدَنا بها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود.
لقد أورد صاحب روح المعاني في تفسيره كثيرا من مثل هذه الروايات ثم رفضها وردَّ عليها جميعا. تتلخص هذه الروايات في أن يوسف عقد عزما صميما على ارتكاب الزنا مع هذه المرأة، حتى مثل لـه يعقوب عاضًا على إصبعه وهو يقول: يا يوسف أتهم بعمل السفهاء وأنت 
مكتوب من الأنبياء. أي أن الله تعالى أرسل أباه فقام في وجهه لعله يستحيي منه ويرتدع عن عزمه، والعياذ بالله.
 هذه أفكار معارضينا وليست أفكارنا نحن ، إنهم يصورون المشهد وكأن
الله تعالى قد اضطر لإرسال يعقوب ليقوم في وجه يوسف حتى يخجل منه على الأقل.

والأسوأ من 
ذلك أنهم يقولون هذا عن نبي يقدمه الله كسيد المعصومين. أقول: إذا كان هذا رأيهم عن الأنبياء الأطهار، فماذا عسى أن تكون آراؤهم عن الذين يلونهم من الأولياء والأقطاب والصلحاء، ناهيك عن الذين هم دون هؤلاء الصلحاء شأنا؟
 لقد لاحظتم جرأتهم للهجوم الغاشم على الأطهار والمقدسين، وحين بعث الله حَكَما عَدلا، وكشف أنوار القرآن بصورة نقية ومطهرة طفقوا يهاجمونه وأتباعه قائلين: إن قرآنكم غير قرآننا! أقول: نعم، إن قرآننا هو ذلك القرآن الذي يشهد بعصمة الأنبياء وليس بالذي يرميهم بالتهم.
نعود مرة أخرى إلى قصة عفاف "زليخا". لقد ذكروا بهذا الشأن قصة في منتهى الغرابة. وبما أنها طويلة جدا لذا سوف أقتبس منها مقتبسا وجيزا فقط حيث يقولون:
"لو استعرضنا الموضوع بعين الإنصاف والأمانة ، لاضطررنا إلى القول بأن عفة السيدة زليخا مفقودة في مجتمعنا اليوم.
 لا نملك هنا إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! ماذا عسى أن تكون حالة ذلك المجتمع الذي لا يوجد فيه نظير لتلك العفة المزعومة؟
 ثم يقولون: "... إن أمة الله هذه قضت الحياة كلها بالصبر ولم تُدنّس رداء عصمتها. ورغم كونها ثرية وجميلة، ورغم كون دواعي التحرر والسفور كلها متاحة لها بسبب الجهالة السائدة قضت فترة شبابها كلها مع شخص عنّين وحافظت على ثروة بكارتها."
 انظروا كيف اختلقوا قصة أخرى أن عزيز مصر كان عنينا !!
 ثم لاحظوا سعة جولان أذهانهم وسعة علمهم! حيث يقولون:
 "... من المعلوم أن فُرص إشباع الشهوات والشذوذ الجنسي (كما يقولون - الناقل - التي تسنح لامرأة منكوحة لا تسنح لفتاة غير منكوحة و مقصورة على البيت وتكون المرأة الجالسة في البيت وغير المنكوحة معرضة لتشويه السمعة أكثر من المرأة المتزوجة. فحماية مثل هذه المرأة المتربية في الجو المتحرّر لعصمتها وعفتها ليست إلا الولاية الكاملة والفضل من الله ."

