التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مركة تحريـ كشمير وفلسطين وخدماتُ الأحمدية.


معركة تحريـر كشمير وفلسطين وخدماتُ الأحمدية

معركة تحريـر كشمير وفلسطين وخدماتُ الأحمدية

معركة تحريـر كشمير وفلسطين وخدماتُ الأحمدية

معركة تحريـر كشمير وفلسطين وخدماتُ الأحمدية

أُلقيت بتاريخ ٨ مارس/ آذار ١٩٨٥م

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالك يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (آمين)

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلى كَلمَة سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهُ وَلا نُشْرِكَ به شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بأنا مُسْلِمُونَ (آل عمران: ٦٥)

يقول الله تعالى في هذه الآية إن الذين يسمعون الدعوة للاتفاق على كلمة سواء ثم يعرضون عن قبولها لا تبقى لهم صلة بالإيمان. عندها يحق لأصحاب هذه الدعوة فقط - وهذا حق يعطيهم القرآن - أن يقولوا لهم اشْهَدوا بأنا مسلمون، وذلك لأننا دعوناكم إلى الوحدة ووحدانية الله تعالى حسب إعلانه تعالى السالف الذكر.






دعوة القرآن للاتفاق على كلمة سواء:

 القرآن الكريم كلام عظيم وحكيم للغاية، ويدعو – مهملاً الخلافات كلها - إلى وحدة هي بمثابة قاسم مشترك بين أهل الكتاب وأهل القرآن. ويغُضّ القرآن الكريم الطرف عن تكذيب أهل الكتاب للنبي الأكرم وقولهم إنه مفتر (والعياذ بالله، كما يغض الطرف أيضا عن حقيقة أن أهل الكتاب كانوا شديدي الحرص على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم وأعداء لرسالته، على استعداد دائم أيضًا للقضاء على دعوته الطيبة ولا يدخرون في هذا السبيل جهدا ولا يدعون الفرصة تفوتهم لإلحاق الضرر بالإسلام وبمؤسسه . فعلى الرغم من عداوتهم الشديدة هذه يدعوهم القرآن إلى كلمة سواء ويدعوهم إلى غض البصر عن الخلافات أيضا.

فما أعظَمَه من كتاب وما أروعَه من كلام!! إذ هو نابع من الحق والصدق. ولا يمكن لأحد أن ينطق بهذا النوع من الكلام ما لم يكن محباً مخلصاً لبني الإنسان من ناحية وعلى صلة متينة بالله وعمل من ناحية أخرى.

و الله يظل على صلة وثيقة وعميقة بعباده دون التمييز بين ألوانهم وطوائفهم ومذاهبهم ومللهم وإن هذه الصلة أسمى من حدود الدين أيضًا لأنها صلة بين الخالق وخلقه. إذن فما لم يصدر هذا الصوت من هذا الخالق العظيم لا يمكن لأهل الدنيا أن يفكروا بمثل هذا الكلام والأفكار. فهذا كلام يضمن الالتزام والعملُ به اختفاء خلافات العالم بأسره. إن الدعوة إلى كلمة سواء هي في الحقيقة دعوة بني البشر إلى الحسنات والأعمال الصالحة. وكذلك فإن تجنب الظلم والاضطهاد وغض الطرف عن تمادي أحد في العداوة عملان يعكسان حقيقة أنه كلما تم العثور على قاسم مشترك أو وُجدت كلمة سواء بين الشعوب وجبت الدعوة إليها. هذا درس غاية في الروعة وليس نافعا لمحو الخلافات في الأوساط الدينية فقط بل هو في العالم السياسي والاجتماعي أيضا بمثابة مفتاح سحري من شأنه أن يفتح كل نوع من الأقفال من أجل تصفية الخلافات أجمعها. ولكنه من سوء حظ الشعوب والأقوام أنهم واقعون في مصائب كبيرة متناسين هذا التعليم القرآني العظيم، وجعلوا الدنيا بمثابة جهنم ملتهبة لأنفسهم وغيرهم بمن فيهم الأصدقاء والأقارب أيضا، ناهيك عن الأعداء. الحقيقة أن حل مشاكل العالم كله يكمن اليوم في الاتفاق على كلمة سواء بين الشعوب. ولكن حكومة باكستان التي تأسست باسم الإسلام وتدعي بحب الإسلام، لا تستوعب لسوء الحظ هذا المبدأ الأساسي ناهيك عن الأقوام الأخرى.





الهجوم على الدعوة القرآنية:

إذن فالحملة الشعواء التي تُشَنِّ في هذه الأيام ضد الأحمدية في باكستان تتلخص في محو كل قاسم مُشترك، في حين أن الرسالة التي جاء بها القرآن تتلخص في غض الطرف عن أوجه الخلاف كلها والقيام بالدعوة إلى الاتفاق على كلمة سواء وقاسم مشترك. ولكن الحملة الجارية ضد الأحمدية في باكستان تعارض هذا المبدأ تماما. إن معارضينا يقومون بتصرفات لا تروق أهل السماء ولا يرضى بها الله ، لأنها تنافي قدره.

 لقد نهض معارضو الأحمدية اليوم عاقدين العزم على أنهم سوف يمحون كل قاسم مشترك وسوف يقومون بتقوية أوجه الخلافات، فكأنهم قد عَمُوا في عداوة الأحمدية فيرمونها بتهم لا تمت إلى الحقيقة بصلة من قريب أو من بعيد.

ولقد أوردت بعض الأمثلة على هذا الموضوع في الخطبة الماضية وضحته لا بلساني فقط وإنما بلسان الآخرين، بل بلسان أولئك الذين يتهموننا اليوم بكل وقاحة وكنت قد أثبتت أن الأحمدية ظلّت وفية للإسلام دائما، وحافظت على مصالح المسلمين في كل الأحيان. أما متهمونا فليسوا كاذبين ومفترين فقط في اتهامهم إيانا بل إنهم هم المجرمون الحقيقيون المجرمون الذين يشهدون على أنفسهم بقولهم وفعلهم. على أية حال، كنت قد أوردت بعض المقتطفات كتب غير الأحمديين وجرائدهم التي تتناول أحداث فترة قبل تأسيس باكستان. والآن سأذكر في هذا الصدد بعض الأمور الأخرى بغية التنبيه إلى أنه كلما حدق بالإسلام أو بالمسلمين خطر، احتلت الأحمدية بفضل مقام الصدارة في كل موطن، وتصدت لكل عدو بكل ما ملكت من عد وعتاد. أما "مجلس الأحرار" أو الجماعة المودودية فقد قامت دائما بدور معاد لمصالح الإسلام وهذا أمر لا يقبل الشك والريبة بشكل من الأشكال، وليس من قبيل الاتهام أيضا لأن الحقائق التاريخية توضح بجلاء أن هؤلاء الناس قد لعبوا دوراً معاديًا لمصالح المسلمين بكل مناسبة هامة تعرض فيها الإسلام والمسلمون لموقف حاسم. يرمز الكتيب الذي نشرته الحكومة الباكستانية إلى كثير من الأمور دون إيراد تفاصيلها أو بيان الأدلة على صدقها. فقولها إن الأحمدية تعادي الإسلام والمسلمين يشمل جميع تلك التهم التي ألصقتها فئة الأحرار وجماعة المودودي خاصة بالأحمدية في أوقات مختلفة وبأساليب مختلفة.

 الجرائد التي أعادت نَشر تلك التهم في الفترة الحالية، أو الكتب التي طبعت لهذا الغرض في باكستان قد صدرت كلها بإشراف الحكومة، وقد موّلتها الحكومة من أموال الزكاة ،وغيرها وأعلنت بكل اعتزاز وتفاخر أنها تشرف على هذه الحملة الشرسة.



