التخطي إلى المحتوى الرئيسي

زهق الباطل


مصالح الإنجليز بالهند ...


أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. 

أما بعد،

 فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

 بسم بسم الله الرَّحْمَن الرحيم * الْحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالك يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (آمين).

 في خطبة الجمعة الماضية كنت تحدثت عن تهمة وجهتها إلينا الحكومة الباكستانية في ما سمته "البيان" الأبيض" حيث قالت فيه: لقد أثبــت المحققون الجدد أن الأحمدية غراس الإنجليز غرسوها في الهند للحفاظ على الدولة البريطانية هناك. ولقد قمت بالرد على هذه التهمة البغيضة موضحًا لكم حقيقة الغراس، ومن هم غراس الإنجليز، ومن هم "المحققون الجدد. كما كنت أثبت أنه لم تكن هناك أية مصالح للجماعة الإسلامية الأحمدية عند الإنجليز، لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل. أمــــا فيما يتعلق بمصالح الإنجليز فلا علاقة لها بجماعتنا. واليوم سوف أميط لكم اللثام عمَّن يعمل لحماية المصالح الإنجليزية أو الاستعمارية.

مصالح الإنجليز في الهند:

 أولا وقبل كل شيء يجب التحقيق في المصالح البريطانية في الهند. لا شك أنه لم يكن للملكة البريطانية في الهند مصلحة أهم من استتباب حكمها فيها، ومع ذلك أود أن أذكر لكم مصالحهم بكلمات زعمائهم من ذوي السلطة، بدلا من أن أذكرها بكلماتي، إذ إنهم، على كل حال، أعلم بمصالحهم مني ومن "الأحراريين" الذين أطلُّوا برأسهم اليوم. فما لم نرجع إلى الإنجليز لمعرفة مصالحهم من المستحيل معرفتها بصورة صحيحة.

اللورد لورنس كان من الحكام الإنجليز المعروفين بالهند وقام بخدمات بارزة لدولته. لقد ورد في الجزء الثاني من كتاب شهير حول حياته باسم (LORD LAWRENCE'S LIFE):

قال اللورد لورنس : ليس ثمة شيء أدعى لاستتباب حكمنا في الهند من قيامنا بنشر المسيحية في كل أرجائها . " (ص۳۱۳)

أما السير دونولد مكلود حاكم فنجاب المنطقة التي تقع فيها قريــة قاديان حيث بعث الله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام للقيام بحروب دفاعية عن الإسلام، فقال:

أود أن أؤكد لكم بأننا إذا أردنا استمرار حكمنا في الهند فلا بد لنــــا من بذل أقصى الجهود لتنصير هذه البلاد.

(THE MISSION BY, R.CLARK P47, LONDON, 1904)

كما أعلن السير تشارلس وود الوزير البريطاني للهند حينذاك : "إنني أؤمن إيمانا أكيدا أن كل متنصر جديد في الهند يشكل عــاملا جديدا لتقوية الصلة بين الهند والإنجليز." (المرجع السابق ص ٢٣٤) الملاحظة أن هذا الإعلان تم في ١٨٦٢م حينما كان سيدنا الإمام المهدي عليه السلام لا يزال في بداية شبابه. وفي عام ١٨٦٢م نفسه أدلى اللورد بامر ستون رئيس وزراء بريطانيا آنئذ بالبيان التالي:

"أعتقد أننا جميعا متفقون على هدفنا إنه ليس من واجبنا بـــل ومـــن مصلحتنا أيضا أن ننشر المسيحية بكل ما أوتينا من قوة وخاصةً أن نوسع دائرة نفوذها إلى كل نواحي الهند." (المرجع السابق)

هذه، هي مصالح الحكومة الإنجليزية في الهند التي يُقال عنها اليوم بأن الإنجليز أقاموا الأحمدية للحفاظ عليها.


هجوم التبشير المسيحي على الإسلام:

حصلت هذه الأحداث في زمن نشر فيه المسيحيون شبكة المراكز التبشيرية في الهند من أقصاها إلى أقصاها، ولم يكن للمسلمين أي قــدرة على مواجهة التيار المسيحي الجارف وعلى الكشف عن دجلهم دفاعا عن الإسلام. ولقد ساءت الأحوال لدرجة أن الكثير من الأسر العريقة مــن السادات (الأشراف) وغيرهم وقعت صيدا في شباك التبشير المسيحي، حتى تنصر بعض كبار علماء المسلمين ودراويشهم وصوفيائهم مثل القسيس عماد الدين والمولوي حميد الدين خان والمولوي عبد الله بــك والمولوي حسام الدين والمولوي القاضي صفدر علي والمولوي عبد الرحمن وغيرهم. وبدأ هؤلاء المتنصرون المرتدون عن الإسلام بتأليف كتب تضمنت طعنًا قَذرًا في الإسلام ونبيه . وقاموا بذلك بتحريض مـــن القسيس الشهير فاندر. لقد ملأوا كتبهم هذه بسباب فاحشة لدرجة أن بعض الجرائد الهندوسية مثل جريدة شمس الأخبار لكهنؤ، المجلد السابع العدد الخامس، ١٥ ١٥ أكتوبر (۱۸۷۵م، اضطرت إلى القول: إنه إذا حدثت الآن ثورة كالتي حدثت في سنة ١٨٥٧م فإنما تحدث بسـبب هـذه الهجمات المسيحية الشرسة على الإسلام. ومن كتبـهم مـثلا كتــاب أمهات المؤمنين (للدكتور أحمد شاه شائق، الناشر: برشوتم داس المسيحي مطبعة شعلة بمحافظة غوجرانوالا). ضمنه هذا المسيحي أفحَشَ السب وأقبح التهم ضـ سيدنا المصطفى وأزواجه المطهرات. من المدهش حقا أن يفكر اليوم هؤلاء "المجاهدون الإسلاميون" المزعومون هذا التفكير المعوج ويرموا بعمالة المسيحية والدولة الإنجليزية رجلًا أهلك إله الإنجليز وشن على أسس المسيحية هجمات لم يستطيعوا الفرار من وجهها، ولا الصمود أمامها.

 

هل هذه الحيلة التي لجأ إليها الإنجليز حسب زعم أعداء الأحمدية لجأ إليها الإنجليز:

- للحفاظ على مصالحهم الضخمة في الهند ونشر المسيحية وتوطيد دعائم حكومة مسيحية؟ وهل لهذه الأغراض غرسوا غراسهم في صورة شخص قام أول ما قام أن أعلن أن إله الإنجليز قد مات مونا طبيعيا، وكسر بهذا الإعلان صليبهم، ثم شرع في نضال بطولي ضد المسيحية لم ينحصر في حدود الهند فحسب، بل بدأ في الانتشار في أرجاء الدنيا ولا يزال في الانتشار. فما من عاقل يتدبر في هذه التهمة المنكرة إلا ويقتنع ببطلانها تماماً وبأنها حصيلة رؤوس فارغة. كان عليهم قبل إلصاق هذه التهمة أن يفكروا في عواقبها. أليس عجيبا أن يقيم الإنجليز سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام للحفاظ على مصالحهم، فحافظ عليها - إن جاز التعبير بشن هجمات عنيفة على دينهم قاضيا على القاعدة التي تقف عليها مصالحهم !!