أقول : لو قرأنا ذكر زليخا - كما ورد في القرآن الكريم - وقارناه مع قولهم المذكور، لاستغربنا وتحيرنا حيرة لا مزيد عليها لإيجادهم مبررات في منتهى الغرابة. من المفروض أن تُجرى لهم تحليلات مطولة حتى يستطيع الأطباء معرفة تركيبة أدمغة هؤلاء الذين اختلقوا مثل هذه القصص الخيالية!! ولا ينتهي الأمر هنا ، بل يضيفون ما هو أدهى من ذلك متجاوزين الحدود كلها ، إذ يزوجونها أيضا من سيدنا يوسف !! يقولون : "... واها لك يا زليخا، الزوجة الطاهرة لنبي.....
ويقولون : "...واها لعظمتك وهمتك، إذ كنت متحلية بحلية العصمة إلى جانب ثروة البكارة والعذارة حين لقائك بيوسف في حَجَلة الزفاف .... لقد ثبتت عفة زليخا. لو عصب أحد عينيه بثوب الوقاحة والعصبية وأعرض عن هذه الحقائق فليفعل كما يحلو له، وإلا فإن نظرة العدل لا تسمح بإنكار هذه الحقائق."
 (العطايا الأحمدية في الفتاوى النعيمية ص ٣٥٨-٣٦١)
هل نملك هنا إلا أن نقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم؟!
 إذن كيف يمكننا القول والحالة هذه بأن قرآننا هو قرآنكم نفسه، وأنبياءنا هم أنبياؤكم أنفسهم؟ لا ! والله لا !! إننا نؤمن بالقرآن الذي نزل على القلب الطاهر لسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، ونؤمن بالأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم مرارًا بالحب والتقدير المتزايدين، وشهد بعفتهم وطهارتهم. فإلى أي نوع من الأنبياء تجروننا؟ ليس هناك نبي ورد ذكره في
القرآن الكريم و لم تطيلوا عليه لسان الطعن ولم تصموه بالعار والشنار!

خرافاتهم عن سليمان:
لقد أورد الإمام النسفي في تفسيره تحت آية: وكَشَفَتْ عن ساقيها ، بعض الروايات السخيفة ثم أبطلها، منها.
روي أن سليمان أمر قبل قدومها ، أي قبل قدوم ملكة بلقيس، الناقل) ، فبني له على طريقها قصر من زجاج أبيض، وأُجري من تحته الماء وأُلقي فيه السمك وغيره، ووضع سريره في صدره، فجلس عليه.... وقيل: إن الجنَّ كرهوا أن يتزوجها فتفضي إليه بأسرارهم لأنها كانت بنت جنية. وقيل: خافوا أن يولد له منها ولد يجتمع لـه فطنة الجن والإنس.... فقالوا له: إن في عقلها شيئًا، وهي شعراء الساقين، ورجلها كحافر الحمار. فاختبر عقلها بتنكير العرش، واتخذ الصرح ليعرف ساقها ورجلها، فكشفت عنهما، فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدماً إلا أنها شعراء فصرف بصره..... وأراد سليمان تزوجها فكَرِهَ شعرها، فعملت لها الشياطين النورة ، فأزالته، فنكحها سليمان." 
أما سيدنا الإمام المهدي فقال في تفسير هذه الآية ما تعريبه: ورد في القرآن الكريم : قال إنه صرح ممرد من قوارير. أي قال لها النبي يا بلقيس لماذا تنخدعين؟ إنه قصر زجاجي رصفت ألواح الزجاج على السطح العلوي لأرضيته، والماء الذي يجري بقوة هو تحت هذه الألواح الزجاجية، وليست الزجاجات ماء بحد ذاتها. عندها علمت أنه قد تم تنبيهها بهذا الطريق على خطئها الديني وأنها كانت مخطئة حين سلكت مسلك الضلال بعبادتها الشمس"
 (نسيم الدعوة ، الخزائن الروحانية ج١٩ ص ٤١١) 
نعم! إننا نؤمن بالأنبياء المذكورين في القرآن الكريم الذي نزل على سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي خاض في أغواره في هذا العصر سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود، وأخرج لنا لآلي الحكمة والمعرفة القيمة. فأنّى لنا أن نُعرض عن هذا القرآن ونتبع قرآنا غيره؟
 وقد أورد الإمام الآلوسي في تفسيره روح المعاني تحت الآية: ولقد فتَنَّا سليمان وألقينا على كرسيه .. بعض القصص الواهية الواردة في كتب مختلفة ثم رفضها وردّ عليها. فقد جاء في مثل هذه القصص أن ملك سليمان كان في خاتمه، وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه، فجاء الشيطان الذي كان اسمه ،آصف فأخذ الخاتم، واستولى على عرش سليمان، وهكذا زال ملكه .
أقول: لا توجد في القرآن الكريم أدنى إشارة إلى زوال حكومة سيدنا سليمان الل، وإنما يقول القرآن الكريم إنه دعا قائلا: اغفر لي وهب لي مُلكًا لا ينبغي لأحد من بعدي. بعد ذلك لا يستطيع الإنسان أن يسمع القصة الخرافية إلا بصعوبة بالغة، لأن التهم القذرة التي وجهت إلى سليمان بعد ذلك هي أكثر قذارة من سابقتها أيضا، حيث يقولون ما معناه: ثم مازال ذلك الشيطان يأتي نساء سليمان متنكرا وهن حُيَّضَ!!