التهم التي ألصقت بالأحمدية هي غريبة جدًا منها أن الأحمدية عميلة للهند والهندوسية وأن الأحمديين ممثلون للشيوعية، وعملاء للدول الاشتراكية كلها، وممثلون وعملاء للدول الاستعمارية كلها. مما يعني أن عقول معاندي الأحمدية قد شُلّت تماما إذ يقولون إن الأحمديين عملاء روسيا وإسرائيل في آن معًا. ويقولون أيضًا إنهم عملاء لجميع الدول في العالم حتى لو كانت هذه الدول معادية بعضها لبعض. ولكننا لو تأملنا في الأحداث الواقعة لبرزت الحقيقة على عكس ذلك تماما. ثم لا تبقى تلك الأمور قصصاً خيالية بل سرعان ما تتحول إلى حقيقة تاريخية ثابتة.



المسلك البين للأحمدية:

فيما يتعلق بعمالة الهندوسية والهند، فهذه تهمة سخيفة ومبنية على قصص خيالية نسجتها أذهان ضيّقة الآفاق، ولا حقيقة لها أكثر من ذلك.

 الواقع أن للأحمدية مسلكا واضحًا مبنيا على هدي القرآن والسنة النبوية الشريفة وهو: أن الأحمدي يكون مخلصا لبلد يقيم به ويظل في كل الأحوال مخلصًا وفيًّا لمسقط رأسه وربوع شبابه. فمن هذا المنطلق فإن الأحمدي الذي يقيم في الهند مخلص لبلده وكذلك الأحمدي الذي يقيم بباكستان سيظل وفيًّا لباكستان دائما وأبدا ، والأحمدي الذي يقيم في بريطانيا وفي لبلده وسيبقى وفيا دائما. فيظل الأحمديون أوفياء للأقطار التي يتنفسون في أجوائها. هذه هي الحقيقة، أما ما عداها فهو باطل وكذب وبهتان. وإذا كان هؤلاء المتهمون يودون أن الأحمديون في كل أنحاء يبيع العالم مصالح بلادهم التي نشأوا فيها لمصلحة باكستان فهذا أمر ينافي تعليم الإسلام ومرادف لجعل الأحمديين خائنين لبلادهم في جميع العالم ما عدا باكستان. وهذا ما لا يفعله متهمونا أيضًا. هل المسلمون القاطنون في بريطانيا مثلا والعرب كلهم، وسكان أفريقيا والقارات الأخرى خائنون للبلاد التي يقطنونها؟ كلا!! إذن فهذه أمور خيالية وحكايات عاطفية بحتة. الواقع أن الذين يرموننا بمثل هذه التهم هم الخائنون لبلادهم الأم. يعلم العالم كله أن باكستان بلد يسيطر عليه شبحان: شَبَحُ الجماعة الإسلامية جماعة (المودودي) وشَبَحُ فئة الأحراريين. حينما تُوجَّه الأسئلة إلى المسؤولين في باكستان من الخارج ويقول الناس: ما هذا الحمق ،والغباوة، وما هذه التصرفات المشينة التي تقومون بها؟ يردون قائلين إننا قد رُزينا بمصيبتين جماعة المودودي وفئة الأحرار.

لا تتركاننا إنهما قد أثارتا الجمهور ضد الأحمديين فاضطررنا لاتخاذ الخطوات ضدهم تحت ضغط الجمهور. والحقيقة أن الحكومة الحالية مُمتطية ظهر هذين الشبحين وتستغلهما لمصلحتها وسوف تستمر في استغلالهما ما دام الشبحان يخدمان مصلحتها ثم تخذلهما. والنوايا نفسها تكنها جماعة المودودي وفئة الأحرار تجاه الحكومة. أي كلا الفريقين يؤمن بالمبدأ نفسه. إذن فعندما تصطدم مصلحة بعضهم ببعض سوف يخذل بعضهم بعضاً.

فهذه الصداقة صداقة الاضطرار، وهذه العلاقة علاقة الاضطرار المتبادل شأنها أن تنقطع في أية لحظة. إن العلاقات كهذه قد انقطعت في السابق ولسوف تنقطع الآن أيضا بإذن الله.



كيف تأسس مجلس الأحرار؟

الآن أشرح لكم كيفية تأسيس مجلس الأحرار وجماعة المودودي قبل تأسیس باكستان وكيفية تصرفاتهم ونواياهم وكيف كانت رؤيتهم للهندوس والهندوسية، وكيف كان تعاملهم مع البلاد الإسلامية. سأقرأ على مسامعكم مقتطفين في هذا الصدد ولسوف أتناول كيفية تأسيس مجلس الأحرار أوّلاً. نعرف خلفية تأسيسه من خلال كتاب شهير طبع بعنوان: Freedom Movement in Kashmir للسيد غلام حسن خان حيث ورد ذكر مفصل لحركة كشمير من عام ۱۹۳۱م لغاية ١٩٤٠م. يقول المؤلف في صدد تأسيس مجلس الأحرار:

تأسس مجلس الأحرار على منصة الكونغرس الهندوسي (الحزب السياسي للهندوس بمناسبة اجتماعه السنوي، وسُمّي بمجلس الأحرار الهندي وانتخب السيد عطاء الله شاه البخاري أول زعيم لــــه." ثم يقول: "لقد استغل الرهبان الهندوس تفرقة المسلمين لإضرار حركتهم."

وكيف استغل الهندوس مجلس الأحرار؟ 

يقول المؤلف: "لقد عقدت جمعية الرهبان الهندوس اتفاقية سرية مع بعض الزعماء المسلمين ذوي النفوذ وأصحاب "مير واعظ بمن فيهم ميرزا غلام مصطفى، أسد الله وكيل وغيرهم. وعقدت الجمعية جلسات سرية وأشاعت أن الشيخ عبد الله يريد القضاء على زعامة دينية زعامة مير (واعظ بالتآمر مع الجماعة الأحمدية. وهكذا بذرت بذور الكراهية بين المسلمين."

 إذن فالحقيقة التاريخية هي أن الهندوس والكونغرس الهندي أسسوا مجلس الأحرار واستخدموه لتحقيق مصالحهم. هذا، وهناك أدلة غير قليلة لإثباتها، قد ذكرتُ بعضها سابقًا وهناك كثيرة أخرى لا يمكن سردها لضيق الوقت.

من المعروف أن المولوي ظفر علي خان، محرر جريدة "زمیندار" كان من رُوّاد الأحرار، غير أنه تاب وتراجع عن موقفه فيما بعد، ولكن بعد فوات الأوان. إنه أدّى حق المحاماة والدفاع عن الأحرار لفترة طويلة وقام بدعاية واسعة النطاق لصالح الأحرار من خلال جريدته. ولقد نظم السيد ظفر على خان في أبياته أفكاره عن المهاتما غاندي والعلاقات بين الهندوس والمسلمين. يعود تاريخ هذه الأحداث إلى أيام حركة الخلافة حين زعم المسلمون أن الإنجليز قد قضوا على خلافتهم في تركيا) فقرروا نبد طاعة الحكومة الإنجليزية والهجرة إلى أفغانستان قاطعين علاقتهم بالإنجليز. هذا الإعلان الذي تم عن حماية خلافة المسلمين يقول عنه " الأحرار": إن السيد غاندي هو الذي قام بهذا الإعلان فقد قال المولوي ظفر خان في أبيات من شعره ما تعريبه:

"لقد أعلن السيد غاندي الحرب اليوم وجعل الحق يُحارب الباطل. لقد نفث روح الحياة في الهند من جديد وبذلك مهد الطريق لتحرير الحياة، وضحى بنفسه ونفيسه من أجل ،الخلافة وهكذا بذل كل شيء في سبيل الله."

أقول: قد لاحظتم أن الهندوس هم أولياء "الأحرار" ومُرشدوهم، وحماة خلافتهم، وهكذا كانت علاقاتهم، ومع ذلك يطيلون اللسان على الأحمدية اليوم.

ثم يقول في بيت آخر: "إن الله الشكور القدير قد منح غاندي هذه المرتبة السامية تقديرًا لجهوده الجبارة."

