التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المحبة الحادية عشرة

  الصفحة 315

المحبة الحادية عشرة

دعاوي سيدنا أحمد عليه السلام وشهادات السلف الصالح

أُلقيت بتاريخ ٥ أبريل/نيسان ١٩٨٥م


أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيمِ * اَلْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالك يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (آمين)

 وَقَالُوا قُلُوبُنَا في أَكنَّة مما تَدْعُونَا إليه وفي آذَانَنَا وَقْرٌ وَمَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ حجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِليَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهُ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إليه وَاسْتَغْفَرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ) (فُصِّلَتْ: ٦-(V

أردّ في السلسة الحالية من الخطب على اعتراضات وجهتها حكومة باکستان الحالية إلى الأحمدية في "البيان" "الأبيض" المزعوم. فقد اخترت بعض الاعتراضات الأخرى للرد عليها في خطبتي اليوم. تقول الحكومة معترضة على الأحمدية:

"من التصريحات الغريبة للميرزا قوله : إن كيانه الروحي أعلى بكثير كيان الأنبياء السابقين ونقتبس بعض النصوص من كتابات الميرزا مثالا على مثل هذه التصريحات منها قوله : "إن الله بعث من هذه الأمة مسيحا موعودًا هو أعلى مرتبة وشأنا من المسيح السابق. والذي نفسي بيده لــو كان المسيح بن مريم في زمني لما استطاع إنجاز ما أستطيع إنجازه، ولما قدر على إظهار آيات تظهر مني." (حقيقة الوحي الخزائن الروحانية ج ٢٢ ص ١٥٢)

 ثم يشيرون إلى مقتبس آخر من تتمة حقيقة الوحي ص ٨٤-٨٥ ويجعلونه عرضة للاعتراض، فقد جاء في المقتبس:

"لم يسبق في الدنيا نبي إلا وقد أُعطيتُ اسمه. فقد قال الله في الإلهامات المدونة في "البراهين الأحمدية": أنا آدم، أنا نوح، أنا إبراهيم، أنا داود، أنا موسی، أنا إسحاق، أنا يعقوب، أنا إسماعيل، أنا عيسى بن مريم، أنا محمد رسول الله. أعني بصورة ظلية. فكما أن الله تعالى سماني في هذا الكتاب بالأسماء المذكورة كلها وقال عني: "جري الله في حلـــل الأنبياء"، فلا بد أن يوجد في نفسي شأن كل نبي.

كذلك فقد أثير اعتراض آخر أيضا، وهو أن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود اعتبر وَحْيه مماثلا لوَحْيِ الأنبياء الآخرين. والحقيقة أن كلا الاعتراضين من نوع واحد.






لا فرق بين الأنبياء من حيث نزول الوحي:

وليعلموا أننا نجد في القرآن الكريم نوعين من الآيات في صدد الأنبياء. يقول الله في موضع: كلّ آمَنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق رسله. وقد نُسب هذا الإعلان إلى النبي وأتباعه. ثم يقول الله تعالى في موضع آخ:  تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض.  وإذا كان الإمام المهدي والمسيح الموعود يندرج في قائمة الأنبيـاء الآيتين المذكورتين، ففي الآيتين رد كاف على كلا الاعتراضين، إذ لا فرق بــين الرسل من حيث مصدر الوحي، إذ إن الوحي المقدس النازل على كل نبي إنما ينزل من عند الله، فلا فرق في وحي الله من ناحية عظمته وقوته وصحته، سواء أكان ما نزل على رسله قبل النبي ، أو الذي سوف ينزل على الرسل في المستقبل. أما فيما يتعلق بالمراتب، فالأمر في يد الله، يهب لمن يشاء مرتبة عليا ويهب لمن يشاء دونها. فقد فضل الله بعض الأنبياء على بعضهم الآخرين. فلم يبق الآن إلا أن نرى فيما إذا كـــان الإعلان الذي قام به سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بأنه أُعطي أفضلية على بعض الأنبياء السابقين يليق به أم لا؟







نزول الوحي على الأولياء: 