هجماتهم على سيد الأطهار:
إلى هنا قرأنا التهم الغاشمة التي وجهها البعض إلى الأنبياء الأطهار، إما جهلا منهم أو انخداعًا بأقوال الأعداء المعسولة. لا شك أن الله تعالى هو أعلم بذوات القلوب، ولكن بقدر ما نستطيع الإمعان في الموضوع نجد بين رواة هذه القصص كثيرًا من الأتقياء والعلماء الكبار أيضا الذين بذلوا حياتهم في خدمة الدين، ولكنهم مع ذلك لم يتمكنوا من تحاشي تأثير زمنهم، وبالتالي وجدت روايات اليهود والنصارى طريقها إلى الكتب الإسلامية. وبما أن هؤلاء الرواة ما كانوا معصومين من الأخطاء مثل أنبياء الله، أي لم يجعلهم الله مهديين كما يجعل أنبياءه، لذا فقد أوردوا في كتبهم بعض الآراء والروايات الخاطئة إلى جانب الآراء والروايات الصحيحة الكثيرة، فبعث الله الا الله الإمام المهدي لإصلاح مثل هذه الأخطاء. فكان إصلاح العقائد الفاسدة من أعظم وأسمى أهداف بعثة الإمام المهدي،وعندما بعث الله تعالى الإمام المهدي بدأ القوم يطعنون فيه ويستهزئون منه ويشوهون سمعته ويتهمونه كذبا وزورا. فإذا كان هؤلاء الناس لا يرتدعون عن إلصاق التهم بالذين يعتبرونهم أنبياء الله.
فماذا عسى أن يكون قولهم عن الذي يزعمونه كاذبا؟ إذن فلا اعتبار لكلامهم أبدًا.

ولكن أدهى وأمر من ذلك كله أن أكثر التهم كذبا وزورا وأشدَّ الهجمات ظلما واستبدادًا هي تلك التي وجهوها إلى شخص سيدنا ومولانا محمد . قد يكون ذلك خطأ منهم أو جهلا. سَمُّوا تصرفاتهم هذه ما شئتم. قولوا إن أردتم إنهم كانوا صالحين وورعين ولكنهم وقعوا في الخطأ، ولكنه لخطأ تغلي بسماعه الدماء وتدمى لهوله القلوب. لقد ورد في "الجلالين" و"أسباب النزول" للسيوطي في تفسير قوله تعالى: وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطانُ في أُمنيته .. : 
 وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم بمجلس من قريش بعد: أفرأيتم اللات والعزى، ومناةَ الثالثة الأخرى بإلقاء الشيطان على لسانه من غير علمه به : تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، ففرحوا بذلك." وأضاف السيوطي: "فقال المشركون ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا. "