مما يعني أن غاندي لم يحرز هذه الدرجة بعمل إنسان حتى يُظن أنه أخطأ في منحه هذه المرتبة السامية، بل الله منحه إياها تقديرا لمساعيه.

وهذا يعني أيضًا أنه حينما ألقى الله نظرة على المسلمين في العالم لم يجد أحدًا قادرًا على حماية الخلافة فوقع خياره في هذا الصدد على هذا الهندوسي المهاتما غاندي، فوهب الله تعالى عالم الغيب والشهادة  هذه المرتبة لغاندي تقديرا لجهوده !!

ثم يقول المولوي ظفر علي خان عن الوحدة بين المسلمين والهندوس: "ما كان لأحد أن يتصور هذه الوحدة قبل خمس سنوات، لا الهندوس ولا المسلمون. يُعتقد عن السيد غاندي، ولاله لجبت رائي، والسيد مالوي، وموتي لال نهرو الزعماء الهندوس أن مساعيهم قد تمخضت عن هذه الوحدة، ولكن ألم يكن كل هؤلاء موجودين من قبل؟ أو لم يكونوا يملكون هذه القدرة من قبل؟ إنني - ظفر علي خان- أقول: إن هذا الاتحاد قد تم بقوة سماوية. والآن لن تحدث التفرقة بين الهندوس والمسلمين. الأيادي والمنن التي أسداها الهندوس والسيد غاندي إلى المسلمين ليس بوسعنا أن نجازيهم عليها."

 إنهم يتهمون الأحمديين بكونهم عملاء للهندوس، والحقيقة أن الأحمدي - كما أسلفت - يكون مخلصاً وفيًّا لبلده. وها نحن نعلن دون أدنى تردد أنه من واجب الأحمدي الذي يقيم في الهند - وهذا ما يفرضه عليه القرآن أيضًا - أن يكون مخلصا ووفيًّا لبلده، وألا يخون في حال من الأحوال بلدا يقطنه. غير أنني لا أتحدث عن الأحمديين القاطنين في الهند، ولا يقول بذلك أعداؤنا أيضًا، بل البهتان الذي يفترونه هو أن الأحمديين القاطنين عملاء الهند وأوفياء لها ولا علاقة لهم بباكستان، وهذا كذب صريح وبهتان شنيع.

وأما الذين هم أوفياء للهندوس وعملاء للهند حقيقة فوفاؤهم وعمالتهم مكشوفة من خلال كتاباتهم وأقوالهم التي سوف نوردها في حينها.



سيرة الجماعة المودودية:

تعالوا الآن نستعرض مدى حُبِّ الجماعة الإسلامية المودودية للإسلام وكيفية علاقاتها مع الدول الإسلامية. فكما سبق لي أن قلت: إنهم ما وجدوا أي أثر ولا علاقة للإسلام في البلاد العربية، ما لم يتدفق النفط فيها. ولكن حينما تدفقت ثروة النفط بغزارة في البلاد العربية عندها بدأت نظراتهم ترنو إليها وعرفوا فجأة أن الله يسكن تلك البقاع ويسكنها أولياء الله . ولكن كيف كان أولياء الله هؤلاء يبدون للسيد المودودي قبل تدفق النفط في بلادهم؟ اسمعوا بلسانه هو الذي بات الآن من مرشدي الحكومة الباكستانية الحالية والذي يمدحه الناس عادة ويقولون إنه مخلص جدًا وخدم العرب كثيرًا وقدّم تضحيات كبيرة للمسلمين بشكل عام.

 يقول المودودي:

"الجهل مسيطر على الأراضي العربية بسبب حكومة الحجاز. (أي حكومة السلطان عبد العزيز والأمراء الذين جاؤوا بعده) وسدنة حرم الكعبة قد تحولوا إلى حماة "بنارس و هر دوار . -مدينتان هنديتان مقدستان لدى الهندوس. (المترجم)-" خطبات للمودودي ص٢٠٥-٢٠٦

هناك عبارة طويلة بهذا الخصوص ويحتار القارئ عند مطالعتها لكونها مليئة بالعناد والبغضاء ويبدو أن قائلها كان بالمرصاد منذ فترة طويلة وسنحت له الفرصة الآن فبات ينفث سُمَّا على فريسته.

 ربما يظن أحدٌ أن السيد المودودي قد يكون متعاطفا مع المسلمين الآخرين، وبما أنه كان يحب الصدق لذا فقد تفوه بما رأه بأم عينيه. ولكنني أخبركم بما يكن صدره للعالم الإسلامي بشكل عام. ولربما لم يُغيّر رأيه هذا في وقت من الأوقات، إذ يقول: "عندما أُلقي نظرة فاحصة على الدنيا بصفتي مسلما حقيقيًا، لا أجد سببًا يبعث على الفرحة والسرور بأن أرى الأتراك يحكمون تركيا، والإيرانيين يديرون إيران والأفغان يحكمون أفغانستان." المسلمون والعراك السياسي الحالي ،ج۳، ورسائل ومسائل ص۷۸)


نعم! لو رأى المودودي الهندوس أو الروس أو الإنجليز يحكمون البلاد المذكورة لكان ذلك مدعاة للفرح والسرور .له. يقول: كيف أفرح حين أرى الأتراك والأفغان والإيرانيين يحكمون بلادهم الخاصة بهم. كيف لي أن أفرح وهم لا يعترفون بسلطتي ولا بسلطة بلد آخر على بلادهم؟ ثم ينتحل عذرًا من عنده، وما أعظمه من عذر "إسلامي"!! يقول: "أنا بصفتي مسلمًا حقيقيًا لا أعترف بمبدأ "حكم الناس، على الناس، للناس.

هذا يعني أن المودودي لا يعترف بتعريف الديمقراطية المتداول والقائل:

Government of the people, by the people, for the people 

ويستاء من كل الحكومات التي تشكلت على أساس الديمقراطية في البلاد الإسلامية، ولا قيمة في عين المودودي لهؤلاء الذين شكلوا حكومتهم على أساس الديمقراطية في بلادهم الإسلامية. قد يظن القارئ، وكأن الشيخ يريد القول بما أن الحكم الديمقراطي في البلاد الإسلامية ليس بأفضل من الحكم الديمقراطي في البلاد غير الإسلامية لذا فهو ليس معجبًا بها. وقد تكون حجته في ذلك أن الكفار والمشركين أحطّ منزلة من المسلمين ولكن حكمهم الديمقراطي أفضل من حكم المسلمين، لذا فهو لا يحب حكم المسلمين الديمقراطي الأدنى مقابل حكم الكفار والمشركين الديمقراطي الأفضل.

هذا ظن حسن قد يخطر ببال القارئ ولكنه سرعان ما يزول عند اطلاعه على عبارة أخرى كتبها الشيخ المودودي حيث يُصدر فتواه التالية ضد حكم المسلمين وغيرهم معا . فيقول: "إذا كان غير المسلمين يندرجون تحت حكم "الضالين" فهم (أي المسلمون- ينطبق عليهم تعريف المغضوب عليهم." (المسلمون والعراك السياسي الحالي ج ۳ ص ۷۸). ثم يقول عن مصر : جبال المصائب التي يصُبّها اليوم الدكتاتوريون العسكريون في مصر على "إخوان المسلمين" قد أحيت ذكريات عهد الفراعنة القدامى.'