إن الإنجليز أمة شهيرة في المكر والاحتيال وعالمة بمبادئ السياسة، فلم يكونوا يعرفون مصالحهم فقط، بل كانوا يعرفون أيضا كيف السبيل إلى الحصول عليها. وبسبب هذه السياسية والدبلوماسية والمكر استولوا على معظم بلاد العالم حتى لم تكن الشمس تغيب على مملكتهم المترامية الأطراف حينئذ. فكيف يسوغ نسبة هذه الخطة الرديئة العارية من الذكاء إلى أمة ماكرة محتالة كالإنجليز؟







صوت ارتفع من قاديان ضد المسيحية:

والآن هلم نر ماذا قاله سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام، وكيف خاطب العالم وكيف أيقظ بقوة المسلمين من سباتهم العميق. من ناحية كانت الأصوات ترتفع من لندن قائلة: إذا أردنا الحفاظ علــى مصالحنا في الهند فلا بد من نشر النصرانية فيها بأسرع ما يمكن، ومـــن ناحية أخرى قام رجل في قرية صغيرة في الهند، ونفخ في الصور لإيقاظ أهل الإسلام من غفوتهم قائلا: "أيها الغافلون انظروا كيف أنهم يبذلون جهودًا جبارة لهـــدم بنـاء الإسلام، وكيف هيأوا لذلك وسائل كثيرة وكيف رخصوا أرواحهم في سبيل هذا الهدف وأنفقوا المال كالماء بدون هوادة، وأنفدوا كل حيلة حتى لجأوا إلى حيل منكرة خبيثة. لقد اخترعوا أنواع الألغام لنسف بناء الحــــق وصرح الإيمان، وأوجدوا بكل جهد ومشقة صنوف الحيل الدقيقة مــن الكذب والخداع لمحو الإسلام.... لذلك فلم يبق شك في أن المسيح الدجال الذي يخرج من الكنيسة ليس إلا هؤلاء القوم الذين لا بــد مــن معجزة سماوية لمحاربة سحرهم. وإذا رفضتم قولي هذا فأتوا بنظير لهم من الدجالين من الأزمنة الغابرة." (إزالة الأوهام الخزائن الروحانية ج٣ ص٣٦٥-٣٦٦). 




من الذي تحدى النصرانية؟

فسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام هو الوحيد الذي أعلن أن الديانة المسيحية الحالية هى الدجال وشن عليها هجوما عنيفا، وذلك حين ارتفعت الأصوات من إنجلترا ونادت برفع لواء الصليب لا على الهند فحسب، بل وعلى مشارق الأرض ومغاربها ، بل أعلنوا بأنهم سوف ينشرون دينهم في أفريقيا والجزيرة العربية، ولن يبرحوا حتى ينصبوا لــــواء الصليب على المسجد الحرام؟

فمن ذا الذي سمى هؤلاء القوم دجالا ؟ إنه سيدنا الإمام المهدي عليه السلام. من ذا الذي ضحى في سبيل قمع الفتنة الصليبية بالنفس والنفيس؟ إنــه سيدنا الإمام المهدي المسيح الموعود عليه السلا. أما المشايخ فقد ارتد العديــد منهم عن الإسلام وبدأوا يؤلفون الكتب لتأييد النصرانية والطعن في الإسلام سيدنا المصطفى طعنا فاحشا، بينما استمر سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام يشُنّ على النصرانية غارات ناجحة معلنًا: "تذكروا جيدًا أنه بدون إثبات موت المسيح الناصري لن تموت العقيدة الصليبية. فما الفائدة من الاعتقاد بحياته خلافًا لتعاليم القرآن. دَعُوه يَمُتْ لتكتب الحياة لهذا الدين الإسلام). (سفينة نوح، الخزائن الروحانية ج١٩ ص١٧). وكذلك قال حضرته عليه السلام في خطابه في الاجتماع السنوي المركزي بقاديان: "إن وفاة المسيح وحياة الإسلام قضيتان وثيقتا الصلة جدًا. وقد صارت مسألة إثبات وفاة المسيح ضرورية لحياة الإسلام في الزمن الراهن.

واستمر قائلا: "إن الفتنة الناتجة عن الاعتقاد بحياة المسيح ال قــــد تفاقمت جدا.... إن مسألة حياة عيسى كانت في أوائل الإسلام بمثابة خطأ فقط، أما اليوم فقد تحول هذا الخطأ إلى أفعى تريد ابتلاع الإسلام.... إن الإسلام اليوم في إدبار وانحطاط وعقيدة حياة المسيح هي السلاح الذي حملته المسيحية للهجوم على الإسلام، وبسببها أصبحت أجيال المسلمين صيدا للمسيحية... فأراد الله تعالى الآن تنبيه المسلمين إلى ذلك." (الملفوظات ج۸ ص ٣٣٦-٣٣٧، ٣٤٥)

وأضاف قائلا: "دَعُوا عيسى يمت فإن موته حياة للإسلام. ودَعُوا عيسى المحمدي ليأتي مكان عيسى الموسوي ففي ذلك شرف الإسلام وكرامته." (الملفوظات. ج ۱۰ ص ٤٥٨ الهامش).

ويقول حضرته في أبيات عربيه له:

"وقد جاء يوم الله فاليوم ربنا.

يدق أجزاء الصليب ويكسر.

(كرامات الصادقين الخزائن الروحانية ج ۷ ص ٧٩).

أضيفت بتاريخ ١٥ نومبر ۲۰۰۵

وأبغي من المولى نعيما يسرّني.

وما هو إلا في الصليب يكسر.

(ضميمة نزول المسيح، الخزائن الروحانية ج ۱۹ ص۱۸۲).

ووالله إني أكسرن صليبكم.

 ولو مُزّقت ذرات جسمى وأُكسَرُ.

(کرامات الصادقين الخزائن الروحانية ج ۷ ص ٧٩).





تواطؤ المشايخ والنصارى:

هذا هو بطل الإسلام الذي أقامه الإنجليز بحسب هـؤلاء الحمقى، للحفاظ على مصالح الدولة البريطانية ولاستتباب حكمها!! وبينما كـــان هذا البطل العظيم وحده خائضا في معركة حامية بين المسيحية والإسلام ويناضل لكسر صليبهم، لم يخجل المشايخ من تأييد القساوسة الكبار مــا وجدوا لذلك سبيلا، وانضموا إلى صفوفهم ضد سيدنا المسيح الموعود ال. وقد ذكر حضرته هذه الحقيقة المرّة مشيرًا إلى ما قاله بعض المشايخ شأن المناظرة التاريخية التي جرت في أمرتسر بين القسيس الدكتور "هنري كلارك" وبين حضرته عليه السلام، ونبه عامة المسلمين إلى فعلة المشايخ هذه، وقال:


"لقد وصلتني رسالة مجملة من أمر تسار تفيد بأن بعض المشايخ الكرام يرددون: لو كان النقاش حول حياة ووفاة المسيح قد دار في هذه المناظرة لكنا أيدنا الدكتور كلارك المحترم. ها إني أدعو الشيخ (أي الشيخ المولوي محمد حسين البطالوي من علماء أهل الحديث) وزملاءه بل وأناشدهم بالله أن يجربوا حظهم في هذا الشأن . " (إظهار حقيقة، الخزائن الروحانية ج٦ ص٧٤).

 فسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام هو البطل الذي قام بهذا النضال التاريخي ضد المسيحيين، وشن هجمة تلو هجمة على العقائد الصليبية. أما هؤلاء المشايخ الذين يفتون اليوم بقتلنا ويرموننا كذبا وزورا بعمالة الإنجليز وتأييدهم، فكان سلوكهم عندئذ كالخائن الغــــدار الـذي يطعن في الظهر، فكانوا بكل شدة وقوة يعلنون حياة المسيح الناصري عليه السلام، ، ويبيحون قتل سيدنا الإمام المهدي عليه السلام، وأعلنوا بكل فخر وتباه بأنهم قد أشعلوا نار الكراهية والعداء ضده من أقصى الهند إلى أقصاها، بل تمكنوا من خلق جو مليء بالكراهية والبغض ضده في مكة المكرمة أيضا، بل في كل الجزيرة العربية، لأنه يعلن وفاة المسيح. فإعلان حضرته عن موت عيسى بن مريم ل هـو السبب وراء اشتعال نيران الكراهية ضده في القارة الهندية. فمن ذا الذي قام لتأييد الإنجليز إذن؟ هل الذي قال بحياة إله الإنجليز المزعوم أم الذي أعلن بموته؟ كيف نندب على هذه العقول التي لا تفهم هذا الأمر البسيط!!

يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام:

"عندما تجاوز تكذيب القساوسة (للإسلام) كل الحدود، بعثني الله تعالى لإقامة الحجة المحمدية. فأين القساوسة الآن حتى يخرجوا لمبارزتي. إنني لم آت بدون موسم بل جئت حينما ديْسَ الإسلام تحت أقدام النصارى... ائتوني اليوم بقسيس يزعم بأن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ليست له أية نبوءات صادقة. تذكروا أن زمن هذه الأقوال قد ذهب وولى بمقدمي. فقد حان الأوان. يريد الله تعالى فيه أن يُظهر للعالم أن النبي العربي محمدا صلى الله عليه وسلم الذي سُب وأهين اسمه، والذي ألف ونشر القساوسة في تكذيبه مئات الآلاف من الكتب في هذا العصر هو الصادق وسيد الصادقين." (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج ٢٢ ص ٢٨٦)

ثم يقول عليه السلام:

"فنعم ما حصل، ومات إله النصارى إنه ليس بأقل من حربــة الدليل الذي هاجمت به - بعون الله تعالى وبصفتي المسيح ابن مريم - على – هؤلاء الدجالين الذين أوتوا من الطيبات فخلطوا بها الخبيثات وفعلوا مــــا يفعل الدجال . " إزالة الأوهام. الخزائن الروحانية ج ٣ ص ٣٦١-٣٦٢).