لاحظوا خطورة قولهم، يقولون إن الشيطان ألقى على لسانه !! والعياذ بالله. يغرق الإنسان في بحر من الحيرة والاستغراب بمحض التصور أنه كيف وجدت هذه الأفكار طريقها إلى أذهانهم ثم إلى أقلامهم؟ يمكنني أن أعتبر تفسيرهم هذا وحيًا شيطانيا، ولكن لا يمكن لي ولا لأي مسلم أحمدي أن يتصور بحال من الأحوال أن الشيطان قد اقترب من رسول الله . لقد وجه أعداء الإسلام هجمات بغيضة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بناء على هذه الروايات، ولكن المؤسف في الأمر أنه عندما نبحث أكثر في الموضوع نجد كل مرة عالما علماء المسلمين السذج أو قليلي العلم مسئولا عن هذا التقصير الخطير. للسذاجة أيضا حدود ، لذا يجب أن يفكر الإنسان جيدًا فيما ينوي قوله قبل التفوه به ، وليأخذ حذره فيما يقول وعمن يقول. ولكنهم وجهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم - كما أسلفت هجمات بذيئة لدرجة تترك الإنسان حيران مشدوها.


إليكم الآن ما ورد في تفسير الجلالين عن السيدة زينب رضي الله عنها، والهجوم البغيض الذي وُجِّه بشأنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، لزيد ، ثم وقع بصره عليها بعد حين، فوقع في نفســه حبها. (تفسير سورة الأحزاب، الآية : ومن يعص الله ورسوله ..... وإذ تقول للذي....) 
ثم يوردون قصة طلاقها التي تقشعر لكذبها الجلود. الحقيقة أن الإنسان تضيق نفسه عند سماع هذه الخرافات ويتساءل مستغربا مندهشــا: ألا تنخلع قلوبهم ولا تضيق نفوسهم حين يتفوهون بمثل هذه الأقوال البذيئة عن سيد المعصومين والأطهار والمزكى والمطهر الذي لم يحظ أي نبي بالعصمة والعفة مثله؟ من المؤسف حقا أنهم يسردون هذه القصص الواهية السخيفة في تفاسيرهم متلذذين بها ناهيك عن أن تنخلع قلوبهم وترتعـــد فرائصهم. هناك كثير من الأقوال من هذا القبيل ولكن لا أقدر علـــى قراءتها فأتركها جانبا.
ولهم عبارات ومناقشات كثيرة أخرى أيضا تثير الدهشة وتترك الإنسان في حيرة من أمره. لقد استخدم العلماء - من أهل الشيعة وأهل السنة على سواء - في هذه المناقشات كلمات لو صادفتم قراءتها لاندهشتم وتحيرتم حيرة ما بعدها حيرة. هناك عالم من كبار علماء الطائفة الديوبندية يقول:
"كونه أفضل من ملك الموت لا يُثبت إطلاقًا أن علمه في هذه الأمور يساوي علمَ مَلك الموت، ناهيك عن كونه أوسع 
منه علما " (البراهين القاطعة لخليل أحمد ص ٤٧)
هذا يعني أنه كانت هناك مناقشات بين الطائفة البريلوية والديوبندية حول علم رسول الله . ومن عجائب الدهر أن الأعمش قد صار هنا كَحَّالاً، وأن الذين لا يملكون من العلم شيئا يناقشون ويبحثون في علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكموا فيه، فيا للسخرية ويا للعجب ولضيعة الأدب!! ولقد قامت هاتان الطائفتان بارتكاب إهانات مخيفة في حق النبي، إذ تباحثوا فيما إذا كان النبي الله حاضرًا ينظرنا دائما أم لا؟ إذ تقول إحداهما : إن النبي حاضر يرانا دائمًا، والذي لا يؤمن بذلك لا علاقة له بالإسلام. وتقول الثانية: إذا كان النبي حاضرًا ينظرنا دائما ، فهل يراكم أيضا حين تباشرون زوجاتكم؟ تقول الأخرى ردًّا على ذلك: نعم! يكون حاضرا موجودا ولكنه يُغضي حياء!! هذا هو تصورهم عن رسول الله . الحقيقة أنه ليس هناك شيء من روعة وعظمة التصور عن الله تعالى ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأفسدوه. إن ألسنتهم الحادة تجول وتصول عليه عن يمينه وعن شماله أيضا، ولم يتركوا من نوره الشرقي ولا من نوره الغربي شيئا، بل شنوا على شخصه الطاهر هجمات شائنة من كل حدب وصوب، ومسخوا صورة الإسلام لدرجة لو قدّم إسلامهم هذا على الناس ودُعُوا إليه لما مال إليه أحد من ذوي القوى العقلية السليمة. أما الذي جاء لإصلاح أحوالهم وجعله الله حَكَما عدلا فلا يكفون عن الطعن فيه.
هناك مقارنة أخرى قام بها علماء الفرقة الديوبندية، إليكم نصها: "ألا يدل على إشراكهم بالله تعالى قيامهم بالمقارنة بين علم النبي صلى الله عليه وسلم وعلم الشيطان وملك الموت، وبالتالي إيمانهم بأن علم فخر العالم كان محيطا بالعالم كله معتمدين على القياس الفاسد ومخالفين النصوص القطعية دونما برهان؟" (المرجع السابق)