 فالمودودي يكن بغضًا وحقدًا شديدًا ضد الحكومات الإسلامية. والجماعة المودودية تتبع هذه الأفكار المودودية، ومع ذلك تتشدق اليوم وترمي الأحمدية بتهم باطلة بأنها خائنة للدول الإسلامية. ولكن التاريخ سوف يبين كل ذلك بجلاء ويبرهن بوضوح كيف كانت وما زالت ولن تزال بإذن الله سيرة الأحمدية تجاه الدول الإسلامية؟



خدمات الأحمدية لتحرير كشمير:

 التهمة المتعلقة بالخيانة التي تلصق بالأحمدية بصورة معينة هي الجماعة خانت المسلمين في كل المناسبات وأن السير ظفر الله خان قد خان مصالح كشمير، كما بذلت الأحمدية مجهوداتها ضد قضيّة كشمير. ولكن الحقيقة على عكس ذلك تماما، وليس قولهم هذا إلا بهتان عظيم وافتراء قبيح لا يخاف أصحابه ربهم أدنى خوف. لقد سجل القاضي منير أحمد هذه الأمور في تقرير محكمة التحقيق وأظهر استغرابه البالغ من وقاحة معاندينا لإلصاقهم تهمة الخيانة بالأحمديين المجاهدين الرواد للدفاع عن باكستان، ولاعتبارهم إيانا أعداء للدولة.

ففيما يتعلق بأحداث جرت بعد تأسيس باكستان فالحقيقة الثابتة التي لا تقبل الشك أبدًا والتي يؤيدها التاريخ أيضًا أنه ليست ثمة جماعة إسلامية أو حزب إسلامي قام بخدمات جليلة في سبيل تحرير كشمير مثل ما قامت به الجماعة الإسلامية الأحمدية.

تذكر مجلة "طلوع إسلام" مارس (۱۹٤٨م الجهاد العظيم الذي قام به السير ظفر الله خان في قضية كشمير وقالت: لحسن الحظ وجدت باكستان محاميًا بارعًا قدم قضية مبنية على الحق والصدق بحيث بدت حُججه بصورة عصا موسی، فابتلعت ثعابين الحبائل، وشاهدت الدنيا مشهد: إن الباطل كان زهوقا.

 أقول: هذا ما كنتم تقولونه إلى الأمس القريب، وأصبحتم اليوم ترمون الأحمديين بالخيانة يا لقلة الحياء ويا للسخرية!

 كان القاضي منير أحمد أحد أعضاء اللجنة المشكلة لتحديد الحدود عند تقسيم الهند. وفي عام ١٩٥٣م حين أثار معاندو الأحمدية بعض الأسئلة عن السير ظفر الله خان وقالوا: إنه أدلى ببيان كذا وكذا عن قضيّة كشمير وقال كيت وكيت عن مسألة فلسطين كتب القاضي منير في تقريره بعد التحقيق الدقيق والشامل:

"لقد قام السير ظفر الله خان بخدمات نزيهة للمسلمين، وعلى الرغم من ذلك فقد ذكرت بعض الجماعات تلك الخدمات في محكمة التحقيق بأسلوب وقح جدا يعكس الجحود للمعروف." (تقرير محكمة التحقيق ص٢٠٩)



إنجازات "كتيبة الفرقان" الأحمدية:

عندما كانت المساعي والمشاريع لتحرير كشمير قيد العمل كان إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية آنذاك أول شخص عُنى بقضية كشمير، وهو الذي بدأ الجهاد في كشمير، واشترك فيه الأحمديون الشبان منهم والشيوخ، المحنكون منهم والأغرار على حدّ سواء، ملبين دعوة حضرته. لقد زُوِّدوا بالأسلحة والأموال وهكذا وضع لهم نظام متكامل للنضال. هذه حقائق تاريخية لا يملك معاندو الأحمدية إهمالها مهما حاولوا، ولا يملكون شطب هذا التاريخ بشكل من الأشكال.

حينما كانت حكومة باكستان تبذل قصارى جهدها لتحرير كشمير وكانت هناك محاولات أخرى من قبل القوى المستقلة أيضًا في هذا الصدد، كانت جماعة المودودي عندها تُصدر ضدهم فتاواها الشديدة اللهجة وتقول بأنه ليس جهادًا أبدًا فلا تحسبوه جهادًا ولا تشتركوا فيه. سَمُّوه بما شئتم ولكن لا تدعوه جهادًا.


إذن فالبلد الذي كان عرضة للاضطهاد البغيض حيث كان المسلمون يجاهدون في قضيّة "إما الحياة وإما الموت" لدرجة نهض المسلمون مجاورة أيضًا لنجدتهم وحمايتهم بكل ما في وسعهم، ففي البلد نفسه وعن الجهاد ذاته كانت الجماعة المودودية تصدر فتاواها أنه ليس جهادًا فلا تقربوه ولا تساهموا فيه بشكل من الأشكال. وعلى النقيض من ذلك شكلت الأحمدية "كتيبة "الفرقان وأرسلتها إلى جبهة القتال. والجدير بالذكر أن الأحمدية كانت الوحيدة التي أرسلت كتيبة عسكرية على حسابها لمواجهة العدو على جبهة القتال، واعترفت حكومة باكستان فيما بعد بهذه الكتيبة رسميًا. وحين اندلعت الحرب قامت هذه الكتيبة بأعمال بطولية. كانت الكتيبة تتضمّن أكثر من شاب كان وحيدًا لأبويه. تحتوي أوراق التاريخ على أحداث مفادها أنه عندما بدأ سيدنا الخليفة الثاني للإمام المهدي الكفاح المسلح لتحرير كشمير لم ينتبه إليه الناس في بداية الأمر في بعض القرى كما يجب، منهم أنها حركة عادية ولا يختلف الأمر كثيرا إذا ساهموا فيها أم لم يساهموا، ولأن المسلمين كلهم مشغولون فيه فلا بأس لو لم نشترك فيه نحن. غير أن المصلح الموعود الخليفة الثاني الله كان شديد الاهتمام بها. وحدث ذات مرة أن شخصا حمل رسالة المصلح الموعود الله بهذا الخصوص إلى قرية ولكن لم يُرشح أحدٌ اسمه للمشروع. فقال لهم حامل الرسالة: إنكم لا تقدرون مدى اهتمام سيدنا المصلح الموعود الله بهذه القضية، وها أنا قد بلغتكم رسالته. انهضوا وقدِّموا التضحيات لعالم الإسلام. عندها قامت سيدة عجوز وقالت للحضور: إنني محتارة من أمري وأكاد أموت غيرة على أنكم سمعتم دعوة الخليفة وبقيتم صامتين واجمين. أنا لي ابن وحيد، وها إنى أقدمه في هذا السبيل، وأدعو الله أن يكتب له الشهادة وألاّ أراه حيًّا مرة أخرى.

هذا أحد نماذج الغيرة التي أبدتها الأمهات الأحمديات. ولقد تحدث سيدنا المصلح الموعود عن هذا الحادث في إحدى خطبه فيما بعد وقال: "والله عندما تناهى هذا الصوتُ إلى أذني، تصاعد من قلبي صوت عفوي يقول: "يا ربّي إذا كنتَ قد قدّرتَ الشهادة لابن هذه العجوز فأرجوك أن تأخذ أبنائي بدلاً منه وتعيد إليها ابنها."

هذه كانت العواطف التي تحلّى بها أبناء الأحمدية أثناء الجهاد لتحرير كشمير. واليوم أطللتم أيها المعاندون برؤوسكم من مكامنكم لتتشدقوا وترفعوا أصواتكم الفارغة. أين كان أبناؤكم في تلك الأوقات الحاسمة؟ أين كان أبناء عطاء الله شاه البخاري وأين اختفى أبناء المودودي وأشياعه عند المعركة؟ نعم كانوا متوارين بعيدا عن ساحة الجهاد، لم يرهم أحدٌ خارجين إلى ساحة القتال.

إن سيدنا المصلح الموعود، إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية آنذاك لم يكتف بإعلان الجهاد فقط بل أرسل أبناءه فعلاً إلى جبهة القتال. إنهم تحمّلوا المشاق الصعبة على الجبهة منهم من أصيب بالزحار ومنهم من أنهكته المجاعة. ولكنّ سيدنا المصلح الموعود لم يسمح لهم بالعودة تحت عذر الأمراض. 

