التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المحبة النابعة علماؤهم .. وقفة تأملية! أُلقيت بتاريخ ٢٢ آذار/مارس ١٩٨٥م

 المحبة النابعة

علماؤهم .. وقفة تأملية!

أُلقيت بتاريخ ٢٢ آذار/مارس ١٩٨٥م


المحبة النابعة

علماؤهم .. وقفة تأملية!

أُلقيت بتاريخ ٢٢ آذار/مارس ١٩٨٥م


الباطل

٢٤٣

علماؤهم .. وقفة تأملية

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده

ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالك يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (آمين)

لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورهمْ منَ الله ذَلكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا في قُرى مُحَصَّنَة أَو مِنْ وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلكَ بأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ * كَمَثَلِ الَّذِين منْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرهمْ وهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). (سورة الحشر: ١٤-١٦) 



تبدو هذه الآيات سهلة الفهم في بادئ الأمر ولا يظهر أنها تحتوي على حقائق دقيقة ومعارف عميقة بحيث لو تأمل فيها الإنسان لتوصل إلى معارف ودقائق أخرى أيضا. ومن ميزات كل آية قرآنية أنها مهما بـــدت سهلة الفهم في بادئ الرأي، ولكن لو خاض فيها الإنسان لافتتح أمامه عالم واسع من المطالب والمعارف. تبدو آيات القرآن أحيانا سطحية المعاني مثل سطح المياه الغائرة الأعماق. فالناظر العادي لا يدرك العــــالم الواسع للمعاني الكامنة وراء كل آية من الآيات القرآنية. فالآيــة الأولى منها تحتوي على بعض الادعاءات الغريبة ظاهريا مثل قوله تعالى للرسول وأصحابه: إنهم يرهبونكم رهبة شديدة. ويبدو هذا الادعاء غريبـــا في بادئ الأمر لأن النبي وأصحابه كانوا مستضعفين وكانوا يعتبرون عديمي الحيلة لدرجة أن كل من هب ودب كان يجرؤ على إهانتهم، حتى إن السوقة الأذلة رشقوا رسول الله وأصحابه بالحجارة وأطالوا لسان الطعن فيهم وأخرجوهم من ديارهم وبيوتهم . ولم يكتفوا بذلك بـل لم يمتنعوا عن شن الهجوم عليهم في منفاهم أيضا. وعلى الرغم من ذلك كله يقول الله تعالى: لأنتم أشد رهبة في صدورهم!!

السؤال المطروح هنا هو: ما هي تلك الرهبة؟ الحق أنهم يرهبون انتصار الإسلام، ولكن لا يرهبون الانتصار الظاهري والمادي للمسلمين. وإنما يرهبون قوة تبرز بالحجة وتحيا بالبرهان وتنتصر بالبرهان أيضا. إذن فيرهب الأعداء دائما قوة الصدق، ويرهبونها لدرجة لا يخافون الله مقابلها. فالذين يتمسكون بالحق والصدق يتناسى العدو حجتهم ويهاجمهم متجردًا عن تقوى الله. هذا الأسلوب من المجادلة يدل على أن العدو قد تجرد من خشية الله نهائيا، إذ لو خشي الله لما استخدم – مقابل الصدق - الأساليب البذيئة بما فيها الكذب والخديعة. فإنهم يرهبون قـوة تبدو لهم متصاعدة بحد ذاتها. ولو لا هذا الخوف وهذه الرهبة لمـا شــن العدو الهجمات ضد رسول الله وأصحابه.





هجوم جبان:

فخوفهم ناجم عن البرهان والحجة اللذين جاء بهما الإسلام. هــذا الخوف مثل خوف الظلمة من النور. الليل يخاف بصيص الصباح لأنـــه يعرف جيدا أنه سوف يقضي عليه. فأعداء الحق أيضــا يصابون بهذا الخوف الذي يبدو جليا من هجمات يشنونها ضده. والاضطهادات تصب على الأحمدية تعكس الأمر نفسه.

ويلاحظ في الاضطهاد المذكور أمر آخر أيضا وهو مذكور في الآية: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا في قُرًى مُحَصَّنَة . أي أنهم يشنون عليكم هجمات من قرى ومدن محصنة أي من مواقع وبلاد حيث يعرفون أنه لن يُسمح لكم بالرد، وحيث يعرفون أنهم حائزون هناك على غلبة ظاهرية ومرتاحون تحت ظل حكومات متحيزة. ولكن لا يجرؤون على مبارزتكم حيث الحرية، بل يفرون منكم فرار الحمير من الأسد. فما أعظَمه من برهان بينه القرآن الكريم وما أروعَه من كلام منطقي! إذ قال إن أسلوب مجادلتهم سوف يبين لكم أنهم جبناء. فإن مصادرة كتب الأحمدية من ناحية، وشن الهجوم عليها من ناحية ثانية، وعدم السماح للأحمدية بالمناقشة من ناحية أخرى كلها أمور تعكس الأمر الآنف الذكر وهـو: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا في قُرى مُحَصَّنَة أَو مِنْ وَرَاء جُدُر .. أي أنهم يشنون هجوما من وراء جدر متمثلة في الحكومات الدنيوية، وعادتهم هذه لا تخفى على أهل البصيرة.

هناك قوى كبيرة وكثيرة معادية للإسلام تتسابق بعضها بعضا في عداوته، والإسلام مهدد بأنواع من الأخطار من قبلها ولكن معارضي الأحمدية لا يملكون إزاء هذه القوى إلا نسج المكائد الخيالية جالسين في قُراهم المحصنة المزعومة، ولا يجرؤون على مقاومة هذه القوى المعاديــــة للإسلام، أو تحديها، أو الهجوم المضاد عليها . إذن فمن ذا الذي يوفّق لكل هذا؟ سوف أتناول ذكره بعد قليل.





رد فعل سلبي:

    ثم يقول الله تعالى: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى. هنا يبين الله تعالى فلسفة عميقة جدًا، وهي أنهم بسبب عدائهم لكم أصبحوا "جميعا"، أي جمعًا موحداً في الظاهر وإلا فلا توجد بينهم أواصر الحب والود حقيقةً. لقد تمكن منهم خوفكم وعداوتكم لدرجة أنستهم عداوتهم الداخلية. ولكن الحقيقة أن هذا لا يمثل آثار الحياة. إن آثار الحياة هي أن توجد بين القوم قوة الحب الحقيقي القادرة على جمع شملهم.


وقد أدّوا هذا المفهوم القرآني بتعبير آخر هو : "الكفر ملة واحدة". أي الوحدة التي تلاحظونها في ملة الكفر إنما هي بسبب قوة الإنكار، بمعنى أنهم قد اتحدوا على أن يرفضوا أحدًا، و لم يتحقق هذا الاتحاد لسبب إيجابي أبدا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون. أي لا يعرفون أن مثل هذا الاتحاد أو الاجتماع لا يعنيان شيئا. إذ من المعروف أن الاتحاد الذي يتم عند ظهور مصالح مشتركة كأن يجتمع الناس خوفًا من عدو أو من خطر آخر فــــلا أهمية لمثل هذا الاجتماع، لأن الحيوانات أيضا تتحد في مثل هذه المواقف، إذ تتحد الذئاب والأسود والشياه في حالة الاضطرار. 

هناك رسام رسم هذا المشهد بأسلوب رائع جدا. فقد العاصفة العاتية والطوفان العارم ، ولكي يزيد المشهد هيبة، رسم في وسط المشهد، بالإضافة إلى الرعود والبرق زوبعة تحيط بالوحوش المتنوعة بمـــا فيها الخنازير والأسود والذئاب والشياه والأفراس جالسة بعضـها مـع بعض. والأمر لا يقتصر على مثل هذه الرسوم، بل إن القبور التي تم العثور عليها مؤخرًا والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، تتراءى من خلالهـــا المشاهد نفسها. ففي بعض الأحيان محا الدمار الشامل المخيف كل آثــار الحياة في بعض المناطق، وفي مثل هذه المواقف حاولت الحيوانات المتنوعة والمعادية بعضها لبعض الفرار من الكارثة، واجتمعت في مكان واحد حتى هلكت ودفنت في قبور جماعية وكأنها جالسة بعضها مع بعض حبا وتوددًا. ولكن هذا النوع من الحب المؤقت لا يهب الحياة، لأنه يكـــون ناجما عن خوف معين وعن قوة سلبية. ولكن أولي البصيرة هم أولئك الذين يجتمعون على مبادئ إيجابية تتحد قلوبهم نتيجة للحب ويتراءى فيهم مشهد: رحماء بينهم.