إن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود قد أعلن المهدوية والمسيحية، والمعلوم أن السلف الصالح من الأمة وأولياء الله والمجددين قد صرحوا عن المهدي والمسيح الموعود بكلمات واضحة أن مكانتــه لـن تكون مثل شخص عادي من الأمة، حتى كتب بعضهم بوضوح تام أن مكانته تكون أرفع من بعض الأنبياء السابقين أيضا. ولو غضضنا الطرف عن المهدي المنتظر والمسيح الموعود أيضا، لوجدنا في الأمة الصلحاء الذين لم يعلنوا المهدوية أو المسيحية، ولكنهم رغم ذلك أدلوا عن أنفسهم بتصريحات مماثلة للتي قام بها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عن درجته بل أكبر منها أيضا. أما فيما يتعلق بالوحي المذكور في تصريحاته، فنجد ذكراً مماثلا له في تاريخ الأمة المحمدية. وفيما يتعلق بأفضليته على الناس عامة فنجد كثيرا من التصريحات من هذا القبيل التي قام بها الصلحاء في الأمة في أكثر من موضع. سأسوق لكم مثالين حول موضوع الوحي.


لنأخذ الإمام محي الدين ابن عربي مثلا، فإنه لم يدع تلقي الوحي فحسب، بل أعلن معراجه أيضا، وقال: وخلع علي خلعة ما رأيت مثلها. فقلت: إلهي الآيات شتات، فأنزل علي عند هذا القول: قل آمنــــا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحـــــد منهم ونحن له مسلمون ) (آل عمران: ۸۵)، فأعطاني في هذه الآية كل الآيات وقرَّب على الأمر وجعلها لي مفتاح كل علم، فعلمتُ أني مجموع من ذكر لي." (الفتوحات المكية ج ٣ ، باب في معرفة منزل التوكل الخامس الذي ما كشفه أحد مـــن المحققين)

كذلك ذكر الخواجة مير درد الدهلوي في كتابه (علم الكتــاب) تحــت عنوان: "التحديث بالنعمة بأن إلهاماته شأنها شأن إلهامات الأنبياء السابقين، لأنه تلقى الإلهامات بكلمات آيات قرآنية، 

فمن إلهاماته: "ولا تتبع أهواءهم واستقم كما أُمرت."

 ثم يقول بأنه أوحي إليه أيضا: "أَفَحُكْم الجاهلية يبغون في زمان يُحكم الله بآياته ما يشاء."

وأوحى إليه أيضا:

"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم." (علم الكتاب للخواجه مير درد.





الأفضلية على المسيح الناصري،

أما فيما يتعلق بأفضلية مؤسس الأحمدية على المسيح الناصري عليهما السلام فقد ذكر حضرته الحكمة أيضا من ورائها. وليس لشخص واعٍ يؤمن بالإسلام وبأفضلية سيدنا ومولانا محمد أن يعترض عليها دون يضيع إيمانه. البرهان الذي أقامه سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود هو كالآتي.

"تذكروا أنني كُلّفتُ بخدمة إصلاح الدنيا كلها لأن سيدنا ومطاعنا صلى الله عليه وسلم كان قد جاء إلى الناس كافة. فبسبب هذه الخدمة العظيمة قد أُعطيت قوى وقدرات كانت ضرورية لحمل هذا الحمل. نحن ورثة القرآن الكريم الذي تعليمه جامع للكمالات كلها وموجة إلى العالم كله. أما عيسى فكان وارثا للتوراة التي كان تعليمها غير كامل وخاصا بقوم معين، لذا اضطر أن يبين في الإنجيل أمورا كانت غامضة في التوراة. ولكننا لا نستطيع أن نضيف شيئا إلى القرآن، لأن تعليمه أتم وأكمل ولا يحتاج، مثل التوراة، إلى أي إنجيل " حقيقة الوحي الخزائن الروحانية، ج٢٢ ص ١٥٥)





إعلانات السلف الصالح للأفضلية على الأنبياء:

أما فيما يتعلق بإعلانات السلف الصالح بهذا الخصوص، فقد قال سيدنا

علي :

"أنا نقطة باء بسم الله، أنا جَنْبُ الله الذي فرطتم فيه، وأنا القلم، وأنا اللوح المحفوظ، وأنا العرش وأنا الكرسي وأنـا السماوات السبع والأرضون." (شرح فصوص الحكم لمحمد داود قصري رومي، ص۱۱۸)

يقول الإمام جعفر - وهو الإمام السادس للشيعة ومن الصلحاء العظام في الأمة، وكان أستاذا أيضا للإمام أبي حنيفة رحمه الله - بأن المهدي المقبل سوف يصرح:

يا معشر الخلائق، ألا ومن أراد أن ينظر إلى آدم وشيث فها أنا آدم و شيث، ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل، ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع فها أنا ذا موسى ويوشع. ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنا ذا عيسى وشمعون. ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد وأمير المؤمنين صلوات الله عليه فهــا أنــا ذا محمد وأمير المؤمنين. ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين فها أنا ذا الحسن والحسين. ومن أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين فها أنا ذا الأئمة . " (بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار للشيخ محمد باقر المجلسي، المجلد ۱۳، الجزء ٥٣ ص ۹)





أقوال الأئمة وتصريحات سيدنا أحمد:

لم تقدم حكومة باكستان شيئا جديدا ضد الأحمدية بل أيدتها على غير قصد منها بتقديمها المقتبسين المذكورين لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، فإذا كانت المكانة التي ذكرها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود في هذين المقتبسين لا تليق بالمهدي المنتظر لبطلت أنباء السلف الصالح كلها. لقد ذكر صلحاء الأمة مسبقا أنه لابد للإمام المهدي من القيام بهذه التصريحات، ولو كان حضرته قد أعلن الإمامة والمهدوية وامتنع عن هذه التصريحات لعد الكاذبين، وكذلك ثبت كذب أولئك الأئمة أيضا الذين قاموا بهذه النبوءات. فلا بد لكم أيها المعترضون مـــن الاعتراف بصدق أحمد حسب قول الإمام جعفر رحمه الله الآنــف الذكر. وإن كنتم تعتبرون سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود كاذبا بناء على تصريحاته، فلا بد أن تكذبوا الإمام جعفر رحمه وترفضوا كونه صالحا أيضا.

ولكن سلسلة التصريحات هذه لا تنتهي عند الإمام جعفر، بل إن الإمام الخميني أيضا الذي يعتبره الشيعة حائزًا على مكانة نائب الإمام، يقول عن أئمة الشيعة ناهيك عن المهدي المنتظر :

من لوازم ديننا أنه لا يصل إلى مكانة الأئمة مَلَكُ مقرب ولا نبي ومرسل." (ولاية الفقيه أو الحكومة الإسلامية ص٥٨ نقلا عن كتاب: السيد الخميني في مرآة كتاباته، لعبد الله محمد العريب)

كذلك من المعلوم أن الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله لم يدع المسيحية ولا المهدوية، ولكن المكانة السامية التي وهبها الله وحل لصلحاء الأمة هي عظيمة لدرجة لا يتصورها المشايخ المتمسكون بظواهر النصوص والمتجردون من المعرفة الحقيقية. 

فيورد الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن جرير اللخمي في تأليفه بهجة الأسرار، قول الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله:

"الإنس لهم مشايخ والجن لهم مشايخ والملائكة لهم مشايخ، وأنا شيخ الكل .. الكل.... لا تقيسوني بأحد ولا تقيسوا على أحدا." (بهجة الأسرار ومعدن الأنوار لنور الدين اللخمي، وفي الهوامش فتوح الغيب لعبد القادر الجيلاني ص۲۳)

 ويورد السيد نواب صدیق حسن خان في كتابه "حج ص ٣٨٦ ، القول التالي للإمام ابن سيرين رحمه الله: 

"قال ابن أبي شيبة في باب المهدي عن محمد بن سيرين قال: يكون في هذه الأمة خليفة خير من أبي بكر وعمر . قيل خير منهما ؟ قال : قد كاد يفضل على بعض الأنبياء. وفي لفظ : لا يفضل عليه أبو بكر وعمر. سيوطي كفتــه (أي قــال االسيوطي)، هذا إسناد صحيح.