إنني أتذكر شخصيًّا أن بعضًا من أبنائه اشتكوا من معاناة شديدة وبالغة الخطورة وكانت حالتهم سيئة جدا لتعرضهم لظروف قاسية للغاية، فأصيب بعضهم بالزحار الدموي وكتبوا إلى حضرته أن يأذنهم بالعودة، ولكن المصلح الموعود الله لم يسمح لهم بذلك وقال: لا بد أن تبقوا هناك في كل الأحوال، وتخدموا البلاد والملة.

ولقد أحس المنصفون من غير الأحمديين بالخدمات الجليلة التي قدمتها الجماعة الأحمدية في تلك الظروف العصيبة، وشهدوا بها أيضا. لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر شهادة السيد حكيم أحمد دين رئيس جماعة المشايخ في مقاطعة سيالكوت إذ كتب في مجلة "القائد الأعظم" العدد يناير/ كانون الثاني ١٩٤٩م فقال: "تحتل الفرقة القاديانية من الجماعة الأحمدية مكان الصدارة بين جميع الجماعات الإسلامية. إنها جماعة ذات نظام متكامل منذ القدم وملتزمة بالصلاة والصوم وغيرها من الشعائر الدينية. لقي دُعاتها نجاحا باهرا في جهودهم التبليغية في بلاد أجنبيّة أيضًا فضلا عن هذا البلد. وللجماعة دور بارز في إنجاح الرابطة الإسلامية الحزب السياسي الوحيد لمسلمي الهند لتأسيس باكستان. المساهمة المخلصة التي قامت بها هذه الجماعة في جهاد كشمير جنبا إلى جنب مع المجاهدين الكشميريين لم يسبق لها نظير من حيث الشجاعة والإقدام في رأينا في أية فرقة مسلمة أخرى. نحن نمدح كبار هذه الجماعة على كل هذه الأمور ونشكرهم عليها. وندعوا الله تعالى أن يوفقهم أكثر فأكثر لخدمة البلد والملة والدين. 

كذلك أشاد قائد القوى المسلحة الباكستانية آنذاك"كتيبة الفرقان" بكلمات تعبر عن تقدير بالغ لها، ومنَحَ أعضاء هذه الكتيبة وثيقة الشهادة، أشاد من خلالها بخدماتهم الجليلة. هذه شهادة طويلة وسوف أقتبس منها مقتطفين وجيزين، تقول الشهادة: تضمنت كتيبتُكم شبابًا من مختلف مجالات الحياة." 

(كما قلت سابقا بأن هؤلاء الشباب المتطوعين كلهم قاموا بخدمات عسكرية على نفقاتهم الخاصة ولم يتقاض أحد منهم راتبًا)

 .... بمن فيهم الشباب والمزارعون والطلاب والأساتذة ورجال الأعمال، وكلهم كانوا مندفعين اندفاعًا قويًّا بعواطف خدمة باكستان. لقد قدمتم تضحيات نزيهة ببذل نفوسكم دون أن تتقاضوا راتبا أو تتمنوا شهرة. وكلت إليكم جبهة هامة في كشمير فما لبثتم أن أديتم حق الثقة التي كنا نضعها فيكم. لقد واجهتم عددًا هائلا من قوات العدو العسكرية والجوية في القتال، ولكنكم أدّيتم مسؤوليتكم بأحسن وجه دون أن تسمحوا للعدو أن يحتل بوصة واحدة من أرضكم."

هذه هي حكاية أولئك الذين تعتبرهم الحكومة الباكستانية الحالية خونة لباكستان والإسلام والبلاد الإسلامية. فأتوا أنتم أيضا أيها المعارضون، بخونة مثلنا إن كنتم على ذلك من القادرين.



نكران الجميل:

من الغريب حقا ومن أسوأ أنواع نكران الجميل أيضا ما تقوم به الحكومة الحالية. كان من المفروض أن تراعي الحكومة العسكرية زملاءها الأحمديين الجنود على الأقل، ولاسيما أولئك الضباط الأحمديين الذين نالوا مراتب الشرف العظيم بحصولهم على أوسمة البسالة مثل "نجم القائد الأعظم" و"هلال الجرأة"، وبسالتهم وشجاعتهم مسجلة في تاريخ باكستان بأحرف الذهب. ولكن للأسف الشديد يُهان اليوم في باكستان اسم هؤلاء الأبطال لمجرد كونهم أبناء الأحمدية.. هؤلاء الذين قدموا تضحيات عديمة النظير في سبيل البلد والملة، تستأجر الجرائد اليوم فلانا وعلانا لكتابة مقالات تافهة ضد هؤلاء الأبطال بأنهم كانوا خونة كلهم. تُكتب اليوم في الجرائد الباكستانية عن اللواء أختر حسين ملك، واللواء عبد العلي ملك وغيرهما من الضباط العسكريين الأحمديين مقالات هي من السخافة بحيث تترك الإنسان محتارًا بأنهم قد عموا لهذه الدرجة في عداوة الجماعة.

ولكن ما قلتموه عنهم بالأمس يُعبّر عن حقائق تاريخية فاسمعوها. اللواء (المتقاعد الآن) سرفراز خان، الحاصل على وسام "هلال الجرأة" والذي يحتل مكانة مرموقة في الجيش الباكستاني يقول بناء على مذكراته، وهو يعلق على حروب اندلعت بين الهند وباكستان "البراعة التي استخدمها اللواء السيد أختر ملك للهجوم على "شمب" (جبهة القتال داخل كشمير لا يمكن تسميتها إلا بالفتح. إذ كان في وضع يستطيع فيه أن يتقدم ويحتل جبهة "جوريان" لأن العدو كان قد ولى هاربًا بعد هزيمته على جبهة شمب، وكان يترقب إقدام جيش باكستان. ولكن هذا ما لم يُسمح له بالحدوث على صعيد الواقع لأنه كان هناك تخطيط مسبق لإعادة الفضل في كل تلك الإنجازات إلى اللواء " يحيى "خان" دون أن يحرك الأخير ساكنًا. ولكن من خابت آماله؟ نعم فقد جعلت الفرصة تفلت من اليد لإلحاق هزيمة كاملة بالهند." (جريدة "جنغ" لاهور، ١٩٨٤/٩/٦م ص٣ عمود ٦- ٧). فهل هؤلاء الأحمديون هم الخونة؟!

لقد غطت وسائل الإعلام في باكستان هذا الموضوع على نطاق واسع، ولكن الوقت لا يسمح لي ببيان كل ذلك مفصلا. غير أنني أرى من الأنسب ذكر أسماء تلك الجرائد والمجلات التي ذكرت هذه الأحداث بالإسهاب. فمنها جريدة "جنغ بلاهور ١٩٨٤/٩/١٠م، والمجلة الشهرية "حكايت" نيسان/إبريل ۱۹۷۳م ، ومجلة "الفتح" ١٩٧٦/٢/٢٠م، وجريدة "جنغ" ١٩٨٣/٤/١٢. -كذلك ورد في كتاب "حماة الوطن" (المطبوع من قبل مكتبة عالية شارع أيبـك بلاهــور (باكستان ذكرُ أعمال الشجاعة والجرأة والإقدام لهؤلاء المسلمين الأحمديين الباكستانيين. تبرهن هذه الأعمال بجلاء على حب المسلمين الأحمديين وحماسهم لتقديم التضحيات لوطنهم تبرهن الغالي. (الناشر)-.

أوردت جريدة "جنغ" الباكستانية في عددها ١٩٨٣/٢/١٦م الخبر نفسه بواسطة المصادر الخاصة بها وقالت كانت الهند مهددة بالخطر من قبل اللواء "أختر حسين "ملك" لدرجة أن أَمَرَ رئيس الوزراء الهندي آنذاك قائد قواته الجوية بألا يفلت أختر حسين ملك من اليد بشكل من الأشكال.