ثم يقول الله تعالى : كمثل الذين من قبلهم. أي أن هؤلاء أيضا سيواجهون عاقبة مثل عاقبة الذين كانوا قبلهم ولن يحظوا بالنجاة. عذاب أليم لأنهم يحاولون التصدي لقدر الله تعالى، لذا لا يستطيعون أن ينجوا من العذاب الأليم.






مثال صارخ للدجل والتلبيس:

الحق أن الظروف التي تمر بها الأحمدية حاليًا، والمشهد الذي ترسمه هذه الظروف إنما هي بمثابة تفسير لهذه الآيات، إذ تتعرض الأحمدية لهجمات اللسان والقلم، ويُعذَّب أبناؤها تعذيبًا جسديًا، ويزج بهم في السجون، ويُستشهد الأعيان منهم دون هوادة.

إن البيان الأبيض المزعوم أيضا يقدم جانبًا للآيات القرآنية المذكورة، ولكنه جانب سلبي، والتهم التي أُلصقت بالأحمدية في هذا الكتيب جديرة بالمطالعة. لقد استمدوا من الحركة التي قامت ضد الأحمدية عام ١٩٥٣م بعض النتائج الغريبة ولكنهم قبل كل شيء يقدمون تحليلا عجيبا عن الأحمدية بكلمات آتية:

"لقد تم تأسيس الجماعة بإيعاز من قوة استعمارية، وأصبحت القضية معقدة أكثر فأكثر بمرور الوقت، إذ لم تسبب الكراهية والفُرقـة بــين مسلمي قارة آسيا فقط، بل تعرضت لهذه الكراهية والفرقة الأمم من بلاد إسلامية أخرى أيضا ولاسيما المسلمون في أفريقيا." (الكتيب ص ١)

 ثم يتناول البيان الأبيض المزعوم أحداث حركة عام ١٩٥٣م وعواقبها، فيقول: "أخذت هذه القضية تنفث سموم الكراهية والطائفية في الكيان السياسي لباكستان. وفي غضون هذه الفترة بدأ القاديانيون بإرسال بعثاتهم إلى الخارج وأقاموا هناك مراكزهم التبليغية. لقد أقاموها في أفريقيا وأوروبا وفي بلاد أمريكا الجنوبية والشمالية. وبما أنهم لم يشكلوا قــوة تُذكر من الناحية العددية في أي بلد لذا فقد تم التخلص منهم بسهولة في بلاد أخرى غير أنهم كانوا يحظون في باكستان بقوة عددية ملحوظة وكانوا أقوياء وراسخي الأقدام فيها." (المرجع السابق ص ۳۸)

هذه العبارة تشكل مثالا صارخا للدجل والتلبيس ويحتــاج تحليلـها الكامل إلى وقت طويل. لذا أقول بالاختصار أوّلاً وأتساءل: مــن هــو المسؤول عن بذر بذور الكراهية والفساد أثناء الحركة التي قامت عــــام ١٩٥٣م؟ لِمَ لَمْ يخطر على بال مسؤولي الحكومة الحالية مطالعة تقريــــر محكمة التحقيق والتحليل للإجابة على السؤال المذكور؟ إن قضاة تلك المحكمة يُذكرون بالاحترام والتقدير البالغين في أوساط قضائية. القاضي "منير" لم يكن قاضيا عاديا أبدا، كذلك كان القاضي "كياني" أيضا يحتل مكانة مرموقة في أوساط القضاء والعدل. إنني لا أجد متسعا من الوقـــــت لقراءة كل ما يبرهن عليه تقريرهما، ولكنه لو جمعت بضع مقتبسات من هذا التقرير لشكلت موضوعا ممتعا جدا للخطبة، ولكنني سوف أقرأ على مسامعكم مقتبسا واحدا فقط لضيق الوقت وستعرفون من خلاله من المفسد، وسليط اللسان وبذيئه. وأي شخص أو جماعة نفثت السموم في المجتمع ! يقول القضاة:

"هناك جريدة (مزدور) تصدر في مدينة ملتان بباکستان محررها سید أبو ذر البخاري وهو ابن سيد عطاء الله شاه البخاري، الزعيم المعروف لفئة الأحرار، وهو يمثل زعامتهم العليا في الوقت الراهن. نشرت هذه الجريدة في عددها ۱۳ حزيران ١٩٥٣م (مشيرة إلى من كان وراء الاضطرابات التي أدت إلى مفسدة ١٩٥٣) مقالا ضم رسالة باللغة العربية مليئة بكلام بذيء وسوقي للغاية عن إمام الأحمدية لدرجة لا تسمح لنــا لباقتنا بنقله. ولو قيل هذا الكلام أمام شخص أحمدي وشجت الرؤوس نتيجة له لما استغربنا من ذلك أدنى استغراب." (تقرير محكمة التحقيق في مفسدة ١٩٥٣م في فنجاب ص۸۷).

هذا رأي القضاة المسلمين الذين لديهم خبرة طويلة في مجال القضاء، ورأيهم ليس كرأي شخص عادي. فقد لخص القضاة أسباب الاضطرابات كلها في بضع جمل وميزوا المفسدين عن الصابرين علــــى الأذى. ويضيف القضاة في هذا الصدد ويقولون:

"الكلمات المستخدمة في الرسالة بذيئة للغاية وتعكس ذوقا سوقيا جدا. قد أهينت من خلالها اللغة المقدسة التي هي لغة القرآن الكريم ولغــة الرسول إهانة شديدة ." (المرجع السابق ص۸۷-۸۸)

 أقول: إذا كنتم لا تتذكرون أحداث ١٩٥٣م، أو لا تطيقون قراءة قرارات محكمة التحقيق، فلمَ لا تنتبهون إلى ما يحدث في باكستان اليوم؟ واقع الأمر أنه تُجلب الملايين من أموال الزكاة لتخريج طائفة معينة مـــن علماء الظاهر الذين ليس لهم هم إلا سباب الأحمديين. وبدلاً من أن يربوا الناس تربية دينية أو ينشروا الإسلام دين محمد يطلب منهم أن يكذبوا الأحمديين، ويشوهوا سمعتهم ويحرضوا الرعاع على تنفيذ المجازر ضدهم ونهب بيوتهم وأكل أموالهم، وكل ذلك باسم الإسلام. هذه الإسلام التي تطلبها الحكومة في باكستان من علماء الظاهر. ومع كل ذلك تتم المحاولات لإقناع العالم الخارجي أن الأحمديين هم الذين يزرعون بذور الكراهية في المجتمع، وكأن البلد كله أصبح عرض للاضطهاد من قبل الأحمديين وكأن العلماء المعارضين المساكين يصبرون على ذلك ولا يحركون ساكنا ضد الأحمدية، ولكن إلى ما يصبرون؟

هكذا يريد المعارضون إثبات براءتهم. ولكن العالم لا يجهل الحقيقة. وبحوزتنا أشرطة تحتوي على خطابات هؤلاء المشايخ حيث استخدموا لغة بذيئة للغاية، وحرضوا الدهماء على الظلم والاضطهاد. اللغة السوقية التي كانت ولا تزال تُستخدم ضد الأحمدية في باكستان قد خرجت الآن من حدود البلد. لأن مشايخهم المرتزقين يذهبون إلى الخارج ويستخدمون هنالك اللغة نفسها التي يستخدمونها ضدنا في باكستان. ماذا يجري في جزر موريشوس وفي النرويج على سبيل المثال؟ عندنا أشرطة مسجلة عن أعمالهم، ومع ذلك يحسبون أن الدنيا تجهل كل هذه الأمور، وسوف تقتنع بقولهم بأن الأحمديين هم المفسدون، وغيرهم لا يزالون يصبرون ولا يقومون بأي نشاط ضدهم.