الفضل ما شهدت به الأعداء:

     فبهذه الكلمات أعلن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام بأنه قام بكسر الصليب. تعالوا ننظر الآن ما إذا كان أعداؤه أيضا يعتبرونه ال موفقا في كسر الصليب وقصم ظهر النصرانية بإعلانه النصرانية بإعلانه عن موت طبيعي لسيدنا المسيح الناصري العلة أم لا؟ أولا وقبل كل شيء أقرأ مسامعكم ما كتبه شيخ كـــان مــــن أشــــد معاندي الأحمدية ولكنه من ذلك العصر حيث كان العلماء أكثـر مـــيلا للحق، وكانوا يعترفون بالحق ولو كان مرا . وهذا العالم هو المولوي نور محمد النقشبندي الجشي، الذي كتب مقدمة طويلة لترجمة معاني القرآن التي قام بها المولوي أشرف علي التهانوي، يقول الشيخ النقشبندي: " في تلك الأيام قدم إلى الهند القسيس ليفراي من إنجلترا، مصطحبًا مجموعة كبيرة من القساوسة، وحالفًا بتنصير الهند كلها في أيام قليلـــة. وبفضل أموال طائلة ووعود متكررة مؤكدة من الإنجليز بالمساعدة المالية أحدث زلزالا في كل أنحاء الهند."

انتبهوا! هذه هي مصالح الإنجليز. لا ندري كم من الملايين أنفقوا في تلك الأيام على بعث هذا البطل النصراني إلى القارة الهندية، الذي نال من النجاح. ما يعتبره المشايخ المسلمون أنفسهم زلزالا عنيفا في بلادهم.

ويستمر المؤلف، قائلا:

"لقدوجد القسيس في عقيدة حياة المسيح عيسى عليه السلام في السماء بجسده المادي وفي كون غيره من الأنبياء الكرام أمواتا مدفونين تحــت الأرض سلاحًا ماضيًا على عامة الناس. فقام الشيخ غلام أحمد القادياني للتصدي لهذه الجماعة وقال : إن" عيسى الذي تتكلمون عنه قـد مـــات ودفن كغيره من البشر. أما عيسى الذي وعد بمجيئه فهو أنا. فصدقوني إن كنتم من السعداء. وبهذه الحيلة ضيق الخناق على القسيس ليفراي وجماعته حتى صعب عليه التخلص من يده وأنزل بهذه الحجة هزيمة نكراء بكل القساوسة من الهند إلى إنجلترا." (مقدمة) ترجمة معاني القرآن للتهانوي، ص۳۰).







هل هذه هي مصلحة الإنجليز التي حافظت عليها الأحمدية؟ وإذا كانت الأحمدية تدافع عن هذه "المصلحة" فلم لا تساعدونها في هذه العملية؟ فإنها ليست مصلحة الإنجليز ولا مصلحة ،النصرانية وإنما هي مصلحة سيدنا المصطفى محمد ومصلحة دينه الإسلام.

العجيب كيف أن المشايخ في أيامنا هذه لا يقدرون على فهــم هـذا الأمر البسيط، وقد فهمه بالأمس حتى الهندوس. لقد كانوا أذكــى مـــن المشايخ فأدركوا حقيقة الأحمدية والأهداف من تأسيسها. أقدم لكـــم مقتبسا من إحدى الجرائد الهندوسية يحذر فيه محررها الهندوس من بأن لا يستهينوا بأمرهم. كان ذكيا فكتب في ضوء إنجازات الأحمديين وينبههم وردود فعل المسيحيين إزاءها ما يلي:

"إذارجعتم إلى ثلاثة أو أربعة عقود من الماضي حين كانت هذه الجماعة في حالتها البدائية وجدتم أن الهندوس والمسلمين على السواء كانوا ينظرون إليها نظرة الازدراء والتحقير ... ولكن الأيام أكدت علـــى حمق وجهل المستهزئين بها. أما المبشرون النصارى فكانوا من الذكاء بمكان، حيث تصدوا للأحمديين بمجرد أن وطأت أقدامهم أراضي أوربا وأمريكا." (جريدة تيج، دلهي، عدد ٢٥ يوليو ١٩٢٧م).

والآن تعالوا نر كيف وجد النصارى الأحمدية؟ هل وجدوها حركة هدامة للإسلام، كما يزعم ويروّج معارضونا ، أم وجدوها على عكس ذلك، حركةً تهدد كيان النصرانية؟ هلم نسمع هذه الحكاية مــــن لـســـــان علماء النصارى القدامى والمعاصرين.

في ١٩٦٩م شكلت الكنائس في إسكندينافيا لجنة للبحث في كيفيــة مواجهة الجماعة الإسلامية الأحمدية، فقال أحد أعضائها Mr Bertil) (Weberg، في تقرير أعدته اللجنة:

"إن الاعتراضات التي تثيرها الحركة الأحمدية ضد بنوة المسيح لتشير بكل وضوح أنها (أي (الأحمدية تعدّ المسيحية أكبر عدو لها. إنها تحاول جاهدة للقضاء على "عالمية" الديانة المسيحية ولاسترداد ما كان للإسلام من مجد وعظمة استمرت بعد وفاة نبيه القرن كامل، حين كان هذا الدين ينتشر في المناطق الواقعة حول المحيط الهادي انتشار النار في الهشـيم في الغابات، ثم توغل بعيدًا في القارة الأوروبية. إن لهم دعاوي واسعة، ولن تنبئ عن مدى نجاحهم فيها إلا الأيام. بيد أن الجهود التبليغية التي بذلها أبناء هذه الحركة لتدل على أن دعاويهم مدعومة بقوة العمل. هذا هو الإسلام متجسدا في العمل. "


(Report on Christian Churches. Scandinavia 1969. Herbert Gotts Chalk)

هذا رأي قسيس أوروبي، إنه يرى أن القوة التي تدعم الجماعة الإسلامية الأحمدية هي قوة العمل وليست الإنجليز. لو كان هذا العالم المسيحي قد أوتي حظًّا من المعرفة والفراسة الروحية لأدرك ورأى أن الأحمدية لا تعمل وتزدهر بقوة العمل وحدها، بل أيضا بقوة ودعم الإله القادر المطلق الذي بيده غرس غراس الأحمدية في قاديان. إنها الغراس الإلهي الذي لم يغرسه سوى الله ، وليس بوسع أحد اجتثاثه. إن غارسه هو ربنا، وهو الذي كتب له البقاء والأمان والازدهار. ويقول كاتب مسيحي آخر: اليوم لا يستخدم الإسلام السيف لنشر عقائده. وإن الحرب المقدسة موجهة إلى القوى الاستعمارية الأخرى فقط. ولكن الجماعة الإسلامية الأحمدية المسالمة مشغولة بالمهمات التبليغية في كل قطر من الكرة الأرضية تقريبًا ... إن هذه الجماعة تركز على بذل مساع جبارة لإدخال المسيحيين في دائرة الإسلام. لقد سبق أن أشرنا إلى ما نواجه من صعاب في التبشير بين المسلمين، أما الآن فقد أصبحت المسيحية نفسها عرضة لجهود تبليغية من قبل هذه الجماعة. إنها قد تمكنت - بفضل إنشاء المراكز التبليغية في كل المدن الرئيسية تقريبًا في أوروبا وأمريكا وأفريقيا وآسيا وأستراليا - من إحداث صدع ولو بسيط في العالم المسيحي. إنها تتمتع بنظام فعال للدعاية كإلقاء المحاضرات ونشر الجرائد واستخدام الإذاعة."