هذه العبارة من التعقيد بحيث قد لا يستطيع كثير منكم فهمها ، لذا أفضل أن أشرحها قليلا . موضوع البحث هو فيما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر علما الشيطان اللعين أم أقل؟ إنهم لا يستحيون من إثارة مثل هذه البحوث إذ يقارنون علم رسول الله مع علم الشيطان، والعياذ بالله. والمعروف أن الذي يكن شيئا من الاحترام والمحبة لأحد لا يعرضه لمثل هذه المقارنات البذيئة. لماذا لا يخوض أحد من المشايخ في نقاش حول أمه ويبحث فيما إذا كانت أمه مومسًا أم لا؟ ذلك لأنه يكن حبًّا واحتراما صادقين لأمه، لذا لا يتحمل أن يسمع عنها كلاما فاحشا ، ولكن هؤلاء الناس لا يشعرون بالعار ولا بالحياء عند مقارنتهم النبي صلى الله عليه وسلم مع الشيطان. أتساءل كيف تجاسروا على التفوه بمثل هذا الكلام البذيء؟ فبعضهم يثبتون بكل اعتزاز وتفاخر أن علم النبي كان أوسع من الشيطان، ثم ينهض خصمهم ليقول: لا ! بل علم الشيطان أوسع وأشمل من علم الشيطان، والعياذ بالله من هذا الهراء والخرافات.

هذه نماذج عشقهم برسول الله وحبهم وتقديرهم لـه !! إن لسانهم السليط لا يكف عن الإهانة وإظهار خبث باطنهم بل يضيفون ويقولون:
"إذا صح حكم عالم الغيب على شخصه .. فالسؤال هو: هل المراد من هذا الغيب هو كل الغيب أم بعضه؟ وإذا كان المراد بعض الأمور الغيبية ، فما هو سبب تخصيص النبي بذلك؟ فإذا كان المراد به بعض الأمور الغيبية فحسب، فهذا النوع من علم الغيب يملكه كل فلان وعلان بل كل صبي ومجنون حتى البهائم أيضا . " 
(حفظ الإيمان ص ١١٦ لأشرف علي التهانويز

أقول: يمكنكم - يا معارضينا أن تقدموا براهينكم لبيان فساد الاعتقادات الخاطئة لخصومكم كما تشاؤون، ولكن لا ترتكبوا الإهانة والإساءة إلى رسول الله ، ولا تقارنوه بالمجانين والبهائم، فإنها إهانة تقشعر لهولها الجلود والأبدان.