أسباب انحطاط المسلمين:

الصورة التي تُرسم ضد الأحمدية في باكستان لها ثلاثة جوانب، أحدها يتعلق باضطرابات عام ١٩٥٣م. حيث يريدون أن يوهموا العالم أن المسلمين قبل بعثة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود كانوا متحدین قلبا وقالبا دون أن تجد الفُرقةُ أو سيئة أخرى طريقها إليهم، وكانوا يشكلون قوة عظيمة بحيث ارتعدت لها القوى الاستعمارية كلها. فقامت هذه القوى بزرع الأحمدية لنشر الفساد بين المسلمين وتفريـــق شملهم حتى يزول الخطر المحدق بها من قبل الإسلام.

ولكن الحقيقة على عكس ذلك تماما، إذ إن الكتب التي يروجونها قـــــد جرى خلالها الحق على قلم مؤلفيها. فهناك كتاب بعنوان: "القاديانية" للسيد أبي الحسن الندوي، وهو من ضمن الكتب التي تنشرها وزارة الأوقاف في باكستان على نطاق واسع. لقد نشرت الحكومة هذا الكتاب في أنحاء العالم وتولت ترجمته إلى الإنجليزية والعربية. وهذا الكتاب يعارض المشهد الذي ترسمه الحكومة في البيان الأبيض المزعوم بأن المسلمين قبل بعثة الإمام المهدي والمسيح الموعود كانوا مسالمين متحابين فيمــا بينهم، فأقام الإنجليز هذه الجماعة لزرع الفرقة فيهم، حيث يصف المؤلف المشهد قبل بعثة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود اللة بالكلمـــات التالية:

"ومن ناحية ثانية قد اتسع الخرق بين الفرق الإسلامية، وتحمست كل فرقة في الرد على غيرها وكثرت المناظرات والمجادلات الدينية أدت في بعض الأحيان إلى المضاربات والمقاتلات والمحاكمات. وعمت حالة الحرب الأهلية الدينية الهند كلها وكل ذلك قد أحدث قلقا في الأفكار وتوترا في العلاقات وكآبة في الطبائع.

ثم يقول: "استولى على المسلمين بشكل عام اليأس والقنوط والشعور بالهزيمة من الظروف السائدة. كان الناس قد يئسوا من الإصلاح وتغيير الأحوال بأساليب وطرق عادية نظرا إلى عاقبة النضال الذي جرى عام ١٨٥٧م، وإلى خيبة أمل الحركات الدينية والعسكرية المختلفة. وكانت الأغلبية الساحقة من الناس تنتظر بعثة رجل من الغيب، مُلهم ومؤيد من الله تعالى . قاديانيت للشيخ أبي الحسن الندوي ص ١٦-١٧)

يجدر التنويه إلى أن الكتاب المشار إليه كان قد أُلف باللغة الأردية ثم تُرجم إلى العربية غير أن المترجم حذف بعض الكلمات الهامة التي تشير إلى ضرورة بعثة رجل ملهم ومؤيد من الله، لذا قمنا بترجمة النص الأصلي الأردي. (المترجم)

هذا هو الحق الذي جعل الله يجري على لسانهم أنفسهم. وهذا الدجل والتلبيس الذي أشرت إليه؛ إذ يكذبون ويحاولون تعتيم الحقائق من ناحية، ومن ناحية أخرى يدلون ببيانات تنم عن تلك الحقائق. هذه كانت خلفية الأوضاع السائدة آنذاك. وتوجد في هذا الخصوص بيانات كثيرة أدلى بها العلماء المسلمون، حيث ذكروا كيفية انحطاط المسلمين وإدبارهم حتى يمكن أن تُدَوَّن من تلك البيانات كتب تقع في ألــوف الصفحات، ولكنني سوف أقتبس بعضا منها على سبيل المثال.

تقول جريدة "الوكيل" في عددها ١٩٢٧/١/١٥م: 

لم يظهر هذا المرض للعيان اليوم، وإنما كان قد ظهر منذ فترة طويلة. لقد حذا المسلمون حذو اليهود والنصارى في الحياة الفردية أولا، والآن أصبحوا يحذون حذوهم في الحياة الاجتماعية ، أيضا، الأمر الذي أسفر عن ضياع الخلافة."





خراف ضالة:

وكتبت جريدة "الجمعية" الناطقة باسم المشايخ والصادرة في دلهي، في عددها ١٩٢٦/٤/٤م وهي تتحدث عن الظروف السائدة قبل بعثــة مؤسس الأحمدية:

زال الستار دفعة واحدة وشاهدت الدنيا بوضوح أنه إذا كانت الأمة المسلمة تعني جمعية متحدة أو مسبحة مرتبطة، فلا وجود اليوم للأمـــة المسلمة بمعناها الحقيقي. إنها بمثابة أوراق منتشرة أو حبات مسبحة متناثرة، أو بضع خراف ضالة لا قطيع لها ولا راعي .





أشباه قوم عاد وثمود:

كتبت جريدة "زميندار" في عددها ١٩٢٥/٩/١٨م مخاطبة مسلمي الهند بلسان رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنكم تدعون أمتي ولكن تأتون بأعمال اليهود والوثنيين. قد اتصفتم بصفات قوم عاد وثمود. تعبدون بعلا ويغوث ونسرا ويعوق وتذرون ربَّ العالمين، وأكثركم يسيئون إلي." السؤال هو: هل كانت الأحمدية هي السبب وراء كل هذه الأمور؟ لماذا لا يخافون الله؟ ولماذا ينسجون أكاذيب وبهتانات لا أصل لها ولا يقبلها، ولا للحظة واحدة شخص لديه قليل من العقل؟





يحذون حذو اليهود والنصارى:

لو ألقينا نظرة على هذه الخلفية وشاهدنا الحالة التي كانت عليها الأمة المسلمة قبل بعثة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود وظلت عليها بعد مجيئه ، أيضا ، لصرخ العقل عفويا أنه لا بد أن يأتي أحد لإحيائها ولا حاجة لهلاكها أكثر من ذلك، لأن أهلها كانوا أمواتا مسبقا من الناحية الدينية والدنيوية. وهذا ما حدث على صعيد الواقع. فالآثار القليلة للحياة التي دبت فيهم كان سببها عائدا إلى بعثة سيدنا أحمد، بمعنى أن منهم من أُحيي بسبب قبوله سيدنا أحمد، ومنهم من اتحدوا على عداوته ظاهريا ولكن "قلوبهم شتى."

تقول جريدة "البشير" الصادرة في "أوتاوه" في عددها سبتمبر ١٩٢٥م: "إن حالة التشتت والفرقة التي كانت سائدة بين اليهود حين بعثة النبي لو قرأتم تاريخها ثم قارنتموها بحالة علماء المسلمين في الوقت الراهن لبدا لكم جليا أن حالة كثير من علماء الإسلام اليوم نسخة طبق الأصل من علماء اليهود والنصارى في ذلك الوقت."




الرثاء على حالة المسلمين:

أما فيما يتعلق بالشعراء فقد نظموا أبياتًا أليمة للغاية لبيان حالة المسلمين المتردية. والأسلوب الذي ذكر به حالتهم العلامة إقبال في شعره تحت عنوان: -الشكوى وجواب الشكوى- يحتاج ذكره إلى بيان طويل، ولكنني قبل ذلك سأقرأ على مسامعكم بعض الأبيات من شعر السيد "حالي" الشاعر المعروف في القارة الهندية، حيث يقول:

 لم يبق الدين والإسلام أبدا، وإنما بقي من الإسلام اسمه فقط."

ثم يشبه الشاعرُ الإسلام بالحديقة ويقول ما معناه:

 سترى حديقة خربةً تماما حيث يعلو الغبار في كل حدب وصــــوب على حد سواء. ولا تتراءى فيها النضارة أبدا. سقطت فروعها الخضراء بعد أن يبست، ولن تحمل أزهارا ولا ثمارا . أصبحت أشجارها اليابسة جديرة بالحرق."