الظل الكامل للرسول صلى الله عليه وسلم:

هذا، وقد ذكر اسم ولي الله الدهلوي بكل تقدير واحترام في الكتيب الحكومي المنشور ضد الأحمدية في باكستان، واعتبر فيه حضرته كحجـــة وفلسفي كبير يدرك مصالح الأمة جيدا. يقول ولي الله الدهلوي نفسه عن الإمام المهدي والمسيح الموعود:

"حق له أن ينعكس فيه أنوار سيد المرسلين . يزعم العامة أنه إذا نزل في الأرض كان واحدا من الأمة، كلا. بل هو شرح للاسم الجامع المحمدي ونسخة منتسخة منه وشتان بينه وبين أحد من الأمة." (الخير الكثير الملقب بـ "خزائن الحكمة" لشاه ولي "خزائن الحكمة" لشاه ولي الله الدهلوي ص۷۸).






منزلة المهدي الموعود:

يقول الإمام عبد الرزاق القاشاني:

"المهدي الذي يجيء في آخر الزمان، فإنه يكون في أحكام الشريعة تابعا لمحمد ، وفي المعارف والعلوم والحقيقة تكون جميع الأنبياء والأولياء تابعين له كلهم، ولا يناقض ما ذكرناه لأن باطنه بـاطـن محمــد" (شرح فصوص الحكم للشيخ عبد الرزاق القاشاني، ص٥٧)





حقيقة الظلية:

يقول الشاه ولي الله الدهلوي رحمه الله عن حقيقة الظلية، بأنها تكون:

"... تارة أخرى بأن تشتبك بحقيقة رجل من آله أو المتوسلين إليه كما وقع لنبينا بالنسبة إلى ظهور المهدي. (التفهيمات الإلهية ج۲ ص١٩٨)




 الطريق السهل للحكم:

إذن فهذه أقوال صلحاء الأمة المتفق على كونهم أصحاب الكشوف والإلهامات والذين كانوا أقطاب زمنهم، منهم من كان مجددًا لعصره ونال في الأمة منزلة سامية لدرجة لا يصلح مشايخ الظاهر في العصر الحاضر حتى لتسوية أحذيتهم. فهناك أمامكم يا) من تعارضوننا) سبيلان اثنان للحكم: إما أن تصدروا فتاوى الكفر ضد هؤلاء الأطهار أيضــا كمـا تصدرونها ضد سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود وجماعته، أو إن كنتم ترون أن صلحاء الأمة هؤلاء أدركوا ببصيرتهم الروحانية من منزلة الإمام المهدي والمسيح الموعود، إدراكا صحيحا، وبينوها بيانا سليما عليكم - إن كنتم تملكون قليلا من العدل والتقوى – أن تسحبوا اعتراضاتكم ضد سيدنا الإمام المهدي أيضا، التي لا أساس لها من الصحة، واقبلوا كل تصريحاته من صميم قلوبكم. ولكنه يبدو مستحيلا لأنكم تبيحون قتل أتباع الإمام المهدي والمسيح الموعود بسبب تصريحاته هذه. لقد أصدرتم الفتاوى بأنه يجب أن تُنهب بيوت الأحمديين وتُحرق أموالهم وما ادخروه، ويُقتل أولادهم وأزواجهم أمام أعينهم. إن كنتم تبيحون كل ذلك بسبب تصريحات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود، فعاملوا الأئمة السلف الصالح وأتباعهم أيضا المعاملة نفسها. ولكنني أعرف جيدا أنكم لن تجرؤوا على ذلك لأنكم متجـــردون عــــن التقوى، ولا تملكون إلا ألسنة كالأسنة. كان السلف الصالح الذين ذُكرت أسماؤهم يعتقدون عن الإمام المهدي بأنه سوف يكون حائزا على منزلة سبق ذكرها آنفا، فكان واجبا على المهدي المنتظر أن يقوم بكل هذه التصريحات التي تدل على صدقه لا على كذبه. ولو لم يقم حضرته بتلك الإعلانات لنهضتم أنتم وطعنتم فيه وقلتم إنك كاذب لعدم تصريحك بكذا وكذا لأن الأئمة القدامى قد تنبأوا بذلك مسبقا.