إساءتهم الأخرى للرسول صلى الله عليه وسلم:
ولأتحدث الآن عن الذين يطيلون لسان الطعن في البريلويين ويسمونهم مشركين لأنهم قد بالغوا في بيان منزلة رسول الله وجعلولله شركاء. علما أنهم يشيرون إلى نوعين من الشرك الذي يرتكبه البريلويون حسب رأيهم وهما: الشرك في النبوة، والشرك في الألوهية.. أي يشركون بالله غيره، كما يجعلون الأولياء شركاء في قداسة النبي أيضا. وهؤلاء المعترضون على الطائفة البريلوية والزاعمون بكونهم مؤمنين بوحدانية الله ينسون كل ما ارتكبوا بأنفسهم من إهانات شنيعة في حق النبي .


تعالوا نَرَ ماذا يقولون عن علمائهم وما هو تصورهم عنهم؟ إليكم بعض من أقوالهم على سبيل المثال لا الحصر. فقد نظم "شيخ الهند" المولوي محمود الحسن أبياتا رثى فيها المولوي رشيد أحمد الكنكوهي، جاء فيها ما تعريبه
"لماذا يردِّدُ أهل الهوى، اُعْلُ هُبُلُ، اُعْلُ هُبل؟ ربما لأن مثيل مؤسس الإسلام قد رحل من العالم."
أقول: وكأن المولوي رشيد أحمد الكنكوهي كان مثيلاً للنبي ونظيره، والعياذ بالله، لذا بدأ الخصوم بعد رحيله يرددون أعْلُ هُبُلُ، اُعْلُ هبل.
ويقول أيضا:
"... كان الله مربيا له وكان هو مربيا للخلق. كان الشيخ – ولا شك - هاديًا لي ومولاي. لقد ظل أصحاب الإيمان والعرفان - وهم عند الكعبة المشرفة يبحثون عن طريق يؤدي إلى "كنكوه". 
(أي إلى قرية شيخه المتوفى – الناقل)

هذا مذاقهم الروحي !! يعتبرون المولوي رشيد أحمد الكنكوهي مثيلاً للنبي ، ويقولون عن قريته "كنكوه" بأنها ليست مثيلةً للكعبة المشرفة فقط، بل صارت الكعبة نفسها سببًا لهداية الناس إلى قرية الشيخ. وهكذا جعلوا الكعبة المشرفة بمكة أدنى مرتبة من قرية شيخهم، لأن أمنيتهم الغالية لمشاهدة المقام المقدس لم تتحقق بمشاهدتهم الكعبة ، لذا فقد ظلوا يبحثون، بعد وصولهم إلى الكعبة عن طريق يؤدي إلى قرية كنكوه، وكأن قرية كنكوه أسمى مكانة من الكعبة.
وحين لا يخمد غليلهم بعد وصولهم إلى هذه القرية أيضا، يرغبون في زيارة قبور مشايخهم. علما أن البريلويين أنفسهم يتهمون غيرهم بعبادة القبور. ومع 
ذلك، انظروا ماذا يقول هذا الشاعر البريلوي عن ضريح شیخه:
"لاحظ سذاجتي إذ أُشبه ضريحك ذا الأنوار بجبل الطور وظللت أُرَدِّد: أرني، أرني." 
(مرثية، لمحمود الحسن ص٤-١٢) 
أقول: لا مبرر لقوله "سذاجتي" لأن له مفهومًا آخر أيضا، كما يقول غالب"، الشاعر المعروف في القارة الهندية ما معناه: أُشبه حبيبي بيوسف،  ولكنه يغض الطرف عني لطفا منه، (لأنني قد قللتُ من شأنه بهذا التشبيه لأنه أجمل من يوسف بكثير - الناقل). ولو أراد معاقبتي على جسارتي هذه لكنت مستحقا للعقاب. 
يقول "شيخ الهند : بأن قوله هذا ناتج عن سذاجته. ولكنني أقول: إن للسذاجة أيضا حدودا. من الممكن أن يتفوه الإنسان بذلك مرة أو مرتين خطأ ولكنه يقوله هنا عمدا وتكرارا. هذه ليست سذاجة، بل إنه إثم وذنب كبير متعمد إذ يشبه ضريح شيخه بالطور ، ويقول مخاطبا الضريح: "أرني، أرني" " كما قال سيدنا موسى على الطور وهو يخاطب الله تعالى حين أراد أن يراه. والغريب أن هذا الشيخ وأمثاله يبقون مسلمين وموحدين مع
ذلك كله !
ولا يكتفون بذلك بل يزيدون ، إذ يبينون مكانة أحد مشايخهم، فيقولون: 
"لقد وقعت على القلب الحزين ضربة قاسية عند صلاة الجمعة إثر سماعنا الخبر المحزن عن رحيل رحمة للعالمين (يقصد بذلك المفتي محمد حسن الديوبندي - الناقل، من الدنيا إلى الآخرة." 
(تذكرة الحسن نقلا عن مجلة "تجلي ديوبندي ومجلة نوري" كرن" عدد فبراير ١٩٦٣م) 
فهل تركوا مجالا للنقاش والبحث في الموضوع إذ رفعوا مفتيًا من الطائفة الديوبندية إلى مكانة رحمة للعالمين !!