ثم يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بلهجة يعلوها الألم الشديد ويقول: 

يا أفضل الرسل- الوقتُ وقت الدعاء. إن أمتك تواجه وقتًا عصيبًا للغاية. الدينُ الذي كان قد انطلق من وطنه بعزة قد صار اليوم خـــارج وطنه غريبًا لا يلوي عليه أحد والدين الذي كان مضيفا لقيصــر وكسرى، قد نزل اليوم ضيفا عند الفقراء الدين الذي أنار مجالس العالم بنوره، لم يعد في مجالسه اليوم سراج ولا مصباح. لقد تدهورت الحالة لدرجة لا تكاد تعود إلى طبيعتها. ويبدو من ذلك أن هذا هو قضاء الله وقدره. نتوسل إليك يا ربّان السفينة فإن السفينة قد أوشكت علــى الغرق . " "المسدس" للسيد ألطاف حسین حالي ص۳۸ و ١٠٩)

واسمعوا الآن، يا من تعاندوننا، ما قاله العلامة د. إقبال الذي زينـــتم "البيان الأبيض المزعوم" بتعليقاته. وإذا كنتم تُنزلون كلامـــه منــــــزلة الله، على حد قولكم فاسمعوا ما يقوله عن المسلمين: "أنتم النصارى هيئة والهندوس مَدَنيّة. لقد تردت حالة المسلمين لدرجة يخجل منهم اليهود" (جواب الشكوى ص۱۱)

تتشدقون كثيرا ضد الأحمدية معتزين بقول .د إقبال وكأنه شخص نزل عليه كلام الله، ثم تقدمونه بكل اعتزاز وتباه، فما رأيكم فيما وصفكم به لسانه؟




المودودي: الأمة المسلمة نتاج الجهل:

 وهاكم رأي المودودي الذي يقول:

"زُورُوا الأسواق، سترون مومسات مسلمات جالسـات في بيـوت الدعارة، وستجدون الزناة المسلمين متجولين. زُوروا المعتقلات فسوف تتعرفون على اللصوص المسلمين والصعاليك المسلمين والفساق المسلمين. ارجعوا إلى المكاتب والمحاكم تجدوا كلمة "المسلم" مقرونة بالرشوة وشهادة الزور، والخديعة والمكر السيئ، والظلم، بل بكـــل نــــوع مـــن الرذائل. تحوَّلُوا في المجتمع تواجهوا المسلمين المدمنين على الخمر أحيانــــا، وتصادفوا المسلمين المدمنين على القمار والموسيقى والتغني والتهريج أحيانا أخرى. تأمَّلُوا الآن لأية درجة أهينت كلمة "المسلم" وبأية صفات ربطت؟ المسلم الزاني ! المسلم شارب الخمر ! المسلم المقامر ! المسلم المرتشي! فإذا كان المسلمون يتصرفون بكل التصرفات التي قد يتصرف بها الكافر فمتى كانت الدنيا بحاجة إلى وجود المسلم إذن؟" المسلمون والعراك السياسي الحالي، ج ۳ ص ۲۸ - ۲۹ تحت عنوان: انحطاط الحركة الإسلامية)

يجب على المعترضين على الجماعة الإسلامية الأحمدية أن يقرؤوا هذا المقتبس ويتأملوا فيه جيدا. أتساءل لماذا لم تبق فيهم خشية الله؟ نعم! إنهم يخشون ولكنهم يخشون غلبتنا فقط. يقولون عن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بأنه تكلم عن المسلمين بكلام قاس وهاجمهم والعياذ بالله، ولكن الذي يسمونه العارف بشمائل النبوة" يقول:

"لو استعرضتم هذا المجتمع المسلم المزعوم لرأيتم فيه مسلمين من أنواع مختلفة يتعذر عليكم إحصاؤها. إنها حديقة الحيوانات التي اجتمعت فيها ألوف الأنواع من الحيوانات بما فيها الغربان والحدءات والنسور والسماني والحَجَل." (المرجع السابق ص۳۱)

 هذه هي كلمات الشيخ المودودي إذ كتب عن حالة المسلمين التي وجدهم عليها. فهل أقام الإنجليز شخصًا لهلاك هذا القوم الذي كان منحطا - حسب رأي المودودي - من قيم إنسانية لدرجة يقدم مشهد حديقة الحيوانات؟ لا يمكن لأحد أن يرفض أن ذلك الموعود قد جاء و لم شملهم، ونفث فيهم الروح إلى حد ما، وبعث فيهم حماسا، وإن وجد سلبيا في المعارضين. يمضي المودودي ويقول:

"ليس في الشريعة الإلهية ما يؤدي إلى تشكيل أمم مختلفة كأمة أهـــل الحديث والحنفية والديوبندية والبريلوية وأهل الشيعة وأهل السنة. (وكأنه يريد أن يقول : لابد أن تكون هناك أمة واحدة وهي الجماعة المودودية) هذه الأمم كلها نتاج الجهل. " خطبات للمودودي ص ٧٤، ١٢٧ (إضافة بتاريخ

۱۱/۲۱/ ۲۰۰۵ تحت عنوان: الدين والشريعة

أما فيما يتعلق بعامة المسلمين والأمة المسلمة فيقول المودودي:

"أما هذا السواد الأعظم الذي يُسمى بالأمة المسلمة، فإن ٩٩٩ مــن الألف منهم لا يعرفون الإسلام ولا يقدرون على التمييز بين الحــق والباطل. ولم يتغير اتجاههم الأخلاقي والذهني وفقا للإسلام. إنما يتوارثون اسم الإسلام من الأب إلى الابن ومن الابن إلى الحفيد، ولذلك هــم مسلمون . " المسلمون والعراك السياسي الحالي ص ۱۳۰ تحت عنوان: الصراط المستقيم للإسلام وسبل الانحراف عنه.

هناك أقوال كثيرة من هذا القبيل كما أسلفت، اعترف فيها علماء الأمة القدامى منهم والجدد بحالة المسلمين المتردية. فمن الظلم العظيم إلقاء مسئولية هذه الحالة على الأحمدية. سوف أذكر لكم في هذا الصدد بعض المراجع، لا كلها. ومن أراد أن يعرف عن حالة المسلمين في بلاد ذكرها العلماء بلدا بلدا - بما فيها الهند بأقاليمها المختلفة مثل حيدر آباد دكّن وسي بي، ومهار اشتر"، ثم بلاد العرب مثل مصر والعراق والجزائر ، ثم بورما وتركيا وجزيـــرة جـــاوه و تايلندا وروسيا - فليرجع إلى تعليقات منشورة في الجرائد عن حالة المسلمين، والجرائد هي: زمیندار ١٩٢٦/٧/١٦ ، أهل الحديث ١٩١٠/٤/١٦، و ١٩٢٠/١/٢٥ ، و ۱۹۲۱/۱/۱٤، و ۱۹۲۱/۱/۲۸، و ۱۹۲۱/۲/۱۸، مستقل ،١٩٢٩/٧/١٢ ، همدم ،۱۹۲۰/۹/۸ ، و ١٩٢٥/١/١٧، سیاست ۱۹۲۰/۱۱/۰ ملاب ۱۹۲۰/۸/۱٦ ، مدينة ١٩٢٥/٤/١، انقلاب ١٩٣٠/٦/١، طوفان ،۱۹۳۰/۹/۲۷ ، تنظیم ١٩٢٥/١١/٨، اتحاد ۱۹۳۱/۵/۳۱، همت ،۱۹۲۹/۸/۲٤ ، مشرق ١٩٣٠/٥/١٦.

وإلى جانب ذلك هناك كتب كثيرة بما فيها كتب المودودي أيضا حيث توجد تعليقات عديدة لا تخفى على أهل العلم والبصيرة.



عودوا إلى الصواب!

أما فيما يتعلق بما قالوا في البيان الأبيض المزعوم" أنه عندما قامت حركة عام ١٩٥٣م ، وحدثت البلبلة في باكستان عندها بدأ الأحمديون بالخروج إلى بلاد أخرى حتى وصلوا إلى أوروبا وأفريقيا، فهو كلام جدير بالانتباه . أقول لهم: لمَ لا تعودون إلى صوابكم؟ استخدموا العقل والمنطق. كانت الأحمدية قد انتشرت في أنحاء العالم قبل تلك الفترة. حتى إنكم بأنفسكم قلتم بكل تفاخر بأننا قد تخلصنا من "قضية المائة سنة"، مما يعني أن الأحمدية كانت موجودة قبل مائة سنة. لقد ترسخت في تلك البلاد بل انتشرت في أنحاء العالم قبل تأسيس باكستان أيضا. ففي أمريكا علـــى سبيل المثال تأسس مركزنا رسميا عام ۱۹۲۰م ، وفي بريطانيا في ١٩١٣م، وفي عام ۱۹۲۰م تم شراء قطعة أرض حيث يقع اليوم مسجد "الفضل" بلندن، وكان السيد فتح محمد سيال أول داعية أحمدي في بريطانيا. كذلك بدأت نشاطات مراكزنا في كل من غانا ونيجيريا بأفريقيا الغربية عام ۱۹۲۱م. أما في أفريقيا الشرقية فتأسست الأحمدية عام ١٨٩٦م، أي قبل بداية القرن العشرين، غير أن المركز الرسمي أنشئ هناك في ١٩٣٤م. وذلك بالإضافة إلى مراكزنا في هنغاريا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا حيــث بدأت نشاطاتنا التبليغية في ۱۹۳۰م. كما تأسست مراكزنا للدعوة في أسبانيا وإيطاليا وألبانيا عام ١٩٣٦م ، بالإضافة إلى مركزنا في بورما عام ۱۹۳۵م.