أخبركم الآن بمكنون قلب "شورش الكاشميري" الذي هدر حياته كلها في عداوة الأحمدية. لا شك أن الجندي الأحمدي عندما يُقاتل في ميدان الجهاد في سبيل الإسلام والمسلمين والوطن فإنه يتحبّب إلى القلوب ويكون بارزًا من ناحية أعماله الجريئة على صعيد الجهاد حتى يضطر العدو اللدود أيضًا للإشادة البالغة به وبأعماله ولو دأب على سبّه وشتمه في مناسبات أخرى، ولكن صوت الحق والصدق ينطلق أعماق القلب عفويًا ولا يُكبَت فحين شاهد "شورش الكاشميري" المذكور إنجازات اللواء الأحمدي "أختر حسين "ملك" اضطر للقول في بيت شعر له ما تعريبه: "لقد دعتكم أرضُ دلهي أيها الزملاء، فأسرعوا لتلبية دعوتها، وشُدُّوا عضد أختر ملك، أخبروا أودية غنغا * من أنتم؟ وبادروا مشهرين سيف "الذو الفقار" على جمنا . (مجلة جتان ٩/١٣/ ١٩٦٥)

غنغا وجمنا نهران في الهند مقدسان عند الهندوس. (المترجم).

عندما حمي وطيس الحرب لم ير "شورش" الكاشميري" لواء غير اللواء الأحمدي "أختر حسين "ملك" فنصح أصحابه لشد عضده. فإن الذي دعته أرض دلهي كان ابنا بارا للأحمدية. البطل الوحيد الذي رآه عدو الأحمدية اللدود في قلب المعركة كان بطلا أحمديًا. لقد لقي اللواء أختر حسين ملك ربَّه، وهؤلاء الأعداء قد تجردوا من العاطفة الإنسانية لدرجة كبيرة حتى أصبحوا يدقون ضريح هذا اللواء الذي كان محبًّا عظيمًا للوطن ومدافعا مخلصا عنه والذي اعترف العالم كله ببسالته وشجاعته.

 أما اللواء "عبد العلي ملك" فإنه متقاعد الآن. والله وحده أعلم بما يدور في قلبه حين يسمع هؤلاء النذلة والخسة الكامنين في كنف "حكومة إسلامية" في "بلد مسلم" وهم يسمونه خائنا لباكستان وعدوا للدول الإسلامية. هذا هو اللواء عبد العلي ملك" الذي اعتبرتموه إلى الأمس القريب بطلاً عظيمًا حينما كانت جبهة "شوندة" بل المنطقة كلها معرضة للخطر الداهم، وكان الضباط العسكريون المسؤولون يوعزون له ويقولون إنك لن تستطيع المقاومة بحال من الأحوال لذا يجب أن تتراجع. فقال اللواء عبد العلي ملك: لو تراجعت أنا مع كتيبتي لن يجد الجيش الباكستاني المتقهقر ملاذا إلا في العاصمة. لذا فإذا كان الموت مقدّراً لنا فأفضّل أن أموت على جبهة القتال ولن أتراجع ولو بوصة واحدة. ثم حين كتب الله تعالى له النصر والانتصار أشاد به كبار العلماء والمشايخ فضلا عن كبار الضباط العسكريين وقالوا هذا هو البطل، وجهاده هو الجهاد الحقيقي بكل معنى الكلمة. أذكر على سبيل المثال لا الحصر ما قاله الحاج عرفان رشدي، داعية مجلس علماء باكستان في ص٧٣ من كتابه "معركة الحق والباطل حيث نظم أبياتا وفيما يلي تعريبها : "حينما كان عبد العلي يقود الغزاة، كان يجول في الصفوف ويصول مثل الطوفان الجارف" فإلى الأمس القريب كان اللواء عبد العلي يجول في الصفوف مثل الطوفان، أما اليوم فقد جال الكذب في عروقكم مثل الطوفان. ما لكم لا تخجلون ولا تندمون ولا تدرون ما تقولون وضد من تنسجون الأباطيل والأكاذيب.





خدمات الأحمدية لفلسطين:

اسمعوا الآن قصة فلسطين عندي مواد كثيرة في هذا الصدد لذا أرى من المستحيل إنهاء الموضوع في خطبة اليوم. غير أنني سوف أحاول أن أعرفكم اليوم بالقضية من حيث المبدأ هناك نوعان من التهمة المتعلقة بالخيانة التي تلصق بالأحمدية:

إحداهما: قد أخفقت قضية فلسطين بسبب شودري ظفر الله خان، لأنه أفسدها بسوء تقديمه إياها. ولو قام أحد غيره برفع هذه القضية لنجحت، فكأن شودري محمد ظفر الله خان تعمد الخيانة بمصلحة إسلامية.

والثانية: أن الأحمديين عملاء لإسرائيل، وهناك ٦٠٠ منهم يخدمون في الجيش الإسرائيلي حاليًا. والغريب في الأمر أن عدد ٦٠٠ لازال كما كان منذ ١٠ أو ١٥ سنة. لم يُقتل واحد منهم في أي قتال ولم يمت أحد بموت طبيعي أيضا منذ ١٥ سنة. كما لم يزدد عددهم بشكل من الأشكال بل بقي على حاله طوال هذه الفترة كما يقولون.

ويُقال أيضًا في هذا الصدد بأن للأحمدية مركزا في إسرائيل، لذا فإن الأحمديين عملاء لإسرائيل لا محالة. هذا ملخص التهم التي تلصق بالأحمدية باعتبارهم إياها عميلة لإسرائيل - يجدر التنويه هنا إلى أن مركزنا في فلسطين، يقع في القسم الإسرائيلي حاليا، وقد أُسس عام ۱۹۲۸م قبل تقسيم فلسطين وتأسيس إسرائيل بعشرين سنة. ولا يوجد في الجيش الإسرائيلي أحد من الأحمديين أبدا، كما لا يخدم أحد منهم في شرطتها، في حين يخدم المسلمون الشيعة "الدروز" في الجيش والشرطة الإسرائيليين. وشهد على ذلك وجوه العرب وزعماؤهم في إسرائيل من خلال رسائلهم. (المترجم)-.

* أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نعرف ما هو المركز؟ وما المراد منه؟ إن معارضي الأحمدية لا يعرفون حتى بحقيقة المركز. إنهم قرؤوا كلمة المركز في كتاب "المراكز التبليغية للجماعة الإسلامية الأحمدية"، وما لبثوا أن شنوا الهجمات. فإما إنهم منخدعون بأنفسهم أو يتعمدون خداع العالم إذ يزعمون أن لهذا المركز أيضًا صفة المراكز السياسية التي تقيمها الحكومات. وعامة الناس عندما يسمعون مثل هذا الكلام لا يعرفون حقيقة الأمر بل يتركون الأمر على عواهنه ويحتارون من أمرهم، إذ يحسبون أن العالم الإسلامي كله قد قاطع إسرائيل، ولكن الأحمديين أقاموا فيها مركزًا لهم، وكأن لهم علاقات على مستوى السفارة. بالله عليكم، كيف يكون مركز سفاري في الخارج للذين ليس لهم بلد أو حكومة مستقلة في أي مكان؟ المراد من مركز الأحمدية هو المركز التبليغي لا غير. أي المركز المهاجم من قبل الإسلام على اليهودية. المركز الذي هو في حالة جهاد مستمر بكل شجاعة وبسالة ضد الباطل ويحاول ضم اليهود إلى صفوف الإسلام. لماذا لا تدعون الله أنتم أيضًا حتى يوفقكم لإقامة مراكز كهذا. فالحق أن المعارضين يجهلون الحقيقة وليست تصرفاتهم هذه إلا الشغب والضجيج الفارغين اتخذهما المحترفون كحرفة لهم. إنهم اختلقوا بعض المصطلحات ثم بدؤوا يشيعونها بين الناس من غير وجه حق. وقد نحلوا بعض الأكاذيب التي يصدقها المسلمون السذج بمنتهى البساطة. وما يُسعدني هو أنه يتضح من سلوك الناس البسطاء هذا أنهم يكنون حبًّا بالغا للإسلام والظالمون هم أولئك الذين غيروا مجرى عواطفهم وحبهم إلى اتجاه غير صحيح. لو لم تكن العامة يحبون الإسلام لما خالفوا الأحمدية أبدًا عند إثارة المشايخ إياهم. لذا من واجبنا أن نصل إلى هؤلاء المحبين للإسلام ونخبرهم بالحقيقة بغض النظر عمّا يقوله المشايخ ظلمًا وزورا. من المهم جدا الوصول إلى عامة المسلمين مباشرة لأنه حيثما وُجد الحب للدين فقد وضع الله خيرًا في صاحبه. ولا يمكن أن يضيع الله قوما يحبون الإسلام. لذا إنني على ثقة كاملة أن المسلمين من الهند كانوا أو إندونيسيا أو ماليزيا أو البلاد العربية أو الأفريقية أو غيرها كلما اطلعوا على الحقائق عن الأحمدية تأثروا بها حتمًا ، ولا بد أن يؤيدوا من يؤيده الإسلام، ويميلوا إلى من معه الإسلام والقرآن والرسول، انهم سوف يؤيدون الصدق والحق. 