ثم يبينون صفات المولوي أشرف علي التهانوي ويقولون:
"إن قوامه الميمون، يقصدون بذلك النبي صلى الله عليه وسلم - الناقل) ولونه الشريفة كانت أسمى وأعلى ، وكان جسده الشريف مثل حضرة الشيخ أشرف علي التهانوي." (أصدق الرؤيا صه)
 أي أن ملامح سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم كانت شبيهة بملامح الشيخ أشرف علي التهانوي. علما أنه يصف ما رآه في الحلم، لذا لا نعترض عليه، ولكن ما أركز عليه هو أنه لو رأى أحد من المسلمين الأحمديين شيئا كهذا في الحلم أيضا لهاجمه هؤلاء وقالوا إنه قد أهان النبي . فما دام البريلويون أنفسهم يعتقدون أن تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم بغيره ولو في لحلم - إهانة له ، فثبت من قولهم هذا أنهم قد ارتكبوا هذه الإهانة. أما نحن فلا نعتقد بذلك بل نقول إن المشاهد التي يراها الإنسان في الرؤى، ولا سيما مشاهدة النبي الله في الحلم تختلف بالطبع عن المشاهد الظاهرية وتحتاج إلى تأويل. ويرى الإنسان النبي صلى الله عليه وسلم في صورة مرة وفي صورة غيرها مرة أخرى، ولكنه من الثابت المتحقق أنه لا يُسمح للشيطان أن يتشبه بالنبي بحال من الأحوال. أما هؤلاء الديوبنديون الذين يعتقدون أنه لو شاهد أحدٌ - حتى في الحلم - النبي صلى الله عليه وسلم في صورة غير صورته الحقيقية ، كان ذلك إهانة له، فإنهم بأنفسهم يقولون إن ملامح النبي صلى الله عليه وسلم كانت شبيهة بملامح المولوي أشرف علي التهانوي. ثم لا يكتفون بذلك، بل يقولون عند بيان تأويل هذا الحلم أيضا: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان على صورة مولانا التهانوي." 
(أصدق الرؤيا ص ٢٥) 
ثم يقولون: "... أن ملامحه (أي ملامح النبي - الناقل) هي كملامح مولانا التهانوي تماما."
 (أصدق الرؤيا ص۳۷)

فإنهم بوقاحة متناهية، يشبهون في العبارة المذكورة أعلاه النبي بالمولوي التهانوي بدلا من أن يشبهوا التهانوي بالنبي .