إذن فلو ألقيتم نظرة فاحصة على الدنيا كلها لأدركتم جيدا أن الأحمدية كانت قد انتشرت في أنحاء العالم كله قبل ذلك بفترة طويلة جدا.

وبقي الآن أن نستعرض: ماذا كانت الأحمدية تقوم به من نشاطات في كافة أنحاء العالم؟ لابد أن تعتمدوا على الآراء التي سوف أتناولها لأن أصحابها ليسوا من الأحمديين ولكن الله تعالى جعل الحق يجــري علــى لسانهم. فقالت جريدة "زمیندار" -علما أن هذه الجريدة كانت قد نذرت نفسها لمحاربة الأحمدية. (المترجم)-:

"نريد أن نسأل المسلمين : ماذا يقوم به المسلمون من جهد لنشر دينهم المقدس. يسكن في الهند سبعون مليون مسلم، ولكن هل هناك مركز واحد لهم يقوم بنشاطات تبليغية في الغرب؟ إن تشويه سمعة الأحمديين جالسين في البيوت أمر غاية في السهولة، ولكن لا يسع أحدا أن ينكر أن الجماعة الوحيدة التي أرسلت دعاتها إلى إنجلترا وبلاد أوروبية أخرى. ألا يمكن لـ "ندوة العلماء" و"منظمة دیوبند" و "فرنغي محل" ومراكز علمية دينية أخرى أن تشاركهم في نشر الحق والتبشير بـه؟ ألا يوجد في الهند من المسلمين الأثرياء الذين يستطيع كل واحد منهم - إذا أراد ذلك - أن يتحمل وحده نفقات مركز واحد للدعوة؟ بلى إنهم موجودون، ولكن الأسف كل الأسف أن العزيمة مفقودة. هدر الوقت في النزاعات السخيفة وتشويه سمعة الآخرين أصبح شعار المسلمين اليوم، رحمالله هذا القوم الضالين . " جريدة ،زميندار، ديسمبر/كانون الأول ١٩٢٦م)

وكتبت مجلة "انقلاب" في عددها ١٩٣٠/٥/٢م:

"إن صاحب الدين التبليغي يجد في نفسه رغبة عارمة للنشر والتبشير بالأمر الذي يراه حقا."

ثم قالت: 

"لا بد أن نعترف نظرا إلى حالة المسلمين الراقدة الراهنة أنهم لا يملكون ذرة من الحق وإلا فلماذا لا يجدون في أنفسهم رغبة جامحة في نشره وإشاعته في العالم؟ ومقابل ذلك، هناك الجماعة الإسلامية الأحمدية التي لا تعارضها الأديان الأخرى فحسب، بل إن المنظمات الإسلامية أيضا تخالفها أيما مخالفة وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الجماعة القليلة العدد وحدها تعمل جاهدة ليل نهار لئلا تتمتع هي وحدها بنعمة الإسلام بل تحاول أن تؤهل الدنيا بأسرها للاستمتاع بها."



 

اعترافات بخدمات الأحمدية:

 لاحظوا كيف يُفتضح كذبهم. يرسمون في "البيان الأبيض المزعوم" صورة الأحمديين أنهم ينشرون الفساد. وبما أنهم لم يقدروا على ذلك في باكستان لذا خرجوا إلى بلاد أخرى بعد عام ١٩٥٣م لنشر الفساد فيها. يا له من جهل وغباوة. لا نملك هنا إلا أن نحوقل على هذا العقل والعلم. لا يعرفون التاريخ ولا الأوضاع السائدة في الدنيا ولا يعقلون. إن هذا الكتيب ملخص لبحوثهم الحديثة، ولكنه في الحقيقة لا يساوي شيئا. إن جرائدهم نفسها التي لا علاقة لها بالأحمدية، من قريب أو من بعيد، تقول: إن الأديان الأخرى تخالف الأحمدية (أقول: لأن الأحمدية وحدها تتصدى لكافة الأديان كممثل للإسلام والأسوأ من ذلك أن المسلمين أنفسهم أصبحوا معاندين لها بحيث إن المنظمات الإسلامية كلها لا تفوتها فرصة إيذاء الأحمديين. إذن من هو المفسد والمؤذي؟ الأحمدية أم منظمات المسلمين هذه؟ ورغم هذا كله فإن هذه الجماعة القليلة العدد تبذل قصارى جهدها ليـــل نهار لئلا تتمتع وحدها بنعمة الإسلام بل تحاول أن تؤهل الدنيا بأسرها للاستمتاع بها.

 نُشر في مجلة "حنيف"، عدد تشرين الثاني ۱۹۲٥م، مقال للغازي محمود دهرم بال جاء فيه:

"كنت أطالع مقالات المولوي ظفر علي خان التي كانت تنشر في أعمدة جريدة "زميندار" بكل شدة تأييدًا لتكفير الأحمديين وارتدادهم. وكل كلمة من كل مقال كانت تقطع قلبي كحسام ذي حـــدين. لقــــد أعلنت أكثر من مرة أنني لست أحمديا وأختلف صدقا وأمانة معهم في بعض معتقداتهم، ولكن رغم هذا الخلاف إنني أعتبرهم مسلمين، وأقدّر خدماتهم التي يؤدونها دفاعا عن الإسلام ضد هجمات غير المسلمين داخل الهند وخارجها. أقول: هل هذا هو الفساد الذي ينشره الأحمديون في أنحاء العالم؟





الأحمدية تحمل راية الحرية:

وتقول المجلة اللندنية "The African World معلقة على صحوة المسلمين في أفريقيا الغربية:

"الجماعة الأحمدية سابقة على غيرها في النضال من أجل حرية الحقوق في نيجيريا. (أقول: هذه هي الفتنة التي تنشرها الأحمدية في العالم حسب قول البيان الأبيض المزعوم. لن تمضي إلا بضعة أعوام حتى يتراءى في البلد المحامون والأطباء الأحمديون ممارسين مهنهم لأن سرعتهم في نيجيريا في ازدياد مستمر ... من المؤكد أن الأفارقة المسلمين سيتراءون جنبا إلى جنب مع المسيحيين في كل مجالات الحياة في هذا البلد وهذا ما يراه المعلق العارف بسياسة المدن."





حسن الأحمدية وإحسانها:

في إحدى المرات سافر وفد من باكستان إلى نيجيريا على حساب الحكومة لنشر الكراهية والنفور ضد الأحمدية في أفريقيا الغربيــة كلها ولحثّ الأفارقة على الانضمام إلى معارضي الأحمدية بغية محوها من على وجه الأرض. يعود تاريخ هذا الحادث إلى فترة طويلة حين كان الأستاذ نسيم سيفي رئيس الدعاة هناك. فعلمنا حادثا طريفا عن هذا الوفد أنه لم يتلق أي اهتمام من أية جهة أبدا، و لم يجد فرصة الكلام عن طريق الراديو أو التلفاز، كما لم يُنشر عنهم شيء في الجرائد أيضا، حتى اضطر أعضاء الوفد المأمور بالقضاء على الأحمدية إلى الاتصال بداعيتنا المذكور، وقالوا له : لقد لقينا من الإهانة ما لا مزيد عليه. نتوسل إليك أن تخرجنا من هذا المأزق بشكل من الأشكال، وإلا بأي وجه نعود إلى بلادنا. فاتصل الداعية الأحمدي بنائب رئيس الوزراء وقال له إنهم إخواننا الباكستانيون، أية كانت نواياهم نرجوك أن تعطيهم فرصة اللقاء معك تشجيعا لهــــم . فقال نائب رئيس الوزراء: لا بأس، سوف نقيم لهم وليمة ويجب أن تحضرها أنت أيضا وتلقي كلمتك فأقيمت الوليمة على شرف الوفــــد، ولكنهم لم يرتدعوا عن إثارة الفتنة أثناء إلقاء كلمتهم هناك أيضا، واستخدموا كلمات من شأنها أن تثير الشكوك عن الأحمدية غير أن المضيف كان شخصا فطينا فظل يبتسم أثناء خطابهم ثم قال عند إلقاء كلمته: ما هذا الذي تقولونه؟ من اهتم بنا عندما كانت الدنيا لا تعير بأفريقيا اهتماما وكانت تتصورها قارة مظلمة حين كان اسمها مقرونــــا بالمصائب والآلام؟ إنها الأحمدية التي أنقذتنا من براثن المسيحية ولقنتنــــا دروس الإنسانية. أما أنتم فجئتم اليوم تطلبون منا أن نعادي هذه الجماعة بسبب علاقتنا معكم. عليكم أن تطردوا هذه الفكرة من أذهانكم واذهبوا بها إلى بلادكم. هذه الجماعة أحسنت إلينا، ولا يسعنا أن نسيء إلى مَن أحسن إلينا.