(WELTBEWE GENDE MATCH ISLAMS)

ويقول المستشرق الألماني البروفسور كيلر هال (KEELER HALL): "أما الجماعة الأحمدية فهي مختلفة تماما عن غيرها من المسلمين)، ويمكن أن نطلق عليها اسم "حركة تبليغية عصرية". إنها عازمة بحسب دعواها على نشر الهدي السماوي الأخير رسالة الإسلام في صورتها الحقيقية الأصلية في كل العالم مرة أخرى. هي الحركة الوحيدة غير العادية في كل العالم الإسلامي. إن الأحمدية التي تعمل تحت نظام محكم على نشر الرسالة الإسلامية. إنها كالتبشير بالمسيح، تبعث الدعاة المؤهلين، وتنشئ المدارس وتحاول قصارى جهدها لنشر الإسلام بمساعدة الكتب والمجلات." 

كان القسيس الشهير د. كريمر الهولندي قد قام بجولة لبلاد الشرق البعيد، زار خلالها قاديان وكتب بعد الجولة مقالا ذكر فيه انطباعاته عن نظام الجماعة وحماسها الشديد لنشر دعوة الإسلام، ولقد نشر هذا المقال في مجلة (MUSLIM WORLD)، في عدد إبريل ۱۹۳۱م. يجب على أعداء الجماعة الذين يعدون أنفسهم اليوم من "أبطال الإسلام"، ويسموننا خونة "الإسلام" أن يقرؤوا هذا المقال. لماذا يتعامون عما يقول هؤلاء القساوسة وأعداء الإسلام. يقول د. كريمر :

"تجد عامة المسلمين الهنود مغلوبين باليأس، ولكنك على عكس ذلك، سوف ترى في الجماعة الأحمدية آثار حياة جديدة بشكل ملفت للنظر. إن أفرادها يركزون جل اهتمامهم على التبليغ ويبذلون كل طاقاتهم لنشر رسالة الإسلام. لا يتدخلون في السياسة، بل يقولون: على الإنسان الطاعة والوفاء لكل حكومة يعيش في ظلها، بشرط أن تتيح له الحكومة الفرص والتسهيلات لنشر الإسلام. لا ينظرون إلى الإسلام باعتباره حزبا دينيا أو سياسيا، وإنما باعتباره حقيقة صرفة، ثم يسعون لنشرها. ومن هذه الناحية تمتاز هذه الفئة بين مسلمي اليوم. ليس لها من هدف إلا رفع لواء الإسلام و نشره. تأثيرهم كبير جدًا مقارنة بعددهم. ولقد اتبع العديد من المثقفين أسلوب استدلالهم في الأمور الدينية، إذ يرون أنه لا بد لهم كمسلمين من الاعتراف بصحة وعقلانية المنطق الديني للأحمديين."

 هذه انطباعات من عالم خارجي حُرِّ، ذلك العالم الذي يدرك تماما ما يجري اليوم على ساحة الحروب الدينية، والذي يعرف عن الأحمدية، وكذلك عن معارضيها من المشايخ المتعصبين الذين لا هم لهم إلا أن يستقل كل واحد منهم بمسجد مستقل ولو على مساحة شبر، ليقبع فيـــه في ظلمات نفسه غافلا عن أحداث العالم الخارجي. دأبهم إساءة الظن جماعتنا بما لا أساس له من التهم المنكرة مثل أنها غراس الإنجليز الذي غرسوه لحماية مصالحهم!!









احتيال خطير للدجال:

عند إنشاء المركز الإسلامي الأحمدي في هولندا نشرت جريدة (66.M)، الكاثوليكية هذا الخبر وأبدت رأيها فينا ولكن قبل أن أقرأ عليكم رأيها هذا أرى لزاما على بيان السبب وراء نشر الخبر. في أيام تأسيس هذا المركز بدأ شخص يُدعى الدكتور هيو بن (Dr.Houben)، بإلصاق تهم خطيرة بالجماعة، محذرًا العالَم المسيحي من خطورتنا، وبين لهـم كيـف يمكن تحاشي هذا الخطر. فقال لهم: لا تولوهم أدنى اهتمام، فإن المسلمين أيضا لا يعتبرونهم مسلمين. اسألوهم من أعطاكم حق تمثيل الإسلام؟ أما الإسلام نفسه فقد صار جسدا بلا حياة ولا قوة، فلن تجدوا أدنى صعوبة في القضاء عليه. هذا ما احتال به أحد الأوروبيين، وها نحن نرى إخواننا المسلمين اليوم يلجأون إلى نفس الحيلة.

ولكن رغم هذه الدعاية الخطيرة اضطرت جريدة (66.M)، الكاثوليكية لقول الحق. فردت على ادعاء الدكتور هيوبن بأن إله الإسلام قد صار قصة من الماضي، لأنه إله جابر قهار غشوم، والعياذ بالله، ولا يرغب في قبوله عقول هذه الأيام، وبأن الإسلام غير قادر على تقديم الأدلة العقليـــة على وجود الإله وبالتالي أصبح دينًا ميتًا.

 كتبت الجريدة ما يلي: "إن قول البروفسور الدكتور Houben بأن الإسلام يقدم إلهـا جـابرًا قهارًا غشومًا، وأنه قد فقد قوة الإحياء والتجديد لقول عار عن الصحة، لأن الحركة الأحمدية نفسها تشكل دليلا حاسما على قدرة الإسلام على الإحياء والتجديد. ولعل هذا ما جعل العلماء المسيحيين يخافون هـذه الحركة. فقبل فترة ردّد البروفسور (Dr.Camps)، أيضا نفس الكلمات. وحذر من هذه الجماعة.

إن الحركة الأحمدية صورة من صور الإسلام العديدة، تستحق بكـــل جدارة تمثيل الإسلام. لا شك أنها تعرضت لعداء شديد من قبل المسلمين المعارضين بسبب أفكارها ولكنهم لا يملكون شيئا من الأدلة العلمية المقنعة، وإنما يملكون ذهنية كذهنية الكاثوليك الذين يسرعون إلى حمــل سلاح التكفير ضد المعارضين لرأيهم ويهددونهم بإخراجهم من دائـــرة الدين.

"هذا تحليل من قبل جريدة كاثوليكية اضطرت لقول الحق، وحذرت مناهضي الأحمدية قائلة: إنكم مثلنا مصابون بمرض ضيق الصدر وضيق الفكر، وتكفّرون كل معارض لرأيكم كما نفعل بمعارضينا من المسيحيين. مؤامرة يحيكها المشايخ والقساوسة معا الواقع أن العالم المسيحي الدكتور هيوبن هو الذي ناول هذا السلاح في أيدي معارضينا من المسلمين بتلقينهم هذه الحيلة. فقد صرح في مقاله بهذا الأمر أيما صراحة، حيث كتب من ناحية أن الإسلام والعياذ بالله) دين ميت، إنه يعتمد في نشره على السيف، وما دام استخدام السيف غير ممكن له اليوم فقد استحال انتشاره و ازدهاره ومن ناحية أخرى يوجه الطعن إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية ويحذر المسيحيين من خطورتها، ومن ناحية ثالثة يزعم أنها لا تستحق تمثيل الإسلام والدفاع عنه لأن العالم الإسلامي يرفض أفكارها، فيجب ألا توليها أي اهتمام!! وهذه الدعاية المنكرة تحولت أخيرًا إلى مؤامرة ضد الأحمدية حاكهــا المسيحيون بمساندة المشايخ المتعصبين، فقاد المشايخ بإيماء من المسيحيين حركات ومظاهرات ضدنا. وفي سنة ١٩٧٤ عندما نشبت الفتن الطائفية ضد الأحمدية في باكستان كشفت إحدى الجرائد الهندية النقــاب عـــن مؤامرة مماثلة حيث كتبت:

" قبل عشر سنوات نشرت جريدة "نئى "دنيا" الدهلوية: أن المبلغين القاديانيين أو الأحمديين - كما يسمون أنفسهم - لا يبرحون يكسرون شوكة المسيحية في أوربا وأفريقيا حتى عجز القسس عن مقاومتهم، لذلك نرى أن هؤلاء (أي (القسس متورطون لحد كبير في الحرب الطائفية الدائرة في باكستان. إن المبشرين المسيحيين ينوون إضعاف الفرقة القاديانية بأيدي المسلمين أنفسهم حتى لا تقوى على مقاومة القساوسة. إنهم يستخدمون لذلك كل حيلة بإنفاق أموال طائلة من حيث لا يفطن المسلمون إلى الذي يلغم أرضهم بالمؤامرات ." (جريدة "نئى دنيا" (العالم الجديد)، عدد ٢٦ يونيو ١٩٧٤م).