اعتراض على التصريحات التدريجية:

 وجاء ضمن قائمة الاعتراضات

"كما ذكرنا سابقا أن الميرزا لم يُظهر في البداية رغبة حقيقية في إعلان النبوة. لقد بدأ مشواره من التشوش الذهني عن ختم النبوة، ثم ظل يتقدم إلى جهته المنشودة بسرعة حتى ادّعى النبوة وسط تذبذب شديد وتصريحات متضاربة."

والاعتراض الآخر هو :

"كان الميرزا منذ أيام شبابه مصابا بالصرع وأوجاع الأعصاب. وكان يُغمى عليه أحيانا بسبب نوبات الهستيريا، وكان مصابا بداء السكر أيضا. والغريب أنه اعتبر المرضين الهستيريا والسكري برهانا على صدقه ، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد تنبأ بمرض يصيبني . فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ينــــــــزل االمسيح بين مهرودتين". نقلا عن المجلة: تشحيذ الأذهان، حزيران عــــام ١٩٠٦م، ص ٥ . " (الكتيب المذكور)

 لابد أن تكون صفارة الإنذار قد رنت في آذان الذين لديهم أدنى إلمام بتاؤيخ الأديان، ولا سيما في آذان أولئك الذين هم مطلعون على كتــب المستشرقين، ولابد أن يقولوا عفويا: لقد سمعنا بهذه الأمور من قبل أيضا لأنه قد ظلت الهجمات البذيئة نفسها وبالكلمات نفسها تُشَنُّ منذ القدم. ولكن ما هي تلك الهجمات ومن شنها وعلى من؟ وممن تعلم هؤلاء المهاجمون أساليبها؟ 

سأقدم إليكم بهذا الخصوص مقتبسا من جريدة "أهل الحديث ٢٤ آذار / مارس ۱۹۱۱م، ص ۲ عمود ٢، من شأنه أن يدلكم على المجرم الحقيقي.

 يعود تاريخ هذا الكلام إلى زمن سيدنا الخليفة الأول له للإمام المهدي إذ وجه المولوي ثناء الله الأمر تساري تحديا إلى حضرته قائلا:

"هل يحق لنا أم لا أن نثير حول دعوة نبيكم الميرزا أسئلة تنافي نبوتــــه كما يعترض المسيحيون والآريا الهندوس وغيرهم على نبوة النبي ؟

" ربما أدركتم ممن تعلم هؤلاء المشايخ هذه الأساليب؟ وطُرُق مَن يتبعون في المعارضة؟ لا شك في أنهم تعلموا من المسيحيين والآريـــا أساليب هجمات خبيثة كانوا يوجهونها إلى سيدنا ومولانا محمد والإسلام. والآن بعد هذا التحديد يسهل علينا فهم نوعية الهجمات.





هراء الكتاب المسيحيين:

الكاتب المسيحي الشهير وليم ميور يوجه في كتابه نفس الاعتراض إلى النبي على التصريحات التدريجية قائلا:

"يمكننا أن نقدّر أن محمدا بعد مروره بفترة التذبذب والريبة بدأ يقول إنها رسالة من الله. وقال في غضون ذلك إن هذا كله في سبيل الله، ثم سيطر هذا الموقف على سائر حياته واندمج في حركاته. كان خادمــا في البداية، فأصبح رسولا ثم نائبا لله. وما زالت حلقات دعوته تتوسع علـــى الدوام وظلت مبنية على المبادئ نفسها ..." (Life of Mohammad )

 الآن استبدلوا اسم وليم ميور باسم مؤلف "البيان الأبيض" الحكومي المزعوم، فلن تلاحظوا أي فرق بين أفكارهما.