ولكن هؤلاء المعارضين قد نسوا اليوم كل هذه الأحداث ويحسبون أن الأفارقة أيضا لا يعرفون شيئا مثلهم، وسوف يطعنون في الأحمدية بمجرد قراءتهم البيان الأبيض المزعوم، ويقولون إن الجماعة سيئة جدا لذا لا بــد من هلاكها. الحقيقة أن الدنيا لديها حكمة وعقل، وتعرف جيــدا مـــا يجري، وتعرف تاريخ بلادها وتاريخ هؤلاء المعارضين أيضا. اسمعوا أيضا إلى فخامة الرئيس شيخو شغاري رئيس نيجيريا الأسبق ليخبركم أي فساد رآه من قبل الأحمدية، وكيف تخلص من هذه الفتنة؟

 يقول:

"مما يسبب اطمئناني أن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا تزال تتقدم بعزم صميم وثبات عظيم في مجال الدعوة إلى الإسلام وإقامة المدارس والمستشفيات. فمساعي الأحمدية من هذه الناحية الجديرة بالإشادة الكبيرة وجديرة بأن تتأسى بها المؤسسات التطوعية الأخرى، ويحق للجماعـــة الأحمدية أن تعتز بها بجدارة."

يقال في باكستان إنه قد تم التخلص من هذه القضية وانتهى الأمر، ولاسيما في البلاد الخارجية حيث كان الأحمديون قليلي العدد، لذا تخلص العالم منهم بسهولة. لاحظوا هذه الجسارة والوقاحة المتناهية إذ نشروا كتيبا محتويا على الكذب والباطل تماما ثم ترجموه إلى لغـــات أخـــرى وأشاعوه في العالم. أولم يفكروا يوما ماذا عسى أن يقـول العــــالم عـــن كذبهم؟


وبقي أن نستعرض ما هو الفساد الذي تنشره الأحمدية! فهاكم ما قاله السيد مصطفى السنوسي وزير الدولة ورئيس مؤتمر المسلمين في سيراليون:

"الأحمدية صدق، وتخدمنا بصدق ليل نهار خدمة نزيهة ولهدف صادق. إن إدارة ۱۲ مدرسة ثانوية و ٥٠ مدرسة ابتدائية ليس بأمر هين، ولا يستطيع القيام به إلا الذين هم متحلون بالإخلاص والحمــاس وحســـــن النية .

وفي إحدى المناسبات قال وزير الإعلام في سيراليون، سعادة السيد كاندي بوري، متحدثا عن خدمات الأحمدية في مجال التعليم: "لقد حققت الجماعة في فترة وجيزة جدا إنجازات وأعمالا بارزة في مجال التعليم. فقد أنشأوا مدارس إعدادية كثيرة بالإضافة إلى مدارس ثانوية. كذلك يحضر الأطباء الأحمديون لخدمة الناس. كما يوجد الدعاة لإرواء غليل الناس الروحي في كافة أنحاء البلد." (نقلا عن جريدة "الفضل" ١٩٦٢/٢/١٨م)





وحدة عالمية:

تعالوا نستمع عن ماهية الأحمدية وكيفية التخلص منها بلسان مندوبي باكستان الذين زاروا البلاد الأفريقية في مختلف الأوقات. لقد نشرت جريدة "باكستان تايمز" الصادرة في لاهور مقالا للسيد فريــد أيـس جعفري، المندوب الخاص في الشرق الأوسط. يذكر المندوب المذكور أن حكومة باكستان أرسلت إلى أفريقيا وفدا باسم "وفد القضية الكشميرية"، وكان هو، أي السيد جعفري ضمن الوفد، فكتب مقالا بالإنجليزية ما تعريبه:

"يتمتع الدعاة الأحمديون بشعبية كبيرة لدرجة تحير العقول، حتى إنهم مُحبَّبون لدى الرئيس "نكروما" أيضا. لقد أُخبرت أنهم يخدمون البشــــر بكل معنى الكلمة. إنهم يعلمون الشباب في غانا تعليما دينيا ودنيويا، ولا يخلقون أي نوع من الكراهية أو النفور بين الناس. (أقول: إنكم تقولون إن الأحمديين يذهبون لخلق الكراهية ولكن ممثليكم الذين كانوا أعضاء إرساليتكم يصرحون أنهم لا يخلقون أي نوع من الكراهية والنفور)، بــل يعملون لخلق الوحدة الحقيقية بين الناس. لقد أُخبرتُ أن علاقة الدعاة الأحمديين بالناس أفضل من علاقة المبشرين المسيحيين بهم. يُرحب بهم وهم مُحببون . " (الجريدة المذكورة عدد ١٩٦٤/٨/١٤م، ص ١٢ - ١٤). هناك أقوال عديدة من هذا القبيل لا أستطيع سردها مخافة التطويل لأن هناك قسما هاما آخر من الموضوع أريد بيانه.




تحذير النبي صلى الله عليه وسلم للأمة:

السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو : إذا كانت الأحمدية لا تسبب الفساد، فما هو سبب فساد المسلمين في مختلف البلاد؟ لقد صاروا عرضة للفرقة والتشتت وأصبحت حالتهم لا يحسد عليها. نعم إنهم يتحدون ضد الأحمدية ولكن يجب أن نرى لماذا إذن يتشاجرون فيما بينهم؟ الأمر الذي تسبب في اجتماع كافة أنواع المساوئ والأقذار في الأمة المسلمة في رأي المودودي (والعياذ بالله).

للاطلاع على أسباب هذه المشاكل لا بد من الرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم - فداه أبي وأمي ونفسي وما لي، لأنه إمام الأمة وهاديها ومرشدها إلى يوم القيامة. قد أخبره الله تعالى بظروف قد تواجهها أمته إلى يوم القيامة، فنبه الأمة من تلك الأخطار. لذا بدلا من الوقوع في المشاحنات والمشاجرات فيما بيننا. يجب أن نرجع ونتوسل إليه ليخبرنا من هو المسئول عـــن تفشي الظلم والفساد والفتنة في الأمة؟ ومن جعل المجتمع الإسلامي مسموما بحيث أصبحت الأمة تعاني إلى هذه الدرجة؟ فقـد جـاء في الحديث:

عَنْ عَبْدِ الله بْن عَمْرِو قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْل بالنَّعْل حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلانِيَةً لَكَان في أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلكَ. وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ ملَّةً وَتَفْتَرقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاث وَسَبْعِينَ ملَّةً، كُلُّهُمْ في النَّارِ إلا مَلَّةً وَاحِدَةً . قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ مَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابي." (الترمذي، كتاب الإيمان باب افتراق هذه الأمة)





السبب الوحيد للفساد:

لا شك أن هذا فساد عام أشار إليه الحديث المذكور أعلاه ولا بد من تحقق كلام الرسول . و لكن هناك حديث آخر أيضا يلقي ضوءا أكثر على الموضوع نفسه: "عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا يبقى من القرآن إلا رسمه. مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى. علماؤهم شرُّ مَن تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود." (مشكاة المصابيح كتاب العلم، الفصل الثالث، ورواه البيهقي في شعب الإيمان). أي أن السبب الوحيد وراء كل فساد هم العلماء، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: علماؤهم شُرُّ من تحت أديم السماء. أي أنهم يكونون من أمتي في بادي الرأي، ومنتمين إلي، ولكن ليس لهم علاقة روحانية بي لأنهم "علماؤهم". إذن فكلما رأيتم فتنا مطلة برأسها ومنتشرة في الأمة لرأيتموها تخرج من العلماء وفيهم تعود. لمَ لا يقرأ هؤلاء المشايخ تلك الأحاديث؟ "البيان الأبيض المزعوم" يقول شيئا، والرسول يقول شيئا آخر تماما، ولا قيمة لبيانهم أمام قول الرسول صلى الله عليه وسلم. إن قولهم لجدير بأن يعتبر حطــب جهنم . لكونه معارضا لقول الرسول، فلا قيمة ولا أهمية إطلاقا لبيان يعارض النبي.