فضيحة الدعاية الكاذبة:
إنهم يرموننا بتهم باطلة دائمًا بأن الشهادة التي ينطق بها الأحمديون هي غير التي علمنا النبي إياها ، ولكنهم الآن قد أثبتوا بأنفسهم بأنهم يقومون بدعاية كاذبة ضد الأحمدية، ولا حقيقة لاتهامهم.
إنما الحقيقة هي أنهم هم الذين غيروا شهادتهم. الشيعة غيَّروها، وأهلُ السنة أيضا أجروا فيها تغييرات. وهذه الأمور ليست من قبيل الإشاعات بل هي مسجلة في كتبهم ومجلاتهم المختلفة وعلماؤهم يعرفون كل ذلك، ولا يرفعون عقيرتهم ضدها ، متجاهلين خطورة الموقف. إنهم يثيرون ضجة ضد المسلمين الأحمديين الذين يتمسكون بالشهادة التي جاء بها سيدنا محمد و لم يغيروا فيها شيئا، ولكنهم لا يرفعون صوتًا ولا يحركون ساكنا ولا يبدون غيرة أبدا ضد أولئك الذين غيّروها تغييرا. فقد ورد عن الخواجة معين الدين الجشي قدس الله سره : "قال أحد الناس لحضرة الخواجة (علما أن هذا ليس مشهد حُلم بل هو واقع الأمر - الناقل): أريد أن أكون مريدًا لكم. فقال لـه حضرة الخواجة، قل: "لا إله إلا الله جشتي رسول الله"، ففعل. فاتخذه الخواجة مريداً له." 
(حسنات العارفين ترجمة أردية للشهزاده محمد دارا شكوه القادري ص٣٤) 
والحق أن القول إن الخواجة معين الدين الجشتي طلب من المريد أن يقرأ شهادته يمثل إهانة كبيرة وتهمة شنيعة على حضرة الخواجة، إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن يفعل ذلك ولي من أولياء الله مثل حضرة معين الدين الجشتي الذي كان مجددًا لعصره. ولكن الذين يطيلون لسان الطعن في الأنبياء ولا يرتدعون عن تلفيق القصص عنهم واتهامهم بتهم بشعة، أنى أن يكفّوا عن تعريض الأولياء والصلحاء لتهمهم. إذن ، فإن أمرنا غريب حقا، إذ اضطررنا لمواجهة قوم هذه تصرفاتهم، وهذه معتقداتهم. يغفر الله أخطاءنا ويرحمنا ، لأن الذين يُبتلون بالمشايخ كهؤلاء يستحقون أجرًا غير قليل.


المكانة العالية للإمام المهدي:
إذن فإن الأحمدية هي الوحيدة التي تحظى اليوم بهذا الشرف لأنها تواجه مثل هؤلاء المشايخ ليل نهار، وتبذل قصارى جهدها لتمزيق حجب ظلماتهم وإخراج الناس إلى النور. إنني على يقين كامل أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تقوم في هذه الأيام بمجاهدة لا تضاهيها مجاهدات عامة الناس ولو قاموا بها إلى مئات السنين. وتحتل الأحمدية من هذه الناحية أيضا مكانة رفيعة جدا بفضل الله .. لذا يوضح القرآن الكريم ويقول، لا يمكن مقارنتكم أيها الأحمديون مع غيركم لأنكم أناس كلما خطوتم خطوة أسخطت معارضيكم، لأنهم يدعون الناس إلى الظلمات وأنتم تدعونهم إلى النور، فشتان بين الثرى والثريا !!
 لا شك أننا قد تأذينا كثيرا على أيديهم، ومع ذلك نشكر الله أيضا شكرًا كثيرًا نظرًا إلى مرتبتنا ، إذ من علينا ووفقنا لقبول الإمام المهدي الذي مزق حجب الظلمات كلها، ودعانا إلى النور الذي هو نور محمد صلى الله عليه وسلم ونورُ كلام الله تعالى. إنه أرانا هذا النور من جديد وبوضوح أكثر من نور الشمس والقمر.
 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وعلى عبدك المسيح الموعود إنك حميد مجيد.
 ألقيت بتاريخ ٣ أيار/مايو عام ١٩٨٥م في مسجد "الفضل" بلندن)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...