يقول وليم ميور:

"... الواقع أن عدم وجود حاكم مقتدر، بل وجود حكومة منقسمة على نفسها هيأت لمحمد فرصة لاتخاذ هذا القرار (أي النبوة)." (المرجع السابق ص ٣٢)

ثم يثير اعتراضا آخر ويقول :

بعد بضعة أشهر من قدومه إلى المدينة وجد محمد اليهود يصومون فما لبث أن اختار الصيام لأصحابه ... لم يكن الصوم ضمن الأحكام الإسلامية من قبل وإنما تم تنفيذه حين أراد محمد إبقاء دينه جنبا إلى جنب أعياد اليهود."

والآن نأخذ اعتراضا آخر يتعلق بإصابته عليه السلام بالأمراض، والسؤال هو: إلى مَن وُجهت في الأزمنة الغابرة الاعتراضات الخبيثة المتعلقة بالإصابة بمرض السوداء والهستيريا والصرع؟ لا شك في أنها قد وُجهت إلى من هو غاية منشودة من خلق الكون، والذي من أجله خُلقت السماوات والأرض !! لقد جُعل عرضة لهذه الاعتراضات السخيفة سيد بني البشر وأفضل الرسل ، الذي لمعت حكمته وذكاؤه وفطنته لدرجة قال الله:

يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار . أي أن نـــوره كـــان جاهزا للإضاءة، وإن لم تنزل عليه شعلة وحي السماء.

عن هذا النور المتجسد يقول وليم ميور:

"كان الرسول مشوشا للغاية والعياذ بالله - الناقل) وكان مريضا عصبيا ويرهب الظلام..." (لائف آف محمد ص۲۰۸)

أقول :

 لعنة الله على الكاذبين ولا أتحمل قراءة الكلام السخيف لهـــذا الشقي. أما إذا كان أحد يرغب في قراءة هراء المستشرقين عن أمراض النبي المزعومة، وكان قادرا على سماع الاعتراضات الأخرى فليرجع. إلى كتاب "ميزان الحق ص ۳۲۲ - ۳۲۷ طبعة عام ١٨٦١م، للقسيس سي جي فيندر

 إن هذا الوقح يثير اعتراضات سخيفة متلذذا بها، مستندا - في زعمه - إلى بعض الأحاديث ، ويقول متكررا وبكلمات لاذعة: لستُ أنا الذي أقول ذلك بل هذا ما قاله أسلافكم ومحدثوكم ودونه فقهاؤكم الكبار ومؤرخوكم العظام. فيورد قصة بعد قصة افتراضية لا تمت إلى الحقيقة بأية صلة، ثم يستمد منها نتائج خاطئة ثم يقوم بمحاولة فاشلة لإثبات هرائه. لا أقدر على قراءة عبارة اختلقها هذا اللئيم ونسجها من عنده، فليقرأ معارضونا - الذين تعلموا أساليب الاعتراض من أمثال هؤلاء الناس - تلك العبارات بأنفسهم إن كانوا على ذلك قادرين.





أساطير عن أمراض الأنبياء:

 الطريف في الأمر أن المعترضين ذكروا بكل تهكم وغطرسة مرضين أصيب بهما سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود وقالوا مستهزئين: نبي ومصاب بالأمراض !! 

في حين أن هناك أنبياء آخرين يؤمن معارضونا بكونهم أنبياء الله الصادقين، ثم ينسجون عن إصابتهم بالأمراض المفترضة، قصصا خيالية لا أساس لها من الصحة أبدا. أقدم إليكم بعضا من بهتانات رمى بها العلماء المسلمون أنبياء الله بناءً على روايات إسرائيلية وجدت طريقها إلى كتب المسلمين.

اسمعوا تصورهم عن سيدنا إدريس، يقولون: وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى." (الإتقان في علوم القرآن للإمــــام السيوطى وبالهامش إعجاز القرآن للباقلاني ج ۲ ص ۱۳۸)

ويقولون عن شعيب : " وعَميَ في آخر عمره." (المرجع السابق ص ۱۳۹)

إلى هنا ليست في القصة غصة، بل يبدو الأمر هينا لينا بعض الشيء. 