الغريب أن هذه الجماعة كلما حققت إنجازا هامًا في مجال الدعوة يقوم المسيحيون الباكستانيون بإثارة فتنة ضدهم وبأيدي أهل الإسلام أنفسهم." (جريدة "جديد أردو ربورتر" بومباي، ٢٠ ديسمبر ١٩٨٤م عدد ٢٢ مجلد ٥).









مطالبة غريبة للمسيحيين الباكستانيين:

والآن أسوق لكم حادثًا يشكل دليلا حاسمًا على صحة ما كتبت هذه الجريدة الهندية ويبين كيف أن النصارى و خاصة الباكستانيين منهم يُشيدون بما تبذله الحكومة الباكستانية من جهود لتشويه سمعة الأحمدية وعرقلة طريقها. فقد نشرت جريدة "امروز" الباكستانية الخبر التالي: كان" السيد بطرس) (جل)، رئيس الحزب القومي للمزارعين المسيحيين الباكستانيين، رفع في ٢ ديسمبر ۱۹۸۳م إلى المحكمة العليا بلاهور قضية قال فيها: نطالب الحكومة بحماية المسيحيين الباكستانيين من مؤامرات و نشاطات طائفتي الميرزائيين.. القاديانية واللاهورية. كما نطالب المحكمة بإجبار الحكومة على اعتبار جميع الميرزائيين حزبا سياسيا غير مرغوب فيه، وعلى مصادرة جميع ما لديهم من كتب ومنشورات، وإغلاق مراكزهم ومعابدهم كلها . " جريدة إمروز، لاهور ٢٢ يونيو ١٩٨٤م).

عجبا! لم يكن النصارى بحاجة إلى رفع قضية إلى المحكمــة لتجــبر الحكومة على هذه الإجراءات، إذ أن مطالبهم هــي رغبة الحكومة و قرارها، لأنها أيضا كانت تكن نوايا مماثلة. وبالفعل نفذت الحكومة رغبة الممثل المسيحي ضد الأحمدية، واتخذت القرار المنشود. ولما أصدرت القرار التاريخي رحب به المسيحيون الباكستانيون أيما ترحيب. فقد جاء في جريدة "جنغ" ما يلي: راولفندي، ٣٠ أبريل، لقد أشاد رئيس لجنة التوجيه والإصلاح للأقليات في باكستان شودري سليم أختر - وهو مسيحي متزمت - بالقرار الذي اتخذه الرئيس الباكستاني مؤخرًا ضد الميرزائيين، وقال: إن الرئيس الجنرال محمد ضياء الحق لم يكسب بهذا القرار الجريء قلوب الأمة المسلمة فحسب، بل أيضا قلوب الأقليات الباكستانية. وصرح شــودري سليم أختر في بيانه أن نشاطات هذه الفرقة التي غرسها الإنجليز لا تنافي تعليم الإسلام فحسب، بل أيضا تتنافى مع تعليم المسيحية، ولا تلحق الضرر بالإسلام فقط، بل أيضا تلحق بالمسيحية ضررا فادحا ." 

أقول: هذه العبارة جديرة بأن يعيد قراءتها قراءة متأنية أولئك الذين يطلقون على الأحمدية تسمية غراس الإنجليز. إذا كان مسيحي آسيوي يستطيع أن يدرك جيدًا خطورة الأحمدية على النصرانية، أفلم تعلم الحكومة البريطانية المسيحية أنها تغرس غراسًا سوف يقضي على العالم المسيحي نفسه؟!

أما قوله بأن الأحمدية خطر على الإسلام فلا شك في بطلانه، إذ إن إخوانه القساوسة الأوروبيون يحملون رأيًا معاكسا، إذ يرون أن النشاطات التبليغية للأحمدية تهدد النصرانية ،وتضرها وتنصر الإسلام وتقويه وبفضل هذه النشاطات بدأ هذا الدين يظهر كقوة عظيمة. إنها خطر يهدد كيان النصرانية حتى في أوروبا وأفريقيا. فلا غرو أن هذا المسيحي إنما أراد بقوله هذا أن يتملق للحكومة الباكستانية لكسب رضاها. 

ويستمر الخبر ويقول:

لقد طالب شودري سليم أختر الرئيس الباكستاني باعتبار منشورات الميرزائيين مخالفة للقانون، وبمصادرتها وإحراقها وفرض الحظر على طبعها من جديد." (جريدة "جنغ" ٥/١/ ١٩٨٤م)

هذا المسيحي يهنئ الرئيس الباكستاني على اتخاذ هذه الخطوات الحاسمة ضد الجماعة الأحمدية، أما أنا فأهنئ المسيحي على احترام الرئيس لرأيه. بدأ بتنفيذ رغبته بسرعة كبيرة. فهناك عمليات واسعة تجري لمصادرة المنشورات الأحمدية ،وإحراقها وإجراءات واسعة للقبض علــى الأحمديين الذين يُعثر على المنشورات بحوزتهم. يقبضون عليهم ويزجونهم بالسجون. فالحكومة الباكستانية جاهدة في تنفيذ رغبة المسيحي، بل تعمل أكثر مما أراد، وهكذا تقدم بحسب زعمها خدمة جليلة للإســـــلام، وكذلك للمسيحية حسب اعتراف المسيحيين. فلا شك أن تهمة كون الأحمديين غراسًا للإنجليز غرسوه للحفاظ على مصالحهم في الهند لتهمة صريحة البطلان. ذلك لأن المحافظين الحقيقيين على مصالح الاستعمار إنما هم أولئك الذين يساعدون على نشر المسيحية وحفظ مصالحها، والذين ينوون القضاء على الأحمدية بترويج دعايــة مسمومة كاذبة في العالم ويزعمون أنها غراس الإنجليز ونريد اجتثاثه. على المرء أن يعرف الذين تم استغلالهم للحفاظ على مصالح النصرانية. إنهم أولئك القوم الذين رمونا بهذه التهمة أمس ولا يزالون يرموننا بها. هناك مثل بالأردية ومعناه : يسرق ويتهم الشرطي. 

في بعض الأحيان يتهم السارق الشرط بالسرقة فرارًا من العقاب. وكثيرًا من الأحيان يستولي الخادم على أموال السيد ويجبره على خدمته، كما يحدث في كثير مـــن الأحيان أن القوات المكلفة بحماية أرض الوطن وأهله - التي تحلف علــى ذلك عند تولي المناصب والتي يُطعمها الشعب ويسدون جوعها – تستولي على سدة الحكم وتجعل أهل البلاد عبيدا لها. وهكذا ينقلب الخادم سيدا، والسيد خادمًا. هذا ما نراه يحدث في عالمنا الدنيوي في كل يوم تقريبًا. فلا غرابة إذا عُوملت الأحمدية بنفس المعاملة، واتهمت هذه الفئة المباركة التي أقامها الله تعالى للدفاع عن بيضة الإسلام بعدواته وخيانته من قبل هؤلاء الذين كانوا ولا يزالون بالفعل أداة طيعة في أيدي القوى المعادية للإسلام. وإذا كان أحد يتردد في تصديق قولي فليرجع إلى أقوال المشايخ ليتأكد في اعترافاتهم مما أقول كما عليه أن يرجع إلى تقارير المحاكم لتدله على الذين استغلتهم القوى الاستعمارية بالأمس ولا تزال تستغلهم إلى اليوم.