حديث آخر: قال النبي في موضع آخر: "تكون في أمتي فزعة، فيصير الناس إلى علمائهم، فإذا هم قردة وخنازير. " (كنز العمال، حرف القاف، الباب الأول، الفصل الرابع، في ذكر أشراط الساعة الكبرى، رقم الحديث ۳۸۷۲۷). من هو قائل هذا الكلام؟ لستُ أنا أو أحد من الصحابة أو الخلفاء الراشدين، بل هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أوحي إليه لأنه ما كان ينطق بشيء إلا أن يخبره الله تعالى. فلكل إنسان حق أن يسأل المشائخ : لماذا تُخفون هذه الأحاديث ولا تبينونها أمام الأمة؟ إذن، فقضية انتشار الفتن في الأمة قد حُلَّت إذ قال الرسول بوضوح إنها ستكون في الأمة فتن وخلافات وفُرقة، ومسؤوليتها تقع على العلماء دون غيرهم. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعلكم - أيها المشايخ المعارضون - مسؤولين عن فساد الأمة، فلا بد أن نقول نحن أيضا: إنكم أنتم المسؤولون دون غيركم، لأن قول الرسول الحق لا محالة ولا يمكن أن يذهب هباء.




المعرفة الناقصة فتنة: وقال النبي في حديث آخر: "عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعــه مــن العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جمالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا." (البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم)

قبل بضعة أيام فقط نُشر بيان للرئيس الباكستاني في جريدة جنــغ

١٩٨٥/١/٣١م، جاء فيه:

"هناك حوالي ٥٠ ألف إمام في المساجد، و ٣٦ ألفا منهم شبه مثق. أما ١١ ألفا الآخرون فغير مثقفين نهائيا." فهل نسي الناس المثل القائل: "المعرفة الناقصة فتنة"؟ وهذا ما أكد عليه الصادق المصدوق قبل ١٤ قرنا.




الأسباب الأساسية لهلاك الأقوام: فالعلم لا يرتفع بأن ينتزعه الله انتزاعا، بل يغيب بغياب العلماء، فيقوم الجهال مقامهم فيفتون بجهل وينشرون في الدنيا الفساد. تقول جريدة "زميندار" لاهور ١٤ أغسطس ١٩١٥م معترفة بهذه الحقيقة كالآتي:

"عندما تأتي أيام هلاك قوم وجعلهم هباء منثورا في جـو السماء، (أقول: فماذا يحدث عندئذ؟ لا تزرع قوة استعمارية بذرة الأحمدية بــل تحدث حوادث أخرى وهي تُسلب القدرة على القيام بالحسنات مـــــن أعيانهم. (أقول : لاشك أن هذا الكلام يحتوي على معرفة عميقة).. ويسلم أمر هلاكهم إلى أعمال سيئة لأهل النفوذ منهم. ويكون هذا قدرًا من الله. إن سيئات مسلمي الهند قد ظهرت عواقبها منذ فترة طويلة في صورة المرشدين الكاذبين والمشايخ الجهلة والزهاد المرائين، الذين لا يخافون الله، ولا يعيرون للرسول اهتماما ، كما لا يحترمون الشرع ولا القيم العرفية. إن هذه الطبقة من ذوي النفوذ والسلطة الذين يُقيّدون في حبائل تزويرهم ومكائدهم ألوفًا من الناس يرتكبون باسم الإسلام جرائم يندى لها جبين إبليس خجلا."

تقولون عن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بأنـــه جـــرح مشاعركم بكلامه، ولكن لمَ لا تسمعون ولا ترون إلى ما كتبه علماؤكم وأهل الرأي فيكم نظرا إلى الوضع المحيط بكم. إنني أقدم لكم بعض المقتطفات من كلام علمائكم أنتم دون أن أزيد كلمة واحدة من قبل أي أحمدي؛ لأن الأحمديين لو قالوا شيئا ولو بالحب لغضبتم، ولو أظهر الأحمديون حبهم للنبي الله الاضطرمت نار غضبكم؛ هـذا يعني أنكم تستاؤون من أقوالنا مهما كانت نابعة عن حب وتعاطف. ولكن كيف يمكن أن تستاؤوا من أقوال أكابر كم؟ وكم ستصادرون من كتبهم؟ تقول جريدة "زميندار" في عددها المذكور آنفا:

"لقد تجاوزت منذ بضعة أيام مساوى هذه الفئة الشريرة (يعني المرشدين الكاذبين والمشايخ الجهلة والزهاد (المرائين) التي تعكس الشــرك والفسق لدرجة أنه لو قلبت غيرةُ الله تعالى العالم الإسلامي كله رأسًا على عقب عقابًا لجرائمهم لما تعجب على ذلك أبدا أحدٌ من الذين أوتوا نصيبا من البصيرة." (المرجع السابق)





المسؤولون عن دمار المسلمين: والآن تعالوا نقرأ معا مقالاً للجريدة نفسها في عددها ١٤ يونيو/حزيران ١٩٢٥م جاء فيه: نرى أن المسؤولين عن دمار المسلمين هم أولئك المشايخ والعلماء "الجاهلين" الذين قد أكدوا دائما وفي كل زمان على صداقتهم للكفر." ثم كتبت الجريدة نفسها في عددها ١٥ أبريل / نيسان ۱۹۲۹م:

"أنا أيضا أُعَدّ من جماعة العلماء لذا أعرف حقيقتهم جيدا. أطلب من المسلمين بكل قوة ألا يغضوا الطرف عن العلماء ولا للحظة، بل يجب أن يُخرجوهم من سياستهم ودينهم دفعة واحدة لأنهم لا يعرفون السياسة ولا يعرفون حقيقة الدين. إنهم بارعون في الخداع والدجل فقط، وهــم عبيد أهوائهم الشخصية. إنهم ليسوا هداة بل هم قطاع الطريق.

كتبت جريدة أخرى "الأمان" في عددها ١٩٣٠/٦/٢٠م: "إن زوبعة الإلحاد وعدم التدين في المسلمين يُحدثها علماء الكونغرس الهندي وقُوَّاده عن طريق نشر المقالات في الجرائد."




أئمة الفساد:

قد يقول البعض إن المقتطفات المذكورة أعلاه قد أُخذت من جرائــــد و مجلات دنيوية عادية، وهل علق على هذا الوضع أحد العلماء في مجلة دينية أيضا؟ لو كان الأمر كذلك لقبلناه . أقول : بلى! إن المجلة الدينية الأسبوعية من تنظيم أهل الحديث الصادرة تحت إشراف فرقة "أهـــل الحديث" في لاهور قالت عن العلماء:  "إن تصرفاتهم تذكرنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : مساجدهم عامرة وهـي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود (البيهقي) . " (الجريدة المذكورة أعلاه، ١٩٦٨/٣/١م ص٤) 