والآن اسمعوا ما ورد في حاشية تفسير الجلالين عن مرض سيدنا أيــــوب ، ولكن قبل أن أقدم هذا المقتبس، أرى من الأنسب أن أوضح أن الله يقول: إننا نحن ننفخ في الأنبياء ونهب لهم حياة روحية جديدة. أي نحن ننفخ فيهم روحنا ونحن نلبسهم خلعة النبوة. غير أن الفكرة التي يقدمها المفسرون عن أيوب فهي كالتالي:

"فنفخ (إبليس) في منخريه اشتعل منها ،جسده، فخرج منها ثآليل مثل أليات الغنم، ووقعت فيه حكة، فحك بأظفاره حتى سقطت كلها. ثم حكها بالمسوح الخشنة حتى قطعها. ثم حكها بالفخار والحجارة الخشنة فلم يزل كذلك حتى تقطع جسده وانثنى. فأخرجه أهل القرية، وجعلــــوه على كناسة، وجعلوا له عريشا، وهجره الناس كلهم إلا زوجته، رحمة بنت إفرائيم . " (حاشية الصاوي على الجلالين للعلامة أحمد الصاوي ج۳ ص ۷۲)

لم يتورع أصحابُ هذه الأفكار عن توجيه الهجمات القذرة إلى أنبياء الله الأطهار، فلا غرابة إذا وجهوا الهجمات نفسها إلى الإمام المهدي والمسيح الموعود.

الحقيقة أن الأحمدية تجد حتى في الظروف الراهنة المحيطة بها سببًا للاطمئنان والشكر الله وحمده، وهو أن الدنيا كلها كانت قبل بعثـــة الإمام المهدي والمسيح الموعود التشن هجمات خبيثة علـــى سـيـدنا ومولانا محمد، ففي غضون ذلك فهض من قاديان جري الله الذي كان نشوانا في حب حبيبه صلى الله عليه وسلم وردَّ تلك الهجمات كلها بقوة وحماس شديدين. وبالإضافة إلى ذلك قام حضرته بهجوم مضاد على الأعداء ممــــا وضع حدا لتصرفاتهم الشائنة. ومن ثَمَّ فالسهام التي كانت موجهة إلى سيده وسيدنا وحبيبه وحبيبنا محمد، و قد تلقاها الإمام المهدي الي على صدره. فما كان للأعداء منذ ذلك الحين إلا أن يكفوا عن الاعتراضات على نبينا الأكرم موجهين ما كان في جعبتهم إلى خادمه المخلـ المخلص المسيح الموعود 

هذه هي عظمة التضحية التي قامت بها الأحمدية، وهذه هي عظمة صدق تصريحات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود اللة. ففي الهجمات الموجهة إلى الإمام المهدي والمسيح الموعود أيضــا، نــــرى أوجها كثيرة لنزول الرحمة والبركة عليه وأحلف بالله العظيم أن الهجمات الخبيثة التي وجهت إلى النبي ، والسهام التي صُوبت إليه، والتهم القذرة التي ألصقت بشخصه الطاهر أثناء القرون المظلمة الطويلة، قد حوّلها الله كلها إلى أزهار المحامد والرحمة والبركات والصلوات عليه . وبقدر ما كال الأعداء الشتائم لأفضل الأنبياء وسيد البشر، بقدر ما نزلت عليه بركات وأفضال من الله بل أكثر من ذلك بملايين المرات. فطوبى لكم يا من تعتبرون أنفسكم خداما مخلصين ومطيعين صادقين لهذا المجاهد العظيم الذي تصدى بنفسه ونفيسه لكــل هجمــة وُجهت إلى سيدنا وسيده محمد صلى الله عليه وسلم ، و لم يبال قط بما عسى أن يحل به من مصائب في هذا السبيل.