خيانة الأحراريين:

وعلى سبيل المثال فإن مجلس الأحرار، وهو مزيج غريب مــن فـرقـــة الديوبنديين وفرقة أهل الحديث كان أداة سهلة في أيدي أعداء الإسلام الذين استغلوه دائما ضد المسلمين الهنود وضد باكستان. في ١٩٣٥م هدّم مسجد "شهيد غنج "بلاهور" بأيدي الهندوس فثار مئات الآلاف مــن المسلمين باذلين أرواحهم، معطرين بدمائهم الزكية شوارع لاهور. عندها قامت هذه الفئة الأحرارية والمعركة لا تزال ساخنة، وباعــت مصالح المسلمين لصالح أسيادها الهندوس زعماء حزب الكونغرس الهندوسي  "Muslim League" 

(خصم الحزب السياسي الوحيد لمسلمى الهند، منتهكة بذلك كرامة المسلمين وقداسة المساجد، حيث باعت الفئة الأحرارية المسجد للحكام الإنجليز، ثم قالت بكل جسارة ووقاحة في الجرائد: أي ضرر لو هدم مسجد واحد نحن شعب عبيد ، فلا يمكن أن تكون مساجدنا حرة. دَعُوا السيخ يأخذوا مساجدنا ويهدموها فلسوف يردّونها لنا بعد هدمها. كل هذه البيانات لا تزال محفوظة على صفحات الجرائد، كذلك لا تزال بيانات الهندوس أيضا مسجّلة، تلك البيانات التي شكروا بها الأحـــــراريين على الدفاع عن المصالح الهندوسية. فقد نشرت جريدة "بنـــدي مـــاترم" الهندوسية قول أحد من الزعماء الهندوس: "إنني مسرور جدا بما فعله مجلس الأحرار"، وأهنئهم على ذلك، حيث اصطدموا بكل شجاعة وثبات بإخوانهم في الدين دفاعًا عن مصالح الشعب والوطن. إنها لتضحية كبرى قدمها أصدقاؤنا الأحراريون، وتوجب على الشعب شكرهم." (جريدة "بندي" "ماترم" الهندوسية عدد ١٣ أكتوبر (١٩٣٥م) 

لقد كان الأحراريون - كما رأيتم - إلى الأمس القريب يستحقون شكر الهندوس تعالوا الآن نر هل استحقوه بعد تأسيس باكستان أيضًا؟ ذلك أنه كان من دأب المودودي القول: لا شك أننا عارضنا بكل شدة فكرة تأسيس دولة باكستان قبل تقسيم الهند، ولكنا قبلناها بعد التقسيم.

لقد تُبنا الآن فلا تؤاخذونا على أخطائنا التي صدرت منا في الماضي. الواقع أن الأحراريين والمودوديين لا ينفكون إلى الآن أعداء لباكستان كما كانوا بالأمس. إن تقرير اللجنة المشكلة برئاسة القاضي منير للتحقيق في فتن طائفية في فنجاب سنة ١٩٥٣ يؤكد مراراً، وبكل أسف، أن الأحراريين والمودوديين لم يرضوا بباكستان بالأمس كما لا يرضون بهــا اليوم، بل لا يزال موقفهم المعادي لها كما هو. يقول القضاة الكرام: "إننا لا نجد كلمات لينة لبيان موقف الأحراريين. إن سلوكهم منكر ومشين للغاية. ذلك لأنهم اتخذوا من قضية دينية سلّما لنيل منافع دنيوية، وهكذا انتهكوا قداسة هذه القضية الدينية . " (Munir Inquiry Report (أي تقرير لجنة التحقيق في فتن ١٩٣٥م ص۲۷۸). 

ويستمر التقرير:

"لقد اعترف المولوي محمد علي الجالندهري الأحراري في خطاب لــــه بلاهور يوم ١٥ فبراير ١٩٥٣م بمعارضة الأحراريين لفكرة تأسيس باکستان.... لقد دأب هذا الخطيب قبل وبعد تأسيس الدولة الباكستانية على استخدام كلمة "بليدستان" (أرض الخبثاء ، بدل "باكستان" (أرض الأطهار). 

أما السيد عطاء الله شاه البخاري الأحراري فقال في خطابه:

إن باكستان بالنسبة لنا كامرأة مومسة رضينا بها مضطرين." (المرجع السابق. ص ٢٧٤.

هذا هو ماضيهم الأسود واليوم يرموننا بعمالة القوى الأجنبية. لقد استولوا اليوم على جيش هذا البلد الإسلامي العظيم، فأصبح طـوع إشارتهم. كانوا أعداء لباكستان بالأمس وأول الأمس ولا يزالون يعادونها. نعم إنهم قوم اعتبروها كمومسة ولا ينفكون يعاملونها كما تعامل المومسات. هذه هي سيرتهم وهذه هي أفكارهم حيث يقولون: "إن الدولة التي تأسست باسم الإسلام قبلوها معتبرين إياها مومسة. 







برودة الأحراريين تجاه مصالح المسلمين:

      أما مصالح العالم الإسلامي فلم يبدوا أية رغبة فيها، ولم يفكروا أبــــدا أن تجلب أفكارهم وأعمالهم هذه على المسلمين مصائب ومحن. ما كان في قلوبهم أدنى رحمة لعالم الإسلام. لقد أكد على ذلك قضاة المحكمة. ولقد وجهوا إلى المشايخ الأحراريين سؤالا لــه ثقله. قالوا لهم: بعد أن وجدتم الحماية والأمان في ظل الدولة الباكستانية التي رضيتم بها رغم أنفكم، بدأتم تقولون لا مكان هنا للأقليات غير المسلمة، وتريدون حرمانها حتى من الحقوق الإنسانية الأساسية. سأل القضاة المشايخ الأحراريين:

ماذا يكون وضع غير المسلمين في باكستان عند تطبيق الدستور الإسلامي فيها. 

لقد أجاب على السؤال بعض المشايخ الكبار قائلين: إنهم سوف يعيشون في ظل الدولة الإسلامية الباكستانية كأهل الذمة، مواطنين من الدرجة الثانية. لن تكون لهم حقوق كحقوق المسلمين، ولن يكون لهم رأي في سنّ القوانين ولا في تنفيذها، كما لن يتقلدوا أية مناصب في إدارة الحكومة. 

وتشدد المولوي حامد البدايوني فقال : لن يكونوا كمواطنين عاديين ولا ذمّيين ولا معاهدين." (المرجع السابق ص٢٢٩).

 فسألهم القضاة الكرام: ما رأيكم في الحكومة الهندية إذا عاملت بنفس الأسلوب الأقلية المسلمة المسكينة العائشة في ظلها، وطبقت عليهم "منوجي" شريعة الهندوسية؟ فأجاب السيد محمد أحمد القارئ رئيس "جمعية علماء باكستان" بما يلي: "نعم، من حق الهندوس الذين يشكلون الأكثرية في الهند أن يقيموا هناك دولة هندوسية ويطبقوا على المسلمين المقيمين فيها الشريعة الهندوسية، ويعاملوهم بالسوء كما يعاملون الشوادر منهم الشوادر هم المنبوذون والمنتمون إلى أحط الطبقات الأربع في الدين الهندوسي). ولا اعتراض عندي على ذلك." (المرجع السابق ص ٢٤٥)

ومعنى ذلك أنه حينما يتعرض المسلمون لقتل عام في الهند أو لمجزرة وحشية في فلسطين، أو لاضطهادات قاسية في بلد آخر، فلا يشعر هؤلاء المشايخ المنتمون إلى الإسلام على ذلك أي ألم فضلا أن عن يعبروا عن حزنهم تعبيرًا عمليًا. وكأنهم في غنى عما يصب على المسلمين في الهند أو في أي قطر من العالم من مظالم والسبب واضح؛ فما دمنا سوف نعامل الأقليات غير المسلمة في باكستان بالقسوة والازدراء، فغير المسلمين أحق باضطهاد الأقلية المسلمة في بلدهم كل واحد منا حر في ذلك. سوف نضطهد هنا غيرنا، وللهنادك أن يعاملوا المسلمين المساكين عندهم بالمثل. ولا بأس بذلك. يا للعجب!!

وكان رد السيد المودودي على نفس السؤال كالآتي:

"طبعا، لن أعترض أبدًا على الحكومة الهندية إذا عاملت المسلمين الهنود كما تعامل "الشودر" عندها، وحرمتهم من الحقوق الأساسية والمناصب الحكومية، تطبيقا لشريعة "منوجي " الهندوسية." (المرجع السابق).

 أما السيد عطاء الله شاه البخاري الأحراري فكان قد أحضر معه في المحكمة أرقامًا بتعداد المسلمين العائشين تحت ظل دول غير مسلمة وقدمها للقضاة. 

فقالوا له: يمكن أن تقدر حجم الاضطهاد الذي سوف يواجهه، لا قدر الله، هذا العدد الضخم من المسلمين على أيدي غيرهم، نتيجة لسلوكهم المزري تجاه الأقليات غير المسلمة في ظل دولة إسلامية. 