تحديد أشرار الناس: هل تحقق النبأ النبوي الوارد في الحديث الشريف: "علماؤهم شر مـــن تحت أديم السماء" أم لا؟ هذه نقطة مهمة يجب الانتباه إليها جيدا. عندما يقال لكم أيها المعارضون : اقرؤوا بعقل ما جاء في الحديث الشريف من نبأ، وانتبهوا إلى أخطار حذركم منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تتعامون عن تلك الأخطار الحقيقية، وترون أخطارًا مزعومة لم يذكرها النبي ، أو تقولون: لم يأت هذا الزمن بعد، وتبدؤون بالسب. وتقولون لنا: بل أنتم أشرار الناس، وحذار أن تقولوا شيئا من هذا القبيل في حق العلماء. ولكن جوابنا لكم هو : إن هذا ليس بقولنا نحن بل هو قول النبي . الموضوع الأساسي الذي يدور البحث حوله هو: "شر من تحت أديم السماء." ولهذا البحث جانبان، الأول: إذا كان "شر من من تحت أديم السماء" لم يخلق بعد، فقد رزيتم بحالة لا تحمد عقباها! ذلك لأن العلماء الموجودين الآن ما داموا قد أفسدوا عليكم الأمر إلى هذا الحد، فما بالكم بالعلماء الذين سيظهرون في المستقبل - على حد قولكم - وهم تحت أديم السماء"؟ فاعلموا أن وضعكم هذا لا يبشر بالخير أبدا، وإنمــــا ينذركم بعاقبة لا تُحسد. إنه إنذار بالدمار الشامل الذي كـــان مـــن المفروض أن تقشعر له أبدانكم. إذا كان الوقت الراهن هو وقت العلماء الصالحين - كما تزعمون - ، ومع ذلك رزيت الأمة بهذه الدرجة، فماذا عسى أن يكون مصيركم عندما سيظهر "شــر مــن تحـت أديم السماء؟ ومع ذلك تحلمون بانتصار الإسلامز وهل فكرتم يوما في الخصائل التي من شأنها أن تجعل الإسلام منتصرا من جديد؟ لـو كنـتـم تملكون قليلا من العقل لابتعدتم عن هؤلاء العلماء، ولعلمتم أن "شر تحت أديم السماء" قد ظهروا حتمًا.

لا يمكن أن يقول أحد منكم عن المولوي ثناء الله الأمر تساري بأنه كان عميلا للأحمدية أو القوى الاستعمارية. فلنَرَ ماذا يقول هو في هذا الصدد؟ هل تقبلون قول المولوي ثناء الله أمر تساري أم لا؟ لقد كان من مشايخكم المعروفين على أية حال، إنه يقول:

"بدعات الشرك وغيرها التي يقوم بها المسلمون اليوم إنما سببها المشايخ فحسب ... شرَّ الشرِّ شرار العلماء." مجلة "أهل الحديث" ۲۳ شباط/ فبراير ١٩٠٦م)

لاحظوا كيف يُخرج قدرُ الله تعالى الحقَّ من أفواههم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "علماؤهم شر من تحت أديم السماء. وها قد صرح العلماء بأنفسهم وقالوا: بلى إننا نحن الأشرار. يجدر الانتباه إلى أن الأحداث المذكورة في المقتبس السالف الذكر، كلها كانت جارية في زمن سيدنا الإمام المهدي، ومع ذلك تقولون إن عالم الإسلام كله كان متحدا، وتعتبرون الأحمدية مسؤولة عن الأمر الذي يخالف الواقع تماما.





المشايخ يخفون الحق: ولا ينتهي الأمر هنا ، بل هناك أمور أخرى أيضا. إن جريدة "أهل الحديث" تحتل أهمية كبيرة وكانت تصدر في زمن سيدنا أحمد العلية أيضا. تقول الجريدة:

"لقد شجب القرآن الكريم اليهود بأنهم يؤمنون ببعض الكتــاب ويكفرون ببعض. والأسف كل الأسف أن هذا العيب يوجد اليوم فينـــا نحن أهل الحديث أيضا على وجه الخصوص. الأسلوب الذي نريــد بـه إصلاح معارض لنا يتسبب في نشر الضلال بدلا من الهدى" (جريدة أهل الحديث ١٩٠٧/٤/١٩م)

مع العلم أنهم يشيعون كثيرا الحديث الذي يتحــدث عــن المتنبئين الكاذبين الدجالين الثلاثين بعد النبي وكذلك الحديث القائل: "لا نبي بعدي"، ولكنهم لا يذكرون على الإطلاق حديثا يبين أن المهدي الموعود سيكون نبيًّا حتمًا ولن يندرج في قائمة الدجالين. يخفون هـــذا الحديث عمدًا. كما لا يتذكرون الحديث القائل: "علماؤهم شر من تحت أديم السماء"، بل يتناسونه تماما. إن هؤلاء المشايخ يشيعون الأحاديـــث الــــتي يظنون أنها تدعم موقفهم ويُخفون الأحاديث الأخرى كلها. تقول هذه الجريدة في عددها ١٩٢١/١٢/٢٠م: نحن" أناس قد سُلبت قوانا. لقد فُقدت منا الشجاعة نهائيا، وضعفت الأعضاء، وانعدم البحث عن الحق من قلوبنا، بل لو قلنا إن الأعضاء كلها قد عطبت ولم يبق إلا فم ولسان فقط لأصبنا الحقيقة أكثر . أقول: لماذا بقي اللسان؟ ولأداء أية وظيفة بقي فيه رمق الحياة؟ اسمعوا المجلة الأسبوعية "تنظيم"، الناطقة باسم أهل الحديث. تذكر المجلة طرفة أخرى قبل هذا التذكير فتقول: "أحدهم سأل المولوي التهانوي المرحوم لماذا يسرق الناس الأحذية من المساجد مع كونهم مشايخ ويقومون بمشاحنات.... ويفعلون كذا وكذا، لماذا يحدث كل هذا؟ فأجاب يا صاحبي! لا يتحول الشيخ إلى السارق بل السارق يصبح شيخا" ("تنظيم" الأسبوعية، لاهور ٥ سبتمبر ١٩٦٩م ص ٣-٤ )

هذه هي الأحاديث التي تجري فيما بينهم. ثم تقول المجلة نفسها: الناشئة الذين قام المولوي غلام غوث الهزاروي (الزعيم المعروف لجمعية علماء (الإسلام بتربيتهم بلسانه البذيء يقدمون اليوم ولن يزالوا يقدمون نماذج الشتائم والسباب التي لم يسبق لها نظير. وسيأتي وقت حين يقوم هؤلاء الناشئة في وجهه بالأسلحة نفسها مما سوف يجعله يتحسر." (المرجع السابق)

لقد قال قولا صحيحا تماما. فكلما استغلت الحكومة أو بعض المجانين الآخرين هؤلاء الناشئة ضد الأحمدية وضد سيدنا الإمام المهدي سبّوه سبا فاحشا، ثم انقلبوا على أسيادهم وكالوا ضدهم من الشتائم ما يترك الإنسان في حيرة من أمره. لقد وقعت عليهم ضربات العقــاب. ولكنهم لم يتعظوا بها.




تحديد العلماء السوء: قد يقول بعضهم: الكلام الذي تقدمه هو للعلماء الموجودين في الوقت الراهن الذين هم أنفسهم أشرار الناس، فلا اعتبار لقولهم، فاذكروا لنــــا قول أحد من المتقين الأبرار الأسلاف؟ أقول: من ذا الذي يكون أتقى وأبرّ من رسول الله ؟ لم ولن يُخلق أتقى منه أبدا. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الناس وسيد الرسل، فأي حديث من  أحاديثه ترفضون؟ أما إذا كنتم مصرين على أقوال السلف الصالح، فهاكم قول ولي الله الشاه الدهلوي، إذ يُشبه العلماء بعلماء اليهود فيقول ما معناه: "إذا أردت أن ترى نموذج اليهود، فانظر إلى العلمـاء السوء العاكفين على الدنيا ... كأنهم هم ." (الفوز الكبير مع فتح الخبير في أصــــول التفسير الباب الأول ص ١٠) . كذلك يقول الإمام الغزالي رحمه الله الذي يحتل مكانة سامية بــين مفكري الإسلام: "فأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسمون. وقد استحوذ علــى أكثرهم الشيطان، واستغواهم الطغيان، وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفا، فصار يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا، ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمسا. ولقد خيَّلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام، أو جدل يتدرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام، أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلى استدراج "العوام. الإملاء عن إشكالات الإحياء للإمام الغزالي ج ۵ ص ۲۱۹-۲۲۰)

كنت أظن أن هذا الانحطاط كان قد بدأ في الفترة الأخيرة ولكـ تحيرت بعد مطالعة هذا المقتبس إذ يبدو أنه كان قد بدأ منذ فترة بعيدة. وكان العلماء الربانيون يرفعون أصواتهم ضد هذا الفساد الغاشــم منـذ البداية. ويبدو كأنه قدر سماوي لا يمكن مقاومته.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...