حديث يضم رسالة المعرفة:

أما فيما يتعلق بنزول المسيح بين مهرودتين فيجب أن نتذكر بهذا الشأن أن قوله : إن المسيح سينزل بين مهرودتين، يحتاج إلى التأويل. لقد حُسم الموقف فيه مسبقا وهو إما أن نؤول هذا الكشف أو النبأ أو أن نحمله على الظاهر. لو حملناه على الظاهر، فماذا عسى أن تكون كيفية النبي المقبل أعني المسيح؟ ولو لم نحمله على الظاهر وحاولنا البحث عــن رسالة المعرفة الكامنة فيه لوجدناها. فقد قال صلحاء الأمة بهذا الخصوص: والصفرة من الثياب كلها مرض وضعف لصاحب الثوب الذي يُنسب ذلك الثوب إليه ." (تعطير الأنام لعبد الغني النابلسي ج ۱ ص ۱۰۳ الباب التاسع والعشرون في الكساوي واختلاف ألوانها وأجناسها).

 إذن فيما يتعلق برسالة المعرفة التي يضمها هذا الكلام فلا يمكن فهمها إلا عن طريق التأويل والاستنتاج ، وهي أن المراد من الثوب الأصفر هـو المرض. ولكن لو أصر أحد على حمله على الظاهر فقط وأصر على رؤية المسيح المقبل ملتفّا بثياب صفراء ككهان الهندوس ، فليستمع إلى فتوى النبي بهذا الشأن حيث يروي عبد بن عمرو بن العاص له قال : رَأَى رَسُولُ اللهُ عَلَيَّ ثَوْبَيْن مُعَصْفَرَيْن فَقَالَ: "إِنَّ هَذه مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبسها ." (مسلم، كتاب اللباس والزينة)

فنقول جهارا : لن نقبل مسيحا ملتفا بثياب الكفار، وإنما سوف نقبل أمة محمد . وقد أمر أبناء الأمة مسبقا ألا يلبسوا ثيابا صفراء أبدا لأنها لباس الكفار. فإن كنتم تريدون مسيحا من أمة محمد صلى الله عليه وسلمن فلا بد لكم من أن تصححوا أفكاركم عن كيفية مجيئه وتُنزّهوها من الأخطاء ، ويجب أن تعترفوا وتؤمنوا بأن هذا النبأ - كما يؤكد عليه علــم تعــبير الرؤى - يحتوي على رسالة حكيمة تحتاج إلى تأويل، ولا يراد من الثياب الصفراء إلا المرض. ولكن إذا كنتم تصرون على رؤية مسيحكم في ثياب صفراء ظاهريا ، فطوبى لكم في مسيحكم. أما نحن فلن نقبل إلا مسيحا تنطبق عليه أحكام النبي الذي لم يخرج من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم قيـــد شعرة، كما لم تخرج ولا لحظة من حياته عن اتباع النبي .

كنت قد اخترت لخطبة اليوم هذين الاعتراضين للرد عليهما بالإيجاز بسبب مناسبة الاجتماع السنوي -المنعقد في ٥-٧ أبريل عام ۱۹۸٥م بإسلام آباد تلفورد، ببريطانيا. (المترجم)-، وسوف أستأنف الحديث في الموضوع نفسه بعد الاجتماع بإذن الله . أما فيما يتعلق بخطابي النهائي في الاجتماع، فسوف ألقى من خلاله الضوء على موضوع ختم النبوة، لأن عديدا من الاعتراضات قد أثيرت في البيان الأبيض المزعوم حول هذا الموضوع، وقاموا فيه بتلبيس مدهش، فلا يمكن الرد عليه في خطبة واحدة، لذا اخترت هذا الموضوع للخطاب في الاجتماع السنوي * . ولكنني قد لا أجد متسعا من الوقت لأتناول الموضوع من جميع نواحيه، وإنما سأسلط الضوء على ناحيتين فقط أثيرت حولهما اعتراضات كثيرة جدا. وأدعو الله أن يوفقني لبيان ذلك في الوقت المحدد. أُلقيت بتاريخ ٥ نيسان / أبريل ١٩٨٥م في مسجد "الفضل" بلندن)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...