ولكن السيد البخاري لم يحفل بمصير هؤلاء المسلمين المساكين، فرد على السؤال قائلا: "يجب على هؤلاء المسلمين البالغ عددهم نحو ٦٤٠ مليونا أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم." (المرجع السابق ص۳۲۳).

وكأنه يقول : لا يهمنا مصيرهم، إننا أمرنا بسلب حقـــوق غيرنا، وسوف نسلبهم إياها، ولو أدى ذلك إلى تعرض ملايين المسلمين في دول غير مسلمة للإساءة والاضطهاد.

هنا يتساءل المرء: من الذي يعمل للقوى الأجنبية والاستعمارية، هل نحن، معشر المسلمين الأحمديين، الذين دائما وأبدًا وُجدوا في طليعـــة المدافعين عن العالم الإسلامي كلما هدد كيانه وخيف على مصالحه، والذين يتألمون أكثر من أي أحد إذا تعرض المسلمون للاضطهاد والمظالم في أية منطقة من العالم، أم يخدم الاستعمار هؤلاء المشايخ الذين لا يؤلمهم المسلمون الهنود، وهم ضعف سكان باكستان، هدفا لاضطهاد الحكومة الهندوسية، بسبب تطبيق الشريعة الهندوسية عليهم. لا تثور غيرتهم الدينية، ولا تنفطر قلوبهم، ولا ترتعد أفئدتهم، وكأنه لم يحدث شيء إذا اعتدي على أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم. هل هي في بلد ما، وإذا أُسيئت معاملتها تطبيقا للشريعة الهندوسية!!







بعض التعاليم الهندوسية الخطيرة:

استمعوا الآن إلى بعض التعاليم الهندوسية التي لا يرى السادة المشايخ كالمودودي وعطاء الله شاه البخاري وحامد البدايوني بأسًا في تطبيقها على مسلمي الهند. جاء في فيدا منوجي" الهندوسية "إذا زنى البرهمن (وهو الذي ينتمي إلى أعلى الطبقات الأربع في الديانة الهندوسية بابنة رذيل (وهو) المنتمي إلى أحط الطبقات فيها، أو الذي ليس هندوسيا) فلا ذنب ولا عقاب على البرهمن. المعنى واضح صريح إذا اغتصب البرهمن امرأة من أحط الطبقات الهندوسية فلا يجوز عقابه. والآن إذا قمنا بتحليل بيانات السادة المشايخ المودودي والبخاري والبدايوني توصلنا إلى النتيجة التالية: إذا تعرضت نساء المسلمين الهنود للاغتصاب بأيدي الهنادك فلا ضير في ذلك في رأي المشايخ. لن تثور غيرتهم، ولن تسقط عيونهم دمعًا، دعك من دم. يا أَسَفا على هؤلاء المشايخ المتجردين من أية غيرة على انتهاك حرمة أمهـــات وأخوات وبنات أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم! إنما تثور ثائرتهم الدينية وغيرتهــــم الإسلامية ضد أرواح وأموال وأعراض المسلمين الأحمديين الأبرياء المسالمين.

تستمر شريعة "منوجي" الهندوسية وتقول:

"يجب أن لا يُقتل برهمن مهما بلغت شناعة جريمته، فقتله أكـ المعاصي. ويجوز لبرهمن أن يتزوج امرأة من طبقة منحطة، كما يجوز لـــه التصرف في أموالهم وذهبهم وفضتهم وكل شيء نفيس لديهم. ولكن إذا تجرأ أحد من الطبقة المنحطة على ارتكاب هذه الأفعال ضد الطبقات العليا فيجب أن يكوى على لوح حديدي ساخن حتى الموت. وإذا سمع الشودر من فم برهمن شيئا من فيدا كتاب الهندوس المقدس) فعقابه أن يُصب في أذنه رصاص مغلي وشمعة مغلية." (منوسمرتي، أدهيائى ٨ شلوك ٣٨٠- (۳۸۱

الشريعة التي يريد المشايخ تطبيقها في باكستان في هذه الأيام ليست شريعة القرآن وإنما هي شريعة الهندوس. ذلك أن تعاليم القرآن ذات هي جمال رائع وحكمة بالغة، تؤكد على شرف واحترام الإنسانية، وتُعلّم المساواة والرأفة والرحمة، وتنهى عن حرمان البشر من حقوقهم الأساسية. فلا شك أنهم استقوا "مبادئهم" من شريعة "منوجي" الهندوسية، ويريدون تطبيقها على المسلمين الباكستانيين وكذلك على المسلمين الهنود.

تعليم هندوسي آخر:

"إذا قام برهمن سواء بنفسه أو بمساعدة أحد، بسرقة شيء يحتاجه من بيت الويش والشودر، فعلى الملك ألا يخرج لنصر الشـــودر، لأن نجــاة الشودر إنما هي في خدمة البرهمن ولن يجديه شيئا غيره من الأعمال. لا من يجوز لأهل الطبقة المنحطة جمع الأموال كي لا يصبحوا أثرياء يحكمــــون الطبقات العليا." (المرجع السابق).

ألم يتضح لكم إلى الآن من هم عملاء النصارى، ومن هم عملاء الهندوس، ومن هم عملاء القوى الاستعمارية هل هم غير هذه الطائفة من المشايخ الذين لا يؤلمهم انتهاك حرمات المسلمات بأيدي أعداء الإسلام؟ وهل هم سوى هؤلاء الذين لم يرتدعوا عن إطلاق النار على الفلسطينيين الأبرياء؟ وهل هم إلا هؤلاء الذين دائما وأبدا ساندوا النصارى ضد الإسلام بعقائدهم السخيفة ومحاولاتهم الفاشلة منذ قرون لأن يثبتوا حياة المسيح الناصري عليه السلام؟ أما اتهامهم جماعتنا بعمالة الإنجليز فلن يستطيعوا إثباته أبدا. إن هذه الجماعة قد راهنت بكل ما تملك من غال ورخيص لاسترداد عظمــة الإسلام وحمل راية المصطفى صلى الله عليه وسلم عالية خفاقة. إنها لم تتردد أبدا في بذل أية تضحية في سبيل هذا الهدف النبيل. وبينما ترون هؤلاء المشايخ لا يتألمون للاضطهاد الشديد الذي يتعرض له إخوانهم الذين هم مسلمون عندهم، وعلى عكس ذلك تجدون سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام حنونًا عطوفا حتى على ألد أعدائه أمثال هؤلاء المشايخ المسلمين الذين لا تتوقف ألسنتهم من سبه .. يقول حضرته في بيت شعر بالفارسية:

أى دل تو نیز خاطر اینان نگاه دار کاخر کنند دعویء حب پیمبرم.

 أي لا شك أن هؤلاء يسبونني ويفتون بتكفيري وارتدادي، ويبيحـــــون عرضي ومالي، ويهدرون دمي ودم أتباعي، ولكن لا تَدْعُ عليهم يا قلبي، لأنهم يدّعون بحب سيدي ومولاي محمد . مهما كانوا ضعفاء الإيمان مخطئين في سلوكهم كاذبين في دعوى حبهم لسيدي، فلا تَدْعُ عليهم أبدا لأنهم يدعون بحب حبييي المصطفى صلى الله عليه السلام.

أليس غريبا ومدهشا أن تُعتبر هذه الشخصية العطوفة الحنونة على المسلمين وكذلك أتباعُها "خونةً للإسلام"، والعياذ بالله، وأن تلقب هذه من المشايخ المدعين بحب الإسلام وبالدفاع عنه في مقدمة المجاهدين الأبطال بألقاب "حماة الإسلام". ما هي إنجازاتهم الإسلامية التي حققوها في الدفاع عنه، والتي سوف يقدمونها إلى الله عز وجل يوم القيامة؟







الأحمدية عند العلماء المنصفين:

إن الموقف كان مختلفا إلى حد ما إلى الأمس القريب حينما كان لدى العلماء والمشايخ المسلمين جرأة لقول الحق وما كانوا يشعرون بالخجـــل في سبيله، حتى إن المولوي محمد حسين البطالوي (أشد المشايخ عـــداء لسيدنا الإمام المهدي الي أيضا اضطر للقول بأن العالم لم ير في الأربعة عشر قرنا الماضية بطلا دافع عن حوزة الإسلام كمثل الميرزا غلام أحمد القادياني.