إن معارضتهم للأحمدية نابعة من حبهم للإسلام، وإن كان ذلك بسبب جهلهم بحقيقة الأمر، إذ يُقدّم إليهم العدو صورة الأحمدية مشوّهةً تماما وكأنها عدوة للإسلام. ويقالُ لهم :أنظروا إن الأحمديين أقاموا مركزا في إسرائيل فثبت كونهم عملاء لها.

أقول: إن مجرد وجود المركز في بلد ما ليس دليلا على صحة اتهامهم، وليس قولهم إلا حمق وغباوة. من المعلوم أن لباكستان مركزا سفاريًا في روسيا، فهل أصبحت باكستان عميلة لروسيا؟ وهل باكستان عميلة لأمريكا وبريطانيا والبلاد الأخرى كلها التي فيها سفارات باكستانية؟ 




تعتيم الحقائق:

كما قلت سابقا، ليس لنا في إسرائيل مركز مثلما يكون لبلد مركز في بلد آخر على مستوى الحكومة. حتى لو كان الأمر كذلك فمع ذلك إن استنتاجهم الآنف الذكر نابع عن الجهل والغباوة لأنه لا يقدر أحد على أن يبين لنا ما هو ذلك الظلم وما هو نوع العمالة التي يقوم بها الأحمديون في إسرائيل؟

لم يقدر أحد من معارضينا إلى يومنا هذا على أن يثبت أن جماعتنا قبلت مليمًا واحدًا كمساعدة مالية من جهة خارجية، حكومة كانت أم جماعة، لأننا لسنا بحاجة إليها بفضل الله تعالى.

السؤال هو: ما هي تلك الخيانة أو التصرفات التي تقوم بها الأحمدية؟ بينو لنا إن كنتم تملكون شيئًا من الحياء أو الصدق. واقرؤوا أحداثًا سجلها مؤرخوكم لتعرفوا "خيانة" الأحمدية ضدكم. تذكروا معركة "شدهي" وتذكروا أحداثًا جرت في أودية كشمير، وتذكروا جبهات القتال بين الهند وباكستان حيث ضحى المسلمون الأحمديون بأرواحهم بحماس مفرط في سبيل وطنهم باكستان، وهل تتذكرون جبهة كشمير حيث احتشد الأحمديون صغارا وكبارا، شبابًا وشيوخا وطلابا وأساتذة، بل من جميع فئات المجتمع، على نفقاتهم الخاصة لبذل حياتهم في سبيل الوطن وليس لجلب منفعة دنيوية. فهل هذه الأحداث تعكس خيانة من أجل إسرائيل؟ وماذا تستفيد إسرائيل بتقوية قوم هذه أسوتهم وهذه شمائلهم؟

من هم الخونة في الحقيقة؟ هذا ما سوف أميط اللثام عنه لاحقا، عندها سوف تعرفون بوضوح من هم الخونة والعملاء للأعداء.

على أية حال إن اعتراض المعاندين على جماعتنا أن لها مركزا في إسرائيل اعتراض مثير للاستغراب، إذ لا ينتبه أحد إلى حقيقة أن فرع الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية كان قد تأسس رسميًا في دولة فلسطين حين لم يكن لإسرائيل وجود على وجه الأرض. وما زال ذلك الفرع موجودًا إلى الآن. وحيثما توجد جماعتنا في أنحاء العالم توجد مراكزنا أيضًا، ويشتغل فيها دعاتنا يربون الأحمديين تربية دينية. وعلاوة على ذلك يجب أن تعرفوا أن هناك مساجد لغير الأحمديين من المسلمين في إسرائيل يتوظف فيها كثير من العلماء. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تعرفوا أيضًا أن هناك فرقا غير قليلة من المسلمين تقطن في أرض فلسطين التي تحتلها إسرائيل، ولكل فرقة مساجدها وأئمتها وهذا ما يُسمّى مركزاً. فهل صار العالم الإسلامي كله عميلاً لإسرائيل؟ وإذا كان الأمر هكذا فلا يختلف الأمر شيئا، لأن الأحمديين أيضا يسلكون مسلكهم. غير أن ما أؤكد عليه هو أن الأحمدية لم تقم مركزا لها في إسرائيل بعد قيام حكومة اليهود فيها. ولو قال أحد بذلك لكذب كذبًا شنيعا ولافترى علينا بهتانا عظيمًا.

واقع الأمر أن الجماعة الإسلامية الأحمدية أرسلت دعاتها إلى تلك البقاع عام ١٩٢٤م لأوّل مرة. ثم تأسس مركزها الرسمي هناك عام ۱۹۲۸م. في حين إن حكومة إسرائيل تأسست عام ١٩٤٨م على ما أظن. فالبلد الذي كان المسلمون الأحمديون المحليون يقطنونه، وكان الفرع الفعّال للجماعة موجودا فيه بفضل الله تعالى قبل ٢٤ عامًا من قيام حكومة إسرائيل، فهل إرسال الدعاة إلى تلك البقاع يُسمّى عمالة لإسرائيل عند معارضينا؟!






بيانات الزعماء المسلمين من فلسطين:

هناك صديقنا الأحمدي الفلسطيني ضمن أبناء الجماعة في الكبابير اسمه السيد إبراهيم، سمع عن الضجة الحالية التي يثيرها المشايخ في كافة أنحاء العالم زاعمين أن الأحمدية عميلة لإسرائيل قال عفويًّا: إن علماء فلسطين لا يعرفون بذلك على الإطلاق. وأضاف وقال: إن باكستان بلد أمره غريب للغاية إذ يثير مشايخه ضجّة بهذا الخصوص في كافة بلاد العالم ولا يخبرون بذلك العرب فقط الذين يهمهم الأمر . فاجتمع السيد إبراهيم مع علماء المسلمين الكبار وأخبرهم بخطورة الموقف وقال: يتهمنا بعض المعارضين بأننا نحن الأحمديين عملاء إسرائيل، وأننا نخدم في جيش إسرائيل. فكتب هؤلاء العلماء شهادات وختموها وسمحوا له بنشرها حسبما شاء.

إن هؤلاء العلماء العرب كانوا يخشون الله ولم يخافوا لومة لائم لقولهم الحق. رسائلهم في هذا الموضوع طويلة جدًا ولكنني ألخصها لكم خوف التطويل حيث اعترفوا أن الجماعة الأحمدية جماعة مسلمة، تؤمن بالله وتهتم بالأمور الدينية والإسلامية البحتة، ليست لها علاقة بالسياسة. وإنهم أناس نبلاء محترمون يتمسكون بالقيم الأخلاقية والاجتماعية السامية. يحبون الجميع ويحافظون على التعاليم الدينية. وأبناء هذه الجماعة يتحلون بخصائل حميدة وأخلاق حسنة. إنها جماعة صادقة ومحبة للوطن وجديرة بالتقدير. لا تساهم في نشاطات إسرائيل العسكرية. تحترم القانون وتبتعد عن اللهو واللعب. هذا ملخص وثيقة الشهادات التي منحها المسلمون البارزون من أراضي فلسطين المحتلة ووقعها القاضي الشرعي لمدينتي عكا وحيفا، الشيخ محمد عبد العزيز إبراهيم، ومحافظ مدينة "شفا" السيد نمير حسين، ورئيس البلدية السيد عامر حمير الدرويش، وعضو البرلمان السيد محمد وتد، والسيد محمد خالد مساور المحامي، وأمين لجنة الدعوة الإسلامية السيد فتح توراني، والسيد محمود صالح مدير المدرسة الثانوية، والدكتور سامي مرعي المحاضر في جامعة حيفا. وهكذا جمع أخونا إبراهيم بطريقة حكيمة أقوالا لرجالات من جميع مجالات الحياة. 