يمكن أن يعترض أحد هنا ويقول:

هذا القول قاله المولوي البطالوي قبل ادعاء الميرزا غلام أحمد بكونه الإمام المهدي والمسيح الموعود. وردّي على هذا الاعتراض هو أن ما قرأته عليكم قبل برهة من أقوال المولوي محمد النقشبندي لم يقلها قبل دعواه عليه السلام، وإنما قالها بعده.

وثمة قول آخر لأحد العلماء المشهورين في الدين والسياسة وهو السيد المولوي أبو الكلام آزاد. يقول المولوي آزاد وهو يبين أهداف سيدنا الإمام المهدي عليه السلام ومدى نجاحه في تحقيقها:

إن الأجيال المسلمة سوف تظل تنظر بالإعجاب والامتنان إلى تلك الخدمة الجليلة التي قدمها حضرة الميرزا للإسلام، حيث أدى فريضة الدفاع عنه متصدرا صفوف المدافعين عنه بالقلم. لقد خلف كتاباتسوف تظل حية مشرقة ما جرت في عروق المسلمين دماء الغيرة علــى الإسلام، وما دامت حماية الإسلام شعارًا قوميا لهم (جريدة "وكيل" أمرتســــار، يونيو ۱۹۰۸م، وجريدة "ملت"، لاهور، ٧ يناير (۱۹۱۱م). ها إني ألفت أنظار مسلمي باكستان خاصة والعالم عامة إلى ما قالــه هذا الزعيم المسلم. أذكرهم بحسن ظنه بهم ، وقوله لهم: "إنكم مضطرون للاعتراف بخدمات بطولية للإسلام قام بها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام، ما دامت دماء الحمية الإسلامية تجري في عروقكم ومــــا دامت حماية الإسلام شعارًا قوميا لكم. إن ألسنتكم لن تجد بدا من الإقرار بأن النضال البطولي ضد التيار التبشيري المسيحي إنما كان من نصيب الميرزا غلام أحمد القادياني. القادياني كان من المناضلين الإسلاميين الأبطال الذين لم يكتفوا بالدفاع عن الإسلام بل تقدموا وشنوا على أعدائه غارات هجومية. أين حميتكم الإسلامية؟ إنني أسأل إخواني المسلمين، ولكل أحمدي حق لتوجيه هذا السؤال إليهم : أين ذهبت هذه الدماء الثائرة غيرة على الإسلام؟ أين غابت حميتكم الإسلامية؟ لماذا تقولون كلاما لا أساس له؟ كيف ساغ لكم رمي هذا البطل العظيم ضد المسيحية بأنه غــراس للإنجليز وأن المسيحية ربَّته ! هل فكرتم ما الذي امتص منكم دماء الغيرة الدينية؟ تسمعون قصص الخفافيش التي تثبت أسنانها في رقاب النائمين وتمتص دمائهم من شرايينهم. هل فكرتم في الخفافيش القاتلة التي ثبتت أسنانها في قلوبكم وبدأت تمتص منكم دماء الغيرة الإسلامية من حيث لا تشعرون؟ والله لو كان دم الحمية الدينية فعلا جاريا في عروقكم لفعلتم ما فعل المولوي آزاد، وظللتم تسلمون على الميرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام بدلا من اللعن عليه وما زلتم تشيدون بنضال هذا البطل العظيم. إنه قام برفع لواء الإسلام بتضحية نفسه وعرضه ومالـه و آبائه وأولاده إنه قام وعاش ومات بأمنية واحدة فقط بأن تمحى التعاليم النصرانية الباطلة للأبد فلا تبقى إلا شريعة واحدة شريعة سيده وسيدنا ومولاه ومولانا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكتاب واحد كتاب سيده وسيدنا ومولاه ومولانا المصطفى الله و رسول واحد هو سيده وسيدنا ومولاه ومولانا محمد العربي .

واعجباه، تعتبرون هذا البطل العظيم أكبر عدو للإسلام!! إنكم يـــا معشر المشايخ، أنتم الذين تمتصون دماء الحمية الإسلامية من شرايين أهل الإسلام، ثم تتظاهرون للعالم أنكم أبطاله العظام. والله، لن نترك خديعتكم هذه تنطلي على العالم، بل سوف نكشف للعالم من هو الخائن اللعـــين للإسلام ومن هو بطله العظيم. ألقيت بتاريخ ٨ شباط / فبراير ١٩٨٥م في مسجد "الفضل" بلندن).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الردود على الأسئلة التي يطرحها الناس عادة السؤال ١: أين يثبت موت المسيح ابن مريم من القرآن الكريم؟ بل إن قوله تعالى: ﴿رَافِعُكَ إِلَيَّ" و"بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ" يدلّ على أن المسيح رفع إلى السماء بجسده. وكذلك الآية: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ؟ تدل على أن المسيح لم يُقتل ولم يمت على الصليب. الجواب: فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله : ارْجِعِي إِلَى رَبِّك"، وقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" المعنى  نفسه. إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا، كما يقول مثلا على وجه العموم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " . إن هذه الآية التي قدّمتُها للاستدلال تدل بصراحة متناهية أن الموت قد  أصاب  جميع الرُّسُل، سواء أكان بالموت الطبيعي أو بالقتل، ولم يسلم من الموت نبي من الأنبياء السابقي...

شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء".

 شرح وتفسير: "وكان عرشه على الماء". النقاش عن كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث:  فقال عليه السلام:  الناس يتفننون في آرائهم حول هذا الموضوع، بعضهم يصفونه بالمخلوق وبعضهم يصفونه بغير المخلوق، ولكن لو لم نصفه بغير المخلوق لبطل الاستواء. لا شك في أن النقاش حول كون العرش مخلوقا أو غير مخلوق عبث أصلا، هذه استعارة، حيث بين الله فيه رفعته العالية، أي هو مقام منزه عن كل جسم ونقص، ويقابله هذه الدنيا وهذا العالم كله. وليس للإنسان اطلاع كامل عليه. هذا المقام يمكن أن يسمى قديم، فالناس يستغربون من ذلك ويحسبونه شيئًا ماديا. وانطلاقا من القدم يرد الاعتراض على ورود الحرف "ثم". فالحقيقة أن القدم يشمل "ثم" أيضًا. كما عندما يكون القلم بيد الإنسان فتتحرك اليد أيضًا حيثما يتحرك القلم، لكن يكون التقدُّم لليد. يعترض الآريون على المسلمين عن قدم الله، ويقولون إن إله المسلمين موجود منذ ستة أو سبعة آلاف سنة. وهذا خطؤهم، فمن الغباوة أن يقدر عمر الله بالنظر إلى هذا المخلوق. فلا نعلم ما الذي كان قبل آدم ومن أي نوع كان ذلك المخلوق. والله الله أعلم بذلك الوقت: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْ...
لا بد من التقوى من أجل الفتح: وما دام الأمر هكذا، فاعلموا أن التقوى ضرورية للمرء لكي تنفتح عليه أبواب الحقائق والمعارف فاتقوا الله ، لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل (۱۲۹) . ولا أستطيع أن أحصي لكم كم مرة تلقيت هذه الآية في الوحي، إذ أوحيت إلي مرات كثيرة جدا. لو أننا اكتفينا بالأقوال دون الأفعال، فاعلموا أن لا جدوى من ذلك. إن النصر  يتطلب التقوى، فكونوا متقين إن أردتم النصر. ضرورة التضحيات المالية لنشر الإسلام أرى أن نساء الهندوس والنصارى أيضا يوصين بعقارات كبيرة وأموال طائلة لنشر  دعوتهم، ولكن لا نجد نظير ذلك في المسلمين في هذه الأيام. إن أكبر مشكلتنا  هي  الحاجة إلى النصرة المالية لنشر الإسلام. اعلموا أن الله  تعالى هو الذي أراد تأسيس هذه الجماعة بيده وسوف يكون حاميها وناصرها، ولكنه يريد أن يؤتي عباده الأجر والثواب، ومن أجل ذلك قد اضطر الأنبياء لطلب المساعدة المالية. لقد طلب رسول الله النصرة المالية ، وعلى نفس المنهاج ، الذي هو منهاج النبوة، نذكر أحبابنا بحاجات الجماعة من حين لآخر. ومع ذلك أقول: إ...