عليكم بإثبات التهمة:

في إحدى المرات ألفتُ كُتيبا ردًّا على كتاب المعارضين: "من ربوة إلى تل أبيب" -ومن أراد مزيدًا من الاطلاع على هذا الموضوع فليرجع إلى الكتيب المذكور ص٨٤ إلى ٨٨. (الناشر)-، قلتُ فيه: "اتقوا الله يا من تسمّون أنفسكم علماء الدين! تقولون إن ٦٠٠ من الأحمديين يتوظفون في جيش إسرائيل. فأخبرونا أيّ عميل لليهود زف إليكم هذا الخبر؟ ما هو مصدركم لهذا الخبر؟ لقد تحديتُهم قائلا أن أخبرونا بأسماء ٦٠ من هؤلاء الجنود فضلاً عن ٦٠٠ أو ٦ أو واحد على الأقل ممن توظف في جيش إسرائيل، من باكستان كان أو غيرها من البلاد، إن كنتم قادرين أو صادقين. ولكنهم لم يقدروا على تقديم اسم واحد لأنه ليس موجودا أصلاً. مشكلتهم هي أنهم لا يستطيعون تقديم اسم افتراضي ولو فعلوا ذلك لاضطروا إلى بيان هويته وعنوانه حتى يتمكن من يشاء من التحقيق في الموضوع. ليس قولكم هذا أيها المتهمون كمثل انتخاباتكم المحلية في باكستان حيث تُسجلون أصوات الأموات أيضًا في قائمة الناخبين ثم تُدلون بها حسب رغبتكم. فلو كنتم تتهموننا بتوظف الأحمديين الباكستانيين في الجيش الإسرائيلي فلا بد لكم من بيان أسمائهم وهوياتهم وعناوينهم.




إخلاص الأحمدية لعالم الإسلام:


أما فيما يتعلّق بإخلاص الأحمدية وولائها للعالم الإسلامي فهو غني عن البيان منذ يوم تأسيس الجماعة إلى يومنا هذا، فكانت الأحمدية بفضل الله على صلة متينة ومخلصة مع المصالح الإسلامية المنوطة بفلسطين منذ ذلك الوقت الذي ما كان فيه المعارضون يعرفون عن قضية فلسطين شيئا حتى لم يكونوا على معرفة كافية باسم فلسطين أيضًا. إن خلفاء الجماعة الإسلامية الأحمدية كانوا ينبهون مسلمي فلسطين في الوقت المناسب إلى كل خطر أطلّ برأسه وكانوا يأمرون أبناء الجماعة بالقيام بأية خدمة ممكنة لهم. هذه حكايات ما زالت تجري على ألسنتكم عما جرى قبل انقسام الهند حتى اعترفت بها جرائد "الأحراريين" أيضا، مما يعني أنكم أقررتموها بلسانكم ورقمتموها بأقلامكم، بما فيها قولكم "الولاء الذي أبداه السيد ميرزا محمود أحمد القادياني للمسلمين وعالم الإسلام قلما يُوجد له نظير.

 الجرائد التي تكرّس جُلّ وقتها لعداوة الأحمدية، عندما تنطق بالحق والصدق، على الرغم من بُغضها وضغينتها، يُعتبر قولها شهادة الحق والفضل، لأن الفضل ما شهدت به الأعداء. كانت هناك جريدة "زمزم" الناطقة بلسان الأحراريين وكانت مكرسة لعداوة الأحمدية، وعلى الرغم من ذلك كتبت متأثرة بجهود نبيلة بذلها سيدنا المصلح الموعود له لحماية مصالح مصر حين تعرضت لخطر داهم وذلك قبل تقسيم الهند، فكتبت الجريدة المذكورة في عددها ۱۹ يوليو ١٩٤٢م ما يلي: "الغيرة الإسلامية التي أظهرها في الظروف الراهنة حضرة الخليفة على مصالح مصر والحجاز المقدس الجديرة بالتقدير. لقد مثل حضرته عواطف المسلمين أحسن تمثيل بإظهاره هذه الغيرة." 

لاحظوا أن الأعداء الألداء أيضًا لا يرون أحدا يستطيع تمثيلهم إلا المسلمين الأحمديين وكانوا يعتبرون إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية أفضل ممثل للمسلمين.

الأحمدية تسبق غيرها دائما بفضل الله تعالى في خدمة المسلمين أيا كان نوعها. ولكن ما الذي حدث بكم اليوم أيها المعارضون؟ ألم يبق فيكم شيء من خشية الله وتقواه .. لقد تناسيتم كل ما قلتموه إلى الأمس القريب، فبدأتم تتفوهون اليوم على عكس ما كنتم تنادون به إلى الأمس القريب.

أكتفي بهذا القدر في هذه الخطبة وسوف أقرأ على مسامعكم بعض المقتطفات الأخرى في هذا الصدد في الخطبة القادمة بإذن الله. وسوف أشرح كيفية الدور الذي أداه السير محمد ظفر الله خان في القضايا السابقة الذكر. ولسوف أبين أيضًا كيف أشادت الدنيا بدوره، وكيف مدحه العرب أنفسهم لدوره هذا وقدروه وأشادوا بإيمانه وإخلاصه وولائه للإسلام بكلمات جميلة. كما سأبين لكم ما هي الجهود الجبارة التي قام بها سيدنا المصلح الموعود في هذا الصدد ؟ وما قام به أعداء الإسلام من مساع نتيجة لأعماله البارزة لخدمة الإسلام. فكل هذه الأحداث شائقة وممتعة تضمها أوراق التاريخ ويجب أن يطلع عليها أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية. إذ تصلني الرسائل من الإخوة عن السلسلة الجارية للخطب حيث يظهر منها أن بعضًا الأحمديين أيضًا كانوا يجهلون هذه الحقائق. وكتب إلي بعض الشباب ولا سيما الإخوة القاطنين في ألمانيا أنهم قبل هذه السلسلة من الخطب كانوا يجدون بعض الصعوبة عند الردّ على بعض الأسئلة المطروحة من قبل المعارضين لأنهم ما كانوا يعرفون الردود المناسبة عليها ؛ ولكنهم أصبحوا الآن يردّون عليهم بالثقة المتناهية مما جعل الأعداء يضطربون. كذلك يكتب إلي الإخوة أن مشاجرات ساخنة وقعت في صفوف المعارضين في بعض الأماكن إذ يشجبهم الناس قائلين إنكم أنتم الكاذبون والحق مع الأحمديين.

إذن فعندما ينطق الحق بأعلى صوته يؤثر هذا الصوت في القلوب لا محالة. لكن من واجبكم أن تتسلحوا بأسلحة الحق والصدق. وليكن كل أحمدي على معرفة كاملة بالحقائق. لذا فإنني سوف أسلّط الضوء في الخطبة القادمة بإذن الله على ما تبقى من هذه الحقائق، وسوف أقوم بإدانة المعارضين بناء على ما خرج من أفواههم وأقلامهم. وفقني الله لذلك. (أُلقيت بتاريخ ۸ آذار / مارس ۱۹۸۵م في مسجد "الفضل" بلندن)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...